مستقبل الطاقة يسير بخط "معقد".. حالة السوق تتأثر بعوامل عديدة
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
الكاتبة الاقتصادية رانيا جول
تواجه أسعار النفط الخام تحديات معقدة في الوقت الحالي، حيث تستقر حول مستوى 71.50 دولارا، مما يعكس حالة من عدم اليقين والضغوط الناتجة عن إعادة تسعير الأسواق لتوقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي. ومع تراجع احتمالات اتخاذ خطوات خفض كبيرة في أسعار الفائدة، تزداد المخاوف بشأن النمو الاقتصادي وطلب الطاقة، مما يؤدي إلى غموض متزايد في التوقعات حول أسعار النفط في الأشهر المقبلة.
كما يعكس أداء مؤشر الدولار الأمريكي(DXY)، الذي يتداول بالقرب من أعلى مستوى له في 11 أسبوعًا عند 104.00، الضغوط التي تتعرض لها أسعار النفط. فمع ارتفاع العائدات الأمريكية، تزداد جاذبية الدولار على حساب العملات الأخرى، مما يؤدي برأيي إلى المزيد من الضغوط على أسعار النفط. كما انخفضت المراكز المضاربية الطويلة في عقود خام برنت الآجلة للمرة الأولى منذ خمسة أسابيع، بينما شهدت العقود الآجلة للنفط الخام انخفاضًا في صافي مراكزها الطويلة للأسبوع الثالث على التوالي.
ومن وجهة نظري، التطورات الإنتاجية لا تبدو إيجابية أيضًا، حيث سجلت النرويج زيادة في إنتاجها النفطي بنسبة 1.5% في سبتمبر، مما يعكس زيادة في المعروض العالمي. وأفادت البيانات أن سوق النفط في الصين شهد فائضًا في المعروض بلغ 930 ألف برميل يوميًا في سبتمبر. وقد أظهرت المقارنات بين أرقام إنتاج النفط الخام الواردة من المكتب الوطني للإحصاء وواردات النفط الخام، أن الطلب الضمني في الصين، الذي يمثل الفرق بين معالجة النفط الخام والصادرات الصافية من المنتجات النفطية، كان أقل بنسبة 2% عن مستواه في العام السابق. وفي هذا السياق، تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن ينمو الطلب في الصين بشكل طفيف، بنحو 150 ألف برميل يوميًا، ولكن بدون توقعات لارتفاع حاد في الطلب العام المقبل.
ويبدو لي أن حالة السوق الحالية تعكس مزيجًا من العوامل، بما في ذلك تراجع المراكز المضاربية، وزيادة الإنتاج، وفائض العرض في الصين، مما يعزز النظرة العامة السلبية للأسعار. ومع اقتراب الانتخابات الأمريكية، أتوقع أن تلعب السياسة دورًا مهمًا في تشكيل مستقبل أسعار النفط. حيث يسعى كل من دونالد ترامب وكامالا هاريس إلى تقديم استراتيجيات مختلفة حول الطاقة، لكن التأثير الحقيقي على سوق النفط يأتي غالبًا من سياسات أوبك، والصراعات الجيوسياسية، والعرض والطلب، والأزمات المالية.
وفي ظل هذه الظروف، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار كيفية تأثير العلاقات بين الولايات المتحدة والصين على الطلب، حيث أن تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين قد دفع وكالة الطاقة الدولية وأوبك إلى مراجعة الطلب على النفط بالخفض لعامي 2024 و2025. وبالنظر إلى الوضع الحالي، أعتقد أن فوز ترامب قد يؤدي إلى تقلبات أعلى في أسواق النفط بسبب تاريخه من السياسات التجارية المتشددة، مما قد يؤثر على الطلب الصيني ويمثل خطرًا على الاستقرار الاقتصادي.
كما أن الصراعات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية تمثل أيضًا تحديًا كبيرًا، حيث تثير القلق بشأن انقطاع الإمدادات. ويبدو أن مواقف ترامب وهاريس تختلف في هذا المجال، حيث من المتوقع أن يتخذ ترامب مواقف أكثر تشدداً وحدة، مما قد يؤدي إلى زيادة التقلبات، في حين تفضل هاريس الحلول الدبلوماسية.
ومن ناحية سياسات أوبك، بقيت حصص إنتاج أوبك محركًا رئيسيًا لأسعار النفط. ففي حالة فوز ترامب، قد يدفع ذلك أوبك إلى تعديل حصصها نظرًا لزيادة الإنتاج الأمريكي، بينما قد يدفع فوز هاريس إلى اتباع نهج أكثر توازنًا.
أيضًا، لا يمكنني إغفال التحولات العالمية نحو الطاقة المتجددة، حيث توقعت وكالة الطاقة الدولية أن عام 2024 سيكون عامًا قياسيًا للطاقة المتجددة، مع زيادة بنسبة 60% في الاستهلاك بحلول عام 2030. كما تدعم هاريس هذا التحول من خلال قانون خفض التضخم، مما قد يسهم في انخفاض الطلب العالمي على النفط. بالمقابل، من المحتمل أن تبطئ سياسات ترامب هذا التحول، مما يؤدي إلى دعم أكبر للوقود الأحفوري.
