لأول مرة، تمكن العلماء من جامعة كينداي اليابانية من إنشاء نواة خلوية اصطناعية داخل بويضة فأر حية من خلال حقن الحمض النووي النقي، بدلا من الحيوانات المنوية.

النواة هي عضو خلوي أساسي يشرف على معظم العمليات الحيوية في الخلية، مثل تضاعف الحمض النووي ونسخ الجينات. ومع ذلك، لا يزال العلماء يحاولون فهم كيفية تشكل النواة وكيفية اكتسابها وظائفها المتعددة.

وقد هدفت الدراسة إلى استكشاف الآليات الدقيقة لتكوين النواة وفهم الشروط اللازمة لذلك.

وبحسب الدراسة التي نشرها الفريق في دورية "جينز تو سيلز" مؤخرا، فإن هذه التجربة لم تقتصر على إعادة إنتاج البنية المادية للنواة فحسب، بل أظهرت أيضا قدرة النواة الاصطناعية على أداء وظائفها الحيوية، مما يعد تقدما علميا مثيرا.

العلماء من جامعة كينداي اليابانية تمكنوا من إنشاء نواة خلوية اصطناعية داخل بويضة فأر حية (أسوشيتد برس) كيف خدع العلماء الخلية؟

أوضح كازو ياماجاتا، الباحث في علم أحياء النمو والتطور البشري، في مختبر إعادة برمجة الجينوم بكلية العلوم والتكنولوجيا البيولوجية بجامعة كينداي اليابانية، وقائد الدراسة، في تصريحات للجزيرة نت "على الرغم من وجود دراسات حول تخليق البكتيريا والخميرة الاصطناعية، فإننا نعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تخليق نواة خلية اصطناعية داخل بويضة ثديية حية". ويعتبر هذا الإنجاز تقدما ملحوظا في علم الأحياء، لأنه يمثل فهما جديدا للآليات الأساسية لتكوين النواة.

في التجربة، حقن الباحثون الحمض النووي النقي في بويضات فأر حي بهدف استكشاف ما إذا كانت هذه المادة الوراثية ستتمكن من تشكيل نواة تعمل بشكل مشابه للنواة الطبيعية، وكانت النتائج مشجعة للغاية. فقد تشكلت نواة اصطناعية محاطة بغشاء نووي يحتوي على مجمعات المسام النووية، وهي ما سيمكّن النواة من القيام بعمليات النقل الحيوي الضرورية.

ويوضح ياماجاتا "أظهرت الدراسات السابقة باستخدام مستخلصات بيض الضفدع أن مجموعة واسعة من البروتينات والجزيئات تشارك في تكوين نواة الخلية الأولى بعد الإخصاب. وهذه العوامل تعمل بالكمية المناسبة وفي الوقت المناسب لتكوين نواة كاملة".

ومن خلال هذه الدراسة، تم التوصل إلى أن عوامل فيزيائية وكيميائية مثل طول الحمض النووي وتركيزه والتوقيت المناسب للحقن تلعب دورا حاسما في نجاح تكوين النواة.

وكان أحد الاكتشافات الرئيسية في هذه الدراسة هو كيفية تجميع بروتينات "الهستونات" على الحمض النووي المحقون لتشكيل "النوكليوسوم"، وهو وحدة هيكلية للكروموسوم، تتكون من الحمض النووي ملتفا حول نواة من الهستونات.

وتتحد النوكليوسومات فوق بعضها بعضا مكونة الكروماتين، والذي يلعب دورا كبيرا في تنظيم العمليات الخلوية. وهذه العملية معروفة بأهميتها في بناء نواة الخلية في الظروف الطبيعية، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التوصل إلى إمكانية وجودها داخل خلية ثديية تم حقنها بحمض نووي نقي.

