الجزيرة:
2024-12-22@08:01:33 GMT

كيف تثبت كلمة واحدة عجز الذكاء الاصطناعي؟

تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT

كيف تثبت كلمة واحدة عجز الذكاء الاصطناعي؟

تنامى استخدام روبوتات الذكاء الاصطناعي في الآونة الأخيرة بفضل قدراتها الواسعة واعتمادها على نماذج اللغة الكبيرة التي تجعلها قادرة على توليد النصوص بشكل يماثل البشر، فضلا عن كتابة الأكواد البرمجية المختلفة أو الإجابة على الأسئلة والتحديات الموجهة إليها.

ورغم هذه القدرات المذهلة التي تحاكي البشر في بعض الأحيان، فإن نماذج الذكاء الاصطناعي هذه ما زالت قاصرة في وجه بعض التحديات البسيطة التي تتطلب آلية تفكير بشرية وقدرة على استنتاج المعلومات بشكل صحيح.

ويظهر هذا العجز بوضوح في تحدي إحصاء الحروف المتكررة في الكلمات مثل كلمة فراولة بالإنجليزي "ستروباري" (Strawberry) أوهيبوبوتمس (hippopotamus) مثلا، إذ تقدم نماذج الذكاء الاصطناعي على اختلافها إجابات خاطئة في كل مرة يتم توجيه هذا السؤال إليها.

عجز عن عد الحروف

يستطيع الذكاء الاصطناعي تلخيص أي نص مهما كان مع الحفاظ على النص الأصلي، كما أنه قادر على إجابة التحديات المختلفة والمسائل اللغوية المتنوعة، فضلا عن كتابة أكواد برمجية وتصحيح أكواد برمجية أخرى، وهو الأمر الذي أوهم كثيرين بأن قدرات الذكاء الاصطناعي غير محدودة.

ويظهر السؤال السابق عجز الذكاء الاصطناعي على التعرف على الحروف في كلمة واحدة وتقديم عدد صحيح لها، ورغم بساطة هذا السؤال، فإن الذكاء الاصطناعي يخفق فيه بكل مرة، ويعود السبب في ذلك إلى آلية عمل الذكاء الاصطناعي وطريقة تعامله مع الحروف والكلمات المختلفة.

ورغم التصور الشائع عن الذكاء الاصطناعي، فإنه ليس قادرا على التعامل مع الكلمات والحروف بالشكل الذي يتعامل به البشر فهو لا يعتبر النصوص والحروف والأرقام جزءا من مدخلاته التي يستطيع تحويلها وفهمها، ويعتمد بدلا من ذلك على رموز تدعى "توكين" (Token)، وهي آلية ترميز تدعى (tokenization) تحول الحروف والنصوص إلى أرقام يستطيع الذكاء الاصطناعي فهمها.

وتختلف آلية عمل الترميز بين نموذج ذكاء اصطناعي وآخر، وفي بعض الأحيان تختلف داخل النموذج الواحد بناء على طريقة توجيه السؤال له، ولكن في المجمل، فإن جميع نماذج الذكاء الاصطناعي تعتمد على آليات الترميز، وهي الآليات التي تقيس عبرها معدل الاستخدام والاستهلاك للنموذج، فضلا عن وضع تسعير استخدام النموذج في النماذج المدفوعة.

وفي بعض الحالات، يقوم الذكاء الاصطناعي بتقسيم كلمة مثل "سلسبيل" إلى مقطعين، أي إلى "سلس" و"بيل" وفي بعض الأحيان الأخرى "سل" س" "بيل"، أي إلى 3 مقاطع مختلفة، وعبر هذه المقاطع، يستطيع الذكاء الاصطناعي توقع الإجابة أو الكلمة التالية للمقطع، وهذا يعني أن الذكاء الاصطناعي لا ينظر إلى كلمة "سلسبيل" على أنها مكونة من الحروف الفردية "س" ل" "س"ب"ي"ل"، وبالتالي لا يمكنه عد حرف "س" المذكور في الكلمة، لأنه لا يرى الحرف منفردا، بل يرى المقطع الذي يضم الحروف، وإذ ظهر الحرف في 3 مقاطع، فإن هذا يجعل الذكاء الاصطناعي يظن أن الكلمة تضم 3 حروف "س" حتى وإن كانت تضم حرفين فقط.

