استعرض المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي الذي عقده الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عقب اجتماع الحكومة، اليوم؛ محاور عمل الوزارة خلال المرحلة الحالية ومؤشرات الأداء الأولية خلال الربع الأول من العام المالي 2024-2025، ومستهدفات العام الجديد 2025، وعلى رأسها ضرورة التركيز على أنشطة الإنتاج والتعجيل بها بأقصى سرعة.



بدأ المؤتمر بشرح للمهندس كريم بدوي، لأهداف وزارة البترول والثروة المعدنية في المرحلة الحالية، والتي تتلخص في ستة محاور.

وأشار وزير البترول والثروة المعدنية إلى أن المحور الأول يُسلط الضوء على تلبية احتياجات المواطن من المواد البترولية من خلال التركيز على أنشطة الإنتاج والاستكشاف مع التأكيد أن هذا الهدف يأتي على رأس أولويات وزارة البترول والثروة المعدنية.

وأوضح الوزير أن المحور الثاني يُركز على تعظيم الاستفادة من الثروات البترولية عبر معامل التكرير والبتروكيماويات لخلق قيمة مضافة، أمّا المحور الثالث، فيستهدف تحقيق انطلاقة لقطاع التعدين وتعظيم قيمته المضافة، فيما يُركز المحور الرابع على العمل كفريق واحد مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة؛ لتوفير مزيج الطاقة لدفع نمو الاقتصاد المصري والاستفادة من موقع مصر لإنتاج الهيدروجين وتجارة الطاقة، ويُسلط المحور الخامس الضوء على ضرورة خلق بيئة استثمار جاذبة، مع الحفاظ على السلامة وكفاءة استهلاك الطاقة وخفض الانبعاثات، بينما يهدف المحور السادس إلى تعزيز التعاون الإقليمي لجذب الاستثمارات في مصر والمنطقة.

وانتقل وزير البترول للحديث عن التحديات التي واجهت قطاع البترول والغاز خلال الفترة الأخيرة، على إثر تباطؤ عجلة الإنتاج والاستكشاف بسبب زيادة مستحقات الشركاء لعدة عوامل منها: وجود فجوة بين سعر البيع والتكلفة، وارتفاع مستويات استهلاك الطاقة مع تزايد سعر الطاقة عالميا، وارتفاع سعر الصرف.

وأوضح بدوي، أن كل تلك العوامل أدت إلى تناقص الإنتاج وتوقف أنشطة الحفر الجديدة، وتزايد الفاتورة الاستيرادية والضغط على العملة الصعبة، وبالتالي تراكم المزيد من مستحقات الشركاء وزيادة الفجوة مرة أخرى بين سعر البيع والتكلفة. 
وتحدّث الوزير، خلال المؤتمر الصحفي، عن الإجراءات المُتخذة لمواجهة هذه التحديات، والتي تمثلت في تسديد دفعات دورية لمستحقات الشركاء لتوفير تدفقات نقدية مستقرة تؤدي لاستئناف أنشطة تنمية الإنتاج والبحث والاستكشاف، وطرح حزم تحفيز استثمارية مقرونة بتسعير أكثر مرونة للمنتجات مع العمل على جذب مستثمرين جدد؛ وهو ما نتج عنه تقليل الفجوة الاستيرادية وتخفيض تكاليف توفير المنتجات وصولًا إلى خفض الفجوة بين السعر والتكلفة، حتى يتسنى إنهاء مشكلة تراكم المستحقات ورجوع دوران عجلة الاستكشاف والإنتاج دون معوقات.

وقال وزير البترول والثروة المعدنية: لتحقيق أهداف الوزارة والتعامل بنجاح مع التحديات الراهنة وتنفيذ الإجراءات المُعلن عنها، كان من الضروري اتباع نهج العمل التكاملي لتحقيق المستهدفات المُحددة، وذلك بالعمل مع مؤسسات الدولة المختلفة، والتنسيق داخل مجلس الوزراء لتأمين شراء الوقود اللازم، وسداد مستحقات الشركاء الأجانب، والعمل كفريق واحد مع البنك المركزي ووزارتي الكهرباء والمالية، فضلًا عن التعاون مع مجلسي النواب والشيوخ، ولجان الطاقة والبيئة والصناعة لدعم عجلة الاستثمار عن طريق الاتفاقيات البترولية وإصدار القوانين الخاصة بها ومناقشة وإصدار أية تعديلات تشريعية ضرورية لتحفيز الاستثمار في قطاعي البترول والثروة المعدنية.

