بدأت أمس الثلاثاء فعاليات القمة السنوية لمجموعة بريكس بمدينة قازان عاصمة جمهورية تترستان في روسيا وسط تطلعات لتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول المجموعة بما يحميها من التحديات التي تواجهها وسط انفتاح على زيادة عدد دول التكتل الذي أصبح 10 خلال العام الجاري، بعد انضمام 5 دول هي السعودية ومصر والإمارات وإيران وإثيوبيا.

وتركز القمة على قضايا الأمن الغذائي والطاقة، مع إيلاء اهتمام خاص للشرق الأوسط، وتنعقد هذا العام تحت عنوان رئيسي هو "بريكس والجنوب العالمي لبناء عالم أفضل بشكل مشترك".

وتشارك في الاجتماعات 36 دولة، بينها 22 على أعلى مستوى وقيادات 6 منظمات دولية، يناقشون قضايا التفاعل بين دول الأغلبية العالمية، في حل الأزمات الملحة، بما في ذلك تحسين بنية العلاقات الدولية، وضمان التنمية المستدامة للأمن الغذائي والطاقة، بالإضافة إلى الوضع المتفاقم في الشرق الأوسط.

والقمة -التي انطلقت أمس وتستمر 3 أيام- تُعد أكبر تجمع لزعماء العالم في روسيا منذ عقود، وتعقد في وقت تخوض فيه موسكو حربا مع أوكرانيا المدعومة من الغرب. فما جدول أعمال القمة؟ ولماذا تكتسي أهمية خاصة؟

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (يمين) لدى وصوله إلى قازان للمشاركة في القمة (الأناضول) ما بريكس؟

مجموعة بريكس هي تجمع يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. بدأت المجموعة في عام 2006، واجتمعت البرازيل وروسيا والهند والصين في قمة بريكس الأولى في عام 2009. وانضمت إليها جنوب أفريقيا بعد عام.

هدف التحالف هو تحدي الاحتكار الاقتصادي والسياسي الغربي، وتحدد المجموعة أولوياتها وتجري مناقشات خلال قمتها السنوية التي يتناوب الأعضاء على استضافتها. وهذه القمة هي الـ16.

وفي عام 2023، وجهت البريكس الدعوات لتشمل مصر وإثيوبيا وإيران والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بعد أن تقدمت هذه الدول بطلب لنيل عضوية المجموعة. مع الإشارة إلى أن السعودية لم تنضم رسميا بعد، لكن الدول الأخرى انضمت إليها.

وفي الوقت نفسه، تم توجيه دعوة إلى الأرجنتين، لكن الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية رفضتها بعد أن قام الرئيس خافيير ميلي، الذي انتخب في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بحملته الانتخابية على أساس وعد بتعزيز العلاقات مع الغرب.

من حضر القمة؟

حضر 24 من زعماء العالم افتتاح القمة أمس الثلاثاء، بينهم زعماء الدول الأعضاء في مجموعة البريكس وهم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا. كما وصل إلى قازان لحضور القمة رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.

ويشارك أيضا في القمة زعماء العديد من الدول الأخرى التي أبدت اهتماما بتعميق العلاقات مع مجموعة البريكس، بمن فيهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء الفيتنامي فام مينه تشينه. وألغى الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا رحلته إلى روسيا بعد تعرضه لإصابة في الرأس إثر سقوطه بمنزله في 19 أكتوبر/تشرين الأول. وسيمثل البرازيل في القمة وزير الخارجية ماورو فييرا.

ويحضر أيضا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومن المتوقع أن يلتقي بوتين يوم الخميس. ويوم الاثنين، انتقدت وزارة الخارجية الأوكرانية غوتيريش، قائلة إنه بينما لم يقبل دعوة لحضور قمة السلام التي تدعمها أوكرانيا في سويسرا في يونيو/حزيران، لكنه الآن "قبل دعوة قازان من مجرم الحرب بوتين". واعتبرت مشاركة الأمين العام للأمم المتحدة خيارا خاطئا ولا يخدم قضية السلام، ويضر بسمعة الأمم المتحدة.

وفي مارس/آذار 2023، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرة اعتقال بحق بوتين، متهمة إياه بارتكاب جريمة حرب تتمثل في ترحيل الأطفال بشكل غير قانوني من أوكرانيا.