النماذج الاحترافية المدفوعة مثل "أو 1" من "شات جي بي تي" قادرة على تخطي مشكلة "الفراولة" بشكل كبير (شترستوك) هل يمكن تخطي هذه العوائق؟

سرعة تطور نماذج الذكاء الاصطناعي في الآونة الأخيرة تشير إلى أن النماذج المستقبلية قد لا تواجه مثل هذه العوائق، ولا يمكن القول إن هذا العائق يصعب تخطيه، إذ إن النماذج الاحترافية المدفوعة مثل "أو 1" من "شات جي بي تي" قادرة على تخطيه بشكل كبير، وهذا لأنها تعتمد على آلية عمل مختلفة تدعى "المنطق".

وفي آلية عمل المنطق تخضع الكلمات والحروف إلى عملية ترميز أكثر دقة، وبالتالي قدرة أكبر على فهم الحروف والكلمات دون الاقتصار على آلية المقاطع المذكورة سابقا، وبالتالي تقديم نتائج أكثر دقة وأعلى جودة من نماذج الذكاء الاصطناعي المجانية، بالطبع تتطلب آلية عمل "المنطق" موارد أكثر من آليات العمل المعتادة لدى الذكاء الاصطناعي، وبالتالي تطلب تكلفة أعلى من كلفة النماذج المجانية، وهو ما كان واضحا في تسعير نموذج "أو 1" من "شات جي بي تي".

هل الذكاء الاصطناعي عاجز؟

ورغم وجود هذه العوائق في آلية عمل نماذج الذكاء الاصطناعي، فإنه لا يعني عجز الذكاء الاصطناعي بشكل عام، إذ تفيد آلية الترميز والمقاطع التي تعتمد عليها نماذج الذكاء الاصطناعي في فهم الجمل والطلبات المركبة بشكل صحيح، لذا تجد الذكاء الاصطناعي بارعا في بعض الجوانب دون غيرها.

وبفضل آلية المقاطع، تظهر براعة الذكاء الاصطناعي في البرمجة وكتابة الأكواد، إذ يمكن بكل سهولة الآن جعل "شات جي بي تي" أو أي نموذج ذكاء اصطناعي آخر توليد نصوص عميقة ومفهومة بشكل كامل عبر الاعتماد على مجموعة من الأوامر المتتالية المباشرة.

وحتى في الوظائف التي تعتمد على هذه المهام، لا يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يمكنه استبدال البشر فيها، إذ لن يستطيع الوصول إلى آلية التفكير البشري المنطقية من أجل تقديم الحلول الملائمة للمشاكل المختلفة، فضلا عن ربط النتائج بالطلبات الموجهة إليه، خاصة إن كانت طلبات تحتاج إلى مهام خفية تتكون من أكثر من مرحلة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات نماذج الذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی فی شات جی بی تی آلیة عمل فضلا عن فی بعض

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي: ثورة عقلانية في فضاء التقنية الحديثة

في خضم التحولات التقنية الكبرى التي يشهدها العالم، يبرز الذكاء الاصطناعي كأحد أهم الابتكارات العلمية التي تمثل نقطة تحول في تاريخ البشرية. فقد تجاوز الذكاء الاصطناعي كونه تقنية جديدة إلى كونه مجالًا فلسفيًا وعلميًا يسعى إلى فك ألغاز العقل البشري ومحاكاته بأسلوب يثير إعجاب العلماء والمفكرين على حد سواء. ومع تعاظم تطبيقاته في مختلف الميادين، يغدو الذكاء الاصطناعي قاطرة تقود العالم نحو أفق جديد من الفرص غير المسبوقة، وكذلك التحديات التي تلامس جوهر وجود الإنسان.

