عرب نيوز: ليبيا سقطت بمستنقع سياسي في 2011 والخروج منه صعب
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
ليبيا – سلط تقرير تحليلي نشره موقع “عرب نيوز” الإخباري الدولي الضوء على مرور أكثر من عقد زمني على سقوط ليبيا بمستنقع سياسي.
التقرير الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد أكد أن مستقبل البلاد معلق بشكل محفوف بالمخاطر في توازن بين نتيجتين أولهما وضع راهن دائم يمثل ملعبا لنخب سياسية مهتمة بمصالح ذاتية وفاعلين مهجنين ومحرضين متسلسلين على رأس جماهير ساخطة.
وبحسب التقرير تتمثل النتيجة الثانية في تشكيل حكومة وحدة برئاسة نخبة حاكمة أحبطت مرارا تطلعات البلاد بعد العام 2011 مشيرا إلى أن الوضع الراهن صعب بقدر لا يمكن الدفاع عنه في ظل وجود باب دوار للقوة وفيه صعودة وسقوط مؤثرين وهميين.
وأضاف التقرير أن بعضا من هؤلاء المؤثرين طموح سياسيا والآخر قوي عسكريا وكلهم يرتدون غطاء قشور للمصلحة الوطنية فيما يعملون فقط لتعزيز أجنداتهم الضيقة مبينا أن معظم وجهات النظر القادمة من الخارج لا تقدم سوى جولات إرشادية.
ووصف التقرير هذه الجولات بالمقدمة لمتاهة من ورم خبيث ذات أثر مُنهك على مجتمع هارب في وضع مضطرب ترك ليبيا تختنق في ظل فوضى وحال ثابت من اللا استقرار مؤكدا أن رحيل خالد المشري المفاجئ من رئاسة مجلس الدولة الاستشاري أبرز واقعا جديدا.
وتابع التقرير إن هذا الواقع تمثل في زحف الرمال المتحركة لميزان القوى فقيادة الاستشاري المعترف به دوليا تؤثر بشكل مباشر على آفاق الاستقرار في ليبيا إذ يمكن للقادة الفاعلين تسهيل الحوار وتعزيز الوحدة بين الفصائل المتنافسة ما يخلق بيئة مصالحة سياسية واستقرار.
وأضاف التقرير أنه وعلى النقيض من ذلك قد تؤجج القيادة غير المتسقة أو ذات المصلحة الذاتية التوترات وتعطل عملية الانتقال الهشة بالفعل واصفا رحيل المشري بمثال آخر على مناخ سياسي لا يمكن التنبؤ به في بلاد ذات هشاشة مؤسسات رئيسية هشة.
وأكد التقرير أن الإطاحة غير المتوقعة بشاغل منصب لـ5 أعوام قد تؤدي لإدخال مزيد من عدم اليقين بمنعطف حرج فيما تسعى ليبيا جاهدة لتسوية سياسية دائمة وأطر سياسة مستقرة لإضفاء شرعية على انتخابات رئاسية وتشريعية مستقبلية قابلة لإنتاج أول حكومة منتخبة ديمقراطيا.
وبحسب التقرير تؤثر تغييرات القيادة هذه على قدرة الاستشاري في تقديم مشورة فعالة لمجلس النواب والمساهمة في اتخاذ قرارات سياسية حاسمة ومنها صياغة قوانين انتخابية والمساعدة في تسهيل صياغة الدستور في وقت يواصل فيه الانتهازيون مساعيهم بلا توقف.
وبين التقرير إن هذه المساعي تتمثل في سعي هؤلاء وراء طموحاتهم الشخصية والتنافسات الصغيرة ما يعني التلاعب بالعمليات السياسية الجارية أو تخريبها مشيرا إلى أن هذا التدفق المستمر من اللا حسم هو عامل استياء للجمهور.
وأضاف التقرير إن هذا الاستياء المتنامي يزيد خطر حدوث اضطرابات خلال قابل السنوات في ظل انعدام ثقة دائم بمؤسسات الدولة فيما تلعب سياسات خلافية وجهات إقليمية وخارجية ذات مصالح في الصراع دورا في تفاقم صعوبات تحقيق أي توافق أو رؤية وطنية موحدة.
