صحيفة التغيير السودانية:
2024-10-23@10:26:09 GMT

معسكرين فقط، لا ثالث لهما…

تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT

معسكرين فقط، لا ثالث لهما…

معسكرين فقط، لا ثالث لهما…

مهدي رابح

بنظرة موضوعية صارمة للواقع في السودان، بعيداً عن أي انحيازات عاطفية صغيرة، وبتفكيك طرفي الحرب الى عناصرهما الاساسية، فإننا وبكل يسر يمكننا أن نصل الى محصلة أن من يتقاتلان اليوم ليس قوتان مسلحتان فقط بل عشرات القوى الحاملة للسلاح، والمنضوية في اتحادين رئسيين أشبه بالكارتيلات، يتنازعان في السلطة والثروة.

ومن خلف هذين الاتحادين عديد القوى الإقليمية والدولية التي توفر التمويل والسلاح والغطاء السياسي والدبلوماسي لهذا الطرف أو ذاك، وتسعى كل منها بذلك الى ترجيح كفة توازن النفوذ الى صالحها في منطقة القرن الافريقي، حوض النيل وسواحل البحر الأحمر.

تماسك هذين الاتحادين واستقرارهما في خضم سياق الحرب يتناقض مع طبيعة تكوين عناصرهما الاساسية، اي مليشيات يرتبط استمرارها في الوجود بحد ذاته بمدى قوتها العسكرية، وهو ما يدفعها الى مزيد تعزيز قدراتها القتالية وهذا الأمر بدوره يعتمد مدى نجاحه على قدرتها توفير مزيد الموارد اللازمة وهو ما يستتبع تلقائيا السعي لمزيد من السلطة للسيطرة على مصادر تلك الموارد وهكذا دواليك، في عملية ذات اتجاه تصاعدي واحد لا يتوقف.

هذا النمط يجعل من الثابت في معادلة الصراع هو السعي لمزيد الموارد اما المتغيّر فهو طبيعة التحالفات التي تحقق ذلك “داخلية كانت ام خارجية” وهو ما يفسر تغيير بعض امراء الحرب لولاءاتهم حسب ما تقتضيه الحاجة او الواقع العسكري في الميدان وتصاعد التوتر الداخلي داخل تلك الكارتيلات مثلما رشح مؤخرا بين شركاء تحالف بورتسودان كنموذج جيّد.

إن اعتبار الحرب الحالية وكأنها نزاع بين الجيش والدعم السريع فقط لهو خطأ في التحليل سيؤدي الى الاستمرار في تبني مقاربات غير مجدية وغير عملية، تتباين بين الانحياز لأحدهما او لعب دور الوسيط بينهما او الانغلاق في موقف سلبي غامض يكون عرضة لتعدد التفسيرات، وهو ما لن يؤدي بأية حال من الأحوال إلى ايقاف الحرب أو إلى الوصول إلى أعتاب عملية سياسية قد تفضي لسلام دائم وتسمح بتدشين عمليات إعادة رتق النسيج المجتمعي المهترئ واعادة بناء السودان. بل العكس، اي انها ستؤدي الي تنشيط عملية تناسل المليشيات وامراء الحرب وازدياد تدخل الأطراف الخارجية واستمرار عداد الموت المجاني المجنون في الدوران.

في تقديري المتواضع ان الخطوة الصحيحة الأولي للمدنيين، دعاة السلام والتحول الديموقراطي، من اجل الوصول إلى تصميم صحيح لعملية الخروج من هذه الازمة، هو النظر إلى الحالة السودانية من خلال منظور طرفين رئيسيين مختلفين، واقصد بذلك ومن جهة أولى جماع تلك القوى الحاملة للسلاح والتي تخوض الحرب، التي تخوض في دماء السودانيين الآن، مع بعضها البعض وضد بعضها البعض “الآخر”، بغض النظر عن شكل التحالفات التاكتيكية المتغيرة التي ينتمون اليها اليوم أو تلك التي سينتمون اليها غدا، وبغض النظر عن الشعارات التي يرفعونها اليوم او التي سيرفعونها غداً، ومن الجهة الثانية جماع القوى الساعية لإيقاف الحرب والداعية لوضع حد للمأساة الإنسانية المروعة وغير المسبوقة.

أي أن هنالك في حقيقة الأمر معسكرين فقط لا ثالث لهما، معسكر الحرب ومعسكر السلام، معسكر المجرمين ومعسكر الناجين من السقوط في وحل هذه الجريمة النكراء.

#لازم_تقيف

الوسومأمراء الحرب التحول الديمقراطي الجيش الدعم السريع السلام السودان المليشيات مهدي رابح

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أمراء الحرب التحول الديمقراطي الجيش الدعم السريع السلام السودان المليشيات وهو ما

إقرأ أيضاً:

السودان.. عشرات القتلى في غارة للجيش على مسجد بود مدني

قالت لجنة من الناشطين المحليين، يوم الثلاثاء، إن 31 شخصا قتلوا في غارة جوية للجيش السوداني على مسجد في مدينة ود مدني بوسط السودان يوم الأحد.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن لجنة المقاومة في ود مدني، وهي واحدة من مئات المجموعات التطوعية التي تنسق المساعدات في جميع أنحاء البلاد التي مزقتها الحرب، إن الهجوم وقع "بعد صلاة العشاء" واستهدف مسجد الشيخ الجيلي ومحيطه في حي الامتداد الغربي، في عاصمة ولاية الجزيرة جنوب الخرطوم مباشرة.

 وشهدت وتيرة الصراع في السودان ارتفاعا كبيرا خلال الأسابيع الأخيرة، حيث بلغ العنف أعلى مستوى له منذ اندلاع القتال منتصف أبريل 2023.

ويأتي هذا بالتوازي مع الانتشار المخيف للأمراض المعدية، وارتفاع معدلات سوء التغذية وسط الأطفال.

 وفي حين يحاصر الجوع 26 مليون شخص في البلاد، يعاني حوالي 34 بالمئة من الأطفال سوء التغذية أو سوء التغذية الحاد.

ومع تطاول أمد الحرب، تتزايد معاناة العالقين الذين يعيشون تحت أصوات الرصاص والقصف اليومي، ويواجهون قسوة المرض ببطون خاوية.

مقالات مشابهة

  • نساءٌ يصنعن الحياة من رحم الحرب: قصصٌ من دُور الإيواء في السودان
  • السودان: معارك شرسة في «تمبول» وأنباء عن مقتل قائد عملية التفاوض مع «كيكل»
  • السودان.. عشرات القتلى في غارة للجيش على مسجد بود مدني
  • الحرب بين الرغائب والوقائع
  • انشقاق قائد من قوات الدعم السريع بالسودان.. هل يغير موازين القوى على الأرض؟
  • أكثر من 80% من المرافق الصحية توقفت عن العمل بسبب الحرب في السودان
  • ولاية البطانة … أبو دليق عاصمة السودان
  • من الإخوان الإرهابية.. إلى السودان.. لك الله يا مصر (١١)
  • عاجل | أبو عبيدة: قيادة القسام تلقت بفخر تقارير عملية البحر الميت البطولية التي عززت آفاق الجبهة الأردنية الواعدة