روت صحيفة "واشنطن بوست" قصة مروعة لمعاناة جندي أوكراني كان أسيرا لدى مجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة، لمدة 46 يوما، قبل تحريره في صفقة تبادل أسرى مؤخرا.

وتحدث الجندي الأوكراني، إيليا ميخالشوك، البالغ من العمر 36 عاما، مع الصحيفة الأميركية عن محنته خلال الأيام العصيبة التي عاشها أسيرا لدى مرتزقة "فاغنر"، مقدما تفاصيل عن "همجية" خاطفيه.

وفي فبراير الماضي، اخترق صاروخ مضاد للدبابات، السيارة التي كان يستقلها ميخالشوك في باخموت، حيث كانت تدور إحدى أعنف المعارك بين "فاغنر" والقوات الأوكرانية.

تعثر ميخالشوك على الأرض المتجمدة وسط حطام السيارة المحترق، حيث تعرض لإصابات بليغة في ذراعيه التي فقدهما لاحقا.

بعد لحظات، اقتربت منه القوات الغازية وأطلقت النار على رجليه. وكان يعتقد لوهلة أن الموت أصبح وشيكا.

زعيم فاغنر يعترف بمقتل 20 ألف عنصر من قواته في باخموت قال رئيس مجموعة فاغنر الروسية، يفغيني بريغوجين، إن 20 ألفا من قواته قتلوا في معركة مدينة باخموت التي استمرت لأشهر واستنزفت القوة البشرية العسكرية الروسية.

يتذكر الجندي الأوكراني قائلا: "كنت متأكدا أنهم لن يقبضوا علي"، في إشارة اقترابه من الموت بجسد أصبح مشوها من الإصابات البليغة.

إلا أنه أمضى 6 أسابيع كأسير حرب لدى "فاغنر"، التي كانت تقاتل في باخموت خلال تلك الفترة بجانب الجيش الروسي.

"لحظة الأسر.. وأبشع الانتهاكات"

وسيطر الروس على مدينة باخموت التي كانت مسرحا لمعارك شرسة شرقي أوكرانيا في مايو الماضي، بعد سنة من القتال الذي أسفر عن مقتل وإصابة الآلاف.

وقال الجندي الأوكراني إن "أبشع الانتهاكات تأتي في لحظات الأسر وليس في القبو"، مضيفا أن بعض الأوكرانيين "تعرضوا لتقطيع أصابعهم".

وأضاف أن "الروس أضرموا النار في أحد الرجال المحتجزين إلى جانبه في الطابق السفلي، بالبنزين، قبل نقله إلى القبو". وقال ميخالشوك: "عندما يعتقلونك، فإن هذا هو وقت القتال".

ولم يتمكن متحدث من الجيش الأوكراني من تقديم رواية رسمية عن الحادث أو الوقت الذي قضاه ميخالشوك في الأسر، فيما أعلن المدعون الأوكرانيون عن مباشرة تحقيقات في جرائم حرب، مع مجموعة "فاغنر".

ولا يمكن التواصل مع مجموعة "فاغنر" للتعليق، كما لم يرد ممثلو وزارة الدفاع الروسية على طلبات التعليق التي قدمتها صحيفة "واشنطن بوست".

جنود أوكرانيون على جبهة باخموت: "في ساحة المعركة عليك أن تقتل" يبلغ الجندي الأوكراني يوري كوربان 39 عامًا، لكنه يبدو أكبر بعشر سنوات. يظهر الإرهاق على ملامح وجهه المُسمر بعد أسبوع من القتال الدامي قرب مدينة باخموت في شرق أوكرانيا. 

استدعي كوربان وهو أب لثلاثة أطفال في أغسطس الماضي للانضمام إلى صفوف المقاتلين في شمال باخموت التي استولت عليها القوات الروسية في مايو بعد اشتباكات عنيفة جداً، بدأت في صيف 2022. "استجواب لا يتوقف وتعذيب نفسي"

وعندما تم نقله إلى الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، ناشد ميخالشوك خاطفيه ببتر ذراعه اليمنى بسبب فداحة الإصابات التي تعرض لها، لكنهم رفضوا مساعدته، وفق قوله.

بعد 10 ساعات، وصلوا إلى قبو في مجمع قضى فيه الجندي الأوكراني مدة أسره بالكامل، والذي وصفه بأنه "مظلم وسيء التهوية".

