سودانايل:
2024-10-23@19:21:13 GMT

الذكري الستون لثورة أكتوبر 1964

تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT

بقلم : تاج السر عثمان
1
تمر الذكري الستون لثورة أكتوبر 1964
والبلاد تشهد حربا ضروسا أحدثت دمارا في البنية التحتية وأدت لفقدان الآلاف من الأرواح، ونزوح الملايين داخل وخارج السودان وتدهور غير مسبوق في الأوضاع المعيشية والصحية والإنسانية، وقمع ومصادرة للحقوق والحريات الأساسية وإبادة جماعية وتطهير عرقي في غرب دارفور واغتصاب للنساء وغير ذلك من مآسي الحرب التي رصدها تقرير اللجنة المستقلة لحقوق الانسان ، وحسنا تم قرار بمد فترة عمل اللجنة لاستكمال رصد جرائم الحرب، مما يتطلب قيام الجبهة الجماهيرية القاعدية لوقف الحرب واسترداد الثورة واستعادة وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي، وإنجاز مهام ثورة ديسمبر المجيدة .


٢
بعد الاستقلال كان من المفترض استكماله بالاستقلال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، بانجاز مهام النهضة الوطنية الديمقراطية وبناء المجتمع الصناعي الزراعي المتقدم، لكن ذلك لم يحدث، ونشأت الأزمة الوطنية العامة التي بدأت بنقض العهود والمواثيق بعدم اعطاء الحكم الفدرالي للجنوبيين والقسمة الضيزي في وظائف السودنة مما أدي لانفجار تمرد 1955، واشتدت ضغوط حزب الأمة الذي لم يقبل بهزيمته أمام الحزب الوطني الاتحادي بزعامة اسماعيل الأزهري في انتخابات 1954 علي الحكومة الوطنية الأولي التي بدأت بأحداث مارس 1954 يوم افتتاح البرلمان بحضور الرئيس المصري اللواء محمد نجيب التي راح ضحيتها عدد من المواطنين، كما حدثت مجزرة عنبر جودة التي راح ضحيتها عدد من المزارعين في ظروف حبس غير انساني، وواصل حزب الأمة ضغوطا علي الحكومة ، وتم لقاء السيدين بهدف اقصاء حكومة الأزهري الذي بدأ يأخذ مواقف مستقلة عن الطائفتين ، وبهدف حماية مصالح الطائفتين الاقتصادية ، وتحت الضغوط تمت ازاحة الأزهري بعد انقسام الحزب الوطني الاتحادي بخروج حزب الشعب الديمقراطي منه، وتكونت حكومة السيدين الائتلافية والتي فشلت في تحقيق الاستقرار ، والدستور الدائم، ووقف الحرب ، وحل الأزمة الاقتصادية والمعيشية ، اضافة لحرق العملة لأن فيها توقيع الزعيم الأزهري !!، ولم يتم الاعتراف باتحاد العمال واشتدت المحاولات لشق الحركة النقابية من الحكومة التي فشلت.
٣
أدي كل ذلك لتكوين جبهة عريضة ضمت الحزب الشيوعي ، اتحاد نقابات عمال السودان، اتحاد المزارعين، اتحادات الطلاب، الحزب الفدرالي الجنوبي الذي دعا ميثاقها الي : الغاء القوانين المقيدة للحريات ، رفض المعونة الأمريكية التي باركها حزب الأمة، السيادة الوطنية وتأكيد التزام السودان بالحياد الايجابي، صياغة دستور قومي ديمقراطي. الخ.، كما حدث الاضراب العام لاتحاد العمال في 21 أكتوبر 1958 لتحسين الأجور والاوضاع المعيشية التي تدهورت، والاعتراف باتحاد العمال.
مع اشتداد المقاومة والرفض الواسع لحكومة عبد الله خليل التي كان من المتوقع سحب الثقة عنها في جلسة البرلمان في 17 نوفمبر 1958، وفي هذه اللحظة سلم عبد الله خليل رئيس الوزراء الحكم للفريق إبراهيم عبود.
٤
