اجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما حكم التوائم الملتصقة في الميراث باعتبارهم وارثين أو موروثين؟ وما حكمهم من حيث الحجب وعدمه؟ وما يتعلق بهم من أحكام؟". 

لترد دار الإفتاء المصرية، موضحة: أن التوائم الملتصقة إذا كانت من نوع الطفيلية -وهي التي تكون في صورة جسدٍ واحدٍ ينمو بشكلٍ صحيحٍ ويحمل أعضاء أو زوائد إضافية تتنوع بحسب موطن الاتصال، وتفتقد تلك الأعضاء أو الزوائد مقوِّمات الحياة بشكلٍ مستقلٍّ- أو من نوع شبه المكتملة -وهي التي تشترك في أحد مُقوِّمات الحياة أو في كليهما، كالمخ والقلب على اختلافٍ فيهما، بحيث لا يمكن أن يستقل أحدُ طرفيها بحياة عن الآخر، وإذا أمكن فصلُهما فَقَدَ أحدُهما حياته- فتعامل في الصورتين معاملة الشخص الواحد في الإرث، من غير نظر إلى زائدٍ، أو فاقدٍ لأحد مُقَوِّمات الحياة أو كليهما، بخلاف ما لو كانت من نوع المكتملة الذي يستقل كِلا طرفيها بالحياة إذا ما انفصلا: فظاهر اعتبارهما شخصين في الميراث كما لو كانا منفصلين، فيكون لهما ميراث شخصين إذا مات عنهما مورِّثُهما، ويكون أحدهما ضمن ورثة الآخر إذا مات عنه قبله، وتكون تركةُ كلٍّ منهما لورثته إذا ماتَا معًا، وكذا في الحجب، ومَرَدُّ معرفة حقيقة التوأم ومدى اندراجه تحت أيٍّ من الأنواع إنما يكون بالرجوع إلى الأطباء المختصين.

بيان المقصود بالتوائم

التوائم الملتصقة مِن آيات الله - تعالى- المعجزة الدالَّة على عظيم قدرته في اختلاف مخلوقاته أنواعًا وأحوالًا، قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ﴾ [الروم: 22].

والتوائم جمع توأم، وهو اسم لولدٍ يكون معه آخر في بطنٍ واحدةٍ، وهما توأمان، وقد يجمع أيضًا على تُؤَام، ويستعار في جميع المزدوجات، وأصله ذلك. ينظر: "طلبة الطلبة" للعلَّامة النسفي (ص: 135، ط. العامرة)، و"المصباح المنير" للعلَّامة الفيومي، مادة: «ت و م» (1/ 78، ط. المكتبة العلمية).

بيان أحكام الميراث للتوائم الملتصقة وفق ثلاث صور

التوائم الملتصقة تنقسم من حيث اشتراك أفرادها في جملةٍ من الخصائص إلى ثلاث فئات رئيسة، يختلف كلٌّ منها في طبيعته وفق الخلل الجيني الذي نشأ عنه والبنية التشريحية لجسده؛ ومن ثَمَّ فتختلف الأحكام الفقهية بهذا الاعتبار، لِمَا ينتج عن ذلك من اعتباره شخصًا واحدًا أو اثنين، ومن ثَمَّ فبيان أحكام الإرث للتوائم يكون وفق الصور الآتية:

الصورة الأولى: أحكام الميراث المتعلقة بالتوائم الطفيلية
الصورة الأولى: التوائم الطفيلية، وهي التي تكون في صورة جسدٍ واحدٍ ينمو بشكلٍ صحيحٍ ويحمل أعضاء أو زوائد إضافية تتنوع بحسب موطن الاتصال، وتفتقد تلك الأعضاء أو الزوائد مقوِّمات الحياة بشكلٍ مستقلٍّ، والناظر في نصوص الفقهاء يجد أنَّهم قد عاملوا هذا النوع من التوائم معاملة الشخص الواحد في الطهارة وفي أحكام القصاص والدية، ملاحظين في ذلك الأعضاء الظاهرة والأساسية.

قال العلامة الحطاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 194، ط. دار الفكر) في كيفية وضوء التوأم: [قال: في "السليمانية" في امرأةٍ خُلِقَت من سرتها إلى أسفل خِلْقَة امرأةٍ واحدةٍ وإلى فوق خِلْقة امرأتين: أنها تَغْسِلُ منها محل الأذى، وتَغْسِلُ الوجهين فرضًا أو سنةً، والأيدي الأربع، وتمسح الرأسين وتَغْسِلُ الرجلين، نقله عنها ابن عبد السلام وابن عرفة وابن ناجي وغيرهم] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (4/ 90، ط. دار الكتاب الإسلامي) في أحكام الغُرة عند إسقاط جنين التوأم: [(وكذا) لو ألقت (ثلاثًا، وأربعًا) من الأيدي أو الأرجل (ورأسين) لإمكان كونهما لجنينٍ واحدٍ بعضها أصلي وبعضها زائد... وظاهر أنه يجب للعضو الثالث فأكثر حكومة، (وإن ألقت بدنين) ولو ملتصقين (فغرتان) إذ الواحد لا يكون له بدنان، فالبدنان حقيقة يستلزمان رأسين، فلو لم يكن إلا رأس فالمجموع بدنٌ واحدٌ حقيقةً فلا تجب إلا غرة واحدة] اهـ.

