جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-23@18:31:23 GMT

لماذا بعض الدول غنية وأخرى فقيرة؟!

تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT

لماذا بعض الدول غنية وأخرى فقيرة؟!

 

علي الرئيسي **

لماذا تُعد بعض الدول غنية وأخرى فقيرة؟ هذا السؤال المليء بفضول الطفولة، هو الأكثر أهمية في الاقتصاد، وهناك العديد من التفسيرات التي طرحت من البيولوجيا إلى الوضع الجغرافي والظروف المناخية حتى الجيولوجيا.

غير أن مستوى معيشة الشخص يتحدد في الغالب ليس من خلال الموهبة أو العمل الجاد، بل من خلال متى وأين وُلد.

تاريخيًا، كانت نماذج النمو الاقتصادي تركز على تراكم عوامل الإنتاج، مثل العمالة ورأس المال، ومؤخرًا، التكنولوجيا أو الأفكار. كلما كان رأس المال المتوفر لكل عامل أكبر، واستخدامه أكثر إنتاجية، كانت الدولة أغنى.

ومع ذلك، لا تزال هناك فجوة. لماذا نجحت بعض الدول في تراكم المزيد من هذه العوامل مقارنةً بأخرى؟ الحائزون على جائزة نوبل في الاقتصاد هذا العام، يعزون ذلك إلى جودة الحكومة والمؤسسات القائمة. وفي عام 2001، نشر الثلاثة: دارون إسيموغلو وسيمون جونسون (كلاهما من معهد ماساتشوستس للتكنولوجياMIT ) وجيمس روبنسون من جامعة شيكاغو، ما أصبح أحد أوراق البحث الأكثر اقتباسًا في الاقتصاد، بعنوان "الأصول الاستعمارية للتطور المُقارَن.. دراسة تجريبية". وفي هذه الورقة، طور الباحثون مُخطَّطًا للمؤسسات؛ مقسمين إياها إلى "شاملة" (تلك التي تشارك الازدهار)، و"استغلالية" (تلك التي استغل فيها مجموعة صغيرة بقية السكان). وتشجع المؤسسات الشاملة الاستثمار في رأس المال البشري والفيزيائي، في حين أن المؤسسات الاستغلالية تُعيقه.

لم تكن فكرة أن المؤسسات تشكل عنصرًا أساسيًا في النمو الاقتصادي جديدة. فقد كان هذا هو رأي دوغلاس نورث، الذي فاز بجائزة نوبل في عام 1993، إلى جانب المؤرخ الاقتصادي الروسي روبرت فوجل. وكانت المشكلة التي بحثها الحائزون على الجائزة هذا العام تتلخص فيما إذا كانت التنمية تُشجِّع الليبرالية، وليس العكس؛ فالمجتمعات الأكثر ثراءً قد تؤدي- على سبيل المثال- إلى إصلاحات ديمقراطية.

لكن كيف يمكننا أن نعرف أن السببية تنبع من وجود المؤسسات وتؤدي إلى الرخاء الاقتصادي وليس العكس؟ فضلًا عن ذلك، كيف يمكننا أن نتأكد من وجود سببية على الإطلاق؟ علاوة على أن البلدان الغنية تختلف عن البلدان الفقيرة في كثير من النواحي، وليس فقط في نوع المؤسسات التي تمتلكها، ومن الممكن أن تؤثر هذه الاختلافات بدورها على مؤسساتها، بجانب نموها الاقتصادي.

لقد استخدم الباحثون: أسيموجلو وجونسون وروبنسون "نهج المُتغيرات الآلية" لحل اللغز، وقد استغل هذا النهج الاختلافات في معدل الوفيات بين المُستوطنين لتحديد المُستعمَرات الأوروبية التي طوَّرت مؤسسات شاملة، وتلك التي طورت مؤسسات استخراجية. وفي المستعمرات التي كانت معدلات الوفيات فيها مرتفعة، بسبب الأمراض الاستوائية على سبيل المثال، استغلت القوى الاستعمارية العمالة المحلية. وقد يكون هذا في شكل نظام "الإنكوميندا" في أمريكا الجنوبية، الذي استعبد السكان المحليين، أو مزارع المطّاط في الكونغو البلجيكية (تحت الاستعمار البلجيكي من 1908 إلى 1960). وفي الوقت نفسه، اجتذبت معدلات الوفيات المنخفضة في الفروع الناطقة باللغة الإنجليزيةــ أمريكا وأستراليا وكندا- المستوطنين الأوروبيين من خلال منحهم فرصة المشاركة في الثروة التي أنتجوها من خلال الملكية الخاصة والأسواق الحرة.