ماذا يتضمن جدول أعمال القمة؟

الموضوع الرئيسي الذي يوحد أعضاء مجموعة البريكس هو خيبة أملهم في مؤسسات الحوكمة العالمية التي يقودها الغرب، وخاصة الاقتصادية منها حيث أثارت العقوبات المفروضة على روسيا بعد حربها على أوكرانيا عام 2022 ذعر العديد من دول الجنوب العالمي، التي شعرت بالقلق من أن الغرب قد يستخدم أدوات التمويل العالمي كسلاح ضدها.

وفي أعقاب الحرب الإسرائيلية على غزة والمساعدة الأميركية بالسلاح، استغلت روسيا والصين هذه المشاعر المعادية للغرب بشكل أكثر فعالية، مستفيدة من الإحباطات الناجمة عن المعايير الغربية المزدوجة وكذلك استخدام العقوبات والإكراه الاقتصادي.

وقالت الخبيرة التركية في السياسة الخارجية أسلي أيدينتاسباس، في تصريحات لمعهد بروكينغز، وهو مركز أبحاث في واشنطن العاصمة، إن "هذا لا يعني أن القوى المتوسطة تريد مقايضة الهيمنة الأميركية بالصين، لكنه يعني أنها منفتحة على التحالف مع روسيا والصين من أجل عالم أكثر تنوعا واستقلالا".

ولتحقيق هذه الغاية، يريد شركاء البريكس تقليل اعتمادهم على الدولار ونظام "سويفت"، وهي شبكة مراسلة دولية للخدمات المالية، قطعت عن البنوك الروسية في عام 2022 بعد الحرب الروسية على أوكرانيا.

وفي عام 2023، اقترح الرئيس البرازيلي عملة موحدة للتداول بين أعضاء البريكس، لكن الخبراء حذروا من أن أي مبادرة من هذا القبيل قد تكون مليئة بالتحديات. وفي أغسطس/آب، أعرب وزير الشؤون الخارجية الهندي إس جايشانكار أيضا عن شكوكه حول مدى واقعية عملة البريكس.

وبدلا من ذلك، يعمل أعضاء مجموعة البريكس الآن على استخدام عملاتهم الوطنية بشكل أكبر في التجارة الثنائية لعزلهم عن تقلبات العملة وتقليل اعتمادهم على الدولار.

وفي هذا تقول أيدينتاسباس "لدى الصين الآن بديل لنظام الدفع سويفت، على الرغم من محدودية الاستخدام، وتقوم دول مثل تركيا والبرازيل بإعادة هيكلة احتياطياتها من الدولار بشكل متزايد وتحويلها إلى ذهب. إن مقايضة العملات بصفقات الطاقة تعد أيضا فكرة شائعة، وكلها تشير إلى الرغبة في تحقيق قدر أكبر من الاستقلال المالي عن الغرب".

لماذا تعتبر القمة مهمة لبوتين؟

منذ أن شنت روسيا حربا واسعة النطاق على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، واجهت البلاد هي وزعيمها عزلة من الغرب. وبعد شهر من بدء الحرب، كشفت كندا والاتحاد الأوروبي واليابان ونيوزيلندا وتايوان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة عن سلسلة من العقوبات على البنوك الروسية ومصافي النفط والصادرات العسكرية. وفرضت المزيد من العقوبات على روسيا وحلفائها منذ ذلك الحين.

كما أن مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق بوتين تعني أنه لا يستطيع السفر إلى البلدان الموقعة على نظام روما الأساسي، وهي معاهدة للأمم المتحدة أنشأت المحكمة، دون المخاطرة بالاعتقال.

وفي عام 2023، غاب عن قمة البريكس في جنوب أفريقيا، وهي طرف في المعاهدة، وسط ضغوط على بريتوريا لاحتجاز الزعيم الروسي إذا حضر.

كما أن الزعماء الغربيين غير راغبين إلى حد كبير في الانضمام إلى بوتين في أي إطار متعدد الأطراف.

وغاب بوتين عن قمة مجموعة الـ20 في الهند العام الماضي، على الرغم من أن نيودلهي ليست طرفا في نظام روما الأساسي.

