لا يخفى على المتابعين للشأن التركي الجهود الحثيثة التي يبذلها رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، ليضمن اختياره كمرشح حزب الشعب الجمهوري للانتخابات الرئاسية القادمة، والمسافة التي قطعها في هذا المسار بهدف الوصول إلى تحقيق حلمه، إلا أن هناك عوائق لم ينجح حتى الآن في إزالتها من أمام تقدمه، كما أن تطورات أخرى ظهرت في الآونة الأخيرة، قد تدفعه خارج السباق الديمقراطي لرئاسة الجمهورية قبل أن يخوضه.
العائق الأول أمام إمام أوغلو هو أنه ما زال ينافس مرشحَين محتملَين في داخل حزب الشعب الجمهوري، وهما: رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش، ورئيس الحزب أوزغور أوزل. وتظهر نتائج استطلاعات الرأي ياواش متقدما على إمام أوغلو، كما أن أوزل يرى نفسه مرشحا طبيعيا لرئاسة الجمهورية كرئيس حزب الشعب الجمهوري، حتى وإن حصل على ذاك المنصب بدعم إمام أوغلو.
هناك عوائق قانونية قد تحول دون ترشح إمام أوغلو للانتخابات الرئاسية؛ أولها تلك القضية التي باتت تعرف إعلاميا بـ"قضية الأحمق"، وهي قضية رفعها ضد إمام أوغلو بعض أعضاء الهيئة العليا للانتخابات حين أساء إليهم إمام أوغلو عام 2019 ووصفهم بــ"الحمقى"، لأنهم قرروا إعادة إجراء الانتخابات المحلية في إسطنبول، نظرا لما شابهها من شبهات تزوير ومخالفات.
قضية الأحمق ليست القضية الوحيدة التي تهدد المستقبل السياسي لإمام أوغلو وحلمه بالتربع على كرسي رئيس الجمهورية، بل هناك قضية أخرى بدأت تلوح في الأفق وقد تتفجر في أي لحظة، وهي قضية التحاق إمام أوغلو بالكلية التي تخرج منها، بشكل غير قانوني
القضاء التركي حكم على إمام أوغلو في كانون الأول/ ديسمبر 2022 بالسجن لمدة عامين وسبعة أشهر، بالإضافة إلى المنع من ممارسة العمل السياسي، إلا أن هذا الحكم تحول إلى محكمة التمييز الذي لم تصدر قرارها فيه حتى اللحظة. وهدّد إمام أوغلو بخروج مظاهرات واسعة في عموم البلاد لإسقاط الحكومة في حال صادقت محكمة التمييز على القرار الصادر بحقه. ورد عليه وزير العدل التركي يلماز تونتش، قائلا إن القضاء مستقل في قراراته في إطار الدستور والقوانين، ولا يمكن لأحد أن يرهب أعضاء السلطة القضائية بالتهديد بعصيان مدني.
قضية الأحمق ليست القضية الوحيدة التي تهدد المستقبل السياسي لإمام أوغلو وحلمه بالتربع على كرسي رئيس الجمهورية، بل هناك قضية أخرى بدأت تلوح في الأفق وقد تتفجر في أي لحظة، وهي قضية التحاق إمام أوغلو بالكلية التي تخرج منها، بشكل غير قانوني.
إمام أوغلو التحق بكلية إدارة الأعمال بجامعة إسطنبول عام 1990، إلا أنه لم يلتحق بها كبقية طلاب الكلية، عن طريق الحصول على درجة كافية في اختبارات الالتحاق بالجامعات التركية، بل التحق أولا بجامعة "غرنة" الأمريكية في قبرص الشمالية التركية، ثم انتقل منها إلى جامعة إسطنبول. وكان إمام أوغلو فشل في النجاح في اختبارات الالتحاق بالجامعات التركية، وذهب إلى تلك الجامعة الأهلية التي لم تكن تشترط آنذاك الحصول على أي درجة للالتحاق بها غير دفع الرسوم، كما أنها في ذات الوقت لم تكن أيضا من الجامعات التي يعترف بها المجلس الأعلى للتعليم في تركيا.
العام الذي انتقل فيه إمام أوغلو من جامعة غرنة الأمريكية إلى كلية إدارة الأعمال بجامعة إسطنبول، خاض اختبارات الالتحاق بالجامعات التركية 891 ألف طالب وطالبة، ولم يتمكن من الالتحاق بتلك الكلية المرغوبة إلا الطلاب الذين حصلوا على درجات عالية، وكانت مرتبتهم بين الطلاب الألف الأوائل. وهذا يعني أن إمام أوغلو تجاوز حق مئات الآلاف من الطلاب، والتحق بتلك الكلية التي لا يدرس فيها إلا الطلاب المتفوقون للغاية، بشكل غير قانوني، إما عن طريق الواسطة وإما عن طريق دفع الرشوة.
إمام أوغلو نشر شهادته الجامعية التي حصل عليها بعد تخرجه من كلية إدارة الأعمال بجامعة إسطنبول، إلا أنه لم ينشر أي وثيقة متعلقة بكيفية انتقاله إلى تلك الكلية عام 1990 من جامعة أهلية غير معترف بها. كما أن المجلس الأعلى للتعليم وإدارة جامعة إسطنبول يلتزمان الصمت، على الرغم من كثرة علامات الاستفهام التي تثار حول الموضوع في وسائل الإعلام. وإضافة إلى ذلك، يقول إمام أوغلو إنه تخرج من كلية إدارة الأعمال التي يتم فيها التدريس باللغة الإنجليزية، إلا أن مستوى لغته الإنجليزية لا يبدو على الإطلاق كمستوى من درس في مثل تلك الكلية.
