ليبيا – سلط تقرير تحليلي نشره موقع “عرب نيوز” الإخباري الدولي الضوء على مرور أكثر من عقد زمني على سقوط ليبيا بمستنقع سياسي.

التقرير الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد أكد أن مستقبل البلاد معلق بشكل محفوف بالمخاطر في توازن بين نتيجتين أولهما وضع راهن دائم يمثل ملعبا لنخب سياسية مهتمة بمصالح ذاتية وفاعلين مهجنين ومحرضين متسلسلين على رأس جماهير ساخطة.

وبحسب التقرير تتمثل النتيجة الثانية في تشكيل حكومة وحدة برئاسة نخبة حاكمة أحبطت مرارا تطلعات البلاد بعد العام 2011 مشيرا إلى أن الوضع الراهن صعب بقدر لا يمكن الدفاع عنه في ظل وجود باب دوار للقوة وفيه صعودة وسقوط مؤثرين وهميين.

وأضاف التقرير أن بعضا من هؤلاء المؤثرين طموح سياسيا والآخر قوي عسكريا وكلهم يرتدون غطاء قشور للمصلحة الوطنية فيما يعملون فقط لتعزيز أجنداتهم الضيقة مبينا أن معظم وجهات النظر القادمة من الخارج لا تقدم سوى جولات إرشادية.

ووصف التقرير هذه الجولات بالمقدمة لمتاهة من ورم خبيث ذات أثر مُنهك على مجتمع هارب في وضع مضطرب ترك ليبيا تختنق في ظل فوضى وحال ثابت من اللا استقرار مؤكدا أن رحيل خالد المشري المفاجئ من رئاسة مجلس الدولة الاستشاري أبرز واقعا جديدا.

وتابع التقرير إن هذا الواقع تمثل في زحف الرمال المتحركة لميزان القوى فقيادة الاستشاري المعترف به دوليا تؤثر بشكل مباشر على آفاق الاستقرار في ليبيا إذ يمكن للقادة الفاعلين تسهيل الحوار وتعزيز الوحدة بين الفصائل المتنافسة ما يخلق بيئة مصالحة سياسية واستقرار.

وأضاف التقرير أنه وعلى النقيض من ذلك قد تؤجج القيادة غير المتسقة أو ذات المصلحة الذاتية التوترات وتعطل عملية الانتقال الهشة بالفعل واصفا رحيل المشري بمثال آخر على مناخ سياسي لا يمكن التنبؤ به في بلاد ذات هشاشة مؤسسات رئيسية هشة.

وأكد التقرير أن الإطاحة غير المتوقعة بشاغل منصب لـ5 أعوام قد تؤدي لإدخال مزيد من عدم اليقين بمنعطف حرج فيما تسعى ليبيا جاهدة لتسوية سياسية دائمة وأطر سياسة مستقرة لإضفاء شرعية على انتخابات رئاسية وتشريعية مستقبلية قابلة لإنتاج أول حكومة منتخبة ديمقراطيا.

وبحسب التقرير تؤثر تغييرات القيادة هذه على قدرة الاستشاري في تقديم مشورة فعالة لمجلس النواب والمساهمة في اتخاذ قرارات سياسية حاسمة ومنها صياغة قوانين انتخابية والمساعدة في تسهيل صياغة الدستور في وقت يواصل فيه الانتهازيون مساعيهم بلا توقف.

وبين التقرير إن هذه المساعي تتمثل في سعي هؤلاء وراء طموحاتهم الشخصية والتنافسات الصغيرة ما يعني التلاعب بالعمليات السياسية الجارية أو تخريبها مشيرا إلى أن هذا التدفق المستمر من اللا حسم هو عامل استياء للجمهور.

وأضاف التقرير إن هذا الاستياء المتنامي يزيد خطر حدوث اضطرابات خلال قابل السنوات في ظل انعدام ثقة دائم بمؤسسات الدولة فيما تلعب سياسات خلافية وجهات إقليمية وخارجية ذات مصالح في الصراع دورا في تفاقم صعوبات تحقيق أي توافق أو رؤية وطنية موحدة.