وعلى هذه الخلفية، يأمل بوتين في تحقيق فوز كبير في العلاقات العامة ضد أوكرانيا والغرب، في محاولة لإرسال رسالة مفادها أنه على الرغم من الحرب والعقوبات الغربية، لا تزال روسيا تتمتع بقدرة كبيرة على الصمود.

قال تيموثي آش، الزميل المشارك في برنامج روسيا وأوراسيا في تشاتام هاوس، للجزيرة "هناك الكثير من الشركاء الدوليين المستعدين للتفاعل مع روسيا". ويتفق مع هذا الطرح خبراء آخرون.

وقالت أنجيلا ستينت، مديرة مركز الدراسات الأوراسية والروسية وأوروبا الشرقية في جامعة جورج تاون، في تصريحات لمعهد بروكينغز "إن قمة قازان لها أهمية رمزية وعملية كبيرة لنظام بوتين. وسوف تثبت القمة أن روسيا، بعيدا عن كونها معزولة، لديها شركاء مهمون مثل الهند والصين وغيرها من القوى الناشئة الكبرى".

وتمثل مجموعة البريكس الموسعة الآن نحو 45% من سكان العالم و25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

ما الذي يحاول بوتين الإشارة إليه أيضا؟

إن رسالة التحدي التي يوجهها بوتين للغرب، والتي أظهرتها صور زعماء العالم معه في قمة البريكس، تتعلق أيضا بالمواقف من المفاوضات بشأن حربه في أوكرانيا، في وقت تتزايد فيه الدعوات لإجراء محادثات لإنهاء الحرب.

والهند، وهي عضو رئيسي في مجموعة البريكس وشريك روسي موثوق به تقليديا، تعمل بنشاط مع كل من موسكو وكييف لتقريبهما من الحوار. وزار رئيس الوزراء الهندي، موسكو في يوليو/تموز لدفع بوتين نحو المفاوضات، ثم سافر إلى كييف في أغسطس/ آب.

كما التقى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مرة أخرى في نيويورك على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، قبل أن يعود إلى روسيا لحضور قمة قازان الحالية.

وقال آش "أعتقد أن موسكو حريصة على الإشارة إلى أنها مستعدة لحرب طويلة، ولكن في الواقع، أعتقد أن كل هذا يمهد الطريق لمحادثات السلام المحتملة التي ستعقد عاجلا وليس آجلا".

ما خطوة مجموعة بريكس التالية؟

تستمر مجموعة البريكس في التوسع. وقد أعربت دول جنوب شرق آسيا مؤخرا عن اهتمامها بالانضمام إلى التحالف. وفي حوار البريكس مع الدول النامية الذي عقد بروسيا في 11 يونيو/حزيران الماضي، قالت تايلاند إنها ترغب في الانضمام.

وفي 18 يونيو/حزيران أيضا، أعربت ماليزيا عن اهتمامها في أن تكون جزءا من مجموعة البريكس قبل زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ إلى كوالالمبور.

كما طلبت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، رسميا الانضمام إلى التكتل في سبتمبر/أيلول الماضي.

وقالت تارا فارما، الزميلة الزائرة في معهد بروكينغز، إن "استعداد العديد من الدول للذهاب إلى روسيا، التي كانت حتى وقت قريب دولة منبوذة لانتهاكها القانون الدولي بحربها على أوكرانيا، يؤكد الاتجاه الذي يتبعه عدد متزايد من البلدان بالعالم في اختيار الشركاء".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات مجموعة البریکس جنوب أفریقیا رئیس الوزراء على أوکرانیا فی عام

إقرأ أيضاً:

البريكس بلس في روسيا.. الأهداف والواقع ورغبات بوتين

يجتمع أكثر من 20 من قادة العالم في مدينة قازان الروسية، الثلاثاء المقبل، للمشاركة في قمة "بريكس بلس"، التي تعدّ الأكبر من نوعها على الأراضي الروسية منذ غزو أوكرانيا 2022.

ويسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبرها لإظهار أن المحاولات الغربية لعزل موسكو "قد باءت بالفشل" بحسب ما ورد في تقرير لوكالة فرانس برس، الأحد.

ولأول مرة منذ عامين ونصف العام، تحدث الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش الأحد إلى بوتين عبر الهاتف، بمناسبة الذكرى الـ80 لتحرير العاصمة بلغراد من النازيين في الحرب العالمية الثانية، وكان للجنود السوفييت دور بارز فيه.