وأكد الوزير أهمية استمرار العمل الوثيق مع الشركاء الأجانب، مشيرًا إلى أن عدد الشركات العاملة في مجال البحث والاستكشاف والإنتاج بلغ (٥٧) شركة، من بينها (٨) شركات من كبريات الشركات العالمية و(٦) شركات مصرية متخصصة، وأكثر من (١٢) شركة عالمية متخصصة في مجال الخدمات البترولية والتكنولوجية، موضحًا في هذا الصدد أيضًا أنه تم إطلاق حزمة الحوافز خلال الاجتماع مع الشركاء لتعزيز أنشطة الإنتاج في ٢٦ أغسطس ٢٠٢٤. 
وختامًا لنهج العمل التكاملي لتحقيق مستهدفات الوزارة، استعرض وزير البترول والثروة المعدنية ما تم من جهود بدعوة أكثر من (٢٠) مستثمرا مصريا في ٣٠ سبتمبر الماضي للدخول بشكل مباشر للاستثمار في مجال تنمية الحقول المُتقادمة لزيادة الإنتاج منها، وقد أبدى عدد منها الاهتمام بهذه الفرص، مشيرًا إلى أنه جار اتخاذ الخطوات اللازمة لذلك، موضحًا أن من بين هذه الخطوات توقيع 5 مذكرات تفاهم مع كبريات الشركات الوطنية، مع التأكيد على اجتذاب أطراف جديدة من القطاع الخاص المصري للاستثمار في قطاع البترول والثروة المعدنية.

وخلال العرض الذي قدّمه خلال المؤتمر الصحفي الأسبوعي لرئيس الوزراء، استعرض وزير البترول والثروة المعدنية أهم المؤشرات الإيجابية المتحققة خلال العام 2024 وبالأخص في الربع الأول من العام المالي 2024-2025.

وقال الوزير: فيما يخص الإنتاج، فقد بلغ الإنتاج الحالي 1.4 مليون برميل زيت مُكافئ يومي، وتسعى الوزارة جاهدة لزيادة معدلات الإنتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي وخفض التكلفة الاستيرادية، مشيرًا إلى أنه تم إضافة إنتاج جديد خلال الربع الأول (يوليو – سبتمبر) بلغ حوالي 30 ألف برميل زيت يوم و133 مليون قدم مكعب يوم.

وأشار وزير البترول والثروة المعدنية إلى أهم أنشطة الشركات العاملة في مجال تنمية الإنتاج، ومن بينها شركة "إيني" التي ستستأنف أعمال الحفر بحقل ظهر، مع وصول الحفار إلى الحقل خلال شهر ديسمبر (٢٠٢٤)، لحفر بئرين بهدف الرجوع بخطة الإنتاج لما قبل توقف أعمال الحفر عبر إدخال إنتاج جديد يصل إلى 220 مليون قدم مكعب يومي، وكذلك دخول الحفارات الى منطقة الامتياز البرية لشركة "عجيبة" للبدء بأعمال الحفر، مع دخول 3 حفارات لحفر آبار جديدة وحفارين لإصلاح الآبار.

وأضاف المهندس كريم بدوي: أما شركة "بي بي" فتم وضع خطة للإسراع بوضع المرحلة الثانية من مشروع (ريفين) على الإنتاج في يناير (٢٠٢٥) عن طريق ضخ استثمارات إضافية، مع البدء في حفر حقل الكينج في بداية عام (٢٠٢٥)، وفيما يخص شركة "أباتشي"، تم إسناد ٤ مناطق استكشافية بالصحراء الغربية للشركة بغرض سرعة وضعها على خريطة الإنتاج، وتم الاتفاق حول حزمة الحوافز المطروحة وتسعير الغاز المُنتج، ليبدأ الإنتاج في التزايد تدريجياً ليصل إلى (٨٠) مليون قدم٣ في اليوم بنهاية العام (٢٠٢٥).