وبالانتقال بعيدا عن الوضع الراهن غير المرغوب فيه تطرق التقرير للبديل المتمثل في الميل نحو حكومة وحدة ما يعني مزيجا من التفاؤل والتشاؤم والحذر مرجعا ذلك لانهيار محاولات التشكيل نتيجة اقتتال الداخلي وانقسامات راسخة بعمق وديناميكيات محلية دائمة التحدي.
وتابع التقرير إن محاولة التشكيل الجارية حاليا لم تثمر بعد في وقت من غير المرجح فيها أن تحقق نتائج أفضل بكثير من الجهود السابقة مرجعا ذلك لمعاناتها من عدة علل تبين كون مساعي تشكيلها لا تمنح سوى قدرا من الأهمية الرمزية وفعالية عملية مشكوك فيها.
ووفقا للتقرير من غير المستبعد نجاة المساعي الحسنة النية لبناء الإجماع من تأثيرات النخبة الحاكمة الرافضة للتخلي عن احتكارها للسلطة فهي تتدخل باستمرار لاستخدام مواردها ونفوذها لتوجيه النتائج باتجاه خدمة مصالحها الخاصة.
وأوضح التقرير إن هذا التدخل المستمر تسبب بتكثيف خطوط الصراع ما أدى إلى مزيد من تآكل الثقة بين النظام السياسي وتقويض مبادئ راسخة لمجتمع قائم على المساواة ودعم أي عملية ديموقراطية ناشئة ما تسبب بتعميق فجوات الانقسام وإدامة الوضع الراهن ومنع تعزيز الوحدة.
وأضاف التقرير إن استمرار انخراط هؤلاء السياسيين ممن لم يفعلوا شيئا يذكر لسد الانقسامات حتى الآن يخلق شكوكا مفهومة حول هذا المسار المقترح فتشكيل حكومة وحدة من أولئك الذين ليس لديهم أي مخاوف بشأن تقويض الديموقراطية ما هو إلا زيادة بلة للطين.
وتابع التقرير أن حكومة الوحدة ستساعد ظاهريا في استقرار الوضع فيما ستواصل إدارة الأزمة واقعيا وتمنح شرعية لمصالح مكتسبة وإدامة لهياكل السلطة ذاتها المسؤولة عن المستنقع الليبي ما يجعل المجتمع الدولي محاصرا بين خيارين لا ثالث لهما.
وبين التقرير أن هذين الخيارين يتمثلان في تسهيل ولادة حكومة الوحدة هذه بكل عيوبها المتأصلة أو الاستسلام للوضع الراهن المتقلب طويل الأمد محذرا من مغبة الابتعاد الدولي عن المشاركة والاختيار المتمثلة بالمخاطرة بتفاقم عدم الاستقرار.
وبين التقرير أن التحدي الماثل الآن هو تحقيق توازن دقيق بين تأمين الاستقرار وعدم ترسيخ مشهد سياسي غير مستجيب للإصلاح الديموقراطي مشيرا إلى أن هذا يتم من خلال إعادة تقييم الأولويات ومواءمة المصالح الإقليمية.
وأضاف التقرير إن هذا يتم أيضا من خلال التركيز على حلول طويلة الأجل بدلا من مكاسب قصير أجلها في وقت لا زال فيه بإمكان المجتمع الدولي المساهمة بطريقة هادفة في استقرار ليبيا والمساعدة في منع المزيد من الدمار وتجنب تهديدات مباشرة للأمن الإقليمي والعالمي.
ترجمة المرصد – خاص
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
تحذيرات من صدمة بالأسواق مع احتمال خفض التصنيف الائتماني لأميركا
حذرت تحليلات حديثة من أن الولايات المتحدة قد تواجه خفضًا جديدًا لتصنيفها الائتماني، مما قد يؤدي إلى صدمة كبيرة في الأسواق المالية، في وقت تتزايد فيه الضغوط الاقتصادية والسياسية بفعل تصاعد الحرب التجارية مع الصين وارتفاع مستويات الدين العام.