وبالانتقال بعيدا عن الوضع الراهن غير المرغوب فيه تطرق التقرير للبديل المتمثل في الميل نحو حكومة وحدة ما يعني مزيجا من التفاؤل والتشاؤم والحذر مرجعا ذلك لانهيار محاولات التشكيل نتيجة اقتتال الداخلي وانقسامات راسخة بعمق وديناميكيات محلية دائمة التحدي.

وتابع التقرير إن محاولة التشكيل الجارية حاليا لم تثمر بعد في وقت من غير المرجح فيها أن تحقق نتائج أفضل بكثير من الجهود السابقة مرجعا ذلك لمعاناتها من عدة علل تبين كون مساعي تشكيلها لا تمنح سوى قدرا من الأهمية الرمزية وفعالية عملية مشكوك فيها.

ووفقا للتقرير من غير المستبعد نجاة المساعي الحسنة النية لبناء الإجماع من تأثيرات النخبة الحاكمة الرافضة للتخلي عن احتكارها للسلطة فهي تتدخل باستمرار لاستخدام مواردها ونفوذها لتوجيه النتائج باتجاه خدمة مصالحها الخاصة.

وأوضح التقرير إن هذا التدخل المستمر تسبب بتكثيف خطوط الصراع ما أدى إلى مزيد من تآكل الثقة بين النظام السياسي وتقويض مبادئ راسخة لمجتمع قائم على المساواة ودعم أي عملية ديموقراطية ناشئة ما تسبب بتعميق فجوات الانقسام وإدامة الوضع الراهن ومنع تعزيز الوحدة.

وأضاف التقرير إن استمرار انخراط هؤلاء السياسيين ممن لم يفعلوا شيئا يذكر لسد الانقسامات حتى الآن يخلق شكوكا مفهومة حول هذا المسار المقترح فتشكيل حكومة وحدة من أولئك الذين ليس لديهم أي مخاوف بشأن تقويض الديموقراطية ما هو إلا زيادة بلة للطين.

وتابع التقرير أن حكومة الوحدة ستساعد ظاهريا في استقرار الوضع فيما ستواصل إدارة الأزمة واقعيا وتمنح شرعية لمصالح مكتسبة وإدامة لهياكل السلطة ذاتها المسؤولة عن المستنقع الليبي ما يجعل المجتمع الدولي محاصرا بين خيارين لا ثالث لهما.

وبين التقرير أن هذين الخيارين يتمثلان في تسهيل ولادة حكومة الوحدة هذه بكل عيوبها المتأصلة أو الاستسلام للوضع الراهن المتقلب طويل الأمد محذرا من مغبة الابتعاد الدولي عن المشاركة والاختيار المتمثلة بالمخاطرة بتفاقم عدم الاستقرار.

وبين التقرير أن التحدي الماثل الآن هو تحقيق توازن دقيق بين تأمين الاستقرار وعدم ترسيخ مشهد سياسي غير مستجيب للإصلاح الديموقراطي مشيرا إلى أن هذا يتم من خلال إعادة تقييم الأولويات ومواءمة المصالح الإقليمية.

وأضاف التقرير إن هذا يتم أيضا من خلال التركيز على حلول طويلة الأجل بدلا من مكاسب قصير أجلها في وقت لا زال فيه بإمكان المجتمع الدولي المساهمة بطريقة هادفة في استقرار ليبيا والمساعدة في منع المزيد من الدمار وتجنب تهديدات مباشرة للأمن الإقليمي والعالمي.

ترجمة المرصد – خاص

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

محمد يوسف: تونس كانت أول دولة تنطلق منها شرارة الربيع العربي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أوضح محمد بن يوسف، سفير تونس بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، أن تونس كانت أول دولة تنطلق منها شرارة الربيع العربي، حيث رحل الرئيس بن علي في 14 يناير 2011، وفي اليوم التالي كان هناك رئيس مؤقت وفقًا للدستور. 