كما أشار وزير البترول والثروة المعدنية إلى نجاح شركة شل في بدء الإنتاج من بئر (سيبيا) في ٣ أكتوبر ٢٠٢٤ بمعدلات ٣٠–٤٠ مليون قدم٣ يوم، ومن المنتظر دخول بئرين أخريين بنهاية العام الجاري ضمن المرحلة العاشرة من منطقة غرب الدلتا العميق ليصل الإجمالي إلى (١٦٠) مليون قدم٣ / يوم باستثمارات ٢٢٧ مليون دولار.

وأوضح الوزير، في إشارة للشركات المصرية العاملة في مجال الإنتاج، أن شركة (IPR) نجحت في إضافة كميات جديدة من الإنتاج مستهدفة الوصول إلى (١٥٠٠٠) برميل زيت يومي على الإنتاج بحلول نهاية العام الجاري، كما نجحت شركة (ADES) في إضافة كميات جديدة من الإنتاج مستهدفة الوصول إلى (٥٠٠٠) برميل زيت يومي على الإنتاج بنهاية العام الجاري.

وفيما يخص الاستكشاف، استعرض وزير البترول والثروة المعدنية بعض أنشطة الشركات العاملة في مجال الاستكشاف، خاصة بعد طرح حزمة المحفزات الجديدة، مشيرًا في البداية إلى نتائج أعمال العام 2024 من يناير إلى أكتوبر، حيث تم حفر 77 بئرًا استكشافيًا، نجحت في إضافة 54 كشفًا مُحققًا، 40 منها كشف زيت و14 كشف غاز، كما تمت إضافة احتياطيات بمقدار 71 مليون برميل زيت و680 مليار قدم مكعب غاز.

وفيما يخص الأنشطة الجارية، استعرض المهندس كريم بدوي بدء شركتي "شيفرون" و"إكسون موبيل" بحفر آبار استكشافية بغرب المتوسط للمرة الأولى خلال شهري نوفمبر وديسمبر 2024، مع استكمال المسح السيزمي الإقليمي بتاريخ ٢٨سبتمبر 2024، لمساحة تبلغ ٢١٨٥ كم٢ غرب المتوسط، وكذلك الاستعداد لإجراء المرحلة الثالثة للمسح السيزمي الإقليمي لمناطق خليج السويس والبحر الأحمر.

وقال الوزير: تم إسناد 17 منطقة استكشافية جديدة، وهي: ٨ حقول متقادمة في خليج السويس والصحراء الشرقية، ٤ مناطق استكشافية (الصحراء الغربية)، ٥ مناطق استكشافية (خليج السويس – الصحراء الغربية) ضمن مزايدة الهيئة العامة للبترول. 
وأضاف: فيما يخص المؤشرات الإيجابية في مجال الاتفاقيات والفرص الاستثمارية، فقد بلغ عدد الاتفاقيات الموقعة في ٢٠٢٤، 7 اتفاقيات بمنح توقيع 13.5 مليون دولار، و367.5 حد أدنى للاستثمارات والتزامات بحفر 32 بئرا بحد أدنى.
وأشار المهندس كريم بدوي إلى أن الوزارة أعلنت في أغسطس 2024 عن 61 فرصة استثمارية: 34 منطقة استكشافية تابعة للهيئة المصرية العامة للبترول، ١٥ منطقة من الحقول المتقادمة تابعة للهيئة المصرية العامة للبترول، و١٢ منطقة استكشافية بالبحر المتوسط وشمال الدلتا تابعة للشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية، حيث أبدى عدد من الشركات اهتمامه بـ 6 مناطق منها إلى الآن، وأنه من المخطط خلال نهاية العام الجاري والعام القادم 2025، أن يتم توقيع 15 اتفاقية جديدة، بمنح توقيع تصل إلى 20 مليون دولار، وحد أدنى من الاستثمارات تبلغ 748.5 مليون دولار، والتزام بحفر 46 بئرا كحد أدنى.
ثم انتقل وزير البترول والثروة المعدنية إلى الحديث عن أهم ملامح العام 2025، مؤكدا أن عجلة تنمية الإنتاج بدأت في الدوران بالفعل مع وجود مؤشرات إيجابية، وأن أهم ملامح العام القادم تتمثل في 5 نقاط أساسية، وهي: تسارع وتيرة أنشطة التنمية والإنتاج، بما سيساعد على تعويض التناقص الطبيعي وزيادة الإنتاج وخفض الفاتورة الاستيرادية، وتعجيل أنشطة الاستكشاف، مما يؤدي إلى الإسراع بإضافة احتياطيات جديدة، وتعظيم استغلال الطاقات بمعامل التكرير مثل معمل تكرير ميدور ومصانع البتروكيماويات لتعظيم القيمة المضافة وزيادة عوائد التصدير، والاستمرار في أنشطة توصيل الغاز للمنازل وتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي بما يساهم في خفض تكلفة البوتاجاز ووقود السيارات لما له من آثار إيجابية، وأخيراً إطلاق البوابة الإلكترونية للثروة المعدنية وطرح عدد من المناطق للتعدين لجذب الاستثمارات.
وأشار وزير البترول والثروة المعدنية إلى أن ما تم استعراضه يمثل حقائق يعرضها قطاع البترول والثروة المعدنية، عزز ذلك العديد من ردود الفعل الإيجابية التي تم رصدها من التقارير الخارجية في الصحف والإصدارات العالمية، التي تؤكد أن الرؤية المستقبلية إيجابية وأن هذا يعزز من تدفق الاستثمارات، ومن بين أهم العناوين التي أشار إليها تقدم مباحثات الربط مع دولة قبرص لخلق ممر موثوق للطاقة بين قبرص ومصر. وما أعلنته وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز، عن تثبيت تصنيف مصر عند (B/B-) مع نظرة مستقبلية إيجابية للاقتصاد المصري. وكذلك تسابق الشركات للحفر بمنطقة غرب المتوسط، واعتزام وزارة البترول المصرية تسعى بجدية لزيادة الإنتاج وحل مشكلة مستحقات الشركات. وأخيرًا وجود إمكانات جيولوجية هائلة في مصر في مجال التعدين.