* كانت ثورة أكتوبر نتاجا لتراكم نضال الشعب السوداني طيلة الست سنوات من الحكم العسكري شارك فيه : العمال ، المزارعون، المرأة السودانية، الطلاب، المثقفون ، الشعب النوبي ضد التهجير، القوات المسلحة الوطنية، جبهة أحزاب المعارضة، إضافة لصمود المعتقلين في السجون وأمام المحاكم، واستمر هذة التراكم والزخم النضالي حتى لحظة الانفجار التي كانت ندوة جامعة الخرطوم شرارتها التي استشهد فيها الطالب احمد القرشي، وبعدها اشتعلت الثورة، وتم الاضراب السياسي العام والعصيان المدني الذي قادته جبهة الهيئات التي تكونت من النقابات والأحزاب السياسية حتي تمت الاطاحة بحكم الفريق عبود ( للمزيد من التفاصيل : راجع كتاب ثورة شعب، ست سنوات من النضال ضد الحكم العسكري، اصدار الحزب الشيوعي 1965).
* كان من أهم دروس تجربة أكتوبر تجربة الاضراب السياسي العام والعصيان المدني الذي أصبح سلاحا في يد الجماهير لاسقاط النظم الديكتاتورية، كما حدث في انتفاضة مارس – ابريل 1985 ، وثورة ديسمبر 2018 التي كانت اوسع بتجربتها في الاعتصام ، وموكب 30 يونيو 2019 بعد مجزرة القيادة العامة التي ما زالت اسر الشهداء تنتظر نتيجة التقصي فيها وتقديم المجرمين للعدالة ومتابعة المفقودين.
* أكدت ثورة أكتوبر أن ساعة التغيير لأي نظام ديكتاتوري لا تحددها رغبة هذا الحزب أو ذاك ، بل تتحدد بتوفر الظروف الموضوعية والذاتية ( أو نضج الأزمة الثورية) التي تحددها:
– عجز النظام عن الحكم وتفككه وعمق الصراعات داخله، بحيث يصبح من العسير قمع الثورة، ووصول الجماهير لحالة من الضيق بحيث تصبح الحياة لا تُطاق تحت ظل النظام الحاكم.
– وجود القيادة الثورية التي تطرح البديل لنظام الحكم.
– وجود الجيش الثوري الذي علي استعداد لمواصلة الثورة حتى النصر.
وتلك هي نظرية الثورة السودانية التي أكدتها ثورة أكتوبر 1964 وتجارب الثورة المهدية 1881 ، وانتفاضة مارس – أبريل 1985، وثورة ديسمبر 2018.
٥
* أحدثت ثورة أكتوبر تحولات كبيرة في المجتمع السوداني وهزت ساكن الحياة في القطاعين الحديث والتقليدي، وفتحت الطريق للتحول الديمقراطي رغم الانتكاسة، وشاركت المرأة بشكل أوسع في البرلمان و الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية والرياضية، وشقت جماهير القطاع التقليدي أو الريف السوداني طريقها للمطالبة بالتنمية والاصلاح الزراعي الديمقراطي، والتعليم والصحة والخدمات البيطرية والمياه والكهرباء ، والاصلاح الاداري والقبلي، وقامت تنظيماتها لذلك الهدف مثل: جبهة نهضة دارفور، اتحاد أبناء جبال النوبا، اتحاد شمال وجنوب الفونج، وقبل ذلك تاسس مؤتمر البجا في أكتوبر 1958 ، كما قام مؤتمر المائدة المستديرة 1965 الذي لم يصل لحل لمشكلة الجنوب ، ولكنه كان فرصة للتعرف علي وجهات نظر الجنوبيين وطريقة تفكيرهم. وانتشرت الأندية القبلية في المدن لتطوير مناطقها ومساعدة إبنائها وبناتها في المدن.
كما أكدت أن الحقوق والحريات الديمقراطية عامل مهم لجذب الجماهير للنشاط السياسي والتغيير الاجتماعي ، وأن الحقوق الديمقراطية لا تنفصل عن التغيير الاجتماعي.
* من نواقص ثورة أكتوبر ، لم يكن للجماهير افق للتغيير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بعد الثورة، ولكنها اكتفت بانهاء الحكم العسكري والعودة للديمقراطية البرلمانية التي أجهضتها الأحزاب التقليدية. وكانت القوي المضادة للثورة اسرع من قوي الثورة، لأن الحكم العسكري أبقي علي مصالحها الطبقية ، وقام الحكم العسكري اصلا لحماية مصالح قوي اليمين الطبقية، كما كان من عناصر الضعف عدم تمكن الجماهير من حماية الثورة ، عندما شهرت القوي المضادة للثورة بمليشياتها السلاح في وجهها.
