الشيخ عبدالرحيم دويدار.. محطات في ذكرى رحيل آخر أمراء مملكة الابتهال
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
تحل اليوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024، ذكرى رحيل آخر أمراء مملكة الابتهال الشيخ عبدالرحيم دويدار؛ وفي السطور التالية نستعرض أبرز المحطات في مسيرته.
محطات في ذكرى رحيل الشيخ عبدالرحيم دويدارنشأ الشيخ عبدالرحيم في أسرة قرآنية، فوالده الشيخ محمد أحمد دويدار كان عالما في القراءات السبع والعشر وكان يعطي الإجازة لحافظي القرآن، وشقيقه الأكبر هو الشيخ زكي دويدار، قارئ للقرآن.
وقد ولد الشيخ عبدالرحيم دويدار في قرية محلة مرحوم، مركز طنطا بمحافظة الغربية، يوم 17 مارس 1937، وعندما بلغ سن 5 سنوات توفى والده وأصبح يتيمًا، وتوفى بعده بـ5 سنوات شقيقه الأكبر، وأصبح هو المسئول عن نفسه ووالدته وشقيقتيه وهو في العاشرة من عمره، وترك الطفولة وأصبح عائل الأسرة.
تعاطف أهالي قريته محلة مرحوم معه لأنه أصبح عائل الأسرة، وبدأوا باصطحابه معهم في المآتم لقراءة القرآن، حيث كان يحفظ بعض الأجزاء خلال دراسته بالمدرسة، ولكنه لم يكن قد أتم حفظ القرآن، وأصبح زملاؤه وأصدقاؤه يلقبونه بـ"الشيخ". وتبناه الشيخ مغاوري القاضي صديق والده ليحفظ القرآن، وأتم حفظه في خلال عام واحد، وكان في هذا الوقت يدرس في المدرسة الأولية الراقية التي من يتخرج فيها يصبح مدرسًا.
وبعد إتمامه حفظ القرآن يُنصح بالاستماع إلى كبار القراء مثل الشيخ محمد رفعت، والحصري، ومصطفى إسماعيل، والبنا والمنشاوي وغيرهم من عمالقة التلاوة في هذا الوقت. وأحب قراءة الشيخ البنا كثيرًا وتأثر به، ولكنه كان يسعى لأن يكون له طريقة خاصة في التلاوة بحيث لا يكون مقلدًا لأحد، وكان يشارك ويقرأ مع كبار القراء في المناسبات رغم صغر سنه.
في عام 1965 كانت نقطة التحول، حيث كان لديه طموح أن يكون مختلفًا ومتميزًا، فوجد نفسه يتجه إلى الإنشاد وكانت لديه ملكة كتابة الشعر وذائقته الشعرية كانت بديعة. في ذلك الوقت، كان هناك كوكبة كبيرة من المنشدين والمبتهلين مثل الشيخ نصر الدين طوبار، والشيخ الطوخي، والشيخ محمد عمران، والشيخ سعيد حافظ، والشيخ وحيد الشرقاوي. كان يعمل بطانة مع بعض المشايخ، وكان يتعلم المقامات الصوتية، وبدأت خبرته تزداد ليكون له شخصية خاصة.
وكان الشيخ نصر الدين طوبار يقول له: "يا شيخ عبدالرحيم، صوتك مزخرف ولديه جمال في العرب ومهارة في الانتقال بين المقامات".
بدأت صداقته بالشيخ سيد النقشبندي عندما التقيا في إحياء ليلة رمضانية بمنزل كبير في مدينة طنطا، وكان النقشبندي له مدرسة خاصة به. تزاملا في أماكن عدة وتصادقا وأصبحا أقرب الأصدقاء لبعضهما، واستمرت هذه الصداقة حتى وفاة الشيخ النقشبندي.
كان والدي يقول لي إن صوت الشيخ النقشبندي ليس له شبيه من قبل ولن يكون له شبيه بعد، إنه جوهرة فريدة ومنحة إلهية ربانية.