واختتم وزير البترول والثروة المعدنية حديثه بالإشارة إلى أن جميع ما تم استعراضه سابقًا يجسد العمل المتواصل لخلق بيئة أكثر جاذبية للاستثمار، خاصة مع إطلاق الوزارة لإستراتيجية تطوير قطاع التعدين واعتزامها الترويج لها في مؤتمر التعدين بالمملكة المتحدة ديسمبر المقبل، وإصدارها الشهر القادم لورقة سياسات تحفيز الاستثمار بقطاع البترول والغاز في مصر، بهدف الترويج لمختلف الفرص الاستثمارية في قطاعات الزيت والغاز والبتروكيماويات والتكرير والثروة المعدنية. وتتحقق أهداف الوزارة في جذب الاستثمارات عن طريق توفير فرص استثمارية جاذبة، وبيئة تشريعية تشجيعية واهتمام بالمستثمرين.
فيما يخص الفرص الاستثمارية، استعرض وزير البترول والثروة المعدنية وجود فرص استثمارية لزيادة الإنتاج من الحقول المتقادمة، والعمل على استغلال الطاقة المتاحة من مصافي التكرير ومصانع البتروكيماويات، وإطلاق منصات إلكترونية للترويج لمناطق الاستكشاف مع تطبيق نماذج اقتصادية جديدة. وفيما يخص البيئة التشريعية، أطلقت الحكومة برنامج الرخصة الذهبية، كما تم اعتبار البتروكيماويات صناعة استراتيجية، وإصدار قانون تنظيم سوق الغاز، وإصدار قانون حوافز الهيدروجين الاخضر ومشتقاته. وفيما يخص تشجيع المستثمرين، فقد تم إعداد خطط تسويقية لاجتذاب المستثمرين على اختلاف تفضيلاتهم الاستثمارية، والعمل مع الشركات والمستثمرين المحليين والعالميين، مع السعي لاجتذاب صناديق الاستثمار والصناديق السيادية، واجتذاب المستثمر الرأس مالي والمستثمر الإستراتيجي مع توجه إضافي باجتذاب رأس المال الوطني من القطاع الخاص. وصولًا في النهاية إلى توفير أقصى دفعة لقطاعي البترول والتعدين بما يزيد من المساهمة في الناتج القومي المحلي ودفع عجلة التنمية الاقتصادية في مصر.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: وزیر البترول والثروة المعدنیة إلى المهندس کریم بدوی مستحقات الشرکاء العاملة فی مجال قطاع البترول العام الجاری ملیون دولار برمیل زیت وفیما یخص فیما یخص مشیر ا من بین فی مصر إلى أن