وأكد أن وعي الشعب التونسي ونضجه، بالإضافة إلى نسبة التعليم المرتفعة، ساهموا في تجنب البلاد للأعمال العنفية والتوترات التي رافقت تلك الفترة.

وأشار إلى أن العلاقات بين تونس ومصر شهدت اتصالات دائمة، إذ لا يمر شهر أو شهرين إلا وتتم لقاءات على أعلى المستويات، سواء على الصعيد العربي أو الدولي، موضحًا أنه في 6 أكتوبر الماضي، كانت تونس قد أجرت انتخابات رئاسية، وتلقى الرئيس قيس سعيد تهنئة خاصة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عبر اتصال هاتفي.

وتطرق إلى مسيرة تونس الديمقراطية بعد 2011، قائلًا إن الوضع كان مشابهًا لما مرت به مصر، حيث كانت هناك محاولات لتحويل البلدين إلى أوضاع جديدة قد تكون بعيدة عن نسيج مجتمعيهما المنفتح. وأوضح أن تونس شهدت عشر سنوات من الاضطرابات بسبب عدم نجاح الطبقة السياسية في دفع البلاد نحو التقدم وتحقيق تطلعات الشعب التونسي الذي خرج في ثورة عام 2011.

وأضاف أنه بعد الثورة، انتقلت تونس من النظام الرئاسي إلى نظام برلماني مختلط، وكان هذا التحول صعبًا على الشعب الذي اعتاد النظام الرئاسي قبل 2010. 

وأشار إلى أن الدستور الجديد قسم السلطة بين ثلاث سلطات: رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة الذي يعينه الرئيس، ومجلس نواب الشعب الذي يشكل الحكومة، ولكن هذا الوضع أثار العديد من الأصوات المطالبة بتعديله.

وعن تطورات الأحداث بعد ذلك، قال بن يوسف إنه في 25 يوليو 2021، قام الرئيس قيس سعيد بتجميد مجلس النواب، بسبب الأوضاع المتدهورة والصراعات التي كانت تزعج المجتمع التونسي. 

وأكد أن الرئيس قيس سعيد بدأ مسارًا إصلاحيًا جديدًا يهدف إلى تعزيز حقوق الإنسان والحريات، ويعتمد على تطبيق القانون بشكل عادل على الجميع، بعد أن كانت هناك تجاوزات في تطبيق القانون في العقد الماضي.

وتابع أنه تم تنظيم انتخابات تشريعية ومحلية في إطار هذا الإصلاح، وأسفرت عن انتخاب مجلس نواب جديد.

وفي أكتوبر الماضي، أظهرت نتائج الانتخابات فوز الرئيس قيس سعيد بفترة رئاسية جديدة مدتها خمس سنوات، بنسبة 90.69%، بمشاركة 2.8 مليون تونسي، ورفع الرئيس شعار محاربة الفساد خلال فترته القادمة.

مقالات مشابهة

  • يشتبه في وفاته جنائيا.. مفاجأة في التقرير الطبي لوفاة الملحن محمد رحيم
  • لاریجاني: إيران وأمريكا أمام وضع جديد فيما يخص الاتفاق النووي
  • بالفيديو.. كيف أثرت أحداث 2011 وكورونا على ظهور سفاح التجمع؟
  • مصدر سياسي كردي:عقدة تشكيل حكومة الإقليم التمسك برئاستي الإقليم والحكومة من قبل حزب بارزاني
  • 30 ألف طفل قتلوا في سوريا منذ 2011.. و5 آلاف معتقل أو مختف قسري
  • تيك توك تتعهد عبر شفق نيوز بتعزيز الرقابة وحماية الأطفال من المحتوى غير الملائم
  • خبير: حكومة إسرائيل تقف أمام مفاوضات التهدئة.. ونتنياهو «انتهى» سياسيًا
  • المنسق الأممي: حل الدولتين لا يزال يحظى بإجماع عالمي
  • المنسق الأممي: حل الدولتين لا يزال يحظى بإجماع دولي
  • محمد يوسف: تونس كانت أول دولة تنطلق منها شرارة الربيع العربي