وقال إن "خاطفيه أوضحوا أنه لن يحصل على رعاية طبية حتى يتم استجوابه، وهو أمر استمر لساعات". ولم يتوقف الاستجواب حتى عندما فقد وعيه، حيث تم حقنه بمادة غير معروفة لإبقائه مستيقظا، حسب أقواله.

ولم يبد المحققون التابعون للمرتزقة اهتماما بالمعلومات التكتيكية، مثل مواقع القوات الأوكرانية أو غيرها من المعلومات الاستخباراتية التي يحتمل أن تكون مفيدة في ساحة المعركة.

وقال ميخالشوك إنه "كان هناك أسرى من رتب أعلى في الجيش الأوكراني كان من الممكن أن يضغطوا عليهم للحصول على مثل هذه المعلومات". وعوضا عن ذلك، يعتقد أن "قيمته" بالنسبة لفاغنر كانت "مجرد تعذيبه نفسيا". 

وقال إن استراتيجية "فاغنر" بدت "مصممة لتقويض قيم الأوكرانيين، وجعلهم يتساءلون عن الكيفية التي سينظر بها مواطنو بلدهم إليهم بعد إطلاق سراحهم من الأسر". 

وتابع: "حاولوا إقناعنا بأننا لا نستطيع أن نثق في بعضنا البعض، وأن الوضع كان القتل أو القتل"، مردفا: "كانوا يلعبون معنا فقط بالطريقة التي يلعب بها القط مع الفأر".

بعد نهاية الاستجواب الطويل، تم تخديره كما يتذكر، وبعد استيقاظه وجد أنه تم بتر ذراعيه بالكامل، مشيرا إلى أن الأشخاص الذين أجروا له العملية "بتروا الذراعين دون أن يجروا خياطة للجروح".

وأشار إلى أن ذراعه اليسرى "كانت قابلة للعلاج" بعد الهجوم الصاروخي الذي تعرض له، لكن "التأخير" في حصوله على الرعاية الطبية جعلها تتحول للون الأسود بسبب النخر.

والنخر اللاوعائي هو موت أنسجة العظم نتيجة لنقص إمدادها بالدم. ويُطلق عليه أيضا النخر العظمي، وقد يؤدي إلى كسور دقيقة في العظم وتدهور حالته، بحسب "مايو كلينيك".

وبعد العمليات الجراحية التصحيحية التي جرت له في أوكرانيا، نقل الجندي إلى الولايات المتحدة من قبل مجموعة خيرية لإعادة التأهيل المكثف. 

بالصور.. مدينة باخموت الأوكرانية "المدمرة" قبل وبعد الغزو الروسي قبل عام واحد، اشتهرت مدينة باخموت شرق أوكرانيا بالنبيذ ومناجم الملح، لكنها أصبحت اليوم رمزا لحرب روسيا "التي لا هوادة فيها"، وفق تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".

ودخل الآن في منشأة طبية متخصصة بواشنطن، تزوده بأطراف اصطناعية للذراعين من شركة ذات خبرة عميقة في علاج الجنود الأميركيين الذين فقدوا أطرافهم أثناء حرب العراق وأفغانستان.

وتمنح الأطراف الاصطناعية التي حصل عليها ميخالشوك قدرات أكبر، حيث إنها مجهزة بأجهزة استشعار إلكترونية تجعل من الأسهل بكثير استدعاء القوة اللازمة مما تبقى من ذراعيه، لالتقاط واستخدام الأشياء من حوله.

ولأول مرة منذ 5 أشهر، التقط ميخالشوك شيئا حوله بعد أن أمسكت اليد المطاطية بزجاجة بيضاء، قبل أن يشد قبضته لتركها، وهو أمر دفعه للتأكيد على أنه "محظوظ".

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

الجنديّ الذي أساء معاملة الضفدع

«المتّهم قام بتعذيب وإساءة معاملة الضفدع بطريقة أدت إلى موته، كل من يقسو ويسيء إلى الحيوانات سينتهي به الأمر إلى إيذاء البشر أيضا». لم ينطق بهذا الكلام الذي ينضح بالعدالة والرفق بالحيوان، سيدُنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الذي أقسم أنه لو عثرتْ بغلة في العراق لخاف أن يسأله الله عنها: «لِمَ لمْ تصلح لها الطريق يا عُمر؟»، ولم يفُهْ به غاندي الذي أخبرنا أنه «بوسعنا أن نحكم على عظمة أمة ومدى رقيِّها الأخلاقي إذا نظرنا إلى الطريقة التي تعامل بها حيواناتها»، وإنما هو كلام صادر عن قضاة المحكمة العسكرية الإسرائيلية! نعم « صدِّقْ أو لا تصدِّق » هكذا نطقوا وهم يُعلنون حكمهم الصارم على جندي إسرائيلي قتل ضفدعًا، بالسجن أربعة أشهر، وتأدية الخدمة الاجتماعية ودفع غرامة قدرها 1500 شيكل.

