المسلة:
2025-02-08@21:45:12 GMT

حروب الاستنزاف

تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT

حروب الاستنزاف

14 أغسطس، 2023

بغداد/المسلة الحدث:

ابراهيم العبادي

تزايدت نذر الحرب في منطقة الشرق الاوسط بشكل كبير في الاونة الاخيرة ،اسباب عديدة تدعو المراقبين الى ترجيح وقوع حرب محدودة على غرار حرب لبنان عام 2006،لكن انفجار الحرب قد لا يبقيها محدودة هذه المرة ،وبسبب هذه المخاوف تسعى الاطراف الدولية الى ضبط التصعيد عند حدود مسيطر عليها ،مع الاعتراف بغياب الضمانات التي تمنع انفلات الامور الى حرب موسعة .

صاحب المصلحة الاكبر في شن الحرب ،اليمين المتشدد الذي يقود حكومة الصقور في اسرائيل ، فعقيدة وفكر هذه الحكومة ميال الى استثمار الفرصة الراهنة لتوجيه ضربات مدمرة في سوريا ولبنان ، وتحديدا بضرب الالة العسكرية لحزب الله وفرض قواعد اشتباك جديدة ،وخلق ممكنات لتوازنات سياسية في المنطقة لايعود فيها (محور المقاومة ) عنصرا مهيمنا على المعادلة السياسية في لبنان ولا مؤثرا كثيرا في السياسة السورية .

الدافع لهذه الحرب التي تريدها حكومة نتنياهو ،الضرورة الستراتيجية التي تعتمدها لمنع ماتسميه التهديد الوجودي لامن اسرائيل والمتثل بانتشار القوى المسلحة (ميليشيات وفصائل ومنظمات ) قريبا من حدودها وبغطاء نووي ايراني !! .

نجحت اسرائيل في استثمار الفوضى في سوريا منذ اثني عشر عاما وقامت بفرض منطق عسكري -سياسي (قديم جديد)يقوم على المبادرة بضرب قواعد ومنشأت واسلحة تستخدمها قوى مسلحة عديدة على الاراضي السورية لمنع تنامي الوجود العسكري لايران وحلفائها (محور المقاومة )تفاديا لاحتمالات مستقبلية خطيرة مرتبطة بالمواجهة مع البرنامج النووي الايراني .

الفكر الستراتيجي لليمين الاسرائيلي لايرى غير الضربة الاجهاضية لمنع تقدم هذا البرنامج الى عتبة صنع السلاح النووي ،وهو يعتقد ان كلفة هذه الضربة اقل بكثير فيما لو خرجت الامور عن السيطرة وتقدم الايرانيون اكثر مما ينبغي رغم التطمينات الامريكية بانً واشنطن لن تسمح لايران بالوصول الى العتبة النووية وانها تراقب وترصد الفواعل المحلية (القوى المسلحة) المرتبطة بالستراتيجية الايرانية على امتداد خريطة المنطقة .غير ان هذه التطمينات المصحوبة بتنسيق عسكري واستخباري عالي المستوى عكستها الزيارات المتتابعة لمستشاري الامن القومي ووزراء الدفاع والخارجية وقيادة الاركان لم تثبط عزيمة الجناح اليميني الذي يقوده نتنياهو والمندفع باتجاه عمل عسكري واسع النطاق يحقق (لاسرائيل )نصرا ستراتيجيا على غرار حرب عام 1967 .

مايؤخر انفراد نتنياهو بقرار الحرب من دون ضوء اخضر امريكي ،محددات عديدة ،اولها الانشغال الامريكي بالحرب الروسية -الاوكرانية وتمركز اهتمام حلف الناتو على امن اوربا والمواجهة مع روسيا ،وثانيها اقتراب انتخابات الرئاسة الامريكية ،اذ يطمح الرئيس بايدن خوض الانتخابات بدون التورط بحروب ذات نتائج كارثية وبخسائر بشرية ومعاناة انسانية واسعة ، خصوصا وان انسحاب ادارة بايدن من افغانستان عام 2021 اشعر المخططين الستراتيجيين الامريكيين بالتريث في اعتماد سياسة الحروب الصغيرة ،كونها كلفت الكثير ولم تحقق النتائج المرغوبة .