إقرأ أيضاً:

لغز الـ 2.3 مليار دولار المفقودة: كيف يمول الذهب حرب السودان

تقرير: sudan peace tracker

التغيير: ترجمة غير رسمية

بعد عامين من اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أصبحت ثروة البلاد بمثابة بؤرة صراع عنيف بين الفصائل المتحاربة والجهات الفاعلة الخارجية، مما يعكس السباق الدولي على مواردها الثمينة، مع ظهور الذهب كمصدر أساسي لتمويل الحرب.

وفي ظل الديناميكيات الجيوسياسية المتغيرة، أصبح السودان هدفًا استراتيجيًا للدول والشركات المتعددة الجنسيات التي تسعى إلى الاستيلاء على ثرواته، مما أدى إلى تأجيج الحرب المدمرة التي أسفرت عن واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث

خريطة الذهب

السودان هو أحد أكبر الدول المنتجة للذهب في أفريقيا، حيث توجد رواسب الذهب في 14 ولاية من أصل 18 ولاية. يتركز تعدين الذهب في ولايات نهر النيل والشمال، الممتدة من وادي حلفا إلى عطبرة، وكذلك في الولايات الشرقية الثلاث، وأبرزها ولاية البحر الأحمر، حيث توجد رواسب الذهب على طول ساحل البحر الأحمر وعبر تلال البحر الأحمر. كما يتم تعدين الذهب في ولاية النيل الأزرق. بالإضافة إلى ذلك، تنتشر مناجم الذهب على نطاق واسع في كردفان وولايات دارفور الثماني، وهي مناطق صراع وتظل خارج سيطرة الحكومة المتحالفة مع الجيش في بورتسودان. لا يزال مدى التعدين في هذه المناطق غير معروف، ومن غير الواضح ما إذا كان الإنتاج مستمرًا كما كان من قبل وسط الصراع الدائر.

وفقًا لبيانات الحكومة، تقدر احتياطيات الذهب المكتشفة في السودان بنحو 1550 طنًا. ومع ذلك، يشكك العديد من الجيولوجيين في هذا الرقم، بحجة أنه يفتقر إلى الدقة العلمية بسبب غياب منهجية منظمة وحديثة في قطاع التعدين. إن الفوضى والفساد المنتشران يجعلان من الصعب تحديد احتياطيات الذهب المكتشفة ومستويات الإنتاج الفعلية حتى الآن بشكل دقيق.

التعدين التقليدي

وفقًا لشركة الموارد المعدنية السودانية، وهي الهيئة التنظيمية الحكومية لإنتاج المعادن، فإن 80% من إنتاج الذهب في البلاد يتم استخراجه من قبل عمال المناجم التقليديين، في حين تمثل الشركات النسبة المتبقية البالغة 20%.

يعمل عمال المناجم التقليديون في ظروف بيئية شديدة الخطورة، باستخدام مواد كيميائية سامة مثل الزئبق والسيانيد. وهم يعتمدون على العمالة المأجورة لاستخراج الصخور الحاملة للذهب، والتي يتم طحنها بعد ذلك في المطاحن للحصول على المعدن الثمين. يتم الحصول على هذه الصخور من حفر يتم تحديدها باستخدام أجهزة الكشف عن المعادن التي تكشف عن رواسب الذهب في المنطقة.

وسط الشكوك المحيطة بدقة البيانات الصادرة عن الهيئة التنظيمية الحكومية، تشير تقديرات مختلفة إلى أن حوالي مليوني سوداني يشاركون في التعدين الحرفي (التقليدي). وقد يكون إنتاج الذهب الفعلي أعلى من ذلك، خاصة في غياب الشركات الدولية المتخصصة. ويرجع هذا في المقام الأول إلى سيطرة الجيش على القطاع وجهوده لاحتكار الذهب، إلى جانب الفساد المستشري. وقد أدت هذه العوامل إلى جعل الإطار القانوني غير جذاب للشركات الدولية التي تتطلع إلى دخول هذه السوق الواسعة، الأمر الذي تفاقم بسبب عدم الاستقرار السياسي والأمني ​​والاقتصادي.