* رغم انتكاسة ثورة اكتوبر ، الا أن جذوتها ما زالت متقدة، ومن المهم عدم التقليل من أهميتها، فهي تجربة وذخيرة ورصيد مفيد لشعب السودان، وكان لها انجازاتها في استعادة الحقوق والحريات الديمقراطية التي كرّسها دستور 1956 المعدل 1964 ، وإلغاء قانون النقابات 1960 ، إجازة قانون النقابات 1966 الذي اعترف باتحاد العمال، دعم حركات التحرر الوطني في العالم وموقف شعب السودان الرافض لهزيمة يونيو 1967 ، وقيام مؤتمر القمة العربي في الخرطوم في أغسطس 1967 الذي خرج بلاءاته الثلاثة : لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف باسرائيل ، إلغاء قانون الجامعة لعام 1960 ، اطلاق سراح المعتقلين وعودة الضباط المفصولين في ظل الحكم العسكري، صدر قانون الانتخابات 1965 الذي أعطي النساء حق الترشيح.الخ.
٦
* واجهت ثورة أكتوبر، المؤامرات التالية : الضغوط علي حكومة سرالختم الخليفة رئيس الوزراء ومحاصرته بالمليشيات المسلحة حتى تمّ اجباره علي الاستقالة ، وفرض الانتخابات المبكرة قبل انجاز مهام الفترة الانتقالية، وعدم مشاركة أغلب جماهير المديريات الجنوبية بسبب الحرب، أحداث الأحد الدامي التي راح ضحيتها عدد من الأشخاص ، المحاولة الانقلابية في 9 /11/ 1964 ( التي تمت مقاومتها في ليلة المتاريس) وتم اقالة المجلس العسكري واجبار الفريق عبود علي التنحي، بعد الانتخابات المبكرة في عام 1965 وقيام الجمعية التأسيسية ضاقت الأحزاب التقليدية بالديمقراطية ( الأمة ، الوطني الاتحادي ، الإخوان المسلمون) بالديمقراطية ، وتمت مؤامرة حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان، مما خلق أزمة سياسية ودستورية وأخلاقية ب"الفبركة" ومحاكمة حزب بأقوال طالب لا علاقة له بالحزب الشيوعي ، وانتهاك استقلال القضاء برفض حكم المحكمة العليا بعدم دستورية حل الحزب الشيوعي ، كما استمرت الصراعات الحزبية غير المنتجة مثل: انقسام حزب الأمة لجناحي الصادق والهادي المهدي ، والدعوة للجمهورية الرئاسية والدستور الإسلامي ، مما أدي لاشتداد حرب الجنوب والتوتر السياسي في البلاد، والأزمة الدستورية الثانية التي نشأت بعد حل الجمعية التأسيسية في فبرايرعام 1968، وقيام محكمة الردة للاستاذ محمود محمد طه عام 1968، والهجوم الإرهابي الذي قام به الإخوان المسلمون علي معرض الفنون الشعبية الذي أقامته جمعية الثقافة الوطنية والفكر التقدمي بقاعة الامتحانات بجامعة الخرطوم والذي أدي لمقتل طالب وجرحي، والذي وجد استنكارا واسعا، كما تدهورت الأوضاع المعيشية والاقتصادية ، وتم الاضراب العام الذي قام به اتحاد العمال عام 1968 لتحسين الأجور والأوضاع المعيشية، وتم الفشل في التوافق علي الدستور الداتم واشتد الانقسام في المجتمع والأحزاب وموجة الاضرابات والاحتجاجات. في هذه اللحظة وقع انقلاب 25 مايو 1969.
٧
وأخيرا، يبقي من المهم الاستفادة من تجربة انتكاسة أكتوبر ترسيخ الحكم المدني الديمقراطي، حتى لا يتكرر الفشل كما حدث في تجارب الديمقراطية الأولي والثانية والثالثة، والفترة الانتقالية بعد ثورة ديسمبر التي انتهت بالحرب حاليا، التي لم يتحقق فيها ترسيخ الديمقراطية، الدستور الدائم، السلام مما أدي لانفصال الجنوب، كما لم يتم تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وتحقيق السيادة الوطنية، والتنمية المتوازنة بين أقاليم السودان مما أدي لانفجار الأوضاع في المناطق المهمشة أو الأكثر تخلفا، الخ ، مما أدي للدخول في الحلقة الجهنمية ( ديمقراطية- انقلاب – ديمقراطية. الخ).
لقد طرحت ثورة أكتوبر آمال وتطلعات شعب السودان في الانعتاق من أسر التخلف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي منذ نهوض الحركة الوطنية الحديثة الواسع بعد الحرب العالمية الثانية وحتى تحقيق الاستقلال في يناير 1956.