الشبهات المثارة حول التحاق إمام أوغلو بكلية إدارة الأعمال بجامعة إسطنبول أخطر على مستقبله السياسي من قضية الأحمق، لأنه يمكن أن يدعي بأن الحكم الصادر في حقه سياسي، إلا أنه لا يستطيع أن يدافع عن انتقاله من جامعة أهلية غير معترف بها إلى كلية مرموقة بأفضل الجامعات التركية بشكل غير قانوني، إن ثبت ذلك، علما بأن تهربه من نشر الوثائق التي تقدم بها إلى جامعة إسطنبول للالتحاق بها، يوحي بأن ما يثار حول الموضوع ليس عاريا عن الصحة.
المجلس الأعلى للتعليم وإدارة جامعة إسطنبول لا يمكن أن يصمتا إلى ما لا نهاية، وإن كشفا عن كيفية انتقال إمام أوغلو من جامعة غرنة الأمريكية إلى جامعة إسطنبول وثبت أنه غير قانوني، فقد يؤدي ذلك إلى إلغاء شهادة إمام أوغلو الجامعية، بموجب قاعدة "ما بني على باطل فهو باطل"، علما بأن إمام أوغلو لا يحتاج إلى شهادة جامعية لتولي رئاسة البلدية، إلا أنه لا يمكن أن يترشح لرئاسة الجمهورية بدونها.
x.com/ismail_yasa
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إمام أوغلو الشعب الجمهوري الانتخابات تركيا تركيا انتخابات مرشحين الشعب الجمهوري إمام أوغلو مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بشکل غیر قانونی جامعة إسطنبول تلک الکلیة إمام أوغلو من جامعة إلا أنه إلا أن کما أن
إقرأ أيضاً:
هل يقرر ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا؟.. جدل داخلي وضغوط إسرائيلية
يتصاعد الجدل في الأوساط السياسية الأمريكية بشأن مستقبل الوجود العسكري في سوريا، وسط تباين في المواقف بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقيادة الجيش، بالإضافة إلى ضغوط من اللوبي الإسرائيلي، حسب مقال نشرته صحيفة "يني شفق" التركية للكاتب عبد الله مراد أوغلو.
ويرى مراد أوغلو أن ترامب سبق أن أعلن أن "أمريكا ليس لها عمل في سوريا"، لكنه أبقى قرار سحب القوات "غير واضح". وخلال ولايته الأولى، اتخذ ترامب قرارا بسحب بعض القوات، ما أدى إلى استقالة وزير الدفاع آنذاك، جيمس ماتيس، الذي عارض القرار.
وأشار أوغلو إلى أن القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم" (CENTCOM)، التي تشرف على العمليات في الشرق الأوسط، ترغب في استمرار ما يسمى بـ"المهمة العسكرية" في سوريا. وذكر أن وزير الدفاع الأسبق ماتيس وقائد القيادة المركزية آنذاك، جوزيف فوتيل، فشلا في إقناع ترامب بالتراجع عن قرار الانسحاب.
وأكد أوغلو أن "إسرائيل هي الأكثر انزعاجا من انسحاب القوات الأمريكية من سوريا"، مشيرا إلى أن وسائل إعلام تابعة للوبي الإسرائيلي استهدفت شخصيات عيّنها ترامب في وزارة الدفاع، مثل إلبريدج كولبي وأوستن جيه دامر، بسبب توجهاتهم التي ترى أن "التركيز الأساسي للولايات المتحدة يجب أن يكون على الصين وليس الشرق الأوسط".
وأوضح الكاتب أن فريقا من المسؤولين، يُعرف باسم "الواقعيين المحافظين" أو "الانعزاليين"، يدفع باتجاه "التخلص التدريجي من الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، بدءا من سوريا، والتركيز على منطقة آسيا والمحيط الهادئ". وأضاف أن "صقور الحزب الجمهوري والديمقراطي قلقون من هذه التوجهات الجديدة".
في 27 كانون الثاني /يناير، علّق ترامب جميع المساعدات الخارجية، باستثناء تلك المقدمة لإسرائيل ومصر، لمدة 90 يوما. وأشار أوغلو إلى أن "إحدى الشركات الأمريكية المسؤولة عن نحو 40 ألف عائلة مرتبطة بتنظيم داعش (الدولة الإسلامية) و9 آلاف معتقل في سوريا تأثرت بهذا القرار"، مضيفا أن "بعض الموظفين استقالوا، لكن وزير الخارجية ماركو روبيو تدخّل لتهدئة الأزمة".
وفي المقابل، شدد القائد السابق للقيادة المركزية الأمريكية، جوزيف فوتيل، في مقال بمجلة "War on the Rocks" على أن "انسحاب الولايات المتحدة من سوريا سيضر بمصداقيتها"، معتبرا أن "تخلي أمريكا عن القوات الكردية المسلحة، التي تعمل معها، قد يكون خطأ استراتيجيا".
ووفقا لأوغلو، فإن "القيادة المركزية الأمريكية لطالما بررت وجودها في سوريا بمكافحة داعش، لكنها في الواقع تسعى لحماية المصالح الإسرائيلية".
ورأى الكاتب أن ترامب قد "ينسحب بشكل فوري أو تدريجي"، لكنه يواجه ضغوطا من صقور السياسة الخارجية لإعادة تشكيل المشهد السوري بما يخدم دولة الاحتلال الإسرائيلي.
واختتم أوغلو مقاله بالتساؤل "هل سيفي ترامب بوعده وينتهج سياسة أمريكا أولا، أم سيتبع توجيهات نتنياهو ويقول إسرائيل أولا؟"، حسب قوله.