وعلى هذا النحو، كان هناك "انعكاس في الحظوظ" بين المستعمرات؛ فالأثرياء في عام 1500، وفقًا لقياس التحضُّر، أصبحوا الأفقر في العصر الحديث. وافترض الباحثون الثلاثة كذلك أن هذا يرجع إلى أن الثروة الأكبر للمستعمرات الغنية ذات يوم شجّعت على تطوير أساليب الاستخراج، في حين وفّرت أعداد السكان الأعلى قوة عاملة يُمكن إكراهها على العمل في المناجم والمزارع.

لقد افترض الباحثان أسيموجلو وروبنسون أن الدول قد تتعثر في ظل مؤسسات فقيرة. ففي مجتمع شديد التفاوت قد يهدد الفقراء بالثورة، وأن أيَ التزام من جانب النخب بإعادة توزيع الثروة استجابة لذلك لم تكن لها أي مصداقية؛ فقد كان بوسعها دومًا أن تغير رأيها عندما يختفي التهديد. ونتيجة لهذا، كانت الدول غير المتساوية عُرضة لعدم الاستقرار. وكانت الضوابط والتوازنات تمثل استجابة لمشكلة الالتزام هذه؛ فإذا تم تقييد النخب، فإن وعودها بإعادة التوزيع سوف تؤخذ على محمل الجد، وسوف يتم إحباط أي تهديد ثوري. وهذا هو السبب، كما اقترح المؤلفان، وراء قيام الدول الأوروبية بتوسيع حق الانتخاب الديمقراطي في أوائل القرن التاسع عشر.

ولقد شكك المؤرخون في التقسيم الدقيق للمؤسسات الاستخراجية والمؤسسات الشاملة. فقد تطورت كوريا الجنوبية في ظل دكتاتورية عسكرية. وسمحت الثورة المجيدة في إنجلترا عام 1688، والتي حددها أكيموغلو وروبنسون باعتبارها النقطة التي بدأ عندها صعود البلاد، للبرلمان بطرد الفلاحين فضلًا عن تقييد الملك. أما تطور أميركا فقد جمع بين الحقوق الفردية والديمقراطية للرجال البيض والعبودية والحرمان من حق التصويت لأقرانهم السود.

كما شكّك الكثير من الاقتصاديين في مدى تطابق هذه الاستنتاجات مع التطور الذي حصل في البلدان الأكثر نموا مؤخرا، وهما: الصين والهند؛ حيث إن الصين في الثلاثة عقود الماضية كانت الأكثر نموًا مع غياب تام للمؤسسات ذات البعد الشمولي أو الليبرالي حسب تعريفهم. كما إن الهند اخذت تنمو بوتيرة اسرع في ظل حكومة مودي المتشددة، ان ذلك ينطبق أيضا على كل من سنغافورة وفيتنام إلى حد ما. الفائزون بالجائزة تجاهلوا الهيمنة الامبريالية وبالذات دور الشركات المتعددة الجنسيات ومؤسسات التمويل العالمية في عملية إعاقة نمو مستدام للدول النامية.

وعلى الرغم من كل المناقشات الدائرة حول الأساليب، فقد أثبتت أبحاث الفائزين بالجائزة- بلا شك- أهمية الخصوصية التاريخية، وإبعاد اقتصاديات التنمية عن نماذج النمو المجردة. وكان عملهم بمثابة انفصال عن النظريات التي تفترض مسارًا حتميًا نحو التحديث استنادًا إلى التجارب غير العادية التي شهدتها أوروبا الغربية.

ورغم أن الباحثين أسيموجلو وجونسون وروبنسون ربما لم يتمكنوا من تقديم وصف كامل للأسباب التي تجعل بعض البلدان غنية وأخرى فقيرة، فإنَّ الأجيال الجديدة من خبراء الاقتصاد أصبح لديهم أساس متين يُمكنهم البناء عليه.

