كم مدة الغفوة التي لا تنقض الوضوء؟، سؤال بينته دار الإفتاء المصرية من خلال الحديث عن حكم النعاس وتأثيره على الوضوء والصلاة.

كم مدة الغفوة التي لا تنقض الوضوء؟

وقالت الإفتاء إن النُّعَاسُ -كما يُعرِّفه أهل اللغة-: فتورٌ يصيبُ الجسم، وهو أول درجات النوم؛ فيُسَمّى الشعور بالنوم والرغبة فيه نُعَاسًا، ولكنه لا يصل إلى القلب، بخلاف النوم؛ فإنَّ فيه استرخاء البدن، والغَلَبة على العقل، وسقوط الحواس.

انظر: "فقه اللغة وسر العربية" للثعالبي (ص: 125، ط. إحياء التراث العربي).

جاء في "المعجم الوسيط" (2/ 934، ط. دار الدعوة): [فترت حواسه فقارب النوم فهو ناعس.. (النُّعَاسُ) فتور في الحواس، والوسن من غير نوم، وأول النوم] اهـ.

تأثير النعاس على الوضوء والصلاة

النوم اليسير أو النُّعَاس لا يَنْقُض الوضوء ولا يُبْطِل الصلاة باتفاق الفقهاء؛ وإنما الذي يَنْقُض الوضوء ويُبْطِل الصلاة هو النوم الذي فيه الغَلَبَة على العقل بحيث لا يَشْعُر المصلِّي بمَنْ حوله؛ قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (1/ 143، ط. دار الفكر) نَقْلًا عن "فتاوى قاضي خان": [النُّعَاسُ لا يَنْقُض الوضوء، وهو قليل نوم لا يشتبه عليه أكثر ما يقال عنده] اهـ.

وقال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (1/ 31، ط. دار الكتب العلمية): عند الكلام عن نواقض الوضوء [(ومنها): النوم مضطجعًا في الصلاة أو في غيرها بلا خلاف بين الفقهاء.. والدليل عليه ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم نام في صلاته حتى غط ونفخ، ثم قال: «لَا وضُوءَ عَلَى مَن نَامَ قَائِمًا، أو قَاعِدًا، أو رَاكِعًا، أو سَاجِدًا، إنَّمَا الوضُوء عَلَى مَن نَامَ مُضطَّجِعًا، فإنَّهُ إذَا نَامَ مُضطَّجِعًا استَرْخَت مَفَاصِلُهُ». نص على الحكم، وعَلَّل باسترخاء المفاصل.. فأَمَّا النوم في غير هاتين الحالتين.. فإن كان في الصلاة لا يكون حدثًا سواء غَلَبه النوم، أو تَعمَّد في "ظاهر الرواية". وروي عن أبي يوسف أنَّه قال سألت أبا حنيفة عن النوم في الصلاة فقال لا ينقض الوضوء، ولا أدري أسألته عن العمد، أو الغلبة] اهـ.

هل النظر للنساء ومداعبة الزوجة يتطلب إعادة الوضوء .. الرأي الفقهي هل يجوز ترديد دعاء الوضوء والتسمية في الحمام؟.. انتبه لـ10 حقائق

قال الشيخ الخرشي عند شرحه لقول الشيخ خليل في "مختصره" (1/ 154، ط. دار الفكر): [(ص) وبسببه، وهو زوال عَقْلٍ، وإن بنومٍ ثَقُل، ولو قَصُر، لا خَفَّ]؛ قال: [وإن كان استتاره بنَومٍ ثقيل، ولو كان قصيرًا على المشهور، وعلامة النوم الثقيل: سقوط شيء مِن يده، أو انحلال حَبْوته، أو سيلان ريقه، أو بُعْده عن الأصوات المتصلة به، لا إنَّ خَفَّ النوم، فلا ينقض؛ لانتفاء مظنة الحدث ولو طال] اهـ.

