رجحت وحدة البحوث التابعة لـ فيتش سوليوشنز، بي إم آي، أن يتساهل صندوق النقد الدولي مع مصر في بعض أهداف البرنامج من خلال تمديد المواعيد النهائية، خاصة وأن مصر تمكنت من تجميع حاجز خارجي مناسب ونظرًا للمخاطر الجيوسياسية الصعبة المحيطة بها.

وقالت في تقرير بعنوان «مصر تلمح إلى نية إعادة التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي»، لا نعتقد أن تكون إعادة التفاوض على البرنامج ذاته فهو أمر محسوم سلفاً، لأن الصندوق يخشى أن يتم تدارك تعديل السلع المحددة إداريا، كما تم في ظل البرامج السابقة.

وأشارت إلى أن مصر تمر حالياً بفترة صعبة يتمثل أغلبها في التوترات الجيوسياسية بما في ذلك «الحوثيين» الذين عطلوا الملاحة عبر البحر الأحمر منذ ديسمبر 2023، مما أدى إلى خفض حركة المرور عبر قناة السويس إلى أقل من النصف وأسفر عن انخفاض بنحو 400 مليون دولار أمريكي في الإيرادات شهريًا، وفي الوقت نفسه، احتوت المخاطر الجيوسياسية التطوير الدائر في قطاع السياحة وسط ردع الاستثمار الأجنبي.

وأضافت في تقرير اطلعت عليه «الأسبوع»، نعتقد أن إعادة التفاوض بين مصر وصندوق النقد سيركز على تمديد الجدول الزمني لزيادة الأسعار المُدارة، وربما ملف الطروحات.

وتابعت، رغم أن الرئيس عبد الفتاح السيسي حث حكومته على إعادة تقييم برنامج مصر مع صندوق النقد الدولي، فإننا لا نعتقد أن لديه أي نية لإلغاء الاتفاق، والذي يشكل أهمية بالغة لتعزيز ثقة المستثمرين والتمويل الأجنبي، ونظراً للقدر الكافي من الحماية الخارجية التي تتمتع بها مصر والمخاطر الجيوسياسية التي تواجهها، فمن المرجح أن يتسم صندوق النقد الدولي بالتسامح في أي مفاوضات جديدة، وربما يوافق على تأخير زيادة أسعار السلع الخاضعة للإدارة وإبطاء التقدم في برنامج الخصخصة.

وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي في وقت سابق أن مصر بحاجة إلى إعادة التفاوض على برنامجها مع صندوق النقد الدولي في ظل الضغوط الاقتصادية الناجمة عن المخاطر الجيوسياسية في المنطقة، وخاصة إذا أدت الإصلاحات الموعودة بموجب البرنامج إلى زيادة الضغوط على الشعب.

ومن المرجح أن تشعر القيادة السياسية بالقلق إزاء العواقب الاجتماعية المترتبة على التدابير المؤلمة التي تم تنفيذها هذا العام مثل انخفاض قيمة الجنيه المصري بنسبة 36% في مارس والزيادات المتتالية في الأسعار المفروضة.

يأتي ذلك بعدما أظهرت البيانات انخفاض التضخم من أعلى مستوى له خلال العام عند 35.7% في فبراير الماضي إلى أدنى مستوى له عند 25.7% في يوليو، فيما بدأ التضخم في الانحراف منذ أغسطس بسبب الوقود والكهرباء، وتتوقع فيتش سوليوشنز أن يصل إلى نحو 28% في أكتوبر الجاري ونوفمبر المقبل، بسبب الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود والعوامل الموسمية.

واختتمت، نظرا لأهمية اتفاق صندوق النقد الدولي كمرساة للسياسة ومحفز لتدفقات أخرى، فإننا لا نعتقد أن مصر ستخرج من البرنامج بالكامل، فالتخلي عن اتفاق صندوق النقد الدولي يعني التخلي عن 6 مليارات دولار المتبقية من تمويل صندوق النقد الدولي، ومليار دولار محتمل من صندوق المرونة والاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي، و14 مليار دولار أخرى من دعم الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، والذي يتوقف على كون مصر جزءا من برنامج صندوق النقد الدولي.

