كان الذهب أحد أفضل السلع أداءً بين السلع الرئيسية هذا العام، فقد ارتفع بأكثر من 30% منذ بداية العام مسجلًا أرقام قياسية جديدة عدة مرات، بدعم من توقعات خفض البنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة وعمليات الشراء القوية من البنوك المركزية الكبري وعمليات شراء آسيوية قوية، كما دعم الطلب على الملاذ الآمن وسط المخاطر الجيوسياسية المتزايدة بالإضافة إلى عدم اليقين قبل الانتخابات الأمريكية في نوفمبر ارتفاع الذهب القياسي هذا العام.

تحول سياسة البنك الاحتياطي الفيدرالي تعزز الذهب

في مؤتمر جاكسون هول الأخير أوضح رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي “جيروم باول” أن البنك الاحتياطي سيخفض أسعار الفائدة في 18 سبتمبر، مشيرًا إلى أن “الوقت قد حان لتعديل السياسة فالاتجاه أصبح واضحًا”.

ارتفعت أسعار تداول الذهب بعد أن أكد باول على توقعات بأن البنك المركزي الأمريكي سيبدأ قريبًا في خفض أسعار الفائدة، ويعتبر انخفاض تكاليف الاقتراض أمر إيجابي للذهب لأنه لا يدفع فائدة، الجدير بالذكر أن البنك الاحتياطي الفيدرالي قد أبقي على سعر الفائدة الرئيسي في نطاق مستهدف يتراوح بين 5.25% إلى 5.5% وهو أعلى مستوى في أكثر من عقدين منذ يوليو الماضي، كان أحدث تقرير لبيانات الوظائف في الولايات المتحدة خلال شهر سبتمبر مختلطًا، مما أضاف المزيد من التساؤلات حول مدى عمق خفض البنك الاحتياطي لأسعار الفائدة في اجتماعه في سبتمبر.

وبالفعل قام البنك الاحتياطي بخفض أسعار الفائدة الفيدرالية بمقدار 50 نقطة أساس في الشهر الماضي والذي كان حافزًا مهمًا لارتفاع أسعار الذهب مؤخرًا، مع التوقعات المتزايدة بخفض البنك لسعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في نوفمبر وخفض آخر بنفس الحجم في ديسمبر، يتجه المستثمرون بشكل متزايد إلى الذهب كأصل آمن، ويرجع هذا التحول في المقام الأول إلى انخفاض عائدات سندات الخزانة الأمريكية مما يجعل الأصول التي لا تدر عائدًا مثل الذهب أكثر جاذبية.

في الوقت نفسه، تقدم البيانات الاقتصادية الأخيرة من الولايات المتحدة صورة مختلطة، مما يزيد من حالة عدم اليقين التي غالبًا ما تدفع أسعار الذهب إلى الارتفاع، في حين تظهر الصناعات التحويلية علامات الضعف فإن قطاع الخدمات يظهر مرونة مستمرة، كما يتضح من أحدث مؤشرات مديري المشتريات العالمية من S&P.

ومع ذلك، يظل مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي حذرين بشأن الالتزام بخفض أسعار الفائدة العدوانية، وهم يؤكدون على المرونة في نهجهم، معترفين بالمخاطر المتزايدة في سوق العمل، وقد أدى هذا الموقف الحذر إلى مسار أكثر تحفظًا للأسعار، حيث يستهدف المحللون صناديق الاحتياطي الفيدرالي بنسبة 4.00% إلى 4.25% بحلول ديسمبر.

السيناريو الأكثر ترجيحًا هو خفض بمقدار 25 نقطة أساس في نوفمبر يليه خفض آخر بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر، ومع ذلك، إذا تدهورت الظروف الاقتصادية، فقد يحتاج البنك الاحتياطي الفيدرالي إلى النظر في تخفيضات أكبر بمقدار 50 نقطة أساس، مما قد يعزز سعر الذهب بشكل أكبر، السؤال المطروح لسوق الذهب الآن هو السرعة التي سيخفف بها البنك الاحتياطي سياسته.

