---
إدوارد كورنيليو
---
.
في أركانِ البيتِ القديمِ،
تنهارُ الجدرانُ كأوراقٍ من شجرةِ الذكرياتِ،
تتآكلُها أنيابُ الزمنِ،
كما ينخرُ السوسُ جسدَ الوطنِ.
_
داخلَ المطبخِ،
تتراكمُ الأطباقُ المتشققةُ،
تروي حكاياتٍ عن جوعٍ لا يشبعُ،
وعن حلمٍ يتبددُ كالبخارِ.
_
وسطَ الحديقةِ،
تذبلُ الأزهارُ،
تنسابُ بتلاتُها كدموعٍ على خدودِ الأرضِ،
تسعى وراءَ ماءِ الحياةِ في أرضٍ عطشى.
_
على الشوارعِ،
تتجولُ الأرواحُ التائهةُ،
تفتشُ عن مأوى في وطنٍ ضاعَ عنوانُهُ،
تتطايرُ الأحلامُ كريشٍ في مهبِّ الريحِ.
_
بينَ المدارسِ،
تتلاشى أصواتُ الأطفالِ،
تختفي ضحكاتُهم خلفَ جدرانِ الصمتِ،
تتوقُ إلى علمٍ في كتبٍ ممزقةٍ.
_
داخلَ المستشفياتِ،
تئنُّ الأسرَّةُ الفارغةُ،
تأملُ في شفاءٍ في وطنٍ مريضٍ،
تتناثرُ الأدويةُ كحباتِ الرملِ في الزوبعةِ.
_
في المساجدِ، والكنائسِ،
تترددُ الدعواتُ،
ترنو إلى إجابةٍ في سماءٍ غائمةٍ،
تغرقُ الآمالُ كأطيافٍ في بحرٍ من الظلامِ.
tongunedward@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
«قراءة فى رسالة الميلاد»
أهنئكم جميعًا بعام ٢٠٢٥، كما أهنئكم جميعًا فى «عيد الميلاد» الذى يحتفل به مَسيحيو الشرق اليوم، راجين الله أن يعم ببركاته وسلامه على بلادنا «مِصر» وأبنائها، وأن ينزع من العالم الحروب والآلام.
إن رسالة الميلاد هى رسالة السلام إلى البشرية بأسرها، فكانت رسالة السماء إلى الأرض حين أنشدت الملائكة ترنيمة الميلاد: «المجد لله فى الأعالى، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة»؛ فالسلام الذى فقدته الأرض وظلت تبحث عنه البشرية على مر الأزمان قد أعلنته السماء ليلة الميلاد. إن الله - تبارك اسمه القدوس - هو إله السلام: «السلطان والهيبة عنده، هو صانع السلام فى أعاليه»، وقد وعد شعبه بالسلام فقال: «وأجعل سلامًا فى الأرض فتنامون وليس من يزعجكم. وأُبيد الوحوش الرديئة من الأرض ولا يعبُر سيف فى أرضكم».
ومن بركات الله للإنسان أن يهب له السلام: «يرفع الرب وجهه عليك ويمنحك سلامًا»، «الرب يعطى عزًّا لشعبه. الرب يبارك شعبه بالسلام». وقد تنبأ إِشَعْياء قديمًا عن مجىء السيد المسيح ملك السلام: «لأنه يولَد لنا ولد ونعطَى ابنًا، وتكون الرياسة على كَتِفه، ويُدعى اسمُه عجيبًا، مشيرًا، إلها قديرًا، أبًا أبديا، رئيس السلام».
واليوم هو ذكرى ميلاد «ملك السلام» الذى طوَّب، وبارك كل من يصنعه متشبهًا بعمل الله: «طوبى لصانعى السلام لأنهم أبناء الله يُدعَون».
وقديمًا طالب الله شعبه بصنع السلام: «حِد عن الشر واصنع الخير. اُطلب السلامة، واسعَ وراءها». ونادى تلاميذ السيد المسيح ورسله برسالة السلام: «فلنعكف إذًا على ما هو للسلام، وما هو للبنيان بعضنا لبعض»، وبأن نحيا به: «عيشوا بالسلام، وإله المحبة والسلام سيكون معكم»، بل أن يكون السلام نحو كل إنسان: «اتْبعوا السلام مع الجميع، والقداسةَ التى بدونها لن يرى أحد الرب».
وفى رحلة بحث الإنسان عن السلام اشتاقت البشرية أن تحيا به، فيقول الحكيم: «لقمة يابسة ومعها سلامة خير من بيت ملآن ذبائح مع خصام».
ويرتبط السلام بكل إنسان يملك قلبًا وديعًا، فقيل: «أما الوُدعاء فيرثون الأرض، ويتلذذون فى كثرة السلامة»؛ فإن أردت أن تعرف معنى السلام الحقيقى فكُن متواضعًا وديعًا محبًّا للجميع، فتفيض حياتك بالفرح والسلام.
ويرتبط السلام أيضًا بصنع العدل، فالإنسان العادل مع نفسه والآخرين يسعى للسلام: «ويكون صنع العدل سلامًا وعمل العدل سكونًا وطمأنينة إلى الأبد»، وفى المقابل قيل عن غير العادل: «طريق السلام لم يعرِفوه، وليس فى مسالكهم عدل. جعلوا لأنفسهم سبلاً مُعْوَجَّة كل من يسير فيها لا يعرِف سلامًا».
أما من اختار طريق الشر والبعد عن الله فقد حكم على نفسه بانتزاع السلام من حياته؛ إذ «لا سلام، قال الرب للأشرار».
وفى الميلاد، نطلب إلى «ملك السلام»: أن يهب لنا جميعًا السلام والهدوء والطمأنينة وسط زخم من الصخَب والقلق والتوتر والصراعات، وينجى العالم من الحروب، والدمار.
كل عام وجميعكم بخير.