«ليس ثقيلا إنه أخي».. طفلة فلسطينية تحمل شقيقتها تُحيي مأساة هيروشيما من جديد
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
صورة قاسية انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي حول العالم خلال الساعات الماضية، بطلتها طفلة فلسطينية صغيرة، تظهر عليها علامات الإنهاك والتعب الشديدين لكنها رغم ذلك تحمل شقيقتها الأصغر على ظهرها، أثناء سيرهما باتجاه خيمتهما في شمال غزة، لتكشف الصغيرة في الفيديو المتداول أنها سارت على قدميها لمسافة تخطت كيلو مترًا بشقيقتها ولم تشكو التعب.
وسرعان ما جرى تداول فيديو الطفلة الفلسطينية مع وضع أحد التعليقات عليه وهو «ليس ثقيلًا.. إنه أخي»، الذي لاقى انتشارًا واسعًا بين مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، ليعيد هذا التعليق والمشهد المأساوي الأذهان مجددًا، صورة الطفل الياباني الذي حمل شقيقه على ظهره في صورة أوجعت قلوب شعوب العالم بعام 1945 في أعقاب كارثة هيروشيما الإنسانية، فماذا حدث؟
في عام 1945 تم إرسال جو أودونيل، مصور محترف، من الجيش الأمريكي لتوثيق الأضرار التي لحقت باليابان بسبب الغارات الجوية بالقنابل الحارقة والقنابل الذرية.
وعلى مدى الأشهر السبعة التالية من مأساة هيروشيما، سافر المصور الأمريكي عبر غرب اليابان لتسجيل الدمار، وكشف محنة ضحايا القنبلة بما في ذلك القتلى والجرحى والمشردين والأيتام، لتأتي على رأس جميع الصور لقطة حُفرت في الأذهان وسجلها التاريخ لطفل يحمل شقيقه المتوفي على ظهره أمام محرقة الجثث، بحسب موقع «rare historical photos» العالمي.
قصة صورة الطفل اليابانيفي الصورة الشهيرة يقف الصبي منتصب القامة ويحمل على ظهره شقيقه المتوفي، إذ كان ينتظر دوره لنقل الجثمان إلى محرقة الموتى، وكان وقوفه منتبهًا دلالة واضحة على التأثير العسكري، ويحاول جاهدًا أن يكون شجاعًا رغم مرارة الأمر المفجع.
وحين وقف الطفل الياباني في انتظار دوره، جاءه أحد رجال الشرطة وطلب منه أن يلقي أخاه الميت عن ظهره حتى لا يتعب، ليجيبه الصغير: «إنه ليس ثقيلاً، إنه أخي»، لتبقى هذه العبارة شاهدة على مأساة لن ينساها التاريخ حتى اليوم.
تحول الصورة لفيلم يابانيبعد مرور أعوام طويلة تم تحويل قصة هذه الصورة لفيلم ياباني من إنتاج عام 1988 بعنوان «قبر اليراعات»، وهو فيلم مأساوي يتناول كفاح صبي صغير وأخته الصغيرة للبقاء على قيد الحياة في اليابان أثناء الحرب العالمية الثانية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: طفلة فلسطينية مأساة هيروشيما طفل ياباني الحرب العالمية الثانية على ظهره
إقرأ أيضاً:
منال الشرقاوي تكتب: فيلم رجل الابتسامة مأساة خلف القناع
"رجل الابتسامة" (The Smile Man) هو فيلم أمريكي قصير من بطولة الممثل المميز "ويليم دافو" (Willem Dafoe). لا تتجاوز مدته ثماني دقائق، لكنه يحتوي على رؤية سينمائية مميزة تكشف عن مفارقات المشاعر البشرية والتناقضات التي تسكنها. الفيلم يُقدم رسالة قوية حول الألم الذي قد يختبئ خلف قناع البهجة، ويُجسد من خلال أداء "دافو" المتقن رحلة إنسانية عميقة بين المظهر والجوهر.
يقدم الفيلم شخصية رجل تعرض لحادث سيارة مأساوي تسبب في تلف أعصاب وجهه، مما جعله يحمل ابتسامة دائمة لا تنفصل عن ملامحه. بينما تُعد الابتسامة رمزًا عالميًا للسعادة، تتحول في هذا الفيلم إلى لعنه تحاصر الشخصية وتدفعها إلى مواقف محرجة ومؤلمة. الناس يفسرون ابتسامته الدائمة على أنها سخرية، مما يزيد من عزلة الرجل ومعاناته النفسية.