استمرار تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة

شهد الطلب على صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب انتعاشًا أيضًا، حيث شهدت صناديق الاستثمار المتداولة العالمية للذهب تدفقات واردة لمدة أربعة أشهر متتالية مع تسجيل جميع المناطق تدفقات إيجابية.

ترتفع حيازات المستثمرين في صناديق الاستثمار المتداولة للذهب بشكل عام عندما ترتفع أسعار الذهب، والعكس صحيح، ومع ذلك، كانت حيازات صناديق الاستثمار المتداولة للذهب في انخفاض لمعظم عام 2024، في حين وصلت أسعار الذهب الفورية إلى مستويات مرتفعة جديدة، أخيرًا، تحولت تدفقات الصناديق المتداولة في البورصة إلى إيجابية في شهر مايو.

كما استمر صافي الشراء الإجمالي في بورصة كومكس في الارتفاع، حيث شهد ارتفاعًا بنسبة 17% على أساس شهري بحلول نهاية أغسطس وهو أعلى مستوى منذ فبراير 2020.

انتعاش الطلب على الذهب من جانب البنوك المركزية في يوليو

تعزز الطلب على الذهب من جانب البنوك المركزية في شهر يوليو على الرغم من ارتفاع الأسعار، فقد تضاعف صافي المشتريات المبلغ عنها من جانب البنوك المركزية إلى أكثر من 37 طنًا في يوليو، كما تظهر بيانات مجلس الذهب العالمي، ويمثل ذلك زيادة بنسبة 206% على أساس شهري وأعلى إجمالي شهري منذ يناير عندما بلغ إجمالي مشتريات البنوك المركزية 45 طنًا.

كان البنك الوطني البولندي المشتري الرائد في عملية المشتريات في شهر يوليو، يليه البنك المركزي الأوزبكي وبنك الاحتياطي الهندي.

في عام 2023 أضافت البنوك المركزية 1037 طنًا من الذهب وهي ثاني أعلى عملية شراء سنوية في التاريخ بعد ارتفاع قياسي بلغ 1082 طنًا في عام 2022، بالنظر إلى المستقبل، نتوقع أن يظل الطلب من البنوك المركزية قويًا وسط المناخ الاقتصادي الحالي والتوترات الجيوسياسية.

التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على جاذبية الذهب كملاذ آمن

لقد أدى تصاعد التوترات بين إسرائيل وحزب الله إلى زيادة جاذبية الذهب كملاذ آمن بشكل كبير، ومع تزايد حالة عدم اليقين الجيوسياسي يتجه المستثمرون غالبًا إلى شراء الذهب كوسيلة للتحوط ضد تقلبات السوق المحتملة وعدم الاستقرار الاقتصادي.

تساهم العديد من الأماكن الساخنة الجيوسياسية الرئيسية حاليًا في حالة عدم اليقين في السوق، وتشمل هذه التوترات المستمرة في الشرق الأوسط والصراع المستمر بين أوكرانيا وروسيا والعلاقة المعقدة بين الولايات المتحدة والصين، كل من هذه المواقف لديها القدرة على التأثير على الأسواق العالمية، وبالتالي دفع الطلب على الذهب.

الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة هي عامل آخر يمكن أن يؤثر على أسعار الذهب، تُظهر استطلاعات الرأي الحالية سباقًا متقاربًا بين مرشح الحزب الجمهوري ومرشح الحزب الديمقراطي، ونظرًا لأن النتيجة تعتمد على الهيئة الانتخابية وليس التصويت الشعبي، فإن أي مفاجآت قد تدفع المستثمرين إلى البحث عن الأمان النسبي للذهب.

هذه العوامل الجيوسياسية، جنبًا إلى جنب مع حالة عدم اليقين الاقتصادي، تجعل الذهب خيارًا جذابًا للمستثمرين الذين يتطلعون إلى تنويع محافظهم والحماية من الصدمات السوقية المحتملة.

