تتجه أنظار العالم المالية إلى روسيا بصفة خاصة ومجموعة "البريكس" بصفة عامة، في ظل سعي روسيا لإيجاد نظام بديل للمدفوعات الدولية بين مجموعة بريكس والحد من الاعتماد على التعامل بالدولار الأمريكي، بهدف التخلص من هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية على النظام المالي الحالي من خلال نظام "السويفت"، الذي حُرمت روسيا من التحويلات الدولية من خلاله، في ظل العقوبات القاسية المفروضة عليها، حيث فرضت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها عقوبات واسعة على روسيا بعد بدء الحرب الروسية الأوكرانية في شباط/ فبراير 2022، كما جمدوا الأصول الخارجية لها، واستبعدوا كبرى البنوك الروسية من التعامل بنظام التحويلات المالية العالمي "سويفت".
ويمثل اسم "SWIFT" اختصارا لـ"Society for world wide interbank financial telecommunication, limited liability co-operative society" أي "جمعية اتصالات التراسل المالي بين البنوك في العالم"، وهي جمعية تعاونية غير ربحية مسجلة كشركة مساهمة محدودة المسؤولية مقرها بروكسل وتخضع للقانون البلجيكي. وتسهم البنوك الأعضاء في رأس مال هذه الجمعية، وتدفع رسوم تراسلها فيما بينها إلى الجمعية بصفة دورية كل شهر. وقد تأسست هذه الجمعية في أيار/ مايو 1973م بواسطة 239 بنكا من أوروبا وأمريكا وكندا، ويبلغ عدد البنوك الأعضاء فيها حاليا أكثر من 11 ألف بنك ومؤسسة مالية تنتمي لأكثر من 200 دولة.
لما كانت الحاجة أم الاختراع، فقد سعت روسيا لمواجهة الحصار المالي عليها من خلال البحث عن بدائل لنظام السويفت، والحد من الهيمنة الأمريكية والغربية ويستهدف نظام السويفت بصفة رئيسة إلى تزويد الأعضاء من البنوك والمؤسسات المالية بشبكة دولية للاتصالات لتحقيق السرعة المطلوبة للتحويلات النقدية بين البنوك. ونظام السويفت ليس نظاما للمدفوعات في حد ذاته، بمعنى أنه لا يقوم بعمل تسويات بين حسابات البنوك والمؤسسات المالية ومراسليها، وإنما يقتصر دوره على نقل التعليمات من بنك أو مؤسسة مالية لأخرى بسرعة كبيرة خلال 24 ساعة يوميا على مدار العام.
ولما كانت الحاجة أم الاختراع، فقد سعت روسيا لمواجهة الحصار المالي عليها من خلال البحث عن بدائل لنظام السويفت، والحد من الهيمنة الأمريكية والغربية، وفي هذا الإطار اقترح تقرير أعدته وزارة المالية الروسية وبنك روسيا المركزي وشركة الاستشارات "ياكوف آند بارتنر" (Yakov & Partners) التي يقع مقرها في موسكو، بناء شبكة من البنوك التجارية يمكنها إجراء المعاملات فيما بينها بالعملات المحلية، بالإضافة إلى إنشاء روابط مباشرة بين البنوك المركزية. وأشار التقرير إلى أن النظام متعدد العملات سيحتاج إلى عزل المشاركين فيه عن أي ضغوط خارجية مثل العقوبات العابرة للحدود، وأن المصالح الأمريكية لا تتوافق دائما مع مصالح المشاركين الآخرين داخل الشبكة المالية العالمية. واقترح التقرير كذلك إنشاء مراكز للتبادل التجاري للسلع الأساسية مثل النفط، والغاز الطبيعي، والحبوب والذهب.
كما أشار التقرير إلى مقترح روسيا لدول "البريكس" باستخدام تقنية السجلات الموزعة (DLT)، أو منصة متعددة الجنسيات جديدة للسماح بالتسويات باستخدام الرموز المشفرة، كاشفا أن الميزة الرئيسة لاستخدام نموذج التسوية بتكنولوجيا السجلات الموزعة هي القضاء على مخاطر الائتمان المرتبطة بالنظام المصرفي التقليدي، وجود نظام مدفوعات بديل للسويفت مرهون بالإرادة السياسية لقادة دول بريكس، لا سيما وأن عددا من هذه الدول رهين الهيمنة والولاء للولايات المتحدة الأمريكية، ويخضعون للنظام المالي القائم على الدولار طوعا أو كرها، هذا النظام الذي يستحوذ على 58 في المئة من المدفوعات الدولية على المستوى العالميفضلا عن قدرة هذا النظام تقليل أوقات المعالجة والتكاليف، بحيث يخلو من الكيانات الوسيطة وفحوصات الامتثال للقوانين، وهو ما سيوفر لدول "بريكس" ما يصل إلى 15 مليار دولار سنويا إذا استخدمت نصف إجمالي التحويلات عبر الحدود هذه المعاملات.
وإذا كانت روسيا والصين توقفتا بشكل شبه كامل عن استخدام الدولار في التجارة البينة بينهما، وفقا لتصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فإن وجود نظام مدفوعات بديل للسويفت مرهون بالإرادة السياسية لقادة دول بريكس، لا سيما وأن عددا من هذه الدول رهين الهيمنة والولاء للولايات المتحدة الأمريكية، ويخضعون للنظام المالي القائم على الدولار طوعا أو كرها، هذا النظام الذي يستحوذ على 58 في المئة من المدفوعات الدولية على المستوى العالمي -باستثناء التحويلات داخل منطقة اليورو- فضلا عن أن التعامل بالدولار يُستخدم في 54 في المئة من الفواتير التجارية الخارجية حتى نهاية 2022، وفق معهد "بروكينغز إنستيتيوشن".
