مصر.. هدم "قبة تاريخية" يشعل الجدل والحكومة تردّ بمفاجأة
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
أثار هدم قبة "مستولدة محمد على باشا" في مقابر الإمام الشافعي بالعاصمة المصرية القاهرة، جدلاً واسعاً، باعتبارها جزءاً من التراث الثقافي والتاريخي لمصر، وتحمل قيمة معمارية وأثرية لا تقدر بثمن.
وأعلنت الحكومة المصرية في عام 2021 عن خطط لتطوير محور صلاح سالم في منطقة السيدة عائشة، مما أدى إلى إزالة مدافن مجاورة، وتسعى الحكومة إلى إنشاء محاور مرورية جديدة تربط شرق وجنوب القاهرة، عبر هذه الجبانات التاريخية.
وتقدم النائب عبد المنعم إمام، عضو مجلس النواب ورئيس حزب العدل، بطلب إحاطة للاستفسار عن أسباب هدم قبة مستولدة محمد علي باشا، والإجراءات المتخذة لحماية التراث المعماري والتاريخي.
وتضمن طلب الإحاطة، الذي وجهه إمام إلى وزير السياحة والآثار، تساؤلات حول خطة الوزارة لحماية المواقع التراثية والأثرية، وضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث، بالإضافة إلى استفسار حول مدى التنسيق بين وزارتي الآثار والثقافة والهيئات المعنية بحماية التراث لضمان الحفاظ عليه للأجيال القادمة.
وأشار إمام في طلبه إلى أن قبة مستولدة محمد علي باشا تعد جزءاً من التراث الثقافي والتاريخي، وتحمل قيمة معمارية وأثرية لا تقدر بثمن، ومع ذلك، هناك تقارير تشير إلى هدم القبة، أو تعرضها لأضرار جسيمة، مما يثير القلق حول مدى اهتمام الدولة بالحفاظ على هذا المعلم التاريخي.
وأضاف بحسب بيان صحافي: "هذا التصرف يمثل تهديداً للمواقع الأثرية والتراثية، التي تشكل جزءاً أساسياً من الهوية المصرية، والحفاظ على هذه المواقع يتطلب جهوداً مكثفة وتعاوناً بين الوزارات المختصة، خاصة في ظل التحديات المتزايدة المتعلقة بالترميم والصيانة".
ودعا النائب إلى الحفاظ على هذه المواقع الأثرية مسؤولية مشتركة بين وزارة السياحة والآثار والجهات المعنية، نظرا لأهمية هذه المعالم في تعزيز السياحة الثقافية وجذب الزوار من داخل مصر وخارجها، مشيرا إلى أن هدم أو إهمال هذه المعالم يشكل تهديدًا لتراثنا وتاريخنا.
فيما علّقت النائبة مها عبدالناصر، عضو مجلس النواب، على هدم قبة حليم باشا التاريخية في منطقة السيدة عائشة، وقالت "تابعت بكل أسى وقلق ما حدث لقبة حليم باشا التاريخية، وما يتوالى من عمليات هدم للمقابر الأثرية".
وأكدت عضو مجلس النواب في تصريحات لها أن هذا التجاهل للقيمة التاريخية والتراثية لهذه المواقع يشكل خسارة كبيرة لا يمكن تعويضها.
كما طالبت عضو مجلس النواب، بوقف أعمال الهدم كلها، مع إجراء مراجعة شاملة من جميع الجهات المعنية لكل الأعمال، لحماية ما تبقى من هذه الثروات الحضارية.
عمرها آلاف السنين..
عاوزين تخلوا عمرها صفر ليه؟؟؟ pic.twitter.com/aodkT8Zd64
في المقابل رد الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار المصرية على الواقعة، قائلاً "إن القبة ليست أثر، وغير مسجلة ضمن قائمة عداد الآثار، حيث يتم تسجيل المباني التاريخية كمبانٍ أثرية منذ صدور قانون رقم 117 لعام 1983، والتي مر عليها 100 عام.
وأوضح شاكر، في تصريحات متلفزة وصحافية مساء أمس، أنه تم ضم مباني كثيرة في قائمة الآثار بعد صدور ذلك القرار، ويوجد الكثير منها، والذي تم هدمه بالفعل، ويعود تاريخه لأكثر من 100 عام، وذلك يعود إلى قرارات واختصاصات وزارة السياحة والآثار.