عائدات سندات الخزانة الأميركية

تم تداول عائدات سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات مؤخرًا عند أدنى مستوياتها في 18 شهرًا وتظل على مسار هبوطي نحو مستوي 3.0% من مستواها الحالي البالغ 3.77%، عادة ما تزيد العائدات المنخفضة من جاذبية الذهب كأصل غير مدر للعائد، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

العلاقة بين عائدات سندات الخزانة وأسعار الذهب أمر بالغ الأهمية بالنسبة للمستثمرين لفهمها، مع انخفاض العائدات تنخفض التكلفة البديلة للاحتفاظ بالأصول غير المدرة للعائد مثل الذهب، مما يجعل المعدن النفيس أكثر جاذبية للمستثمرين الذين يسعون إلى تخزين القيمة.

المصدر: تركيا الآن

كلمات دلالية: صنادیق الاستثمار المتداولة البنک الاحتیاطی الفیدرالی عائدات سندات الخزانة خفض أسعار الفائدة البنوک المرکزیة حالة عدم الیقین نقطة أساس فی أسعار الذهب الطلب على ارتفاع ا الذهب ا

إقرأ أيضاً:

الذهب إلى ذروة قياسية.. وتوقع بما يحدث إذا تفاقم صراع الشرق الأوسط

صعدت أسعار الذهب إلى ذروة قياسية، الثلاثاء، مدفوعة بعدة عوامل من بينها زيادة الطلب على الملاذ الآمن بسبب حالة الضبابية بخصوص الانتخابات الأميركية، والصراع في الشرق الأوسط، وتوقعات بخفض بنوك مركزية رئيسية لأسعار الفائدة.

وبحلول الساعة 14:20 بتوقيت غرينتش، ارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.7 بالمئة إلى 2739.40 دولار للأوقية (الأونصة) بعد أن سجل مستوى قياسيا عند 2741.97 دولار في وقت سابق من الجلسة. وزادت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.5 بالمئة إلى 2753.80 دولار للأوقية.

ويعد الذهب تحوطا في أوقات التقلبات السياسية والجيوسياسية، وصعد بأكثر من 32 بالمئة منذ بداية هذا العام، محققا مستويات قياسية متعددة.

وتزيد بيئة أسعار الفائدة المنخفضة من جاذبية حيازة المعدن الأصفر.

وقال بيتر إيه. غرانت، نائب الرئيس، كبير محللي المعادن في زانز ميتالز لرويترز "لا تزال التوترات الجيوسياسية هي المحرك الأساسي... فقبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية الأميركية، لا يزال السباق الرئاسي يبدو في حالة تعادل تام، ولذلك فإن عدم الاستقرار السياسي يحفز الإقبال على الذهب كملاذ آمن".

وأضاف "بالتأكيد إذا تفاقم الصراع في الشرق الأوسط، فقد يصل الذهب إلى 3000 دولار قبل نهاية العام أو الربع الأول من العام المقبل حسب ترجيحي".

وأضاف أن ميل العديد من البنوك المركزية الرئيسية إلى خفض أسعار الفائدة عامل آخر يقود الارتفاع.

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، زادت الفضة في المعاملات الفورية 2.1 بالمئة إلى 34.47 دولار للأوقية، بعد أن بلغت أعلى مستوياتها منذ نهاية 2012 في الجلسة الماضية.

وارتفع البلاتين 1.8 بالمئة إلى 1021.45 دولار للأوقية، في حين صعد البلاديوم 2.2 بالمئة إلى 1073.75 دولار للأوقية.

مقالات مشابهة

  • وسط غموض الأوضاع العالمية.. الذهب يرتفع لمستويات قياسية جديدة
  • الذهب يقفز إلى ذروة قياسية مع تزايد الإقبال على الملاذ الآمن
  • الذهب إلى ذروة قياسية.. وتوقع ما سيحدث إذا تفاقم صراع الشرق الأوسط
  • الذهب إلى ذروة قياسية.. وتوقع بما يحدث إذا تفاقم صراع الشرق الأوسط
  • لماذا ارتفعت أسعار الذهب عالميا؟.. «جولد بيليون» تكشف الأسباب
  • الذهب يواصل الارتفاع مع استمرار الصراع في الشرق الأوسط
  • الذهب يستقر قرب قمته مع تباين آراء الفيدرالي حول الفائدة
  • الذهب يواصل الارتفاع مع تزايد الطلب عليه كملاذ آمن
  • «آي صاغة»: الذهب يواصل الارتفاع مع تزايد الطلب على الملاذ الآمن