إلى "الذروة"، وصل التصعيد في البلاد في الأيام القليلة الماضية، في سياق ما يعتبرها كثيرون "تداعيات" الحادث الخطير الذي شهدته منطقة الكحالة بعد انقلاب شاحنة تابعة لـ"حزب الله"، والذي كاد يجرّ البلاد إلى "فتنة" لا تحمد عقباها، ولا سيما أن السجالات التي أخذت شكل "التحدّي" على خط "المواجهة المُعلَنة" بين الحزب وخصومه، عكست "احتقانًا في النفوس" لم تنجح كل التفاهمات المبرمة في السنوات الأخيرة في "تبديده".


 
ظهر ذلك بوضوح من خلال "لهجة التحدّي" التي رُصِدت في خطاب عطلة نهاية الأسبوع، سواء على مستوى "حزب الله" الذي واصل الحديث عن "تحريض وحقد"، وذهب لحدّ الحديث عن "جزمة الإسرائيلي"، كما جاء على لسان رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، أو بالنسبة لخصومه، الذين وجدوها "فرصة" ربما لتصفية الحسابات، مع إعلان "الحرب" على الحزب الذي أضحى، برأي هؤلاء، في "ضعيفًا وبلا بيئة حاضنة".
 
وفي حين كان لافتًا أنّ جو "التحدّي" امتدّ من الكحالة، ليطال قضايا لم يكن يفترض أن تحتل أي أولوية في ظلّ الواقع الحالي، قد يكون السؤال عن مصير "حوار أيلول" المنتظر، مع عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، في مكانه، فهل يتحضّر اللبنانيون بهذا الشكل للحوار؟ وهل أضحى التفاهم الموعود في "خبر كان" مع تغيّر الوقائع؟!
 
التصعيد في "الذروة"
في المبدأ، يقول العارفون إنّ مستوى الخطاب السياسي في الأيام القليلة الماضية وصل إلى "الذروة"، ليعكس بالفعل "احتقانًا" على أكثر من مستوى، في السياسة قبل الأمن، حتى يصحّ القول إنّ حادثة الكحالة، على حساسيّتها الظاهرة، وخطورتها الكامنة، لم تكن سوى القطر الذي أفاض الكأس إن جاز التعبير، والكأس هنا إشارة إلى تراكمات طويلة من الخلافات في الرؤى، التي يعتقد كثيرون أنّها التي أوصلت البلاد إلى القعر الذي وصلت إليه.
 
بالنسبة إلى هؤلاء، من المبالغة اعتبار آنّ حادثة الكحالة بحدّ ذاتها هي المشكلة، فالكلّ يعلم أنّ "حزب الله" يمتلك السلاح، بل إنّ هذا السلاح يُعَدّ شرعيًا، استنادًا إلى البيانات الوزارية التي كرّست معادلة "الجيش والشعب والمقاومة"، وفي المقابل، فإنّ الحزب أيضًا يدرك وجود جو عام "مناوئ" لهذا السلاح في بعض المناطق، تعبّر عنها الأحزاب المسيحية بشكل خاص، بما فيها "التيار الوطني الحر"، وهو ما فضحه "الافتراق" الأخير بينهما رئاسيًا.
 
من هنا، يقول هؤلاء إنّ حادثة الكحالة جاءت لتضع الأمور "على المكشوف"، لكنّ أخطر ما في الأمر قد يكون ما تبعها من ردود فعل على المستوى السياسي، خصوصًا مع رفع بعض القوى لواء "المواجهة" من الباب العريض، بل ذهابها للحديث عن مرحلة جديدة من "النضال"، تبتعد عن العمل السياسي بالمعنى التقليدي، وهو ما يُخشى أن يأخذ البلاد إلى المزيد من "التوتر"، قد يعكس "انقسام عمودي" بين شارعين وساحتين، وما هو أكثر من ذلك.
 