وقال فوتشيتش في رسالة عبر الفيديو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي: "شكرتُ الرئيس بوتين بشكل خاص على ضمان قيام روسيا بتوفير كميات كافية من الغاز لصربيا هذا الشتاء".

وتلقى البلد المرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي دعوة لحضور قمة مجموعة "بريكس" من روسيا إلا أنه لم يرد إلى الآن.

وقال فوتشيتش وقت سابق هذا الأسبوع "إذا قلت إنني ذاهب إلى قازان، سيكون ذلك بمثابة نهاية الطريق الأوروبي لصربيا. وإذا قلتُ شيئا آخر، سيزعمون أنّني خنت الروس".

وسيُعلن قرار حضوره القمة السادسة عشرة بحلول يوم غد الاثنين، بحسب ما نقلت فرانس برس.

وكانت صربيا دانت انتهاك وحدة الأراضي الأوكرانية، وفي نفس الوقت رفضت المشاركة في فرض عقوبات على روسيا، وما زالت متمكسة بموقفها إلى اليوم.

من جانبه، أعلن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الأحد، أنه لن يحضر القمة في روسيا، بعد نصيحة طبية بتجنب الرحلات الطويلة مؤقتا.

وذكر قصر الرئاسة في بيان أن لولا سيشارك في اجتماع بريكس عبر دائرة تلفزيونية.

محمد بن سلمان لن يحضر قمة "بريكس" في روسيا قال الكرملين إنه من غير المتوقع أن يحضر ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، قمة مجموعة بريكس التي تستضيفها روسيا، في وقت لاحق من أكتوبر الجاري، وأشار إلى أن أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم سوف يمثلها وزير الخارجية. قمة قازان

من المقرر كذلك، أن يشارك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في القمة. وأكد مستشار الكرملين يوري يوشاكوف، مشاركة قادة كل الدول الأعضاء في "بريكس" بقمة قازان، باستثناء السعودية التي ستوفد وزير خارجيتها.

وستكون القمة في روسيا الأولى بوجود الأعضاء الجدد، لذلك أطلق على المجموعة "بريكس بلس" بحسب المعهد الأميركي لدراسات السلام.

في المقابل، يعتقد الغرب أن روسيا تستغل التكتل لتوسيع نفوذها والترويج لسرديّاتها الخاصة في ما يتّصل بالنزاع مع أوكرانيا.

وحذّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي لدى عرضه "خطة النصر" هذا الأسبوع، من أن أي انتصار لبوتين في النزاع مع أوكرانيا من شأنه أن يشجّع دولا أخرى على إطلاق حروبها الخاصة.

وأضاف "إذا حقق بوتين أهدافه الجنونية، الجيوسياسية والعسكرية والأيديولوجية والاقتصادية، فسيشيع ذلك انطباعا سائدا لدى معتدين محتملين آخرين خصوصا في الغرب ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ وأفريقيا، بأن الحروب العدوانية يمكن أن تكون مفيدة لهم أيضا".

وأبرز الملفات المطروحة على جدول أعمال القمة، مقترح بوتين إنشاء نظام دفع خاص لـ"بريكس" يفترض أن يكون منافسا لنظام "سويفت" الشبكة المالية العالمية التي استُبعدت منها روسيا بعد غزوها أوكرانيا 2022، إضافة إلى النزاع المتصاعد في الشرق الأوسط.

ويصف الكرملين القمة بأنها "انتصار دبلوماسي سيساعده في بناء تحالف قادر على تحدي الهيمنة الغربية" بحسب ما أوردت فرانس برس، بينما تعتبر الولايات المتحدة أنها "غير قادرة على التحول إلى منافس جيوسياسي".

وفي الوقت ذاته، لا تخفي واشنطن قلقها إزاء استعراض موسكو قوتها الدبلوماسية وسط احتدام النزاع في أوكرانيا.

وفي القمة التي سبقتها وانعقدت في جنوب أفريقيا، لم يتمكن بوتين من الحضور، حيث أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه عام 2023 على خلفية ترحيل غير قانوني لأطفال من أوكرانيا.