ومع ذلك، لا تزال بعض الشركات غير السودانية تعمل في هذا القطاع، وغالباً ما ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بشخصيات عسكرية مؤثرة. وتظل شركات التعدين من ثلاث دول نشطة: التحالف للتعدين وكوش للاستكشاف والإنتاج، وهما شركتان روسيتان؛ ومجموعة مناجم للتعدين المغربية؛ وشركة أورشاب لتعدين الذهب الأردنية. وتعمل كل هذه الشركات في مناطق خاضعة للسيطرة العسكرية، وخاصة بين ولايتي شمال السودان والبحر الأحمر.

سر عائدات الذهب

في الرابع والعشرين من فبراير/شباط من هذا العام، كشفت شركة الموارد المعدنية السودانية أن إنتاج السودان من الذهب ارتفع إلى 65 طناً في عام 2024، مقارنة بـ 34.5 طناً في عام 2022، العام الذي سبق الحرب، بزيادة هائلة بلغت 88.4%. وذكرت الشركة أن الإيرادات بلغت 1.6 مليار دولار، مقارنة بـ 2.02 مليار دولار في عام 2022، مسجلة انخفاضاً بنسبة 26.3%.

جاء الإعلان بمثابة صدمة لمن راجع بيانات الشركة وإيراداتها.

وقالت مصادر تعمل في قطاع التعدين ببورتسودان، طلبت عدم ذكر اسمها، إن ما كشفته الشركة يكشف عن حجم الفساد والتدهور الذي طال كل مناحي الحياة منذ الحرب.

أبدى خبراء ومراقبون استغرابهم من أن 65 طناً من الذهب في 2024 حققت إيرادات بقيمة 1.6 مليار دولار، بينما حققت 34.5 طناً في 2022 إيرادات بقيمة 2.02 مليار دولار، خاصة وأن أسعار الذهب ارتفعت بنسبة 30% مقارنة بعام 2022.

وأوضح مالك إحدى شركات التعدين أنه بناءً على متوسط ​​أسعار الذهب في 2024، فإن قيمة 65 طناً من الذهب يجب أن تبلغ نحو 3.9 مليار دولار.

وبين الـ1.6 مليار دولار التي أعلنتها شركة الثروة المعدنية والـ3.9 مليار دولار التي تمثل القيمة الحقيقية لكمية الذهب المعلنة حسب أسعار السوق العالمية، يبقى السؤال: أين ذهبت كل هذه الأموال؟

2.3 مليار دولار مفقودة

ولم تقدم الشركة تفسيراً لهذا اللغز أو توضح التناقض الصارخ في بياناتها، بل اكتفت بتكرار تصريحات تهنئ نفسها على سياساتها التي أدت على ما يبدو إلى زيادة الإنتاج. وقال مدير عام الشركة محمد طاهر عمر في تصريحات صحفية إن زيادة الإنتاج جاءت نتيجة لقرار الحكومة بخفض الرسوم المفروضة على التعدين التقليدي من 28% إلى 20% وعلى الشركات إلى 18%.

وثيقة

أفادت مصادر حكومية موثوقة من بورتسودان أن الفارق بين الإيرادات التي أعلنتها شركة التعدين والإيرادات الفعلية للذهب ذهب إلى الجيش. ويشمل ذلك الرسوم التي يدفعها عمال المناجم والشركات التقليدية كإتاوات للحكومة التي تمتلك الأرض وتستحق 28٪ من الإنتاج. بالإضافة إلى ذلك، يشارك الجيش في تجارة الذهب من خلال التعدين المباشر، وامتلاك عدد من المناجم، فضلاً عن شراء الذهب من عمال المناجم. وهذا يفسر المبلغ المفقود بين الإيرادات المعلنة والقيمة الحقيقية للذهب.

كشف مصدر عسكري مقرب أن الجيش وقع عقودًا لشراء أسلحة وطائرات بدون طيار وطائرات مقاتلة، بما في ذلك طائرات J-10C من الصين وطائرات Su-57 من روسيا. وأوضح المصدر أن قيمة هذه الصفقات تساوي تقريبًا المبلغ المفقود وأنه تم الاتفاق على الدفع بالذهب.