وتنزيلًا لما قرَّره الفقهاء في هذه النصوص فإنَّ هذا النوع من التوائم يُعامل معاملةَ الشخص الواحد في مسائل الإرث من حيثُ كونُه وارثًا أو مورِّثًا، وكذا من حيثُ الحجب، دون اعتبار للجزء الزائد الملتصق به؛ لعدم استقلاله بحياة.

الصورة الثانية: أحكام الميراث المتعلقة بالتوائم المكتملة "السيامية"
الصورة الثانية: التوائم المكتملة: وهي التي تتحقق كافةُ مقومات الحياة في كِلَا طرفيها، بحيث إذا أمكن فصلهما استقلَّ كلٌّ منهما بحياته عن الآخر، ومما يُميِّزُ هذا النوع أنه لا يكون إلا من جنسٍ واحدٍ، إما ذَكَرين أو أُنْثَيين، ولا يمكن أن يكون أحدهما ذكرًا والآخر أنثى، كما يمكن أن يَمُوتَ أحدُهما ويبقى الآخر بعده زمنًا، واشتهر تسمية هذا النوع طبيًّا بـ"التوائم السيامية".

وقد بحث الفقهاء إرث التوائم في هذه الصورة، فنصوا على أنهما شخصان حقيقة، وأنَّ لهما حكم الاثنين في جميع الأحكام.

فجاء في "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني الشافعي (2/ 407، ط. دار الكتب العلمية) في أحكام التوأمين الملتصقين: [إنهما شخصان حقيقة بدليل أنهما يحجبان الأم من الثلث إلى السدس] اهـ.

وقال أيضًا (4/ 18) عند الكلام على حجب الأم حجب نقصان من الثلث إلى السدس بالأخوين: [تنبيه: قوله: (اثنين) قد يشمل ما لو ولدت امرأة ولدين ملزقين، لهما رأسان وأربع أرجل وأربع أيد وفرجان ولها ابن آخر، ثم مات هذا الابن وترك أمه وهذين، فيصرف لها السدس، وهو كذلك؛ لأن حكمهما حكم الاثنين في سائر الأحكام من قصاص ودية وغيرهما] اهـ.

وقال الإمام الدميري في "النجم الوهاج" نقلًا عن الإمام ابن القطان (6/ 135، ط. دار المنهاج): [في (فروع ابن القطان): إذا ولدت ولدين ملتصقين لهما رأسان وأربعة أرجل وأربعة أيد وفرجان.. فحكمهما حكم الاثنين في جميع الأحكام، فتحجب الأم بهما، وميراثهما ميراث اثنين] اهـ.

وبهذا يظهر أن التوائم المكتملة أو ما اشتهر بـ"التوائم السيامية" التي يتصل طرفاها ويلتصقان في جزءٍ منهما مع انفراد كلٍّ منهما بمقومات الحياة واستقلاله إذا ما انفصل -أنهما يعتبران شخصين في أحكام الميراث، من حيث كون كلٍّ منهما وارثًا أو مورِّثًا، وكذا من حيث الحجب.

الصورة الثالثة: أحكام الميراث المتعلقة بالتوائم شبه المكتملة
الصورة الثالثة: التوائم شبه المكتملة: وهي التي تشترك في أحد مُقوِّمات الحياة أو في كليهما، كالمخ والقلب على اختلافٍ فيهما، بحيث لا يمكن أن يستقل أحدُ طرفيها بحياة عن الآخر، وإذا أمكن فصلُهما فَقَدَ أحدُهما حياته، وقد بحث الفقهاء هذا النوع وجعلوا له أحكامًا خاصة، تختلف باختلاف بابها، فجاء في "الأشباه والنظائر" لتاج الدين السبكي (2/ 130، ط. دار الكتب العلمية): [فلو خُلِقَ له وجهان وجب غسلهما، ولو خُلِقَ له رأسان كفى مسح أحدهما، ولينظر هنا اليدين المتساويتين، والمتميز منهما الزائد، والشعور الخارجة عن العادة وغير ذلك] اهـ.

وبذلك يُعلم أنَّ التوائم شبه المكتملة التي لا يمكن أن يستقل أحد طرفيها بحياته عن الآخر؛ لاشتراكهما في أحد مُقَوِّمَات الحياة أو في كليهما تجري عليها أحكام الميراث كالشخص الواحد، من حيث كونه وارثًا أو مورِّثًا، وكذا من حيث الحجب.