تعريف الذكاء الاصطناعي وأبعاده المتعددة
الذكاء الاصطناعي هو مجال من مجالات علوم الحوسبة يهدف إلى تطوير أنظمة قادرة على محاكاة القدرات العقلية للبشر، مثل التفكير المنطقي، التعلم من التجارب، اتخاذ القرارات، وحل المشكلات. لكن ما يميز الذكاء الاصطناعي ليس فقط قدرته على تنفيذ المهام، بل أيضًا قدرته على التعلم والتكيف مع التغيرات، مما يجعله يشبه، وإن لم يكن يطابق، عمليات التفكير البشري.

هذا التعريف العلمي يغفل البعد الفلسفي العميق الذي يحمله الذكاء الاصطناعي، فهو يمثل محاولة لتفسير الذكاء البشري بآليات رياضية وبرمجية، ما يثير تساؤلات عميقة حول ماهية العقل ذاته. هل يمكن ترجمة المشاعر، الإبداع، والتفكير الأخلاقي إلى رموز خوارزمية؟ أم أن الذكاء الاصطناعي سيظل في جوهره تقنيًا لا روح فيه؟

الأثر الاقتصادي للذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي لا يُعدّ فقط ثورة في مجال التكنولوجيا، بل إنه إعادة تعريف لمفهوم الاقتصاد والإنتاجية. فقد أصبح أداة مركزية في تحقيق الكفاءة الاقتصادية من خلال تسريع العمليات، تقليل الأخطاء البشرية، وتقديم حلول مبتكرة. في القطاعات الصناعية، على سبيل المثال، تساهم الروبوتات الذكية في تحسين الإنتاج وخفض التكاليف. كما أظهرت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع الخدمات، مثل الطب والرعاية الصحية، إمكانيات هائلة في التشخيص المبكر للأمراض، وتخصيص خطط علاجية موجهة تعتمد على البيانات.
علاوة على ذلك، أصبح الذكاء الاصطناعي محركًا أساسيًا للاقتصاد الرقمي. فالشركات التي تستثمر في الذكاء الاصطناعي تشهد نموًا كبيرًا في الإيرادات، لا سيما مع تطور مجالات مثل تحليل البيانات الضخمة، تقنيات التعلم العميق، والشبكات العصبية الاصطناعية. وتشير الدراسات إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يسهم في تحقيق مكاسب اقتصادية عالمية تتجاوز تريليونات الدولارات خلال العقد المقبل .

الأثر الاجتماعي والثقافي
على المستوى الاجتماعي، يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل العلاقات بين الأفراد والمؤسسات. فقد ظهرت أنماط جديدة من التفاعل الإنساني بفضل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل التعليم، حيث أصبحت منصات التعلم الإلكتروني تعتمد على تقنيات تحليل البيانات لتوفير تجربة تعليمية مخصصة لكل طالب. كما يتيح الذكاء الاصطناعي فرصًا لدمج الفئات المهمشة في المجتمع من خلال توفير أدوات تعزز من قدرتهم على التواصل والإنتاج.
لكن في الوقت ذاته، يثير الذكاء الاصطناعي قلقًا عميقًا حول تأثيره على القيم الإنسانية. إذ إن الأتمتة الواسعة قد تؤدي إلى تقليل فرص العمل التقليدية، ما يفاقم الفجوة بين الطبقات الاجتماعية. كما أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تراجع المهارات البشرية التقليدية، ويثير تساؤلات حول فقدان الإنسان لسيطرته على قرارات حيوية.