alsirbabo@yahoo.co.uk  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الأوضاع المعیشیة الحکم العسکری الحزب الشیوعی اتحاد العمال ثورة أکتوبر ثورة دیسمبر حزب الأمة مما أدی کان من

إقرأ أيضاً:

بعد حرب 15 أبريل.. هل ما زال استمرار الثورة السودانية ممكنا؟

للعام الثاني، لم يخرج السودانيون احتفالاً بثورتي ديسمبر وأكتوبر اللتين انتزعتا أعتى النظم العسكرية التي ظلت تتحكم في البلاد لأكثر من 50 عاماً من عمر الدولة التي نالت استقلالها في 1956.

الخرطوم: كمبالا: التغيير

وفي كل عام، يخرج السودانيون للاحتفال بثورتي أكتوبر وديسمبر في مليونيات تدعو لها لجان المقاومة والأحزاب السياسية والتيارات النقابية دعماً للانتقال إلى الحكم المدني الديمقراطي.

وتعود جذوة المد الثوري إلى ثورة 21 أكتوبر 1964 التي استشهد فيها أحمد القرشي، الذي ضحى بروحه من أجل الحكم المدني ووضع حداً للحكم العسكري الشمولي الذي ساعدت فيه بعض الأحزاب السياسية على قطع الطريق أمام الثورة.

وأدت خلافات العسكر، ومن خلفهم عناصر النظام السابق، إلى العودة للحكم عبر بوابة حرب 15 أبريل، بعد أن اقتلعت ثورة ديسمبر المجيدة نظامهم الذي ظل على سدة الحكم لأكثر من ثلاثة عقود، وأدخلت رئيس النظام وأعوانه السجن، ليتم إطلاق سراحهم بعد هذه الحرب العبثية.

تحقيق حلم

يقول رئيس الوزراء السابق ورئيس تنسيقية (تقدم) عبد الله حمدوك: “في ذكرى ثورة أكتوبر وبعد مرور ستين عاماً، لا يزال الأحرار من بنات وأبناء السودان يستميتون في سبيل تحقيق حلمهم الكبير في بناء وطن حر، ديمقراطي، موحد يسع الجميع ويحترم تنوعهم وإنسانيتهم ويوفر لهم العيش الكريم على هذه الأرض المعطاءة.”

حمدوك

وأكد أن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) لم تكتفِ بتبيين موقفها الرافض للحرب والمدافع عن حق كل سوداني في العيش الكريم، بل وضعت مشروعًا كاملاً لبناء السودان الحلم، وبيّنت رؤيتها لكيفية وقف الحرب وإعادة المسار الديمقراطي.

ووصف حمدوك الأزمة السودانية بأنها معقدة، ولا يمكن حلها عبر ما أسماه المنهج الاختزالي القاصر الذي يرى الحرب الحالية على أنها حرب جنرالين. وشدد على ضرورة التعمق في فهم جذور الأزمة التي حولت البلاد إلى مسرح دائم للصراع المسلح منذ فجر الاستقلال في العام 1956.