طائر الدودو الذي انقرض في القرن الـ17 (رويترز) للتوقيت الحاسم أهمية كبيرة

تلعب دورة الخلية دورا بالغ الأهمية في نجاح هذه العملية. إذ يعتقد ياماجاتا أن توقيت حقن الحمض النووي له تأثير كبير على تكوين النواة، فيقول في تصريحه للجزيرة نت "يندمج الحيوان المنوي عادة مع بويضة غير مخصبة لتكوين بويضة مخصبة، والتي تشكل بعد ذلك نواة. وعند هذه النقطة، يتم إيقاف البويضة في الطور الاستوائي من الانقسام الاختزالي الثاني".

وأوضح ياماجاتا أن تكوين النواة الاصطناعية تحقق عندما تم حقن الحمض النووي في الطور الانقسامي أو الطور النهائي للبويضة، وهو توقيت يشبه الإخصاب الطبيعي.

في المقابل، عندما تم حقن الحمض النووي في مراحل أخرى من دورة الخلية، مثل الطور البيني، لم تتكون النواة. وهذه الملاحظات تعزز الفهم الحالي لتوقيت العمليات الحيوية الحرجة وتؤكد أهمية التزامن في تجارب من هذا النوع.

هل اقتربنا من استنساخ الحيوانات المنقرضة؟

على الرغم من النجاح الكبير الذي حققته هذه الدراسة، فإن الفريق البحثي لا يتوقع تطبيقات فورية في مجالات مثل الطب أو التكنولوجيا الحيوية. ولكن تظل هذه الدراسة خطوة نحو تحقيق تطورات في مجالات مثيرة مثل إعادة إحياء الحيوانات المنقرضة أو حتى إنشاء حياة اصطناعية.

ويتطلب تحقيق مثل هذه الأهداف مزيدا من التقدم في الهندسة الوراثية وإعادة برمجة الحمض النووي. ويضيف ياماجاتا "حتى لو تمكنا من خلق نوى خلايا اصطناعية باستخدام جينومات اصطناعية، فإن المزيد من التقدم في الهندسة الإنجابية سيكون ضروريا لإنتاج ذرية قابلة للحياة".

وأشار ياماجاتا إلى أن هذه الأهداف بعيدة المنال في الوقت الحالي، ولكن مع التقدم المستمر في الأبحاث، يمكن أن تصبح تلك الإمكانيات أكثر واقعية في المستقبل.

ولا تواجه هذه الدراسة تحديات أخلاقية كبيرة، لأنها تركز على العمليات الخلوية الأساسية. ومع ذلك، عند الحديث عن احتمالية تخليق حياة اصطناعية أو إعادة إحياء الكائنات المنقرضة، فإن المراجعات الأخلاقية ستكون ضرورة ملحة.

ويعبر ياماجاتا عن هذا الجانب قائلا "في الوقت الحالي، لا نقيد أبحاثنا بناء على المخاوف الأخلاقية، ولكننا نعتقد أن الاعتبارات الأخلاقية ستصبح ضرورية مع تزايد إمكانية تحقيق هذه الأهداف".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات هذه الدراسة

إقرأ أيضاً:

كيف وصلت الحياة إلى كوكب الأرض؟.. علماء يكشفون نتائج مثيرة

كشفت وكالة "ناسا" عن نتائج مذهلة من مهمة المركبة الفضائية OSIRIS-REx، حيث تم العثور على مركبات كيميائية أساسية للحياة في عينات جلبتها المركبة الفضائية من كويكب بينو.

تحتوي هذه العينات، حسب مجلة "نيتشر"، على مزيج من المعادن المركبة والمركبات العضوية التي تشكل الأساس الحيوي للحياة، بما في ذلك الأحماض الأمينية، القواعد النووية، والعديد من المركبات الأخرى التي تساهم في بناء البروتينات والحمض النووي.