وجاءت نص المادة الأولى من القانون، "يعتبر أثراً كل عقار أو منقول أنتجته الحضارات المختلفة أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان من عصر ما قبل التاريخ وخلال العصور التاريخية المتعاقبة حتى ما قبل مائة عام، حتى كانت له قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية باعتباره مظهراً من مظاهر الحضارات المختلفة التي قامت على أرض مصر أو كانت لها صلة تاريخية بها، وكذلك رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها".
هدم قبة حليم باشا بمقابر الإمام الشافعي pic.twitter.com/SVIfDwYT1M
— Catullus (@catullus92) October 22, 2024وتنص المادة الثانية "يجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء علي عرض الوزير المختص بشئون الثقافة أن يعتبر أي عقار أو منقول ذا قيمة تاريخية أو علمية أو دينية أو فنية أو أدبية أثراً متي كانت للدولة مصلحة قومية في حفظه وصيانته وذلك دون التقيد بالحد الزمني الوارد بالمادة السابقة ويتم تسجيله وفقا لأحكام هذا القانون وفي هذه الحالة يعد مالك الأثر مسئولا عن المحافظة عليه وعدم إحداث أي تغيير به، وذلك من تاريخ إبلاغه بهذا القرار بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية المصرية مصر السیاحة والآثار عضو مجلس النواب هدم قبة
إقرأ أيضاً:
قصة عائلة مصرية احترفت الخط العربي على مدى قرنين من الزمان
لقرنين من الزمان، لم يتوقف أفراد عائلة خالد الصوفي زاده عن ممارسة فنون الخط العربي والنحت والتذهيب، العائلة التي تعد الأقدم في هذا المجال بمصر ولا يزال أبناؤها يمارسون تلك الفنون، من الجد الأكبر إلى الحفيد، تزين أعمالهم المساجد في أنحاء مصر وخارجها أوراق رسمية تاريخية هامة وشواهد القبور وغيرها الكثير، محتفظين بالعديد من الأسرار والأدوات الخاصة جدا، وأيضا بالذكريات.
من عاصمة الخلافة إلى القاهرة.. هكذا بدأت القصةيحكي محمد شافعي، أصغر الأحفاد والبالغ من العمر 30 عاما، قصة عائلته للجزيرة نت "اسمي محمد شافعي حسن أحمد خالد الصوفي زاده، بدأت القصة عندما قرر جدي الأكبر الشيخ خالد الصوفي زاده، المولود في أنقرة بالربع الأخير من القرن الـ19 الارتحال إلى مصر لطلب العلم، وكان متقا لفني الخط والتذهيب عن والده، وبرع أيضا في علم الكيمياء، وحين استقر به المقام في القاهرة نهاية القرن التاسع عشر التحق بالجامع الأزهر، ثم عُين إماما لجامع محمد علي باشا بالقلعة، ثم قرر أن يتزوج فاختار ابنة الشيخ عبد العزيز سليم وأخت صديقيه العالم الأزهري الشيخ عبد الوهاب سليم والخطاط درويش سليم عام 1895، واتخذ منزلا له بجوار مسجد الإمام الشافعي، أنجب ابنه الوحيد أحمد عام 1900، ومات عام 1931 ودفن بمقابر الإمام الشافعي".
محمد شافعي خلال عمله (الجزيرة)ويواصل محمد شافعي قص حكايته قائلا "حفظ الابن الوحيد أحمد أفندي القرآن كاملا، وأخذ فن الخط العربي عن والده وعن خاله الخطاط درويش سليم، وتخصص في تنفيذ النقوش الكتابية خطا ونحتا وتذهيبا، فكتب شواهد مقابر مشاهير القرن الماضي أمثال سعيد باشا ذو الفقار، وصبري باشا أبو علم، كما كتب بالعديد من المساجد منها مسجد نازلي هانم حليم ومسجد أحمد حمزة باشا، وتوفي عام 1969".