وتسعى كوبا للانضمام إلى "بريكس"، حيث قدمت طلباً رسمياً عبر رسالة لبوتين في هذا الشهر لإدراجها كدولة شريكة. وقال مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة إرنستو سوبرون غوزمان، في حديث مع وكالة "تاس" الروسية إن "بريكس قد تصبح بديلاً للمؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي، حيث أن بعض أكبر الاقتصادات في العالم من بين أعضائها".

وأضاف، السبت، أن التكتل الدولي يلعب دوراً في الاقتصادي العالمي، إذ يوفر "توازناً في ما يتعلق بالقوى الكبرى التي لا تعمل دائما لصالح الدول النامية"، مشيراً إلى وجود "مصالح مشتركة وإمكانيات هائلة للتجارة الخارجية" بين أعضاء "بريكس".

الجزائر تعلن الانضمام إلى "بنك التنمية" التابع لمجموعة "بريكس" أعلنت وزارة المالية الجزائرية أن مجلس محافظي البنك الجديد للتنمية التابع لمجموعة "بريكس" وافق في اجتماع، السبت، على انضمام الجزائر إلى هذه المؤسسة المالية. ماذا نعرف عن بريكس؟

بريكس مجموعة من الدول كانت تضم في بداية تأسيسها عام 2006 البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، نشأت بمبادرة من روسيا. لذلك فإن الاسم الأساسي كان "بريك" وهو تشكيلة الحروف الأولى من أسماء تلك الدول باللغة الإنجليزية، وفي 2010 بعد انضمام جنوب أفريقيا صارت "بريكس"، بحسب ما أورده موقعها الإلكتروني.

تقدمت دول عديدة للانضمام إلى بريكس، بعضها نال العضوية حديثاً خلال 2024، مثل إيران والإمارات وإثيوبيا ومصر بالإضافة للسعودية، بينما تراجعت الأرجنتين عن طلبها بعد تسلم الرئيس الحالي خافيير مايلي مهامه مبدياً تعارض الكثير من سياساته مع خلفه، بحسب ما نشرت وكالة "بلومبيرغ"، الأحد.

وذكرت أن ماليزيا وتايلاند وتركيا، من الدول التي لا تزال تسعى للانضمام.

ووفق تقرير نشره المعهد الأميركي لدراسات السلام الخميس الماضي، تقدمت أكثر من 30 دولة بطلب رسمي أو أبدت اهتماماً للانضمام إلى مجموعة بريكس"، وتشمل دول جنوب شرق آسيا مثل تايلاند وماليزيا وفيتنام، بالإضافة لتركيا وهي عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ودول منتجة للنفط والغاز الطبيعي مثل الجزائر، وأكبر دولة إسلامية وهي إندونيسيا، عدا عن نيجيريا التي تمتلك أكبر عدد سكان في أفريقيا، وبنغلاديش ثامن أكبر دولة من حيث التعداد السكاني عالمياً.

والسبب الأساسي الذي يدفع هذه الدول للانضمام بحسب المعهد الأميركي، اقتصادي. إذ أن الدول العشر التي تشكل "بريكس بلس" اليوم، تمثل 45% من تعداد سكان العالم، و28% من الناتج الاقتصادي العالمي، و47% من النفط الخام العالمي.

وجاء في بيان مشترك في اجتماع وزراء خارجية بريكس، في يونيو الماضي، تشجيع على "تعزيز استخدام العملات المحلية في التجارة والمعاملات المالية" بين الدول الأعضاء. كان هذا التوجه في ارتفاع منذ عام 2017 حتى عام 2022، حيث شهدت التجارة بين دول بريكس نمواً بنسبة 56% خلال تلك الفترة، وتسارع هذا النمو بعد العقوبات الغربية والأميركية على روسيا.

وستنعقد قمة بريكس هذا العام على وقع الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط وأفريقيا وحالة الاستقطاب المتزايدة تجاهها من مختلف الأطراف، التي تُضاف إلى الغزو الروسي المستمر لأوكرانيا.

وتبنت دول بريكس موقفا محايدا على نطاق واسع تجاه الغزو الروسي لأوكرانيا، بعضها اعتبره قضية إقليمية أكثر من كونها أزمة عالمية. ومع ذلك، غيرت الحرب علاقات روسيا مع مؤسسات البريكس، وسرعان ما جمد بنك التنمية الجديد المشروعات الروسية، ولم تتمكن موسكو من الوصول إلى الدولار عبر نظام العملات الأجنبية المشترك لدول البريكس.