تحكيم صوت العقل

لم تتخلَّ القوى المدنية عن شعار إيقاف الحرب الذي أعلنته منذ الأيام الأولى للصراع، وفضلت الوقوف في الحياد بالرغم من الاتهامات التي تلاحقها بين الحين والآخر. وظلت تدعو طرفي الصراع إلى ضرورة تحكيم صوت العقل والعودة إلى التفاوض لصعوبة حل النزاع عسكرياً، إلا أن طرفي الصراع اختارا طريق الحسم العسكري الذي يزيد من معاناة المواطنين.

الحرب تدبير ضد الثورة

يرى رئيس الحركة الشعبية التيار الثوري ياسر عرمان أن هذه الحرب هي تدبير ضد الثورة، وكذلك المجاعة والتشريد والجرائم التي ارتُكبت من كل الأطراف هي أيضاً تدابير ضد الثورة والحركة الجماهيرية.

وقال عرمان: “ولكي تنتصر الثورة ويتم تأسيس الدولة، يجب أن نراجع تجربتنا بصورة نقدية حتى نصل إلى مرافئ انتصار الثورة، وهذا يتطلب الوصول إلى كتلة حرجة ورفض الحلول الهشة وإيجاد حلول مستدامة لتسوية تاريخية وليس مجرد تسوية سياسية.”

ياسر عرمان في مقابلة مع “التغيير” اقتلاع النظام الديكتاتوري

عدّت الأمينة الاجتماعية لحزب مؤتمر البجا المعارض هِبَّة أحمد طه أن الشعب السوداني يحتفل بثورة أكتوبر، أم الثورات السودانية، التي ترمز للحرية والديمقراطية. وقالت إن ثورة ديسمبر كانت امتداداً لتراكم النضال الثوري، وهي ثورة قامت على السلمية ورفعت شعارات الحرية والسلام والعدالة.

وأضافت: “اقتلعت أطول نظام ديكتاتوري أشعل الحروب في كل ربوع الوطن وفصل جزءاً عزيزاً منه. كان الديسمبريون والديسمبريات رمزاً للصمود والجسارة، وحققت ثورة ديسمبر نجاحاً كبيراً وأرست الحكم المدني الديمقراطي، ولكنها لم تستمر طويلاً، ولم تكتمل أهدافها بسبب تآمر داخلي وخارجي قطع الطريق أمامها بانقلاب 25 أكتوبر الذي أوصلنا إلى الحرب الحالية.”

عودة عناصر النظام السابق 

لقطع الطريق أمام التحول المدني الديمقراطي، نفذ قادة طرفي الصراع في 25 أكتوبر 2021 انقلاباً على حكومة الثورة بقيادة رئيس الوزراء الشرعي عبد الله حمدوك، وأدخلوا قياداتها السجن. لكن شهر العسل بينهما لم يدم طويلاً، حيث تنصل قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” عن الانقلاب، وقال إنه تم خداعه، وإن الانقلاب تابع للحركة الإسلامية التي تخطط للعودة إلى الحكم من جديد بعد أن أعاد قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان عناصر النظام السابق إلى الواجهة.

وبعد الانقلاب، شهدت الخرطوم وعدد من الولايات مظاهرات ضخمة لرفض الانقلاب، حيث تعاملت السلطات مع الثوار بالقمع المفرط، ما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء في ذلك اليوم.

التنسيق بين القوى المدنية

ورغم تربص العسكر وعناصر النظام السابق بالثورات السلمية التي تدعو إلى التحول المدني الديمقراطي، إلا أن الأمينة الاجتماعية لحزب البجا المعارض شددت على أن فرص النجاح ما زالت موجودة.

وطالبت القوى الثورية بالعمل الجاد لإيقاف الحرب والتواصل مع بعضها البعض والتوافق على الحد الأدنى من الأهداف الاستراتيجية، وبناء الثقة بين قوى الثورة والتنسيق في الحد الأدنى للقضايا والعمل على استعادة مسار الثورة والتحول المدني الديمقراطي.