تعود حكاية الضفدع المسكين إلى شهر مارس من عام 2023م (أي قبل طوفان الأقصى بسبعة أشهر) عندما عثر الجنديّ الإسرائيلي على هذا الضفدع سيء الحظّ بالقرب من مقرّ وحدته العسكرية، ويبدو أنه كان يشعر بالملل؛ لأنه لم يقتل فلسطينيًّا منذ فترة، فقرر أن يتسلى بوضع الضفدع في الميكروويف. كانت عشر ثوانٍ فقط قبل أن يطلب منه صديقه التوقف عن هذا الفعل المُشين، لكنها كانت كافية لقتل الضفدع.

صدر الحكم بمعاقبة الجندي يوم الأربعاء الماضي (26 يونيو 2024). ولا بد أن بيرس مورجان؛ الإعلامي البريطاني الشهير صاحب السؤالِ «العِلكة» لكل ضيف يمثّل فلسطين وقضيتها: «هل تدين حماس؟»، ومَنْ لَفَّ لفَّه من إعلاميي وسياسيي الغرب الإنساني «الكيوت»، وصهاينة العرب المبجلين، لا بدّ أنهم سعداء الآن بهذا الحكم ويهللون لــ«إنسانية» إسرائيل التي فاضت على البشر فانتقلت إلى الحيوانات والضفادع، يحق لهم ذلك لولا أن الحكم جاء بعد أكثر من 250 يومًا من حرب الكيان الصهيوني على البشر والشجر والحيوانات والحجر في غزة، والتي أزهق فيها حتى لحظة كتابة هذه السطور أكثر من سبعة وثلاثين ألف روح، ولولا أنه جاء أيضًا بعد يوم واحد فقط من بث قناة الجزيرة - يوم الثلاثاء الماضي - مشاهد لاعتداء كلب بوليسي أطلقته قوات الاحتلال بلا رحمة على سيدة فلسطينية مسنّة رفضت ترك بيتها في مخيم جباليا بقطاع غزة، مسببًا لها إصابة خطيرة.

هذا الاعتداء يذكرنا بعشرات الحوادث المماثلة التي استُخدِمتْ فيها الكلاب المدرَّبة، لتعذيب الفلسطينيين الآمنين وترويعهم، والتي من ضمنها حادثة اعتقال الأسير الفلسطيني السابق مبروك جرار من منزله فجر يوم 3 فبراير 2018، فعندما بلغ الجنود الإسرائيليون منزل جرار، توقفوا عند الباب؛ لا مراعاة لحرمة البيوت، ولكن خوفًا من أن يكون جرار مسلَّحًا، وأطلقوا الكلب نيابة عنهم إلى داخل المنزل، الذي جرَّ الرجل بعنف أمام زوجته وأطفاله، ولم تفلح محاولاته لتخليص نفسه من بين أنيابه لقوة العضة، وقد نهش الكلب أجزاء عدة من جسمه. سحب الكلب مبروك جرار إلى خارج المنزل حيث كان بانتظاره الجنود الذين انهالوا عليه ضربا على وجهه، مما أدى إلى كسر أنفه قبل أن يسقط مغشيًّا عليه والكلب يواصل قضم يده. أوثقوا قيده وهو ينزف واقتادوه لآلية الاعتقال ومن ثم إلى معسكر إسرائيلي، وهناك ظل ينزف دون علاج نحو ثلاث ساعات أمام الجنود الذين كانوا منهمِكين في التقاط صور السِلفي معه ضاحكين وساخرين!