وفي الأساس، مع تراكم العقوبات الأميركية، أعطت دول بريكس الأخرى الأولوية للوصول المستمر إلى النظام المالي القائم على الدولار على مساعدة روسيا، فيما تقترح موسكو الآن تغييرات في المدفوعات عبر الحدود بين دول البريكس، وهو نظام من شأنه أن يتحايل على النظام المالي العالمي ويساعد على حماية اقتصادها من العقوبات، بحسب "بلومبيرغ".

وتشمل البدائل تطوير شبكة من البنوك التجارية التي يمكنها إجراء مثل هذه المعاملات بالعملات المحلية وكذلك إقامة روابط مباشرة بين البنوك المركزية، وفقا لتقرير أعدته وزارة المالية الروسية وبنك روسيا وشركة "ياكوف وشركاه" الاستشارية ومقرها موسكو.

في مجموعة بريكس ومن بين الدول الراغبة في عضويتها، هناك دول حليفة للولايات المتحدة والغرب، مثل السعودية والإمارات وتركيا وغيرها، والعديد منها لا تريد تقويض هذه العلاقة كما لا تجد تناقضاً بينها وبين التواجد في تكتل دولي تقوده روسيا والصين لخلق بديل عن الرأسمالية الأميركية والأوروبية التي تُدير اقتصاد العالم.

يشير المعهد الأميركي للسلام، أن المملكة العربية السعودية تتفاوض على صفقة مع الولايات المتحدة للحصول على ضمانات أمنية من واشنطن مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فيما عمقت الهند علاقاتها الأمنية مع الولايات المتحدة بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ووقعت فيتنام والولايات المتحدة اتفاق شراكة إستراتيجية شاملة العام الماضي 2023.

مسؤول إماراتي: انضمامنا لبريكس لن يضر بعلاقاتنا مع الغرب قال وزير الاقتصاد الإماراتي، عبد الله بن طوق المري، إن انضمام الإمارات إلى كتلة البريكس للاقتصادات الناشئة لن يضر بعلاقاتها مع الدول الغربية، وسط مخاوف من قيام الصين وروسيا بتوسيع المجموعة لموازنة النفوذ الأمريكي والأوروبي.  اقتصاد متعثّر وعوائق

وبحسب تقرير للبنك الدولي نُشر عام 2019، فإن مجموعة دول "بريكس" تمثل أكبر اقتصادات متوسطة الدخل في العالم، وتمثل معاً أكثر من خُمس الاقتصاد العالمي.

في عام 2017 ، شكل قطاع الخدمات نصف إلى ثلثي اقتصاد كل بلد (الأعضاء الخمس)، فيما احتلت الصناعة ثاني أكبر قطاع فيها، بحيث تراوحت بين أقل من خُمس الاقتصاد في البرازيل وأكثر من خُمسَي الاقتصاد في الصين. في حين شكلت الزراعة كحصة من الناتج المحلي الإجمالي، أقل من 5% في البرازيل وروسيا وجنوب أفريقيا، وفي الصين 8% والهند 15%، وفق بيانات البنك الدولي.

ووفق "بلومبيرغ" كانت أبرز إنجازات بريكس، مالية. إذ اتفقت الدول على تجميع احتياطيات من العملات الأجنبية بقيمة 100 مليار دولار يمكنها إقراضها لبعضها البعض في حالات الطوارئ، وهو مرفق للسيولة بدأ العمل به في عام 2016.

 أسست الدول أيضا "البنك الجديد للتنمية" وهي مؤسسة مستوحاة من البنك الدولي وافقت على قروض بنحو 33 مليار دولار، معظمها لمشاريع المياه والنقل والبنية التحتية الأخرى، منذ أن بدأ عملياته في عام 2015. 

بالمقارنة، تعهد البنك الدولي بمبلغ 72.8 مليار دولار للدول المنضوية تحت لوائه في السنة المالية 2023.

تعليق أميركي على انضمام دول عربية لمجموعة بريكس قال متحدث باسم الخارجية الأميركية في حديث لقناة "الحرة"، الخميس، إن الولايات المتحدة "تكرر إيمانها بأنه يمكن للدول اختيار الشركاء والتجمعات التي سترتبط بها".