ويُعتبر هذا الاكتشاف دعما لنظرية قديمة تشير إلى أن الكويكبات قد تكون قد نقلت المكونات اللازمة للحياة إلى الأرض عبر اصطدامات قديمة، وهو ما قد يفسر كيفية بداية الحياة على كوكبنا.


أظهرت نتائج التحليل أن عينات الكويكب تحتوي على 14 من الأحماض الأمينية الأساسية اللازمة لتكوين البروتينات، بالإضافة إلى جميع القواعد النووية التي تُشكّل الحمض النووي على الأرض.

ولكن، ما أثار اهتمام العلماء هو اكتشاف أن الأحماض الأمينية في عينات بينو تحتوي على مزيج متساوٍ من الهياكل اليسارية واليمنية، وهو أمر غير معتاد مقارنةً بالأحماض الأمينية في الكائنات الحية على الأرض، والتي تكون غالبًا متمركزة في البنية “اليسارية”.

يطرح هذا الاكتشاف تساؤلات حول ما إذا كانت الكويكبات قد أمدت الأرض بهذه المكونات بطريقة غير تقليدية.

من ناحية أخرى، كشف الباحثون عن وجود أملاح قديمة في عينات بينو، تم تكوينها عندما تبخرت البرك المائية على سطح الكويكب منذ مليارات السنين. تُعتبر هذه الأملاح دليلا إضافيا على أن البيئة على بينو كانت قد توفر الظروف المناسبة لتكوين المواد العضوية المعقدة التي قد تكون قد أدت في النهاية إلى نشوء الحياة.

وتم الحصول على هذه العينات بواسطة المركبة الفضائية OSIRIS-REx التابعة لوكالة ناسا، والتي أُطلقت في عام 2016 وهبطت على كويكب بينو في 2020، ثم أعادت العينات إلى الأرض في عام 2023.


تعد هذه المهمة التي تكلفت 1.2 مليار دولار، الأوسع نطاقا في تاريخ استكشاف الكويكبات، حيث أعادت حوالي 120 جراما من مادة بينو، وهي أكبر كمية من المواد الكويكبية تم جمعها على الإطلاق.

تأتي هذه النتائج في وقت يتزايد فيه الاهتمام بدراسة الكويكبات وعلاقتها بأصل الحياة على الأرض، حيث تُظهر العينات أن بينو يحتوي على كميات أكبر من الكربون والنيتروجين والأمونيا مقارنة بمعظم النيازك الأخرى. ويعتقد العلماء أن استكشاف هذه العوالم المائية قد يساعد في تحديد قابلية هذه الكويكبات والفضاء ككل لاستضافة الحياة.

ورغم أن العلماء لم يجدوا دلائل على وجود حياة على الكويكب بينو، إلا أن الاكتشافات الحديثة تعزز الفكرة القائلة بأن الكويكبات قد تكون لعبت دورا في نقل المكونات الحيوية اللازمة لنشوء الحياة على كوكب الأرض.

مقالات مشابهة

  • حل لغز جريمة قتل بعد 50 عاما من وقوعها
  • كيف وصلت الحياة إلى كوكب الأرض؟.. علماء يكشفون نتائج مثيرة
  • نهاية لغز دام 50 عاماً.. كشف هوية قاتل مراهقة بعد الاعتداء عليها جنسياً
  • تحذير: كويكب عملاق قاتل قد يضرب الأرض في 2032
  • روسيا.. علماء يكتشفون في نبتة برية مركبا يدمر الخلايا السرطانية
  • حفاظاً على الحيوانات والطيور.. حملة على الصيدليات والعيادات البيطرية بعجمان
  • "ساعة نهاية العالم" تقترب ثانية واحدة من "منتصف الليل النووي"
  • قطعة من القمر تنفصل وتدور حول الأرض.. حقيقة مذهلة يكتشفها علماء الفلك
  • ابتكار أسترالي.. يغير قواعد اللعبة في علم الفلك
  • علماء يوضحون سبب ظهور بقع حمراء على الجسم