ولعل القمة السنوية لبريكس المنعقدة في مدينة كازان الروسية من 22 إلى 24 تشرين الأول/ أكتوبر الحالي تكشف عن الطريق البديل لنظام المدفوعات الدولية، وهو في حقيقته سيكون خروجا عن نظام القطب الواحد المهيمن على المدفوعات الدولية، بل على الاقتصاد العالمي ككل، ولكن تبقى الإرادة السياسية لمجموعة دول "بريكس" -التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا وإيران والإمارات العربية المتحدة وإثيوبيا ومصر- هي عنوان الحقيقة، وإن غدا لناظره قريب.
x.com/drdawaba
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه روسيا السويفت التحويلات البنوك الاقتصاد اقتصاد روسيا بنوك تحويلات سويفت مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المتحدة الأمریکیة المدفوعات الدولیة من خلال
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يقترب من إطلاق نظام الدخول/الخروج الرقمي بعد تأجيلات متكررة
بعد تأجيلات متعددة بسبب مشكلات تقنية ونقص الجاهزية، وافق وزراء الداخلية في الاتحاد الأوروبي في بروكسل على خطة تتيح بدء تشغيل نظام الدخول/الخروج (EES) في الخريف المقبل، من دون تحديد موعد رسمي.
وفي إطار هذه الاتفاقية، سيتاح للدول الأعضاء خياران: إما إطلاق النظام دفعة واحدة أو اعتماده على مراحل خلال فترة انتقالية مدتها ستة أشهر، على أن تُنفَّذ جميع عمليات التسجيل عند المعابر الحدودية بالكامل عبر النظام الجديد عند انتهاء هذه الفترة.
ولم تكن آلية التنفيذ التدريجية ضمن التشريعات الأصلية، لكن بعد اجتماع موسّع في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، طُرحت كبديل عملي لكسر الجمود الذي عطّل تنفيذ المشروع لسنوات. وتحت رئاسة بولندا الحالية لمجلس الاتحاد الأوروبي، ستُجرى المفاوضات النهائية مع البرلمان الأوروبي لضمان إقرار التعديلات القانونية دون عقبات متوقعة.
وفي هذا السياق، أكد توماش سيمونياك، وزير الداخلية البولندي، أن الهدف هو بدء العمل بالنظام بحلول أكتوبر/ تشرين الأول، مشددًا على أهميته في تزويد الدول الأعضاء بأدوات حديثة لمراقبة الدخول والخروج من منطقة شنغن وتعزيز قدرة الشرطة وحرس الحدود على ضبط المخالفات الأمنية.
سيبدأ الاتحاد الأوروبي في تنفيذ نظام الدخول والخروج البيومتري الجديد (EES) اعتبارًا من أكتوبر / تشرين الاول من هذا العام.ما هو نظام الدخول/الخروج (EES)؟يُعد نظام (EES) إصلاحًا شاملًا أُقرّ لأول مرة في عام 2016، لكنه واجه تأجيلات متكررة. ويهدف إلى تحديث إجراءات التدقيق على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، والاستغناء عن ختم جوازات السفر التقليدي.
وسيُطبَّق النظام على مواطني الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الذين يزورون المنطقة لأغراض السياحة أو الأعمال لمدة تصل إلى 90 يومًا خلال فترة 180 يومًا. وبمجرد تشغيل النظام، سيُطلب من الزوار تقديم جوازات سفرهم عند الوصول، مع التقاط صورة لهم وأخذ بصماتهم إلكترونيًا، ليُسجَّل دخولهم وخروجهم من منطقة شنغن تلقائيًا.
Relatedالاتحاد الأوروبي يوافق على انضمام رومانيا وبلغاريا إلى منطقة شنغن .. ولكن بشرط واحد!احتفالات في بلغاريا ورومانيا بعد فتح الحدود وانضمامهما لمنطقة شنغنوقودٌ أرخص.. سكان رومانيا يتجهون إلى بلغاريا لتعبئة سيارتهم بعد انضمام البلدين إلى فضاء شنغنتعزيز الأمن والرقابةسيساعد جمع البيانات البيومترية وتبادل المعلومات في الوقت الفعلي السلطات على رصد من يتجاوزون مدة الإقامة المسموح بها، والحد من جرائم تزوير الهوية. ومن المقرر أن تشارك في النظام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي جميعها باستثناء قبرص وأيرلندا، إضافة إلى أربع دول منطقة إلى شنغن وهي أيسلندا، ليختنشتاين، النرويج وسويسرا.
في المقابل، ستواصل قبرص وأيرلندا استخدام أسلوب ختم جوازات السفر يدويًا من دون الانضمام إلى النظام الجديد، في خطوة تعكس استمرار تفاوت السياسات الحدودية داخل الاتحاد الأوروبي.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية كيف تتطور التجارة بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا؟ رئيس المفوضية الأوروبية السابق ليورونيوز: لاعضوية كاملة لأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي "أُحفر، أُحفر، اُحفر": هل يمهد ترامب الطريق للاستحواذ على ثروات أوكرانيا المعدنية متجاوزًا الاتحاد الأوروبي؟ نظام الدخول والخروج في الاتحاد الأوروبيالاتحاد الأوروبيسفر