مايغري حكومة اليمين الصهيوني بالتفكير بشن حرب جديدة في لبنان وتشمل سوريا بنطاق اوسع ،هو التفكك المتزايد في بنية الدولة اللبنانية وتصاعد التوتر الطائفي وانهيار الاقتصاد ومستويات المعيشة واقتراب البلاد من حالة الفوضى الشاملة ،اضافة الى الصعوبات الشديدة التي يواجهها الحكم في سوريا امنيا واقتصاديا وعسكريا ، وعدم رغبة ايران في التورط بحرب كبيرة لاتملك الامكانات المالية لتمويلها ،علاوة على اعتماد ايران على ستراتيجية تحاشي الحرب المباشرة مع امريكا واسرائيل واعتمادها على القوى المحلية للنيابة عنها في ذلك .
تلميحات الامين العام لحزب الله الاخيرة بان هناك تحريضا عربيا (سعوديا )على لبنان ، ترافق مع دعوة الرعايا الخليجيين لمغادرة لبنان على جناح السرعة ،والتوتر الامني المتزايد في لبنان خاصة بعد مواجهات مخيم عين الحلوة الفلسطيني ،كلها مؤشرات على ان المنطقة مقبلة على احتمالات انفجار الحرب ،تحاول واشنطن تفاديها باغراء اسرائيل بمكاسب امنية وسياسية واقتصادية عبر الدفع بمشروع التطبيع مع السعودية مع تحقيق بعض المطالب الفلسطينية .

الستراتيجية الامريكية تراهن على تغيير اتجاهات التفكير والفعل الثقافي والاقتصادي المصحوب بسياسات الاحتواء والضغط العسكري بدل التدخل العسكري ،فالشعوب التي بلغت حد الاعياء من تردي مستويات المعيشة وسوء الخدمات وضعف الحوكمة والفساد ،باتت تفكر بمصالحها بنحو مغاير لفكر المواجهة العسكرية المستمرة ،فالصراع في المنطقة لايمكن حسمه سريعا حتى يمكن الاعتماد على التعبئة الايديولوجية وحدها ،انه صراع امتد لاجيال وسيمتد لاجيال اخرى ،والصمود في هذه المواجهة يتطلب العيش وبناء القدرات وحوكمة السياسات والاقتصادات واحترام الانسان ليكون في مستوى المواجهة .

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)

سألني كثيرون عن عدم ذكر شرائح مجتمعية مهمة كان لها إسهام كبير في هزيمة مشروع حميدتي الانقلابي.

لكن القائمة التي أوردتها لم تكن حصرية لمصادر القوة الخفية الناعمة في الدولة السودانية، بل كانت مجرد نماذج، دون أن يعني ذلك امتيازها على الآخرين.

بدأت أشعر بالقلق من أن معارك جديدة ستنشب بعد الحرب الحالية، محورها: من صنع النصر؟ ومن كانت له اليد العليا فيه؟!
لا شك أن هناك من لعبوا أدوارًا مركزية في هزيمة مشروع الميليشيا بعيدًا عن الأضواء، وسيأتي ذكرهم في يوم ما.

بعض الأصدقاء والقراء لاموني على عدم ذكر مشاركة السلفيين وجماعة أنصار السنة، وآخرون تساءلوا عن عدم الإشارة إلى دور الشعراء وكبار المغنيين، مثل الرمز والقامة عاطف السماني.
أما اللوم الأكبر فجاء من عدد كبير من القراء، بسبب عدم التطرق لدور الإعلاميين، لا سيما في الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي.

نعم، لم تكن الحرب التي اندلعت في السودان يوم 15 أبريل 2023 مجرد مواجهة عسكرية تقليدية بين جيش نظامي ومجموعة متمردة، بل كانت حربًا شاملة استهدفت الدولة والمجتمع معًا.
فبينما كانت الرصاصات والقذائف تحصد الأرواح، كانت هناك معركة أخرى، لا تقل ضراوة، تدور في ميدان الوعي والمعلومات، حيث لعب الإعلام الوطني الحر دورًا محوريًا في التصدي لهذا المشروع الغاشم.