إعلان بطاقات المشاهير وقبورهمامتد إرث عائلة الصوفي زاده خارج مصر، خاصة بعد مولد حسن أحمد خالد الصوفي، الذي تميز منذ طفولته بحفظ القرآن الكريم وتعلم فنون الخط والنحت والتذهيب على يد والده وخاله. التحق بمدرسة تحسين الخطوط الملكية، حيث كرمه الملك فاروق ضمن أوائل دفعته. حصل على دبلوم التخصص في التذهيب عام 1945، ثم عُين خطاطا وأصبح مراقبا عاما لدار الكتب المصرية.
يروي محمد "بفضل مهارته ودقته، أسندت إليه كتابة شواهد قبور الملك فاروق والرئيس جمال عبد الناصر وإسماعيل باشا صدقي، ومحمد محمود باشا، وجلال باشا فهيم، وطه حسين، ويوسف وهبي، وأم كلثوم، وفريد الأطرش، وغيرهم. كما شارك في كتابة بالعديد من المساجد، أبرزها مسجد نمرة بجبل عرفات حيث خط الأشرطة الكتابية فوق أبواب المسجد الـ64، بالإضافة إلى مسجد الإمام الحسين ومساجد الليث بن سعد والسيدة عائشة".
الجد حسن خالد (الجزيرة)
رغبةً منه في توسيع العائلة، أنجب حسن أبناء عدة. كان رسمي أحمد خالد الصوفي من أبرزهم، إذ تخصص في الخطوط أكاديميا، وعمل خطاطا بوزارة الداخلية. ساهمت وظيفته في كتابة البطاقات الشخصية يدويا لرؤساء ووزراء ومشاهير منهم جمال عبد الناصر، ومحمد أنور السادات، ومحمد حسني مبارك.
أما يوسف أحمد خالد الصوفي، فقد عمل خطاطًا بالمطابع الأميرية. وواصل الحفيد مصطفى بن حسن خالد التخصص في المجال، حيث حصل على دبلوم الخطوط وانتُدب مصممًا للعديد من المؤسسات والعلامات التجارية. واستمر الإرث حتى أصغر الأحفاد محمد، الذي سماه والده تيمنا بالإمام الشافعي.
يقول محمد شافعي للجزيرة نت "تعلمت فن الخط من عمي مصطفى خالد وجدي يوسف خالد، وحصلت على دبلوم الخطوط عام 2020، بالإضافة إلى ثلاث جوائز في فن الخط العربي، أبرزها الجائزة الأولى لملتقى القاهرة الدولي لفن الخط العربي".
من أعمال محمد شافعي (الجزيرة) ميراث يندثر شيئا فشيئاتواجه كتابات عائلة الصوفي زاده خطر الاندثار تدريجيًا، مما دفع محمد شافعي إلى بذل جهود كبيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. يقول محمد "تُجرى حاليًا مجموعة من أعمال التطوير في مقابر القاهرة، تشمل إزالة بعض القبور لتوسعة الطرق ورصفها. للأسف، من بين هذه القبور، توجد مقابر خطت عائلتنا نقوشها وكتاباتها على مدى قرنين من الزمن. ولأن النقش ذاته يُعد الوثيقة الوحيدة التي توثق أعمالنا، ولغياب النماذج الورقية حاولت توثيق ما أمكنني عبر التصوير".
إعلانويشير محمد إلى صعوبة الحفاظ على هذه الأعمال قائلا "نقل النقوش أو الاحتفاظ بها أمر شبه مستحيل. أولًا، لأن هذه النقوش تعد ملكيات خاصة لأصحابها، وليس لي الحق في التصرف بها. ثانيًا، القرار بنقلها أو إزالتها يعود لأصحابها. كما أن بعض المواقع مغلقة، مما يجعل حتى عملية التصوير مستحيلة. هذا الأمر يشكل مصدر قلق كبير بالنسبة لي، لأن جزءًا مهمًا من الإرث الفني لعائلتي، الذي يشمل نقوشًا تحمل أسماء المتوفين، أدعية وأشعارًا وآيات قرآنية، مهدد بالضياع. لقد أفنت عائلتنا عمرها في هذا المجال، ورغم استمرارنا في ممارسة هذا التخصص، فإن الطلب على النقوش الكتابية تراجع بشكل ملحوظ مقارنة بالماضي".