الوحدة نيوز:
2024-12-18@02:29:46 GMT

أدهم شرقاوي: وداعاً يحيى!

تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT

أدهم شرقاوي: وداعاً يحيى!

نَقَّبُوا عليه تُراب غزَّة، فقد كان المطلوب الأوَّل لهذا العالم العاهر!

كانتْ تُهمتُه أنَّه كان حُرًّا، وهذا الكوكب العبد لا يُربكه شيءٌ أكثر من أن يرى حُرًّا بيده بُندقيَّة!

طالما آمنَ أنَّ هذه الأرض غابة، وأنَّه لا شيءَ فيها بالمجان، وأنَّه لن يأتيَ أحدٌ إليكَ ليقولَ لكَ: هذا حقُّكَ فخُذْه!

تريدُ شيئاً، قُمْ وخُذه رغماً عن العالم كله، واركُلْ قانون الغاب بحذائك!

مهما صرختَ لن يسألكَ أحدٌ ما بكَ!

ومهما نزفتَ فلن يلتفتَ أحدٌ إلى جُرحكَ!

ومهما شجبتَ وأدنتَ فلن يستمعَ إليكَ أحد!

فقط في اللحظة التي يُصبح لديكَ صاروخ وبندقية ورصاص وقذائف الياسين، سيصبح صوتُكَ مسموعاً، ووجهُكَ سيُزيِّنُ الصَّفحات الأولى من الجرائد!

نقَّبُوا عليه تُراب غزَّة!

كانوا يبحثون عنه في الأنفاق، فقد أخبروا العالمَ كلَّه أنه يحتمي بالأسرى كي لا يُقتل!

ثمَّ جاءت الصُّورة الأخيرة لتهُزَّهم، وتهُزَّنا، وتهزُّ العالم كله معنا!

حين صوَّروه بأنَّه الطَّريدة اكتشفوا أخيراً أنه كان الصَّياد!

وحين اعتقدوا أنهم يبحثون عنه اكتشفوا أخيراً أنه هو الذي كان يبحثُ عنهم!

وجدوه في الصُّفوف الأولى واقفاً بين يدي الموت غير عابىءٍ به ولا بهم ولا بالعالم كلِّه!

وستبقى صورة موته مدهشةً تماماً كما هي صورة حياته!

بندقيته في يده، ومسدسه على خصره، وجعبته على صدره، مصحفه رفيقه، وسُبحته في جيبه، وورقة الأذكار زاده، ودمه شاهداً عليه!

قدَّمَ إلى الله عذره، شُقَّتْ جُمجمته، وفُدغَ رأسه، نزفتْ يده، وتهشَّمتْ رُكبته، لم ينحنِ، وظلَّ يُقاتل حتى آخر ثانية، وعندما سقطتْ بُندقيته رماهم بالخشب!

هزمهم في موته، تماماً كما هزمهم في حياته!

 

أخذَ يحيى الكتابَ بقُوَّةٍ فلم يترُكْ عُذراً لأحدٍ!

فإن لامه أحدٌ عن الدِّماء، فهذا هو دمه!

وإن لامه أحدٌ على الهدمِ، فها هو تحت الرَّدمِ!

وإن لامه أحدٌ على الجهاد، فها هو جهاده!

وإن لامه أحدٌ على كلِّ هؤلاء الشُّهداء، فها هي شهادته!

وإن لامه أحدٌ على العُمر، فها هو عمره أفناه مطارداً، وأسيراً، ومطلوباً، ومقاتلاً، ومحرِّضاً، وشهيداً!

وإن لامه أحدٌ على التَّعب، فها هو قد أمضى عمره منهكاً!

وإن لامه أحدٌ عن الذين لم يكن لهم قبورٌ، فها هو جثمانه بيد عدوِّه، زهدَ في كلِّ شيءٍ حتى في أن تكون له جنازة تليقُ به، وما عند الله خيرٌ وأبقى!

كفُّوا الملامة، فإنَّ من سوئها أن يُلامَ المرءُ لأنَّه كان رجلاً!

 

لا تَبْكُوه، فالرَّجُلُ لا يُبكى حين يلقَى أُمنيتَه، وإنّما يُبكى حين تفوتُه، وما كان لمثلِهِ أن لا يقعَ على ضالَّتِهِ وتقعَ عليه!