وقال الإمام النووي في "الروضة" (1/ 74، ط. المكتب الإسلامي): [وليس في معناه النُّعَاسُ، وحديث النَّفْس، فإنهما لا ينقضان بحال] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (1/ 129، ط. مكتبة القاهرة): [ومَن لم يغلب على عقله فلا وضوء عليه.. وإن شك هل نام أم لا، أو خطر بباله شيء لا يدري أرؤيا أو حديث نفس؛ فلا وضوء عليه] اهـ.

الدليل على أن النعاس لا يؤثر على الوضوء والصلاة

استدل الفقهاء في هذه المسألة بعدة أدلة؛ منها: ما رواه الإمام البخاري في "صحيحه" عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أَنَّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا نَعَسَ أَحَدُكُم وَهُو يُصَلِّى فَلْيَرْقُد حَتَّى يَذهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فإنَّ أَحَدَكُم إذَا صَلَّى وهو نَاعِسٌ لَا يَدْرِي لَعَلَّه يستَغفِر فَيَسُبَّ نَفْسَهُ».

فالحديث دليلٌ على أَنَّ الوضوء والصلاة لا ينتقضان بالنُّعَاس أو الغَفْوَة؛ قال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الاستذكار" (2/ 86، ط. دار الكتب العلمية): [يُستدل من هذا الحديث بأن النُّعَاس وهو النوم اليسير لا ينقض الصلاة، وإذا لم ينقض الصلاة لم ينقض الوضوء] اهـ.

ودلالة الحديث على عدم انتقاض الوضوء مع أَنَّ فيه الأمر بالرقود جاءت من دلالة المفهوم؛ حيث جعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرقاد عند غلبة النوم، هو ما ينتقض به الوضوء، أما النُّعَاس والنوم القليل فلا ينقض؛ قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (3/ 111، ط. دار إحياء التراث العربي): [بيان استنباط الأحكام: الأول: أن فيه الأمر بقطع الصلاة عند غلبة النوم عليه، وأن وضوءه ينتقض حينئذ. الثاني: أنَّ النعاس إذا كان أقل من ذلك يعفى عنه، فلا ينتقض وضوؤه] اهـ.

وجاء في "شرح صحيح البخاري لابن بطال" (1/ 319، ط. مكتبة الرشد): [لا ينبغي للمصلى أن يقرب الصلاة مع شاغل له عنها، أو حائل بينه وبينها، لتكون همّه لا همّ له غيرها، وأن مَن استثقل نومه فعليه الوضوء، وهذا يدل أن النوم اليسير بخلاف ذلك] اهـ.

ويُؤكِّد ذلك ما وردت به روايات أخرى للحديث بزيادة: «فَلْيَنَمْ»؛ قال العلامة القَسْطَلَّاني في "إرشاد الساري" (1/ 285، ط. المطبعة الكبرى الأميرية): [وفي رواية الأصيلي وابن عساكر إذا نعس أحدكم في الصلاة (فلينم) أي: فليتجوز في الصلاة ويتمّها وينم (حتى يعلم ما يقرأ) أي: الذين يقرؤه] اهـ.

وقد حكى بعضهم الإجماع في ذلك؛ قال الإمام ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (1/ 314، ط. دار المعرفة): [وقد أجمعوا على أَنَّ النوم القليل لا ينقض الوضوء] اهـ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الوضوء الصلاة تأثير النعاس على الوضوء والصلاة دار الإفتاء قال الإمام فی الصلاة

إقرأ أيضاً:

هل يأثم من ذهب إلى العمل وهو على جنابة؟.. المفتي السابق يوضح

تدور تساؤلات كثيرة بين الناس حول حكم الذهاب إلى العمل أو الخروج من المنزل في حالة الجنابة، وهل يتعرض الإنسان للإثم أو اللعن من الملائكة إذا تأخر في الغسل؟ وردًّا على هذه التساؤلات، أوضح الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق ، أن الاعتقاد بأن الملائكة تلعن الجنب في كل خطوة يخطوها أو أنها لا تقترب منه حتى يغتسل، لا أصل له في الشريعة الإسلامية، ولا يجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وأكد المفتي أن المسلم لا يأثم بمجرد تأخيره غسل الجنابة، طالما أنه لا يؤدي ذلك إلى تضييع الصلاة عن وقتها، فإذا أدت الجنابة إلى تأخير الصلاة، فإنه يأثم بسبب تفويت وقت الصلاة وليس بسبب كونه جنبًا.