يقول في حديثه عن المواصفات التي يجب أن يتحلى بها المبتهل لكي يكون ناجحا، أن يكون قارئا حافظا للقرآن الكريم، حيث أن قراءة القرآن وحفظه تعطي المبتهل قوة ورصانة وقراءة صحيحة ومخارج حروف منصبطة لأنه سيكون ملماً بأحكام التجويد، بالإضافة إلي احتواء القرآن علي علم المقامات والنغمات، وفي فترة من الفترات اشترطت الإذاعة هذا الشرط، أن يكون حافظاً علي الأقل لنصف القرآن مجتمعين أو متفرقين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: عبدالرحيم دويدار الشيخ عبدالرحيم دويدار الشيخ النقشبندي الشيخ نصر الدين طوبار الشيخ محمد رفعت الشیخ عبدالرحیم دویدار أن یکون
إقرأ أيضاً:
النقشبندي.. أيقونة الإنشاد الصوفي وصوت رمضان الخالد
في ذاكرة شهر رمضان، هناك أصوات ارتبطت بهذا الشهر الكريم، وأصبح الاستماع إليها جزءاً من طقوسه الروحانية، ومن بين هذه الأصوات الخالدة يبرز اسم الشيخ سيد النقشبندي، صاحب الأداء الفريد الذي أسر القلوب، وبات صوته رمزاً للخشوع والصفاء الروحي.
لم يكن النقشبندي ينشد، بل كان يرفع الدعاء، ولم يكن يترنم، بل كان يفتح باباً للسماء بصوته العابق بالإيمان، حتى صار صوته جزءاً من طقوس رمضان، لا يُذكر الشهر الكريم إلا وتحضر نبراته الشجية في الأذهان.
من القرية إلى قلوب الملايين
وُلد سيد محمد النقشبندي عام 1920 في قرية دميرة بمحافظة الدقهلية المصرية، ثم انتقلت عائلته إلى مدينة طهطا بصعيد مصر، حيث نشأ في بيئة مشبعة بالتصوف والذكر والإنشاد الديني.
لم تكن نشأته الأولى مجرد مرحلة عمرية، بل كانت ورشة روحية صقلت موهبته الفطرية، فأصبح جزءاً من حلقات الذكر قبل أن يبلغ العاشرة.
وسرعان ما لفت الأنظار بقوة صوته، واتساع طبقاته، وقدرته على الجمع بين الرخامة والعذوبة، لتبدأ رحلته التي ستجعله أشهر المبتهلين في العالم الإسلامي.
تعاون "مولاي إني ببابك"
على مدار سنوات، ظل الشيخ النقشبندي يقدم الابتهالات بأسلوبه التقليدي، حتى شاء القدر أن يجمعه بأحد أبرز عباقرة الموسيقى في العالم العربي، بليغ حمدي.
لم يكن اللقاء تقليدياً، بل كان التقاء بين مدرستين فنيتين مختلفتين؛ النقشبندي، الذي اعتاد الابتهال بصوته دون تدخل موسيقي، وبليغ، الذي كان يرى في اللحن وسيلة لتعظيم أثر الكلمات.
جاءت المبادرة من الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، الذي اقترح على النقشبندي التعاون مع بليغ حمدي، فوافق الشيخ بتردد، لكنه ما إن بدأ الأداء حتى أدرك أنه أمام تجربة استثنائية.
كانت النتيجة ابتهال "مولاي إني ببابك"، الذي تحول إلى أيقونة دينية يتردد صداها في كل بيت ومسجد، كل رمضان، وكأنها نشيد روحي خالد.
ورحل الشيخ سيد النقشبندي عن عالمنا عام 1976، لكنه لم يترك فراغاً، بل ترك إرثاً صوتياً يضج بالحياة، ما زالت الإذاعات والقنوات تعرض تسجيلاته، وما زال صوته يملأ الأجواء مع كل لحظة خشوع، يذكّر السامعين بأن هناك أصواتاً لا تعرف الفناء، لأنها لم تكن أصواتاً فحسب، بل بوابات نور تفتح الطريق إلى السماء.