استمرار الثورة

وحول إمكانية استمرار ثورة ديسمبر بعد حرب 15 أبريل، يقول القيادي بحزب المؤتمر السوداني عادل بخيت: “إن استمرار أمواج ثورة ديسمبر والتغيير السياسي والتحول الديمقراطي أمر حتمي، كما يراه عالم الاجتماع فردريك بارث.”

وأضاف: “الثورات السودانية في كل دورة تكتسب نضجاً، وموعدنا فجر الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والدولة المدنية، وسيعود العسكر إلى الثكنات مهما طال الزمن.”

عادل بخيت

وأوضح عادل أن الحراك السياسي في أكتوبر 1964 وديسمبر 2019 يحمل أوجه تشابه واختلاف، ففي كلتا الثورتين تمت قيادة الاحتجاجات عبر تحالف مركب من القوى الحديثة، النقابات والأحزاب.

وتابع: “نجاح إسقاط الحكومة وإجبار النظام الحاكم على التنحي كان تغييراً سياسياً فوقياً، ينقصه مربع القاعدة الاجتماعية النازعة نحو التحول الديمقراطي. فقد ظلت الحقوق الثقافية كما هي نتيجة لقصور التنشئة السياسية.”

وأردف: “لم يحدث تغيير على مستوى القاعدة الاجتماعية التي ينقصها الوعي الكافي بالتغيير الديمقراطي. فقد نجحت الثورة في التغيير السياسي، لكنها لم تنجح في تحقيق التحول الديمقراطي.”

وزاد: “اتسم الحراك الثوري في أكتوبر وديسمبر باستراتيجية المقاومة السلمية واللاعنف، بالرغم من بطش النظام وقمعه لهذا الحراك بوحشية، خصوصاً في ثورة ديسمبر.”

وختم بقوله: “الثورتان، على شريانيهما، أثبتتا أن (الثورة الناجحة هي ما ينتج عنها ذكاء احتجاجي ووعي لدى الشعب)، ولكن كليهما نجحت في التغيير السياسي وأخفقت في التحول الديمقراطي.”

أوجه الاختلاف بين الثورتين

وأشار القيادي بالمؤتمر السوداني إلى أن أوجه الاختلاف بين الثورتين تكمن في أن انطلاق الحراك الثوري في ديسمبر كان من الولايات وليس من العاصمة (الدمازين – سنار – عطبرة).

ولفت إلى انخراط منظمات المجتمع المدني في الحراك الثوري في ديسمبر، حيث تم تمثيلها في مجلس الحرية والتغيير الذي نظم الحراك الثوري.

ونوه إلى أن حركات الكفاح المسلح شاركت بشكل هيكلي في قوى الحرية والتغيير، وبشكل ثوري في الحراك السياسي، كما في الحركة الشعبية قيادة الحلو وحركة تحرير السودان قيادة عبد الواحد.

وأشار إلى أن الحراك الثوري في ديسمبر استمر لعدة أشهر مقارنة بثورة أكتوبر التي استمرت لأيام قليلة.

الوسومالثورة السودانية ثورة أكتوبر 1964 ثورة ديسمبر 2018 حرب 15 أبريل

مقالات مشابهة

  • ثورة أكتوبر والديمقراطية في السودان: انكسارات وآمال
  • ستون عاماً على ثورة أكتوبر ومائة عام على ثورة ١٩٢٤ .. لماذا لم تنجح الثورة السودانية بعد؟
  • وماذا بقي من ثورة أكتوبر واحد عشرين ..غير الحسرة ومر الذكريات؟
  • ثورة أكتوبر وتوق الشعب السوداني إلى حركة حقوق مدنية (1-6)
  • الباستيل واقتحام سجن كوبر : ذكري عايشتها في ثورة اكتوبر المجيدة
  • بعد حرب 15 أبريل.. هل ما زال استمرار الثورة السودانية ممكنا؟
  • ثورة أكتوبر وتوق الشعب السوداني إلى حركة حقوق مدنية «1-6»
  • بمناسبة ذكرى 21 أكتوبر.. «تقدم» تنظم ندوة «الثورة مستمرة والحرب إلى زوال»
  • ستون عاماً على ثورة أكتوبر ومائة عام على ثورة ١٩٢٤ لماذا لم تنجح الثورة السودانية بعد؟