تهجير تحت النار.. عربي21 ترصد شهادات للمهجرين من مخيم جباليا
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
كشف مهجرون فلسطينيون من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، عن تعرضهم إلى صنوف من التنكيل والضرب والإهانة من قبل قوات الاحتلال، لحملهم على مغادرة المخيم في إطار خطة ينفذها الاحتلال لتهجير سكان شمال قطاع غزة.
وتنفذ قوات الاحتلال حملة إبادة جماعية ممنهجة منذ نحو 20 يوما متواصلة في مناطق جباليا ومخيمها، وبيت حانون وبيت لاهيا، في إطار خطة ترتكز على ارتكاب المجازر الوحشية، لتهجير شمال قطاع غزة نحو جنوبه
وفي شهادة له، قال أحد المهجرين في تصريح خاص لـ"عربي21"، إن قوات الاحتلال دفعتهم لمغادرة مركز لجوء "مستشفى اليمن السعيد" بمخيم جباليا قسرا، صباح الثلاثاء، بعد أن ألقت طائرات مقاتلة منشورات تهددهم فيها بالرحيل.
إخلاء تحت النار
وذكر علاء صلاح في شهادته تفاصيل ما جرى معه في رحلة التهجير القسرى من المخيم قائلا: "ألقوا على مستشفى اليمن ومحيطه منشورات من الجو، صباح يوم الثلاثاء، طالبونا فيها بالتوجه إلى منطقة مستشفى الإندونيسي، شمال شرق المخيم، تمهيدا لنقلنا صوب مناطق جنوب قطاع غزة".
ولفت إلى أن قوات الاحتلال عمدت إلى تكثيف القصف والاستهداف على كل مركز لجوء يرفض الإخلاء، بل ارتكبت مجازر مروعة في العديد من مراكز الإيواء، منذ بدء الحملة البرية على المخيم منذ نحو 20 يوما متواصلة.
وأضاف علاء: "تحركنا مع عائلاتنا إلى الشارع العام لمدينة بيت لاهيا، وفقا لأوامر الإخلاء، ثم شرقا إلى منطقة دوار الشيخ زايد، وصولا إلى منطقة المستشفى الإندونيسي، حيث تتمركز هناك قوات كبيرة من الاحتلال".
جثث الشهداء في الشوارع والأزقة
وذكر أن قوات الاحتلال راقبت تحرك المهجرين عبر الجو بطائرات مسيرة، وأخرى من طراز كواد كابتر مذخرة بالرصاص الحي، حيث عمدت إلى إطلاق النار على كل من يتحرك خارج الطريق الذي حددته، مشيرا إلى مشاهدته العديد من جثث الشهداء ملقاة في الطرقات والأزقة، دون أن تتمكن الطواقم المختصة من انتشالها بسبب كثافة النيران والقصف.
وتابع: "في هذه الأثناء طلب جنود الاحتلال عبر مكبرات الصوت بفصل الرجال عن النساء، ومن ثم وضعونا في منطقة مكشوفة تحت أشعة الشمس الحارقة لساعات، دون أن يقدموا لنا الماء أو أي شئ، بل عمدوا إلى ضرب معظم الرجال الموجودين بأعقاب البنادق، وأطلقوا النار مرارا فوق رؤوس الموجودين في المكان لإرهابهم، ثم انهالوا علينا جميعا بالسباب والشتائم والألفاظ البذيئة".
و"بين الظهر والعصر جرى نقلنا إلى إحدى المدارس المهجورة بجوار المستشفى، ومكثنا هناك لساعات طويلة أخرى، وقبل أن يحل المغرب، طلبوا منا التحرك في مجموعات تتكون من خمسة أشخاص تباعا، للخضوع للفحص الأمني، وبعد الانتهاء من ذلك طلبوا من أن نتوجه إلى منطقة مواصي خانيونس جنوب قطاع غزة، عبر شارع صلاح الدين (يربط شمال غزة بجنوبه)".
لم تقف المعاناة عند هذا الحد، بل إن قطاعات أخرى من قوات الاحتلال أوقفت النازحين مجددا قرب "منطقة الإدارة المدنية" الواقعة شرق جباليا، لساعات طويلة، وتعاملت معهم بالضرب الوحشي والاعتقال، قبل أن يطلبوا منهم مواصلة السير على الأقدام.
"لا نزوح إلى الجنوب"
ولفت علاء إلى أنهم لم يستيجبوا لطلب قوات الاحتلال بالتوجه جنوب القطاع، بل دخلوا مجددا إلى مناطق غرب مدينة غزة، عبر منطقتي الزرقاء، ثم النفق القريبتين، رافضين ترك شمال القطاع.