اقرأ أيضاًخبير مصرفي: قرار خفض رسوم قروض صندوق النقد يوفر لمصر 400 مليون دولار

مصادر: محمد معيط رئيسا للمجموعة العربية بصندوق النقد خلفا للدكتور محمود محيي الدين

صندوق النقد: الاقتصاد العالمي يحتاج إلى التحول في السياسات مع تراجع التضخم

صندوق النقد الدولي يتوقع نمو الاقتصاد المصري بنسبة 4.1% في العام المالي 2024 - 2025

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: صندوق النقد الدولي قرض مصر فيتش سوليوشنز صندوق النقد ومصر مراجعة صندوق النقد على مصر صندوق النقد الدولی إعادة التفاوض نعتقد أن أن مصر

إقرأ أيضاً:

الفيدرالي والصندوق والبنك في مرمى نيران ترامب

أثناء فترته الرئاسية الأولى، اتبع دونالد ترامب نهجا خفيفا نسبيا في التعامل مع بنك الاحتياطي الفيدرالي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي. فقد استمال الاحتياطي الفيدرالي بهدف تشجيعه على خفض أسعار الفائدة، لكنه لم يطالب المجلس بـ«توضيح قراراته للبيت الأبيض وإلا فإنه يجازف بتهديد استقلاليته بشكل جدي».

في البنك الدولي، عمل ترامب على تعيين ديفيد مالباس لكنه عدا ذلك ترك المؤسسة دون مساس. وأبقى على ديفيد ليبتون، وهو مستشار للديمقراطيين، في منصبه كثاني أكبر مسؤول في صندوق النقد الدولي، وهو تعيين كان تقليديا من اختصاص الرؤساء الأمريكيين. عَـكَـسَ إحجام ترامب عن التحرك ضد الاحتياطي الفيدرالي إدراكه لحقيقة مفادها أن الأسواق المالية ستتفاعل سلبا مع رئيس يعبث بالشؤون النقدية.

من الواضح أن ترامب كان مُـهتما بالأسواق المالية، حيث كان يقيس نجاحه علنا وفقا لمسار أسعار الأسهم. من جانبه، خَـدَمَ صندوق النقد الدولي غرضا مفيدا.

فبفضله بات من الممكن إحالة المشكلات الباهظة التكلفة في الأسواق الناشئة، والتي كانت الحال لتنتهي بها في حضن وزارة خزانة ترامب، إلى الصندوق. أما البنك الدولي فكان ببساطة أكبر وأشد تعقيدا من أن يفهمه أحد، ناهيك عن كبح جماحه، كما تعلم مالباس على نحو لا يخلو من همّ وكرب.

قد تكون هذه المرة مختلفة. فلم يعد ترامب يهتم بالأسواق المالية، أو هكذا يبدو الأمر. فهو يذكرها بشكل أقل.

وعلى الرغم من انخفاض مؤشرات الأسهم بشكل حاد، وخاصة في الأسبوع الأخير، فإن ذلك لم يردعه عن تدمير وظائف حكومية مهمة. ومن الواضح أن نهجا أكثر راديكالية يجري توظيفه الآن في تفكيك المؤسسات. بعد أن أغلق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، سيكون من المخالف للبديهة أن يؤيد ترامب استمرار مشاركة الولايات المتحدة في البنك الدولي، وهي منظمة أكبر حجما في مجال منح المساعدات. والانسحاب من البنك مع البقاء في صندوق النقد الدولي سيكون من ذلك النوع من أنصاف الحلول الغريبة التي يتجنبها ترامب في ولايته الثانية حتى الآن. فمثله كمثل البنك، يدرج صندوق النقد الدولي المرونة المناخية في برامج الإقراض التي يقدمها.

قد يشير صندوق النقد الدولي إلى حقيقة مفادها أنه يدير قرضا ضخما مستحقا للحكومة الأرجنتينية، التي يقودها صديق ترامب، خافيير ميلي.

لكن المشروع 2025، الذي يزودنا بخريطة طريق ترامب في ولايته الثانية، لا يخفي رغبة الولايات المتحدة في الانسحاب من مؤسستي بريتون وودز. وقد وقّع ترامب بالفعل أمرا تنفيذيا يكلف وزير خارجيته وسفيره إلى الأمم المتحدة بإجراء مراجعة لجميع «المنظمات الحكومية الدولية» لتحديد المنظمات التي ينبغي للولايات المتحدة أن تنسحب منها.

قد يتعثر البنك والصندوق في غياب المشاركة من جانب الولايات المتحدة. وعلى عكس حالة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لا تستطيع إدارة ترامب تغيير الأقفال أو فصل حسابات الموظفين على البريد الإلكتروني.

ولا يستطيع أعوان إيلون ماسك الذين تنقصهم الخبرة أن يتخطوا حراس الأمن في أي من المؤسستين. علاوة على ذلك، تُـعَـد مساهمة الولايات المتحدة النقدية في البنك الدولي صغيرة ــ 2.8 مليار دولار فقط في عام 2024. يمول البنك نفسه بشكل أساسي من خلال إصدار سندات مدعومة بالإيمان والائتمان الكامل من جانب أعضائه.