** خبير اقتصادي

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كل ما تريد معرفته عن قمة البريكس 2024.. تعزيز التعاون الاقتصادي والمالي أبرز الملفات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تنطلق بمدينة قازان الروسية، اليوم الثلاثاء، فعاليات قمة تجمع البريكس التى تعقد خلال الفترة من 22 حتى 24 أكتوبر 2024 بمشاركة 32 دولة فى القمة من بينها 24 دولة ستكون ممثلة على مستوى القادة.

ومن المقرر مشاركة رؤساء مصر، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا، وعدد من قادة وزعماء الدول التى انضمت مؤخراً للتجمع حيث أكدت 38 دولة مشاركتها في القمة منها 24 دولة سيمثلها رؤساؤه أما 8 دول فسيمثلها مسؤولون رفيعو المستوى.

ووفقا لمساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف فإن 24 زعيما ووزير خارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان سيشاركون في القمة، وشملت قائمة المشاركون الرئيس عبد الفتاح السيسي - الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان - رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد - الرئيس الصيني شي جين بينغ - رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي - رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا - الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان - رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان -الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو - الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف -رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف - رئيس قرغيزستان صدر جباروف - رئيس أوزبكستان شوكت ميرضيايف - رئيس طاجيكستان إمام علي رحمون - رئيس تركمانستان سردار بيردي محمدوف - الرئيس التركي رجب طيب أردوغان - رئيس منغوليا أوخناغين هورالسوخ - رئيس بوليفيا لويس آرسي - الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل - الرئيس الفلسطيني محمود عباس -  رئيس لاوس ثونجلون سيسوليث - رئيس جمهورية الكونغو دينيس ساسو نغيسو - رئيس جمهورية صرب البوسنة والهرسك ميلوراد دوديك - الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش -رئيسة بنك التنمية الجديد التابع لمجموعة بريكس ديلما روسيف فضلا عن والأمناء العامون لمنظمة شنغهاي للتعاون ورابطة الدول المستقلة والاتحاد الاقتصادي الأوراسي.

وتضم مجموعة "بريكس" البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، إلى جانب الدول التي انضمت حديثا للمجموعة وتشمل مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية وإيران وإثيوبيا.

ونرصد أبرز المعلومات عن القمة:

- عقد مندوبو قادة دول "بريكس"  اجتماعات تحضيرية في روسيا للإعداد لقمة قادة المجموعة المزمعة أيام 22 إلى 24 أكتوبر الجاري في مدينة كازان الروسية.

- رأس وفد مصر في الاجتماعات التحضيرية السفير راجي الإتربي مساعد وزير الخارجية للعلاقات الاقتصادية الدولية والممثل الشخصي للرئيس السيسي لدى "بريكس" ومجموعة “العشرين”.

- القمة المرتقبة تعد تاريخية حيث أنها الأولى التي تشارك فيها مصر عضوا كاملا بعد انضمامها رسميا بداية العام الجاري ضمن عدد محدود من الاقتصادات الصاعدة.

- تنعقد القمة وسط تحديات اقتصادية وسياسية دولية هائلة على خلفية الصراعات الجيوسياسية المتصاعدة وخاصة العدوان الإسرائيلى على الأراضي الفلسطينية واللبنانية.

- استمرار معاناة الدول النامية من تداعيات الأزمات الاقتصادية المتعاقبة خلال الأعوام القليلة الماضية والتي أثرت بشكل غير مسبوق في المسيرة التنموية لتلك الدول وقدراتها على توفير التمويل اللازم لمشروعاتها.

- تزايد أعباء الديون وتكلفة التمويل في ضوء ارتفاع معدلات التضخم العالمية وأعباء النفاذ للعملات الصعبة.

- ممثلي قادة المجموعة سيبحثون جدول أعمال قمة قازان والنتائج المأمولة منها بما في ذلك دفع التعاون الاقتصادي والمالي والنقدي بين الدول الأعضاء وبما يحفز حركة التجارة والاستثمار بينها.

- بحث تعزيز التعاون في قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات والخطوات المتخذة لتعظيم الاستفادة من بنك التنمية الجديد الذي أنشأته دول البريكس وكذلك تنسيق الرؤى والمواقف بين دول التجمع أمام المحافل الدولية في القضايا والموضوعات الحيوية ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك إصلاح الحوكمة الدولية والنظام المالي والنقدي والتجاري متعدد الأطراف.