حكاية أخرى عن «رفق» إسرائيل بالحيوانات حدثت في 9 أغسطس 2022م، عندما قُتِلَ كلبٌ تابع للجيش الإسرائيلي اسمه «زيلي» في عملية اقتحام لمدينة نابلس في الضفة الغربية المحتلة، أسفرت عن استشهاد ثلاثة مقاوِمين فلسطينيين أحدهم إبراهيم النابلسي القيادي في كتائب «شهداء الأقصى» الجناح المسلح في حركة فتح (والآخران هما إسلام صبوح وحسين جمال طه)، هذا عدا إصابة العشرات. قبل ذلك بخمسة أيام فقط (أي في 5 أغسطس 2022) قَتَلتْ إسرائيل بدم بارد الطفلة الفلسطينية آلاء قدوم في غارة جوية على غزة بينما كانت تلهو أمام منزلها في حيّ الشجاعية شرق القطاع. وفي تغطيتها للخبرَيْن لم تذكر وسائلُ الإعلام الإسرائيليةُ الطفلةَ الفلسطينية بحرف، لكنها أقامتْ في المقابل مَناحة كبيرة على الكلب، ونصبت صوان عزاء، إلى درجة أن مدرِّب الكلاب العسكرية الإسرائيلية السابق «بين زيلبرشتاين» الذي سُمِّيَ على اسمه الكلب النافق «زيلي»، عبّر عن غضبه في منشور على صفحته في «فيسبوك»، قائلًا بالحرف: «قَتْل الكلب حظي بتغطية إعلامية أكثر بكثير من التغطية الإعلامية لمقتل طفلة فلسطينية في غزة لم تتجاوز خمسة أعوام»!

ولكي لا يُفهم مقالي هذا خطأ أقول إن هذه ليست دعوة لأذية الحيوانات أو الضفادع -لا سمح الله- ولا استهانة بحمايتها من التعذيب أو ظلم الإنسان، فمن نافل القول إن الرفق بالحيوان هو ما تدعو له كل الأديان والشرائع السماوية والأرضية، وإنما هو فقط تذكير بأن هذا النفاق الفاقع، وازدواجية المعايير، ليسا جديدَيْن على إسرائيل ولا على داعميها في الولايات المتحدة وأوروبا، الذين يأنَفون أن يُعذَّبَ ضفدع، وينوحُون على كلب قُتِل في ساحة معركة، ويحزنون على الحيوانات والطيور وربما الصراصير، ويسعون لحمايتها بكل ما أوتُوا من «إنسانية» مفرِطة، لكنهم لا يأنفون، ولا يحزنون، ولا يرفّ لهم جفن، ولا تدمع لهم عين، ولا يتحرك لهم ضمير، عندما يُقتَلُ بدمٍ بارد آلافٌ مؤلفة من الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين، رغم أن هؤلاء عَدَّهم وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت «حيوانات بشرية»! وإنه لمن المثير للسخرية حقًّا أن قضاة المحكمة العسكرية في إسرائيل كتبوا أيضًا في حيثيات حكمهم على الجنديِّ قاتلِ الضفدع: «إن التعامل مع معاناة الحيوانات ليس صراعًا من أجل مصالح الحيوانات وحدها، بل هو تعبير عن الكرامة الإنسانية، ومراعاة مشاعر الآخرين الذين يرغبون في حماية الحيوان والأمن وقدسية الحياة بشكل عام».

إنهم يُقدسون الحياة يا سادة، و«بشكل عام»! ولكنْ حياة من؟ الضفادع والكلاب والحيوانات بدون أي استثناء، ويقدسون أيضًا حياة البشر، بشرط أن يكونوا إسرائيليين، وليسوا من «الأغيار»!.

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

مقالات مشابهة

  • وزير سابق يروي تفاصيل مرافقته للأميرة الراحلة للا لطيفة لأداء مناسك العمرة
  • أسير فلسطيني مفرج عنه يروي تفاصيل مروعة داخل سجون الاحتلال
  • اعتقلوه ظناً منهم أنه يحيى السنوار .. أسير محرر يروي تفاصيل التعذيب الوحشي الذي تعرض له
  • مصدر رسمي لـCNN: السلطة الفلسطينية لم تلق أي أموال من إسرائيل حتى الآن
  • قيادي في حزب البديل يؤكد ضرورة ابتعاد ألمانيا عن الصراع الأوكراني
  • من الصدفة إلى الاحتراف.. مهند بحاري يروي رحلته مع الفن التشكيلي
  • إصابة 4 من موظفي وزارة الطوارئ الروسية في قصف أوكراني على مدينة دونيتسك
  • لاجئ أوكراني: قوات نظام كييف تعمدت إطلاق النار على المواطنين أثناء عمليات الإجلاء
  • الجنديّ الذي أساء معاملة الضفدع
  • الدفاع الروسية: الجيش الأوكراني يفقد أكثر من 1500 جندي في مختلف مناطق القتال خلال يوم