وكما هي الحال مع الحرب الدائرة في أوكرانيا، بوسع الدول الأوروبية أن تزيد من مساعداتها. ومن الممكن أن تتيح ضماناتها للبنك مواصلة الاقتراض في أسواق رأس المال الدولية.

الحق أن التزامات الولايات المتحدة المالية تجاه صندوق النقد الدولي، من خلال الحصص والترتيبات الجديدة للاقتراض، أكثر ضخامة، في حدود خُمس موارد الصندوق. مرة أخرى، سيكون لزاما على بلدان أخرى أن تزيد جهودها.

قد تشمل هذه البلدان الصين، لأن انسحاب الولايات المتحدة من المفترض أن يجعل من الممكن إصلاح الحصص والتصويت في صندوق النقد الدولي، وهو الهدف الذي سعت الصين إلى تحقيقه طويلا وعرقلته الولايات المتحدة مرارا وتكرارا.

سوف يكون الخاسر الرئيسي في الحالتين الولايات المتحدة ذاتها. فسوف يُنَظر إلى أمريكا على أنها تحرم البلدان النامية من مساعدات مالية مهمة إذا انسحبت من البنك الدولي. وفي حالة صندوق النقد الدولي، ستفقد الولايات المتحدة قناة للتأثير البنّاء على السياسات الاقتصادية والمالية التي تنتهجها بلدان أخرى.

قوة ناعمة أقل في كل مجال. وسوف يكون وضع الاحتياطي الفيدرالي أشد سوءا في أقل تقدير. ونحن نشهد بالفعل أولى علامات تجدد التضخم بسبب تعريفات ترامب الجمركية والتخفيضات الضريبية المقترحة. عند مرحلة ما، لن يكون ترامب قادرا على إلقاء اللوم على إدارة الرئيس السابق جو بايدن عن التضخم، وعلى هذا فإنه سيلقي باللوم على الاحتياطي الفيدرالي.

وقد بدأت سياساته الفوضوية بالفعل تقوض ثقة المستهلكين، وهذا كفيل بخلق خطر الركود.

وعندما يتحقق الركود، سيلقي ترامب باللوم على الاحتياطي الفيدرالي لامتناعه عن خفض أسعار الفائدة بسرعة أكبر. أكد القائم بأعمال المدّعي العام في إدارة ترامب على سلطة الرئيس على «مجموعة متنوعة من الوكالات المستقلة».

وبوسع رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جاي باول اللجوء إلى المحكمة إذا تحرك الرئيس لإقالته وزملائه أعضاء مجلس الإدارة بإجراءات موجزة.

لكن ترامب لا يُظهِر أي ميل للذهاب إلى المحاكم. وهو قادر على تعيين رئيس جديد لمجلس الاحتياطي الفيدرالي يتلقى الأوامر من البيت الأبيض. وبوسعه أن يرسل أتباع «ماسك»، مدعومين بمارشالات الولايات المتحدة، للاستيلاء على أنظمة الحاسوب في بنك الاحتياطي الفيدرالي.

قبل شهرين، كانت مثل هذه السيناريوهات لتبدو بالغة الغرابة. ولكن ليس بعد الآن. قد تتفاعل الأسواق المالية بشكل سلبي وعنيف. وعند هذه النقطة، سوف يتبين لنا بشكل قاطع ما إذا كان ترامب يبالي برأيهم.

باري آيكنجرين أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، ومستشارٌ سياسيٌّ كبيرٌ سابقٌ في صندوق النقد الدولي.

ألّف العديد من الكتب، منها كتاب «في الدفاع عن الدين العام».

خدمة بروجيكت سنديكيت

مقالات مشابهة

  • السيسي: صندوق النقد الدولي وافق مؤخرًا على صرف شريحة جديدة لمصر
  • كينيا وصندوق النقد يبدآن محادثات بشأن برنامج تمويل جديد
  • الذهب يرتفع مع استمرار المخاوف الجيوسياسية والاقتصادية
  • صندوق النقد يتلقى طلبا رسميا من كينيا لبرنامج تمويل جديد
  • ما تداعيات رفع الدعم كليا عن المحروقات في مصر بنهاية 2025؟
  • الفيدرالي والصندوق والبنك في مرمى نيران ترامب
  • رحلة البرنامج مع صندوق النقد بدأت... ولكن بأيّ شروط؟
  • برلماني: تحسن ملحوظ للاقتصاد المصري رغم التوترات الجيوسياسية بالمنطقة
  • برلمانية: صرف الشريحة الرابعة من قرض صندوق النقد رسالة ثقة في قوة الاقتصاد المصري
  • لبنان يبلور نقاط اتفاق مجدّد مع صندوق النقد الدولي