الخلاصة
بناءً على ذلك: فالتوائم الملتصقة إذا كانت من نوع الطفيلية وشبه المكتملة فتعامل معاملة الشخص الواحد في الإرث، من غير نظر إلى زائدٍ، أو فاقدٍ لأحد مُقَوِّمات الحياة أو كليهما، بخلاف ما لو كانت من نوع المكتملة الذي يستقل كِلا طرفيها بالحياة إذا ما انفصلا: فظاهر اعتبارهما شخصين في الميراث كما لو كانا منفصلين، فيكون لهما ميراث شخصين إذا مات عنهما مورِّثُهما، ويكون أحدهما ضمن ورثة الآخر إذا مات عنه قبله، وتكون تركةُ كلٍّ منهما لورثته إذا ماتَا معًا، وكذا في الحجب، ومَرَدُّ معرفة حقيقة التوأم ومدى اندراجه تحت أيٍّ من الأنواع إنما يكون بالرجوع إلى الأطباء المختصين.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء التوائم الملتصقة أحکام المیراث کانت من نوع لا یمکن أن هذا النوع یمکن أن ی فی أحکام عن الآخر وهی التی إذا مات أحکام ا أحد م ق ما حکم من حیث إذا ما

إقرأ أيضاً:

هل يجوز قراءة الفاتحة في السجود أو الركوع؟.. الإفتاء توضح

أوضحت دار الإفتاء المصرية أن قراءة سورة الفاتحة أثناء الركوع أو السجود يتوقف على نية القارئ.

 فإن كانت النية هي تلاوة القرآن، فإن ذلك يُكره، استنادًا لحديث النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: "ألا وإني نُهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فَقَمِنٌ أن يُستجاب لكم".

وأضافت الدار، في ردها على سؤال حول حكم قراءة الفاتحة في الركوع أو السجود بقصد الدعاء، أن قراءة الفاتحة بهذه النية لا تُكره، لأنها حينها تُعد من باب الدعاء والثناء على الله، وليس تلاوة للقرآن.

هل يجوز تكرار الفاتحة مرتين في الركعة الواحدة.. دار الإفتاء توضحهل الأيام البيض هي الست من شوال؟ دار الإفتاء تجيبحكم من أكل أو شرب ناسيا في صيام النفل.. دار الإفتاء تجيبهل يشترط الترتيب في قضاء الصلاة الفائتة؟ دار الإفتاء توضح آراء الفقهاء

وقد أوردت الدار ما جاء في كتاب "تحفة المحتاج في شرح المنهاج" للإمام ابن حجر الهيتمي الشافعي: "تُكره القراءة في غير القيام للنهي عنها"، كما علّق العلامة الشرواني على ذلك بقوله: "الزركشي ذكر أن الكراهة تكون فقط إذا قصد بها القارئ القرآن، أما إذا قصد الدعاء والثناء فحكمها كمن قنت بآية من القرآن، فلا تكون مكروهة".

ويتضح من ذلك أن النية هي الفيصل في الحكم، فإذا كانت القراءة بقصد الدعاء، فلا كراهة فيها، أما إن كانت بنية تلاوة القرآن، فتُعد مكروهة في الركوع والسجود.

دعاء الركوع مأثور عن النبي 

قالت دار الإفتاء إن الدعاء في الركوع مستحب، فعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي" أخرجه البخاري في صحيحه.

وأوضحت الإفتاء فى فتوى لها، أن الخطيب الشربيني ذكر في كتابه "مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج" (1/ 366): «وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ فِي الرُّكُوعِ؛ لِأَنَّهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «كَانَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي».

مقالات مشابهة

  • حكم رفض البائع استرجاع السلع بعد بيعها.. الإفتاء توضح
  • الإفتاء توضح حكم التعصب الكروي بين جماهير الأهلي والزمالك
  • أخطاء شائعة عن صيام الست من شوال.. الإفتاء توضح حكمها
  • هل تُشترط الإقامة قبل الصلاة لمن يؤدها منفردًا؟.. دار الإفتاء توضح
  • حكم ترديد أدعية من القرآن في السجود.. الإفتاء توضح
  • هل المصافحة بعد انتهاء الصلاة بين المصلين بدعة؟.. الإفتاء توضح
  • هل يجوز قراءة الفاتحة في السجود أو الركوع؟.. الإفتاء توضح
  • هل يجوز الاستخارة بالدعاء فقط دون الصلاة .. الإفتاء توضح
  • هل التوسل بالنبي في الدعاء حرام شرعا؟.. الإفتاء توضح
  • هل تصح صلاة المرأة بجوار زوجها بسبب ضيق المكان؟.. الإفتاء توضح