في بدايات الحرب، أصيبت مؤسسات الدولة بالشلل، وغابت الأجهزة التنفيذية والإعلام الرسمي.
أما القوات المسلحة، فكانت محاصرة بين الهجمات الغادرة ومحاولات التمرد فرض واقع جديد بقوة السلاح.

وفي تلك اللحظة الحرجة، برز الإعلام كسلاح أمضى وأشد فتكًا من المدافع، يخوض معركة الوعي ضد التزييف والخداع، ويقاتل بالحجة والمنطق لكشف الحقائق ودحض الأكاذيب.
راهن المتمردون ومناصروهم على التلاعب بالسردية الإعلامية، فملأوا الفضاء الرقمي بالدعاية والتضليل، محاولين قلب الحقائق وتقديم أنفسهم كقوة منتصرة تحمل رسالة الحرية والديمقراطية.

لكن الإعلام الوطني الحر كان لهم بالمرصاد، فكشف فظائعهم، وفضح انتهاكاتهم، وعرّى أكاذيبهم.
لم تعد جرائمهم مجرد روايات ظنية مبعثرة، بل حقائق موثقة بالصوت والصورة، شاهدة على مشروعهم القائم على النهب والدمار وإشاعة الفوضى.

لم يكتفِ الإعلام بتعرية التمرد، بل حمل لواء المقاومة الشعبية، فكان منبرًا لتحفيز السودانيين على الصمود، وحشد الطاقات، وبث روح الأمل.

اجتهد الإعلام الوطني في رفع معنويات الجيش، مؤكدًا أن هذه ليست نهاية السودان، وأن القوات المسلحة ستنهض مهما تكالبت عليها المحن، وأن الشعب ليس متفرجًا، بل شريك أصيل في الدفاع عن وطنه.
لم يكن هذا مجرد تفاعل إعلامي عابر، بل كان إعادة تشكيل للوعي الجمعي، وصناعة رأي عام مقاوم يحمي السودان من السقوط في مستنقع الفوضى.

ومع مرور الوقت، استعاد الجيش أنفاسه، وعاد أكثر تنظيمًا وقوة، والتحم بالمقاومة الشعبية التي بشّر بها الإعلام.

وهكذا، تحولت الحرب من مواجهة بين جيش ومتمردين إلى معركة وطنية كبرى ضد مشروع تدميري عابر للحدود.

لقد أثبت الإعلام الوطني أن الكلمة الصادقة، حين تكون في معركة عادلة، تملك من القوة ما يعادل ألف طلقة، وأن الوعي، حين يُدار بذكاء وصدق، يصبح درعًا لا يخترقه التضليل، وسيفًا يقطع أوهام الباطل من جذورها.

هكذا انتصر السودان في معركة الوعي، وهكذا هُزم التمرد قبل أن يُهزم في ميادين القتال.

ضياء الدين بلال

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • خبير سياسي: مصر تقف أمام حالة الفوضى التي تقودها إسرائيل في المنطقة «فيديو»
  • كينشاسا مدينة ليوبولد التي استعادت أفريقيتها
  • هل تم أسرُ عناصر لـحزب الله في سوريا؟
  • أبرز القضايا التي ناقشها الشرع مع ميقاتي.. ما قصة النازحين والودائع؟
  • تركيا تخطط لإنشاء قواعد عسكرية في سوريا وتوسيع نفوذها
  • قتل المدينة.. ذكريات تتلاشى في ضاحية بيروت التي دمرتها إسرائيل
  • رئيس الاستخبارات الإسرائيلية يحذر من خطة ترامب.. ستشعل المنطقة
  • 3 لبنانيين احتجزتهم قسد في سوريا... هذا آخر خبر عنهم
  • حروب نتنياهو لم تنتهِ بعد
  • ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)