ثمَّ إنْ لم تكُنْ هذه أُمنيةُ كُلُّ واحدٍ مِنَّا فعلى أيِّ شيءٍ نسيرُ في هذه الطريقِ، وعلى أيِّ شيءٍ نرفعُ الأَكُفَّ ندعو: اللهُمَّ خُذْ من دمنا حتى ترضَى!

وعلى أيِّ شيءٍ نتعاهدُ صباحَ مساءَ أنّنا لن نتركَ السّاحَ ولن نُلقيَ السّلاح!

لم يُصبْنَا العدوُّ في مقتلٍ، فمقاتِلُنَا لم تكُنْ يوماً مخبوءةً، منذُ زمنٍ ونحن نُقدِّمُ قبلَ الجُندِ قادتَنا!

هذه الحركةُ ولّادة، وهذا الثّغرُ مُستخلفٌ، ولولا مُضيِّ صاحب بأسٍ قد سبقَ، ما عرفنا بأسَ الذين لَحِقُوا!

السَّلامُ عليكَ يا أبا إبراهيم!

السَّلامُ عليكَ يوم تُبعثُ حيًّا على ما متَّ عليه، بندقيتُكَ في يدكَ، وجعبتُكَ على صدركَ، وسُبحتُكَ في جيبكَ، وجروحكَ تثعبُ دماً كيوم أُصبتَ!

السَّلامُ عليكَ يوم تقفُ بين يدي ربِّكَ برأسكَ المشقوق، وإصبعك المقطوع، وعظمك المهشَّمِ، وتقولُ: أرضيتَ يا ربّ؟!

 

أمَّا أنتم يا أحبابه وإخوانه وقومه:

إنَّ النَّبأ عظيم، فلا ترثوه، كلُّ الكلمات الآن بلهاء، رثاؤه أن تموتوا على ما ماتَ عليه!

في الخالدين يا أبا إبراهيم، في الخالدين!

 

.

المصدر: الوحدة نيوز

كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا انصار الله في العراق ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي

إقرأ أيضاً:

أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال تعالى: “إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا”.

اللَّهـُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَاةً تُـحْيِي بِـهَا رُوْحِي وَتُوَفِّرَ بِهَا فُتُوْحِي وَتَرفَعَ بِهَا حُجُبِي وَتُنَوِّرَ بِهَا قَلْبِي وَتُؤكِّدَ بِهَا حُبِّي وَتُـحَقِّقَ بِهَا قُرْبِي وَتُزَكِّي بِهَا لُـبِّي وَتُفَرِّجَ بِهَا كَرْبِي وَتَكْشِفَ بِهَا غَمِّي وَتَغْفِرَ بِهَا ذنْبِي وَتَسْتُرَ بِهَا عَيْبِي وَتُأّهِّلني لِرُؤيَتِهِ وَمُشَاهَدَتِهِ وَتُسْعِدُنِي بِـمُكَالَـمَتِهِ وَمُشَافَهَتِهِ وَسلّم عَلَيه وعلى آلِهِ وَأصَحَابِهِ وَسَلِّمْ وَالْـحَمْدُ للَّـهِ رَبِّ الْعَالَـمِينَ.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

مقالات مشابهة

  • إبراهيم عيسى: "لحم كتاف نتنياهو من يحيى السنوار.. يتجول بسوريا نتيجة بركات الجولاني"
  • خالد بن يحيى مدربا جديدا لمولودية الجزائر خلفا لبوميل
  • المولودية تتفق مع مدربها السابق التونسي بن يحيى
  • غارديان: خذل العالم سوريا والآن عليه ترك أمر مستقبلها لشعبها
  • لحق بأحبابه..وداعا صاحب عبارة "روح الروح".. استشـهاد الشيخ خالد نبهان بـغـزة
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • وداعا القبطان.. نبيل الحلفاوي عشق نسر الأهلي وساند القضية الفلسطينية
  • وداعا وداعا.. مجدي أبو عميرة ينعى نبيل الحلفاوي
  • وداعاً القبطان نبيل الحلفاوي..بعد أيام من الصراع مع المرض
  • يحيى الفخراني يكشف تفاصيل مؤثرة عن نبيل الحلفاوي وأسرار الأيام الأخيرة لإسماعيل ياسين