ما هي الصدقات الجارية التي ينتفع بها الميت؟.. 10 أمور لا تهملها
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
ما هي الصدقات الجارية التي ينتفع بها الميت؟، سؤال نوضح بيانه من خلال ما ذكرته دار الإفتاء المصرية والعلماء حول أنواع الصدقات الجارية التي تنفع ابن آدم بعد موته.
ما هي الصدقات الجارية التي ينتفع بها الميت؟الصدقة الجارية معناها: أنها المستمرة للأجيال المتعاقبة، لا لجيل واحد، والمتعدية للعديد من الأشخاص، لا لشخص واحد؛ كطباعة المصاحف، وكتب العلم النافع، وبناء المساجد، والمدارس، والمستشفيات، والمقابر للمحتاجين، وتوصيل الماء والكهرباء والخدمات للمحرومين، وإقامة جمعيات خدمية وتطوعية للزواج، وحل مشكلات الناس، وتوصيل احتياجاتهم للمسؤولين وما شابه، ممَّا يُحقّق غرض الدوام والتعدية.
والأصل في مشروعية الصدقة الجارية ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن عمر بن الخطاب أصاب أرضًا بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالًا قط أنفس عندي منه، فما تأمر به؟ قال: «إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا»، قال: فتصدق بها عمر، أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وتصدق بها في الفقراء، وفي القربى وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف، ويطعم غير متمول». وقال ابن سيرين: غير متأثلٍ مالًا.
وكذلك ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن عمر تصدق بمال له على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان يقال له ثمغ وكان نخلًا، فقال عمر: يا رسول الله، إني استفدت مالًا وهو عندي نفيس، فأردت أن أتصدق به، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ، لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، وَلَكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ»، فتصدق به عمر، فصدقته تلك في سبيل الله وفي الرقاب والمساكين والضيف وابن السبيل ولذي القربى، ولا جناح على من وليه أن يأكل منه بالمعروف، أو يوكل صديقه، غير متمول به.
وكذلك ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».
يقول العز بن عبد السلام في "قواعد الأحكام" (1/ 136)، ط. دار الكتب العلمية: [الصدقة الجارية تحمل على الوقف وعلى الوصية بمنافع داره وثمار بستانه على الدوام، فإن ذلك من كسبه لتسببه إليه، فكان له أجر التسبب] اهـ.
ويقول الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط أبيات شعرية تجمع ما يصل إلى المسلم بعد وفاته وهو ما يعرف بالصدقات الجارية .
ذكر الحافظ جلال الدين السيوطي : أنه وجدها تبلغ عشرة أشياء ثبتت عنده بالأحاديث النبوية الشريفة ، فجمعها في هذه الأبيات .
إذا مات ابن آدم ليس يجري *** عليه من فعال غير عشر
علوم بثها , ودعاء نجل *** وغرس النخل , والصدقات تجري
وراثة مصحف , ورباط ثغر *** وحفر البئر , أو اجراء نهر
وبيت للغريب بناه يأوي *** إليه , أو بناء محل ذكر
وجاء في شرح السيوطي على مسلم لهذه العشر ما يلي: «ﺇﺫا ﻣﺎﺕ اﻹﻧﺴﺎﻥ اﻧﻘﻄﻊ ﻋﻤﻠﻪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺛﻼﺙ ﺃﻱ ﻓﺈﻥ اﻟﺜﻮاﺏ ﻳﺠﺮﻱ ﻟﻪ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﺪﻗﺔ ﺟﺎﺭﻳﺔ ﻗﺎﻟﻮا ﻫﻲ اﻟﻮﻗﻒ ﺃﻭ ﻋﻠﻢ ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺑﻪ ﻗﺎﻟﻮا ﻫﻲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻭاﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﻭﺫﻛﺮ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺗﺎﺝ اﻟﺪﻳﻦ اﻟﺴﺒﻜﻲ ﺃﻥ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﻗﻮﻯ ﻟﻄﻮﻝ ﺑﻘﺎﺋﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻤﺮ اﻟﺰﻣﺎﻥ ﺃﻭ ﻭﻟﺪ ﺻﺎﻟﺢ ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻪ».
وجاء ﻓﻲ اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﺟ8ﺭﻗﻢ7831 ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﺑﻲ ﺃﻣﺎﻣﺔ ﻣﺮﻓﻮﻋًﺎ: «ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺗﺠﺮﻱ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺃﺟﻮﺭﻫﻢ ﺑﻌﺪ اﻟﻤﻮﺕ ﻣﺮاﺑﻂ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻠﻪ ﻭﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻭ ﺭﺟﻞ ﺗﺼﺪﻕ ﺑﺼﺪﻗﺔ ﻓﺄﺟﺮﻫﺎ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺟﺮﺕ ﻭﺭﺟﻞ ﺗﺮﻙ ﻭﻟﺪا ﺻﺎﻟﺤﺎ ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻪ»، ﻭﻟﻠﺒﺰاﺭ ﺟ1ﺭﻗﻢ 149 ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﻧﺲ ﻣﺮﻓﻮﻋًﺎ: «ﺳﺒﻊ ﻳﺠﺮﻱ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﺃﺟﺮﻫﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﻗﺒﺮﻩ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﻋﻠﻤًﺎ ﺃﻭ ﺃﺟﺮﻯ ﻧﻬﺮًا ﺃﻭ ﺣﻔﺮ ﺑﺌﺮًا ﺃﻭ ﻏﺮﺱ ﻧﺨﻼً ﺃﻭ ﺑﻨﻰ ﻣﺴﺠﺪًا ﺃﻭ ﻭﺭﺙ ﻣﺼﺤﻔًﺎ ﺃﻭ ﺗﺮﻙ ﻭﻟﺪا ﻳﺴﺘﻐﻔﺮ ﻟﻪ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ».