"حوار أيلول"
لا يستبعد العارفون أن يكون ملفّ الرئاسة جزءًا من "التراكمات"، بالنظر إلى "الاستقطاب" الحاصل حوله، ولا سيما في ظلّ قناعة لدى فريق من اللبنانيين بأنّ ثمّة من يريد أن "يفرض" الرئيس "بالقوة"، بل إنّ هناك من يعتقد أنّ الحوار قد لا يكون أكثر من "وسيلة" لتحقيق هذه الغاية، وهو ما يطرح أساسًا أسئلة بالجملة عن مصير "حوار أيلول" المفترض بعد حادثة الكحالة، ولا سيما بعد التصعيد غير المسبوق في الخطاب، الذي لا يبدو ممهّدًا للجلوس على طاولة واحدة.
 
في هذا السياق، ثمّة رأيان "متناقضان" بحسب ما يقوله العارفون، أولهما أن يكون هذا الحوار قد مات قبل أن يبصر النور، علمًا أنّ قوى المعارضة لم تكن قد حسمت موقفها بعد منه، ولو أنّها كانت ميّالة للمشاركة، في حين أنّ الأمور قد تختلف الآن، باعتبار أنّ المواجهة التي أعلنتها مع "حزب الله" لا تتيح التحاور معه في المدى المنظور، خصوصًا أنّ في صفوفها من يعتقد أنّ هذا الحوار يأتي أصلاً "مفصّلاً على قياس" الحزب، ووفقًا لأجندته.
 
ورغم أنّ أسهم هذا الخيار تبدو عالية، يقول العارفون إنّ ثمّة رأيًا آخر يميل إلى التأكيد على موعد الحوار أكثر من أيّ وقت مضى، ولو أنّ ظروف مثل هذا الحوار أو شروطه قد تختلف اليوم، وينطلق هؤلاء من أن حادث الكحالة ليس معزولاً، طالما أنّه يترجم جوًا من التوتر الداخلي، الذي قد ينعكس مزيدًا من الأحداث الأمنية، التي ستجعل من الحوار "أمرًا محتّمًا"، ولا سيّما أنّ كل التجارب أثبتت أنّ الحوار لا يلتئم في العادة إلا "على الحماوة".
 
حتى إشعار آخر، يبدو أنّ "سباقًا" بين الخيارين قائم، وقد يبقى قائمًا حتى اللحظة الأخيرة، فالحوار لم يكن "مضمونًا" قبل حادث الكحالة، ولن يكون كذلك بعده. إلا أنّ الخشية، كلّ الخشية، تبقى برأي كثيرين، أن تتحوّل "الفتنة" التي كاد البلد يُجَرّ إليها، مطيّة لضرب أسُس هذا الحوار، أو بالحدّ الأدنى تأجيله، مع علم الجميع بأنّ التأجيل قد لا يعني سوى "استدعاء" المزيد من التوتر الأمني، وهنا الطامة الكبرى!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني: سيعتمد المؤتمر طابعاً عملياً حيث ستتضمن أعماله ورشات عمل تخصصية تعالج القضايا التي استخلصتها اللجنة من لقاءاتها مع مختلف شرائح المجتمع وسيشارك في كل ورشة خبراء ومتخصصون ومهتمون لضمان نقاشات معمقة وإيجاد حلول قابلة لل

2025-02-23Zeinaسابق اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني: رغم اختلاف وجهات النظر فإن التنوع يعد مؤشراً صحياً على قدرة السوريين على الحوار والتعايش وهو ما يعزز القناعة بأن التنوع المجتمعي هو مصدر قوة للسوريين خلافاً لما حاول النظام البائد ترسيخهالتالي اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني: هذا المؤتمر هو الخطوة الأولى في مسار وطني طويل يتطلب عملاً جماعياً مستمراً لبناء هوية وطنية سورية جديدة تحفظ السلم الأهلي وتحقق تطلعات الشعب السوري نحو مستقبل يليق بتضحياته انظر ايضاًاللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني: هذا المؤتمر هو الخطوة الأولى في مسار وطني طويل يتطلب عملاً جماعياً مستمراً لبناء هوية وطنية سورية جديدة تحفظ السلم الأهلي وتحقق تطلعات الشعب السوري نحو مستقبل يليق بتضحياته