من جهتها، قالت منال عبد الله، إنها اضطرت مع زوجها وابنتها التي تبلغ عاما واحد إلى ترك منزلهم في منطقة مشروع بيت لاهيا، أمس الثلاثاء، بعد أن أخطرتهم قوات الاحتلال بالرحيل عبر مكبرات الصوت التي كانت تحملها طائرات "كواد كابتر".
وفي شهادة لها، قالت منال، إن وجدت نفسها مجبرة على الرحيل، خشية أن تتعرض للقتل والإبادة على يد قوات الاحتلال أسوة بحالات كثيرة جرت في المنطقة التي كانت تسكن فيها.
وأكدت المهجرة الفلسطينية أنها سلكت طريقا حددته قوات الاحتلال وصولا إلى منطقة المستشفى الإندونسي، حيث يتم هناك تجميع الرجال والنساء من شتى مناطق مخيم جباليا وبيت لاهيا.
وأضافت: "فور وصولنا فصلوا النساء عن الرجال، وهناك كنت قادرة على أن أرى زوجي رفقة العديد من الرجال وقد عصبت أعينهم وقيدت أيديهم، ثم أنهال جنود الاحتلال عليهم بالضرب والتنكيل(..) انهرت دموع غزيرة لأنني لم أستطع أن أنقذ زوجي الذي لا أعرف مصيره حتى الآن".
"حفرة كبيرة"
وأضافت "في هذه الاُثناء طلب منا التحرك شرقا وترك أزواجنا خلفنا، حتى وصلنا منطقة محطة حمودة على شارع صلاح الدين، وهناك وضعونا في حفرة كبيرة للغاية، ظننا للوهلة الأولى أنهم سيدفنوننا أحياء، وتبين أن ذلك كان أسلوبا لترهيبنا ومحاولة للنيل من عزيمتنا".
وبعد ساعات من جمع مئات النساء في تلك الحفرة العميقة، دون ماء أو طعام لهن أو لأطفالهن، طلب جيش الاحتلال منهن التحرك على امتداد شارع صلاح الدين، ومن ثم استطعن دخول مناطق غرب غزة من محور حي التفاح حيث لا تواجد هناك لقوات الاحتلال.
"لن تعودوا إلى شمال القطاع"
ولم يكن الشاب أيمن عزيز أحسن حالا، إذ إنه تعرض لنفس فصول التهجير والتنكيل والضرب والإهانة خلال رحلة تهجيره من مدينة بيت لاهيا صوب مناطق غرب غزة، لكنه قال في شهادته لـ"عربي21"، إن أكثر ما يحزنه الآن خشيته من ألا يتمكن من العودة إلى مسقط رأسه، على وقع حملة التهجير والإبادة الوحشية التي تنفذها قوات الاحتلال في مناطق شمال القطاع.
يقول أيمن إن أحد جنود الاحتلال خاطب جموع الرجال المعتقلين ميدانيا عبر مكبرات الصوت قائلا بلغة عربية صحيحة : "عليكم أن تودعوا شمال قطاع غزة لأنكم لن تعودوا إليه إلى الأبد".
وفي الخامس من الشهر الجاري، بدأ جيش الاحتلال عمليات قصف غير مسبوقة لمخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة في شمالي القطاع، قبل أن يعلن في اليوم التالي بدء اجتياحه لها في إطار عملية هدفها إخلاء الشمال من سكانه.
وتشن دولة الاحتلال حربا على قطاع غزة منذ ما يزيد عن عام كامل، خلفت أكثر من 143 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية مقابلات فلسطينيون جباليا الاحتلال التهجير فلسطين الاحتلال تهجير جباليا مراكز الايواء المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الاحتلال شمال قطاع غزة إلى منطقة
إقرأ أيضاً:
تهجير سكان رفح .. مأساة جديدة تلاحق آلاف العائلات ثاني أيام عيد الفطر
الثورة /
على طرقات موحلة وأزقة ضيقة، يسير الآلاف من أهالي رفح وجنوب خان يونس على أقدامهم، في رحلة نزوح قسري جديدة، حاملين ما تيسر من متاعهم، بينما تغيب أي وجهة واضحة أو مأوى آمن.
لا مركبات تقلّهم، ولا أماكن تستقبلهم، فقط مساحات مفتوحة أو أنقاض مبانٍ يبحثون بينها عن أي ملجأ مؤقت يحميهم من برد الليل ونيران القصف، بعد أوامر إخلاء واسعة في رفح وجنوب خان يونس.