هل يجوز عمل أكثر من عُمرة في اليوم الواحد؟.. دار الإفتاء تجيبهل التوبة والاستغفار تسقط الصلاة الفائتة.. الإفتاء تحسم الجدلرأي الشرع في العثور على مبلغ مالي في الشارع .. دار الإفتاء تجيبروشتة شرعية للاستيقاظ لصلاة الفجر.. نصائح من دار الإفتاء

وأوضح أن المسارعة إلى الطهارة أمر مستحب، لكن يجوز تأخير الغسل إلى وقت الحاجة، ويُستحب للجنب أن يتوضأ إذا أراد تناول الطعام أو النوم أو الخروج لقضاء حوائجه.

وفي السياق ذاته، أوضح الشيخ عبد الحميد الأطرش، رحمه الله  رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقًا، أن الجنب لا تلعنه الملائكة كما يعتقد البعض، لكن إذا أدى ذلك إلى ترك الصلاة فإنه يكون قد وقع في كبيرة من الكبائر، وعرض نفسه لغضب الله. 

وأضاف أن من كان على جنابة قبل الذهاب إلى العمل فعليه أن يغتسل ويصلي قبل الخروج، أما إذا حدثت الجنابة بعد أداء صلاة الفجر، وكان الشخص قد صلى، فيجوز له الخروج وهو جنب، بشرط أن يغتسل قبل خروج وقت صلاة الظهر.

هل يجوز الذكر أثناء الجنابة 

أما فيما يتعلق بذكر الله أثناء الجنابة، فقد أوضح الدكتور محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الذكر والاستغفار جائز للشخص الجنب، وليس هناك مانع شرعي يمنعه من ذكر الله، مستشهدًا بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يذكر الله على كل أحواله. 

وأشار إلى أن الذكر يمنح الطمأنينة والسكينة للإنسان، ومن اعتاد على الذكر لن يستطيع التوقف عنه.

وبناءً على هذه الفتاوى، فإن المسلم الذي يذهب إلى عمله وهو جنب لا يكون آثمًا، بشرط ألا يؤدي ذلك إلى تأخير الصلاة عن وقتها، كما أن ذكر الله جائز في كل الأحوال، ولا مانع من الاستغفار والتسبيح حتى قبل الغسل من الجنابة.

مقالات مشابهة

  • حكم قراءة القرآن للحائض من الهاتف وهل يجوز مس المصحف؟ اعرف آراء المذاهب الفقهية
  • رهف القحطاني لمتابعيها: عيش حياتك لكن لا تترك صلاتك.. فيديو
  • خصوصية جبل الطور حتى يتجلى الله تعالى عليه
  • دعاء الضيق كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم
  • هل يأثم من ذهب إلى العمل وهو على جنابة؟.. المفتي السابق يوضح
  • إمساكية شهر رمضان 2025.. اعرف مواعيد الصلاة في كافة المحافظات
  • هل التوبة والاستغفار تسقط الصلاة الفائتة.. الإفتاء تحسم الجدل
  • روشتة شرعية للاستيقاظ لصلاة الفجر.. نصائح من دار الإفتاء
  • موسم الطاعات ورفع الدرجات| فضل شهر شعبان ومكانته
  • هل النوم بعد الفجر يمنع الرزق ويجلب الفقر؟.. الإفتاء: احذره لـ7 أسباب