آخر الأخبار 2025-02-23اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني خلال مؤتمر صحفي: في إطار التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر الحوار الوطني، تم عقد أكثر من 30 لقاء شملت جميع المحافظات لضمان تمثيل مختلف مكونات المجتمع السوري 2025-02-23طريق دمشق – حمص الدولي سالك بصعوبة بسبب الثلوج وتشكل الجليد 2025-02-23تأجيل الامتحانات الجامعية في فرع جامعة دمشق بالسويداء ‏ 2025-02-22وزارة النفط: استئناف استجرار النفط والغاز الطبيعي من شمال شرق سوريا جاء وفق عقد سابق تمت دراسته وتعديله 2025-02-2235 متطوعاً من الدفاع المدني السوري يصلون قطر في إطار برنامج تدريبي 2025-02-22التعليم العالي توجه بإجراء اختبار لغة استثنائي للقيد بدرجة الماجستير 2025-02-22ألعاب القوة المركزي والفرعي يبحثان مع اتحاد الكيك بوكسينغ والمواي تاي والقتال المختلط آليات تطوير اللعبة 2025-02-22حفل تخريج لـ 400 طبيب وطبيبة في الشمال السوري 2025-02-22“هاكاثون سوريا” يبدأ فعالياته في حمص 2025-02-22فريق طبي قطري يصل دمشق لإجراء عمليات قثطرة قلبية ‏

صور من سورية منوعات تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20 الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية إلى الفضاء 2024-12-05فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23حدث في مثل هذا اليوم 2024-12-077 كانون الأول-اليوم العالمي للطيران المدني 2024-12-066 كانون الأول 2004- اقتحام القنصلية الأمريكية في جدة بالمملكة العربية السعودية 2024-12-05 5 كانون الأول – اليوم الوطني في تايلاند 2024-12-033 كانون الأول 1621- عالم الفلك الإيطالي جاليليو جاليلي يخترع التلسكوب الخاص به 2024-12-022 كانون الأول- اليوم الوطني في الإمارات العربية المتحدة 2024-12-011 كانون الأول 1942 – إمبراطور اليابان هيروهيتو يوقع على قرار إعلان الحرب على الولايات المتحدة
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • بعد 5 أشهر من اغتياله.. لبنان يشيّع حسن نصر الله في جنازة حاشدة وسط تصعيد إسرائيلي
  • اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني: شارك في اللقاءات ما يقارب 4000 رجل وامرأة وأجرت اللجنة العديد من الحوارات بهدف الاستماع لمختلف الآراء والتوجهات حيث استمعت ودونت أكثر من 2200 مداخلة واستلمت مشاركات مكتوبة تزيد على 700 مشاركة
  • اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني: سيعتمد المؤتمر طابعاً عملياً حيث ستتضمن أعماله ورشات عمل تخصصية تعالج القضايا التي استخلصتها اللجنة من لقاءاتها مع مختلف شرائح المجتمع وسيشارك في كل ورشة خبراء ومتخصصون ومهتمون لضمان نقاشات معمقة وإيجاد حلول قابلة لل
  • اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني خلال مؤتمر صحفي: في إطار التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر الحوار الوطني، تم عقد أكثر من 30 لقاء شملت جميع المحافظات لضمان تمثيل مختلف مكونات المجتمع السوري
  • المليشيا الإرهابية تركب التونسية!
  • ترامب يطلب من ماسك أن يكون أكثر عدوانية .. ما السبب؟
  • «الاتحاد»: الحوار الوطني ساعد في تعزيز مشاركة الأحزاب السياسية على أرض الواقع
  • القوى السياسية والمدنية السودانية خلال اجتماع أديس أبابا: ندين الجرائم التي ارتكبتها ميلشيا الدعم السريع
  • مراسل سانا: وصول فريق طبي قطري إلى مطار دمشق الدولي مكون من اختصاصيين بجراحة القلب من مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ضمن “مشروع القوافل الطبية” الذي ينفذه الهلال الأحمر القطري في عدة دول حول العالم
  • التنسيقية تشارك في فعاليات "منتدى حوار الثقافات" بأبو ظبي