وأصدرت قوات الاحتلال الإسرائيلي – صباح أمس الاثنين، أوامر إخلاء شاملة لرفح وثلاثة أحياء جنوب خانيونس، وتهجير عشرات الآلاف من سكانها المدنيين قسرًا، بالتزامن مع تصاعد وتيرة الغارات وقصف التجمعات والمنازل والخيام على رؤوس سكانيها، بما في ذلك خلال يومي عيد الفطر.
نزوح بلا مخرج
وتحت وطأة التهديد والمجازر والقصف، وجدت الآلاف من العائلات نفسها مضطرة لمغادرة منازلها، ليس نحو الأمان، بل نحو المجهول.
شوارع المدينة مكتظة بالنازحين، بعضهم يدفع عربات يدوية محملة بالأطفال وكبار السن، بينما يجرّ آخرون حقائبهم على الأرض، متعثرين بركام البيوت التي سقطت حولهم.
يقول أبو حسن، وهو أب لسبعة أطفال، بينما يجلس على الرصيف قرب حقيبة قديمة: “قالوا لنا اخرجوا، لكن إلى أين؟ لا توجد أماكن تؤوينا، ولا توجد وسائل نقل، نمشي منذ ساعات ولا نعرف أين سنتوقف، حتى الطرقات ليست آمنة”.
وجاء هذا التصعيد – وفق بيان للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان- عقب إعلان رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، زيادة الضغط العسكري على غزة، مؤكدًا سعي إسرائيل للسيطرة الأمنية على القطاع، وصولاً إلى تنفيذ خطة ترامب، أي تسهيل “التهجير الطوعي” للفلسطينيين، ما يكشف نية الاحتلال استكمال الإبادة الجماعية وخلق بيئة غير صالحة للحياة لدفعهم للتهجير القسري.
كارثة إنسانية في العراء
المشهد أكثر من مأساوي؛ عائلات تفترش الأرض في العراء، بلا طعام أو ماء، بينما تزداد المخاوف من تفشي الأمراض في ظل غياب المرافق الصحية.
النساء والأطفال يحتمون بقطع قماش أو بطانيات قديمة، بينما يحاول بعض الرجال بناء ملاجئ بدائية لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء.
تقول أم يحيى، وهي تجلس بجانب أطفالها الثلاثة على رصيف أحد الشوارع المهجورة: “لم نأكل شيئًا منذ يومين، لا نملك حتى زجاجة ماء، لم يبقَ شيء هنا، لا حياة، لا أمل، فقط انتظار الموت في أي لحظة”.
جدير بالذكر، أن قوات الاحتلال نفذت هجومًا بريًّا واسعا في رفح منذ 7/5/2024، وهجرت سكانها ومعهم أكثر من مليون نازح، حيث استمر نزوحهم طوال الأشهر الماضية، في حين عاد نحو 100 ألف مواطن فقط إلى بعض أحياء المدينة بعد بدء اتفاق وقف إطلاق النار في 2025-1-19م وأقام أغلب العائدين في خيام أو منازل مدمرة جزئيًّا وبقوا يعانوا طوال الأسابيع الماضية من الهجمات البرية والقصف الجوي والمدفعي وإطلاق النار من قوات الاحتلال التي كانت تتمركز بعمق يزيد عن كيلو متر على امتداد الحدود مع مصر جنوبًا، والشريط الحدودي شرقًا.
المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان حذر بأن قرارات التهجير القسري التي تنفذها قوات الاحتلال في رفح وجنوب خانيونس، وباقي قطاع غزة، تأتي في سياق إسرائيلي ممنهج لخلق ظروف معيشية غير قابلة للحياة في إطار جريمة الإبادة الجماعية.
كما حذر من خطورة النوايا الإسرائيلية المعلنة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، ورأى أن عودة إسرائيل لتنفيذ هجمات برية والسيطرة على المدن والأحياء الفلسطينية وتهجير السكان وارتكاب جرائم القتل الواسعة مع الإمعان في جريمة التجويع، والحرمان من العلاج، قد يكون في إطار التنفيذ التدريجي المتسارع لهذا المخطط.
صرخات بلا مجيب
رغم التحذيرات المتكررة من المنظمات الإنسانية، فإن المساعدات لم تصل إلى معظم النازحين، المعابر مغلقة، والمخيمات المؤقتة ممتلئة عن آخرها، بينما يواجه السكان مصيرًا مجهولًا تحت تهديد مستمر.
المركز الفلسطيني للإعلام