وباختصار، أرى إن مستقبل أسعار النفط يعتمد بشكل كبير على مزيج معقد من العوامل السياسية والاقتصادية. فبينما يعكس الأداء الحالي للسوق حالة من عدم اليقين، فإن القضايا المرتبطة بالطلب العالمي، والتوترات الجيوسياسية، والتغيرات في السياسات النقدية ستبقى محورية في تشكيل الاتجاهات المستقبلية. وفي ظل هذا الوضع، يجب على المستثمرين والمحللين مراقبة هذه المتغيرات بحذر، حيث قد تحدث تغييرات سريعة تؤثر على أسعار النفط بشكل كبير وغير متوقع.
التحليل الفني لـ أسعار النفط الخام (WTI):
من منظور فني، يواجه سعر النفط الخام ضغوطًا متزايدة، حيث تتخلص الأسواق من تأثيرات الصراع في الشرق الأوسط ويبدو أن تدفق المعروض وفير. ولاستعادة الزخم، يجب أن يتجاوز السعر المستوى المحوري عند 71.50 دولار بإغلاق يومي، مما سيوفر فرصة لاختبار مستوى 75.13 دولار، الذي يمثل عقبة رئيسية. وعلى الجانب السلبي، يجب مراقبة مستوى الدعم عند 67.12 دولار، وفي حال كسره، يمكن أن يشهد السوق تراجعًا إلى أدنى مستوى لعام 2024 عند 64.75 دولار، يليه 64.38 دولار.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار النفط الخام أسعار النفط یؤدی إلى فی الصین
إقرأ أيضاً:
منخفضًا 0.4%.. تراجع أسعار الذهب عالميًا مع زيادة الطلب عليه كملاذ آمن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تراجعت أسعار الذهب يوم الخميس مع استعادة الدولار بعض قوته، على الرغم من أن المخاوف بشأن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين أبقت على الطلب على الذهب كملاذ آمن ليستقر السعر قريبا من أعلى مستوى قياسي سجله في الجلسة السابقة.
وسجل سعر أونصة الذهب العالمي انخفاض اليوم بنسبة 0.4% ليسجل أدنى مستوى عند 2848 دولار للأونصة بعد أن افتتح جلسة اليوم عند المستوى 2867 دولار للأونصة ليتداول حالياً عند المستوى 2856 دولار للأونصة، وفق جولد بيليون.
يأتي هذا بعد ارتفاع أسعار الذهب يوم أمس وتسجيل مستوى تاريخي جديد عند 2882 دولار للأونصة، واليوم يقلص الذهب بعض هذه المكاسب ولكن يبقى الاتجاه الصاعد هو المسيطر ليستهدف الذهب المستوى 2900 دولار للأونصة على المدى القصير.
وارتفعت أسعار الذهب بشكل رئيسي بسبب زيادة الطلب على الملاذ الآمن، بعد أن فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية بنسبة 10٪ على الصين في وقت سابق من هذا الأسبوع، مما أثار رد فعل انتقامي من بكين حيث تقدمت الصين بشكوى إلى منظمة التجارة العالمية ضد التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
أدى هذا التحرك إلى تفاقم المخاوف بشأن تصعيد الحرب التجارية بين أكبر اقتصادات العالم، نظرًا لأن ترامب أشار أيضًا إلى عدم وجود عجلة للتفاوض مع نظيره الصيني شي جين بينج.
قد تؤثر الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم على النمو العالمي وتدفع التضخم إلى الارتفاع، مما يفيد الذهب بشكل أكبر لأنه يعتبر استثمارًا آمنًا خلال الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية.
أيضاً استمرار مخاوف النمو العالمي قد تؤدي إلى زيادة الطلب على صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب والاستثمار خارج البورصة.
من جهة أخرى، أشار مسؤولون في البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أيضا إلى حالة عدم اليقين السياسي الكبيرة بشأن التعريفات الجمركية والقضايا الناشئة عن الأيام الأولى لإدارة ترامب باعتبارها من بين التحديات الرئيسية في تحديد الاتجاه الذي ينبغي أن تتخذه السياسة النقدية في الأشهر المقبلة.
هذا وقد رفعت مؤسسة سيتي بنك المالية توقعاتها لأسعار الذهب في الأمد القريب وخلال عام 2025، مشيرة إلى أن الحروب التجارية والمخاطر الجيوسياسية في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى جانب عمليات الشراء القوية من جانب البنوك المركزية ستساهم في مزيد من مكاسب الذهب.
ورفع البنك مستهدفه لسعر الذهب لثلاثة أشهر إلى 3000 دولار للأونصة من 2800 دولار ورفع متوسط توقعاته لعام 2025 إلى 2900 دولار للأونصة من 2800 دولار.
وقال البنك في مذكرة اليوم الخميس أن سوق الذهب يبدوا أنه سيستمر في الصعود في عهد ترامب مع الحروب التجارية والتوترات الجيوسياسية التي تعزز تنويع الاحتياطيات أو اتجاه إزالة الدولرة ودعم الطلب على الذهب في القطاع الرسمي للأسواق الناشئة.