الأحداث تصل إلى ذروتها عندما يلتقي بالمرأة التي اصطدمت سيارته بها في الحادث نفسه. تعيش المرأة ألمها الخاص بعد أن فقدت فرصة عملها كمراسلة صحفية نتيجة الحادث، الذي أصابها بخلل عصبي جعل عينيها تدمعان باستمرار. عندما اكتشفت أن ابتسامته ليست سوى شلل دائم في وجهه، أدركت أن معاناته تفوق ما تخيلت، وبدأت ترى في ابتسامته المزعومة مأساة تشبه دموعها التي لا يمكن السيطرة عليها.
الفيلم يُظهر تناقضًا عميقًا بين الشخصيتين؛ فذلك الرجل الذي لا يستطيع التوقف عن الابتسام، وتلك المرأة التي لا تستطيع منع دموعها، يعيشان مأساة متكاملة تعكس اغتراب الإنسان عن نفسه والآخرين، حيث تصبح المظاهر خادعة ولا تعبر عن المشاعر الحقيقية.
الإخراج والتصوير في فيلم "رجل الابتسامة" لعبا دورًا محوريًا في إبراز التوتر النفسي والمعاناة الداخلية للشخصيات. فقد تم توظيف زوايا الكاميرا بمهارة لإبراز البنية العاطفية المعقدة للشخصية الرئيسية؛ إذ استعان المخرج باللقطات المقربة (Close-ups) لتركز على ملامح وجه الرجل المبتسم، مما عزز من شعور المشاهد بالتوتر النفسي والانفصال الداخلي الذي يعانيه البطل. في المقابل، استخدمت اللقطات الواسعة (Wide Shots) لتضع الشخصية في إطار اجتماعي أوسع، مما يبرز مساحته المنعزلة ويعكس اغترابه ضمن محيطه.
أما الإضاءة؛ فقد جاءت كعنصر أساسي لتعزيز الدراما البصرية في الفيلم، حيث استخدمت تقنية الإضاءة المنخفضة (Low-Key Lighting) لتوليد تباين بصري قوي بين مناطق الضوء والظلال، مما عبر عن الصراع الداخلي بين الظاهر والمخفي في حياة البطل. الظلال الحادة (Sharp Shadows) أضافت بُعدًا من الغموض والألم النفسي، بينما استُخدمت الإضاءة الموجهة (Directional Lighting) لتسليط الضوء على ملامح الوجه التي باتت غير طبيعية، مُبرزًة المعاناة المكنونة خلف تلك الابتسامة المستمرة. هذا المزج بين تقنيات الإضاءة والكاميرا خلق تجربة بصرية متكاملة، تعكس ببراعة العبء النفسي للشخصيات وتضع المشاهد في قلب الصراع المأساوي الذي يدور حوله الفيلم.
يسلط الفيلم الضوء على الفجوة بين ما يشعر به الإنسان وما يُظهره للآخرين. الابتسامة ليست دائمًا فرحًا، والدموع ليست دائمًا ضعفًا. الفيلم يحمل رسالة فلسفية وإنسانية عميقة، تُذكّرنا بأننا غالبًا ما نحكم على الآخرين من خلال مظاهرهم، متجاهلين المعاناة التي قد تكون مختبئة خلف تلك الوجوه.
"رجل الابتسامة" هو فيلم قصير لكنه ممتلئ بالمعاني والدلالات التي تستحق التأمل. يعالج موضوعات عميقة مثل الألم الخفي، الانعزال الاجتماعي، والكيفية التي نتعامل بها مع مظاهر الآخرين. إنه عمل سينمائي يُبرز قدرة الأفلام القصيرة على تقديم قصص مؤثرة وذات مغزى بأسلوب بسيط ولكن فعال. الفيلم يذكرنا في النهاية بحقيقة إنسانية لا تتغير؛ ليست كل الوجوه تعكس الحقيقة، وما يظهر على السطح قد يكون مجرد قناع يخفي ما هو أكبر.