- هناك توجيهات رئاسية مصرية واضحة منذ بداية انضمام مصر للبريكس بضرورة أن تكون المشاركة المصرية في مختلف فعاليات التجمع نشطة وفاعلة وأن يكون التركيز منصبا على تعزيز التعاون المشترك بين مصر والدول الأعضاء في مختلف الآليات ذات الأولوية لمصر بما يعظم المصالح الاقتصادية الوطنية خاصة ما يتعلق بتشجيع تسوية المدفوعات المالية بالعملات الوطنية تخفيفا من وطأة ارتفاع تكلفة استخدامات العملات الصعبة وكذلك الدفع بالقضايا ذات الأولوية لمصر وإفريقيا في نقاشات البريكس وخاصة تعزيز أمن الغذاء والطاقة، وتطوير الحوكمة الدولية للديون، وضمان توافر التمويل الدولي اللازم للتنمية.
- توجه الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم إلى روسيا الاتحادية، للمشاركة في قمة تجمع دول "بريكس"، المنعقدة بمدينة "قازان"، وهي القمة التي تشهد - للمرة الأولى - مشاركة مصر كعضو في التجمع، منذ انضمامها رسمياً له مطلع العام الجاري.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس سوف يستعرض خلال أعمال القمة رؤية مصر ومواقفها إزاء عدد من الموضوعات والقضايا المهمة دولياً وإقليمياً، وخاصة سبل تعزيز التعاون بين دول التجمع بما يضمن تطوير العمل متعدد الأطراف والإسهام في التصدي للتحديات المركبة التي يشهدها العالم سياسياً واقتصادياً، وكذا إصلاح الهيكل المالي العالمي لتحقيق التوازن المأمول، لاسيما ما يتعلق بتعزيز صوت ومصالح الدول النامية في مختلف المحافل الدولية والإقليمية، في ضوء تنامي التأثيرات السلبية للصراعات والأزمات الدولية على مسيرة التنمية بالدول النامية، وسوف تتطرق كذلك مداخلات الرئيس إلى قضايا تغير المناخ، وسبل دعم التعاون الاقتصادي والتنموي المشترك بين دول التجمع.

وأضاف المتحدث الرسمي، أن الرئيس سوف يوضح موقف مصر الثابت بشأن التطورات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط، وجهود مصر الدؤوبة والمكثفة للتهدئة ومنع توسع دائرة الصراع وتحوله إلى حرب إقليمية، بما يشكله ذلك من خطورة بالغة على مقدرات شعوب المنطقة، وعلى السلم والأمن الإقليميين والدوليين.

كما يشارك الرئيس في قمة "بريكس بلس"، التي تضم بالإضافة إلى الدول الأعضاء في بريكس، الدول والمنظمات الدولية المؤثرة والصديقة للتجمع، حيث يؤكد الرئيس أهمية اجتماعات "بريكس بلس" في تعزيز التعاون "جنوب - جنوب".

وأضاف المتحدث الرسمي أنه من المقرر كذلك أن يلتقي الرئيس مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعدد من الرؤساء والزعماء المشاركين بالقمة، لبحث العلاقات الثنائية بين مصر وهذه الدول، والأوضاع الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

مقالات مشابهة

  • رئيسة بنك "بريكس": الاعتماد على المؤسسات المالية الأمريكية يفقد الدول التحكم باقتصاداتها
  • المشاط: ضرورة توحيد جهود المؤسسات الدولية لخلق نظام مالي عالمي أكثر عدالة
  • لماذا تعتبر "البيتزا رقم 40" على قائمة أحد المطاعم في ألمانيا الأكثر مبيعا؟ لأنها تقدم مع الكوكايين
  • «الأهرام»: مشاركة الرئيس السيسي بقمة «البريكس» علامة فارقة في عمل التجمع الاقتصادي
  • «المصريين»: مشاركة الرئيس السيسي في قمة بريكس تعزز فرص التعاون الاقتصادي مع الدول الأعضاء
  • لماذا تستقبل بريطانيا جنودا أفغانا؟ وما المعلومات التي تحصلت عليها؟
  • تعزيز التعاون الاقتصادي وأزمات غزة ولبنان تتصدر قمة السيسي وبوتين اليوم
  • شعبة المصدرين: التوسع بمشاركة القطاع الخاص مع الحكومة أهم محركات النمو الاقتصادي
  • كل ما تريد معرفته عن قمة البريكس 2024.. تعزيز التعاون الاقتصادي والمالي أبرز الملفات