وعلى الرغم من اهتمام المستثمرين بالاقتصادات الناشئة في دول بريكس، إلّا أنها عموماً ليست في أحسن أحوالها، فالعقوبات الأوروبية والأميركية على روسيا أدت لإبعاد أغلب المستثمرين عنها. 

كما فرضت عقوبات على بعض القطاعات في الصين - خاصة شركات التكنولوجيا - أو تواجه حظرا محتملا على الاستثمار. كما أن الصين اقتصاد ناضج، منفصل بشكل متزايد عن الأسواق الناشئة الأخرى ويواجه تباطؤا هيكليا. 

بالنسبة للبرازيل، فقد تباطأ الاقتصاد البرازيلي بشكل ملحوظ بعد نهاية طفرة السلع العالمية قبل حوالي عقد من الزمان. أما اقتصاد جنوب أفريقيا فقد تعثر بسبب مشكلات لوجستية، على الرغم من أنه أحرز مؤخرا بعض التقدم المبدئي في معالجة هذه المشاكل. 

وفي وقت تقارن بنوك استثمارية التجربة الهندية بتجربة الصين قبل نحو 15 عاماً، إلا أنه من غير الواضح إن كان بإمكانها اتباع النموذج الصيني في مجال التصنيع.

ورغم الوعود الكبيرة التي تصدّرها بريكس منذ نشأتها عام 2006 للدول الأعضاء ودول العالم الثالث، ورغم الإمكانات الكبيرة التي تمتلكها وتميزها لتحقيقها، إلا أن هناك عوائق عديدة ماثلة منذ سنوات، تحول حتى الآن دون خلق البديل المزعوم للاقتصاد الذي يتحكم في الأسواق العالمية.

من هذه العوائق بحسب خبراء وبيانات اقتصادية ووسائل إعلام محلية في روسيا والصين، التباين السياسي والثقافي والاقتصادي للدول الأعضاء، مما قد يعني تضارب المصالح بينها، مثل النزاعات الحدودية بين الصين والهند مثلاً، أو الفرق الكبير في النمو الاقتصادي بين الصين من جهة، وجنوب أفريقيا والبرازيل من جهة أخرى، مما يعني غياب التوازن في السلطة وصنع القرار بين دول بريكس.

إضافة لذلك، لا يمكن رؤية أجندة عمل واضحة لتحقيق الهدف المنشود بين أعضاء بريكس، بالتالي غياب إستراتيجية قوية متماسكة تجعل -بالضرورة- اتخاذ قرارات ومواقف حاسمة تجاه القضايا العالمية، أمراً معقداً.

كما أن هناك تأثيراً محدوداً حتى الآن لبريكس على المؤسسات والمنظمات العالمية والدولية، التي تقودها دول الغرب، مثل صندوق النقد. 

واعتماد دول بريكس كذلك على التجارة العالمية، وأبرز نموذج على ذلك الصين، يجعلها عرضة للعقوبات الغربية وللتباطؤ في النمو الاقتصادي. ويُضاف إلى ذلك، قضية هامة ورد ذكرها آنفاً، وهي موقف دول بريكس غير الموحد من الصراعات السياسية الإقليمية والعالمية، نظراً لازدواجية التحالفات والمصالح، ومحاولة - أحياناً- البقاء على الحياد في ظل تغييرات إٍتراتيجية تؤثر على توازنات القوى حول العالم.

مقالات مشابهة

  • بوتين: الأزمات الدولية الحادة على جدول أعمال قمة «بريكس»
  • مباشر.. مشاركة محمد بن زايد بأعمال قمة "بريكس" في روسيا
  • الرئيس عبدالفتاح السيسي: حريصون على المشاركة في الأنشطة التي نظمت على هامش رئاسة روسيا لقمة مجموعة بريكس
  • تعرف على جدول أعمال قمة تجمع دول البريكس بمشاركة السيسي
  • روسيا تستضيف قمة مجموعة بريكس في قازان
  • السيسي يلتقي بوتين وعددا من الرؤساء المشاركين بقمة البريكس
  • بينهم 24 زعيماً.. من سيحضر قمة «بريكس» في روسيا؟
  • «تريندز» يعقد القمة الأولى لمراكز الفكر في دول مجموعة البريكس بروسيا
  • البريكس بلس في روسيا.. الأهداف والواقع ورغبات بوتين