وبحسب تقرير نشرته مجلة فوربس، فإن وكالات التصنيف الائتماني، وعلى رأسها ستاندرد آند بورز، تراقب عن كثب التدهور في المؤشرات الاقتصادية الأميركية، مما يجعل خفض التصنيف من المستوى الحالي "إيه إيه+" إلى مستوى أدنى أمرا "ممكن الحدوث وليس مستبعدا".
مؤشرات اقتصادية مقلقةيذكر التقرير أن الاقتصاد الأميركي، مقارنة بعام 2011 عندما خفَضت ستاندرد آند بورز التصنيف لأول مرة في التاريخ، بات في وضع أسوأ. فعلى الرغم من أن التضخم يبلغ الآن 2.4% (مقارنة بـ3% في 2011)، ومعدل البطالة عند 4.2% (مقابل 9% في 2011)، فإن حجم الدين الوطني قفز إلى 36.2 تريليون دولار، ما يعادل 124% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 14.8 تريليون دولار (95% من الناتج المحلي) قبل 14 عامًا.
وكذلك ارتفعت تكلفة خدمة الدين بشكل كبير، حيث من المتوقع أن تدفع الولايات المتحدة 952 مليار دولار فوائد على ديونها خلال 2025، مقابل 230 مليار دولار فقط في 2011.
إعلانوأشار التقرير إلى أن أسعار الفائدة الرئيسية (الفدرالية) تبلغ حاليًا 4.3%، وهي أعلى بكثير من المستويات القريبة من الصفر التي كانت سائدة عقب أزمة 2008، مما يضيف عبئًا إضافيًا على كلفة الاقتراض.
التصعيد التجاري يزيد الضغوطوأكدت فوربس أن تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين يمثل عاملًا إضافيًا قد يعجل بحدوث الخفض الائتماني، حيث إن الرسوم الجمركية الجديدة ترفع الضغوط التضخمية وتزيد كلفة الاقتراض وتضعف الثقة بالاقتصاد الأميركي.
وذكرت أن الأسواق المالية تشهد تقلبات شديدة بسبب هذه المخاوف، حيث سجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 خسائر يومية بقيمة 3 تريليونات دولار، تلتها مكاسب يومية بحجم تريليونيْ دولار، ما يعكس حالة عدم اليقين الحاد لدى المستثمرين.
وقال التقرير "المستثمرون لا يحبون المخاطر، وبالتأكيد لا يحبون هذه المستويات العالية من المخاطرة"، مشيرًا إلى أن مؤسسات استثمارية أجنبية بدأت بتقليص حيازاتها من الأسهم والسندات والدولار الأميركي.
أزمة سياسية تهدد الثقةمن ناحية أخرى، أشار تقرير فوربس إلى أن استمرار الخلافات الحادة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، إضافة إلى الانقسامات الداخلية ضمن الحزب الجمهوري نفسه، تعيد إلى الأذهان أجواء "التلاعب السياسي" التي رافقت خفض تصنيف 2011، وهو ما يجعل تكرار السيناريو أمرا مرجحًا.
كما لفتت فوربس إلى أن وكالات التصنيف، التي تعرضت لضغوط سياسية في الماضي، قد أصبحت أكثر حذرًا اليوم. فبعد أن خفضت وكالة فيتش التصنيف الأميركي في 2023، أبقت وكالة موديز على تصنيف "إيه إيه إيه" ولكن مع نظرة مستقبلية سلبية.
وفي بيان أصدرته هذا الشهر، أشارت وكالة ستاندرد آند بورز إلى مجموعة من المخاطر الاقتصادية قد تستدعي خفض التصنيف، وهو ما ترى فوربس أنه أصبح أكثر ترجيحًا مع تفاقم الأوضاع.
إعلانواختتمت فوربس تقريرها بالقول إن الأسواق المالية حتى الآن "تتجاهل المخاطر"، ولكن "الشقوق الاقتصادية والمالية والسياسية تتسع"، مما يجعل السؤال الحقيقي هو ليس "هل" سيتم خفض التصنيف الائتماني الأميركي مجددًا، بل "متى" سيحدث ذلك.
ونصحت فوربس المستثمرين بالاستعداد للسيناريو الأسوأ عبر تبني محافظ استثمارية عالية الجودة قادرة على تحمل الصدمات ومتفوقة على أداء السوق خلال الفترات العصيبة.