التحديات الأخلاقية والقانونية
لا يمكن الحديث عن الذكاء الاصطناعي دون التطرق إلى التحديات الأخلاقية التي يطرحها. فالقدرة على معالجة كميات هائلة من البيانات وتحليلها بأسلوب يفوق القدرات البشرية يثير مخاوف حول الخصوصية وسوء الاستخدام. على سبيل المثال، تعتمد الشركات الكبرى على خوارزميات ذكاء اصطناعي لجمع وتحليل بيانات المستخدمين، ما يثير تساؤلات حول حدود استخدام هذه البيانات ومدى احترامها لحقوق الأفراد.
من ناحية أخرى، يواجه المشرعون صعوبة في تطوير أطر قانونية قادرة على مواكبة التطورات السريعة للذكاء الاصطناعي. كيف يمكن تحديد المسؤولية القانونية إذا اتخذ نظام ذكاء اصطناعي قرارًا تسبب في ضرر؟ وهل يمكن محاسبة الشركات أو الأفراد الذين صمموا هذه الأنظمة؟ هذه الأسئلة تعكس حاجة ملحة إلى وضع أطر تشريعية توازن بين الابتكار وحماية الحقوق.

الإبداع والذكاء الاصطناعي
من بين أكثر الجوانب إثارة للجدل هو تأثير الذكاء الاصطناعي على الإبداع. هل يمكن لنظام ذكاء اصطناعي أن يكون مبدعًا؟ الإجابة ليست بسيطة. فبينما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يولّد أعمالًا فنية، يؤلف الموسيقى، ويكتب النصوص، فإنه يفتقر إلى الحس الإنساني الذي يمنح الإبداع معناه العميق. فالذكاء الاصطناعي يعتمد على تحليل الأنماط والبيانات السابقة، مما يجعله “مقلدًا ذكيًا” أكثر من كونه مبدعًا حقيقيًا.

مستقبل الذكاء الاصطناعي
لا شك أن الذكاء الاصطناعي سيواصل تطوره ليصبح جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للبشرية. لكن السؤال الذي يظل قائمًا هو: كيف يمكن للبشرية أن تضمن استخدام هذه التقنية بطريقة تخدم مصالحها وتُعزز من قيمها الأخلاقية؟ الإجابة تكمن في بناء شراكة بين الإنسان والآلة، شراكة تستند إلى التفاهم العميق للحدود والقدرات، وإلى رؤية واضحة لمستقبل يشكل فيه الذكاء الاصطناعي وسيلة للارتقاء، وليس أداة للهيمنة.

الذكاء في خدمة الإنسانية
في نهاية المطاف، يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة نادرة لإعادة تعريف معاني التقدم والإبداع. لكنه يحمل في طياته مسؤولية كبيرة تتطلب من البشرية تبني نهج شامل ومتزن، يوازن بين الطموح التكنولوجي واحترام القيم الإنسانية. ولعل أعظم درس يمكن أن نتعلمه من هذه الثورة التقنية هو أن الذكاء، سواء كان طبيعيًا أو اصطناعيًا، لا يكتمل إلا إذا اقترن بالحكمة.


مقالات مشابهة

  •  بشأن الذكاء الاصطناعي.. منافسة شرسة بين غوغل و"ChatGPT" 
  • لما لم تُذكر كلمة "أرثوذكسية" في ترنيمة "كنيسة واحدة"؟.. الشاعر رمزي بشارة يشرح التفاصيل
  • كيف يمكن للعالم أن يحد من مخاطر الذكاء الاصطناعي؟
  • الذكاء الاصطناعي: ثورة عقلانية في فضاء التقنية الحديثة
  • أدوات الذكاء الاصطناعي الأكثر شعبية في العام 2024 (إنفوغراف)
  • جوجل تدخل وضع الذكاء الاصطناعي الجديد إلى محرك البحث
  • أوكرانيا تجمع بيانات هائلة من الحرب مع روسيا لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي
  • «أسوشيتد برس»: فصل جديد لأمريكا مع الذكاء الاصطناعي
  • "الخرف الرقمي".. نتائج تقلب الموازين حول قدرات الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يقدم هدايا "الكريسماس" للاعبي ليفربول