‏ ويتوافق تصريح المصدر العسكري مع تعليق منسوب إلى مدير عام شركة الموارد المعدنية السودانية، نُشر على موقع الجزيرة، حيث قال: “لقد ساهمت الشركة في دعم المجهود الحربي، كما عززت دورها في التنمية الاقتصادية”.

الفساد والتهريب

تحدثنا إلى عمال مناجم وتجار ذهب ومراقبين، واتفق الجميع على أن أرقام الإنتاج التي أعلنتها شركة التعدين تمثل أقل من 25 إلى 30% من إجمالي الإنتاج. ويتم تهريب جزء كبير من الإنتاج إلى خارج البلاد.

لكن عادل إبراهيم، الجيولوجي المحترم والموثوق الذي عمل في عدة شركات دولية خارج السودان قبل أن يعود بعد الثورة ويعين وزيراً للطاقة في الحكومة المدنية الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك، شاركنا وجهة نظره. وهو أيضاً خبير في قطاع التعدين، أخبرنا أنه يعتقد أن الذهب المهرب يشكل 60٪ من إجمالي الإنتاج.

أفاد مالك إحدى شركات الذهب، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن القيمة الفعلية لإنتاج الذهب تقدر بما بين 4.5 و5 مليارات دولار سنويًا، مع تحويل 3 إلى 3.5 مليار دولار إلى التهريب والفساد وجيوب الجيش.

خلال جولة أخيرة في ولاية الشمال لدعم المجهود الحربي:

https://sudanpeacetracker.com/wp-content/uploads/2025/03/Gold-report-SPT-2.mp4

كشف وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم أنه زار دولة مجاورة (في إشارة إلى مصر) وعلم أنها حصلت على 48 طنًا من الذهب السوداني عن طريق التهريب.

وهذا يثير سؤالا حاسما: إذا كان التهريب إلى مصر وحدها يشكل 48 طنا من الذهب سنويا، فكم من الذهب يتم تهريبه إلى دول أخرى عبر مطار بورتسودان والمطارات العسكرية الأخرى؟ وكم من الذهب تستخرجه الشركات الروسية من السودان، خاصة وأن السودان لم يعد لديه مصفاة للذهب للقياس بعد تدمير مصفاة الخرطوم بسبب الحرب؟ ويظل الذهب أحد أهم مصادر تمويل الحرب في السودان، حيث يتم بيعه لشراء الأسلحة وتمويل العمليات العسكرية، مما يؤدي إلى إطالة أمد الصراع وتعميق معاناة المدنيين. وطالما يتم استخدام هذا المورد القيم لتأجيج العنف بدلاً من تعزيز الاستقرار والتنمية، فإن احتمالات إنهاء الحرب ستظل بعيدة، وستظل البلاد أسيرة دائرة الفساد والدمار.

الوسومالتعدين التقليدي التهريب الحرب الذهب السودان الشركة السودانية للموارد المعدنية الفساد

مقالات مشابهة

  • وزير الزراعة اللبناني لـ«الاتحاد»: 900 مليون دولار قيمة الأضرار الزراعية
  • السعودية: الاقتصاد يحقق نموا بنسبة 1.3% خلال العام الماضي
  • طيران ناس يرفع السعة المقعدية خلال رمضان بـ 1.5 مليون مقعد للرحلات
  • السعودية تحقق نموا اقتصاديا 1.3% خلال 2024
  • وزير فرنسي يكشف مفاجأة: باريس تستغل أموال روسية بقيمة 195 مليون يورو
  • لغز الـ 2.3 مليار دولار المفقودة: كيف يمول الذهب حرب السودان
  • توقيع اتفاقيات وإطلاق برامج شراكة مع مؤسسات دولية في ختام المشاركة بـ"معرض بورصة برلين الدولية للسياحة"
  • وزير البترول يؤكد أهمية علاقات التعاون مع الولايات المتحدة في قطاع الطاقة
  • الموارد المعدنية: ارتفاع إنتاج وإيرادات الذهب خلال يناير وفبراير
  • العراق: الدين العام ومغالطة الأرقام!