ﻭشدد على أنه ﻻﺑﻦ ﻣﺎﺟﺔ 242 ﻭاﺑﻦ ﺧﺰﻳﻤﺔ 249 ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻣﺮﻓﻮﻋًﺎ: «ﺇﻥ ﻣﻤﺎ ﻳﻠﺤﻖ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻣﻦ ﺣﺴﻨﺎﺗﻪ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ ﻋﻠﻤﺎ ﻧﺸﺮﻩ ﺃﻭ ﻭﻟﺪا ﺻﺎﻟﺤﺎ ﺗﺮﻛﻪ ﺃﻭ ﻣﺼﺤﻔﺎ ﻭﺭﺛﻪ ﺃﻭ ﻣﺴﺠﺪا ﺑﻨﺎﻩ ﺃﻭ ﺑﻴﺘﺎ ﻻﺑﻦ اﻟﺴﺒﻴﻞ ﺑﻨﺎﻩ ﺃﻭ ﻧﻬﺮا ﺃﺟﺮاﻩ ﺃﻭ ﺻﺪﻗﺔ ﺃﺧﺮﺟﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺻﺤﺘﻪ ﺗﻠﺤﻘﻪ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ»، ﻭﻻﺑﻦ ﻋﺴﺎﻛﺮ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺨﻪ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﺑﻲ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺨﺪﺭﻱ ﻣﺮﻓﻮﻋًﺎ: «ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺁﻳﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ ﺃﻭ ﺑﺎﺑﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺃﻧﻤﻰ اﻟﻠﻪ ﺃﺟﺮﻩ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ».
أكد الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، أن هناك أمورا ينتفع بها الإنسان بعد موته، منها الصدقة الجارية، والدعاء له، والحج أو العمرة ووهب ثوابها له، مستدلًا خلال إجابته عن سؤال: « ما أفضل الأعمال للميت بعد موته ؟» بقول الله عليه وسلم يقول: «إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء».
وتابع إن افضل الاعمال للميت بعد موته: ثانيا إخراج الصدقة عن الميت تنفعه ويصل ثوابها إليه بإجماع المسلمين، لما روى مسلم (1630) عن أبي هريرة أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «إن أبي مات وترك مالا ولم يوص، فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم»، وروى مسلم أيضا (1004) عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي افتلتت نفسها (أي: ماتت فجأة)، وإني أظنها لو تكلمت تصدقت، فلي أجر أن أتصدق عنها؟ قال: نعم»
واستطرد أن أفضل الأعمال للميت بعد موته : ثالثا: والصوم عن الميت ينفعه ويصل ثوابه إليه، لما روي عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم شهر، أفأقضيه عنها؟ قال: نعم، قال: فدين الله أحق أن يقضى».
وأكمل أن افضل الاعمال للميت بعد موته: رابعا الحج عن الميت ويصل ثوابه إليه لما رواه البخاري عن ابن عباس: «جاءت امرأة من خثعم عام حجة الوداع، قالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستوي على الراحلة فهل يقضي عنه أن أحج عنه قال: نعم»
واختتم أمين الفتوى: خامسا قراءة القرآن وجعل ثواب القراءة للميت جائز شرعا، ويصل الثواب للميت وينتفع به.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الصدقات الجارية أفضل الأعمال للميت الصدقة الجارية دار الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم الصدقة الجاریة الله علیه وسلم رسول الله رضی الله عنه ما رواه عن ابن
إقرأ أيضاً:
ماذا أصلي بعد طلوع الشمس الفجر أم الصبح؟.. لا تخالف السنة
لا شك أن ما يطرح الاستفهام عن ماذا أصلي بعد طلوع الشمس الفجر أم الصبح ؟ هو بحث الكثيرين ممن ينامون عن صلاة الفجر ولا يستيقظون إلا بعد طلوع الشمس ، بعدما صعبت عليهم تداعيات الحياة أدائها في أول وقتها ، وهو ما زاد معه الاستفهام عن ماذا أصلي بعد طلوع الشمس ؟ ، حيث يدركون فضل صلاة الفجر وهي الصلاة الوسطى ، ويسعون لتعويض ما فاتهم، فمن هنا ينبغي معرفة ماذا أصلي بعد طلوع الشمس ؟ لاغتنام فضل صلاة الفجر ، فحتى لا ينقص ثواب صلاة الفجر ويضيع معه فرصة الفوز بفضلها، ينبغي معرفة ماذا أصلي بعد طلوع الشمس ؟.
ورد أنه من السنة أن يبدأ الإنسان بركعتي الفجر، ثم يصلى فرض الصبح؛ لأن القضاء عين الأداء، هكذا فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم – لما فاتته صلاة الصبح في أحد أسفاره، ولم يستيقظ هو الصحابة إلا بعد طلوع الشمس.
و روى أبو دواد وغيره عن أبي قتادة أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ في سَفَرٍ له.....، فقال: "احفَظُوا علينا صلاتَنا" يعني صلاةَ الفَجرِ، فضُربَ على آذانِهم فما أيقَظَهم إلا حَرٌّ الشَّمس.....، فتَوَضَّؤوا، وأذَّنَ بلالٌ فصَلّوا ركعَتَي الفَجرِ، ثمَّ صَلَّوُا الفَجرَ ورَكبُوا، فقال بعضُهم لبعضٍ: قد فَرّطنا في صلاتِنا، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنه لا تفريطَ في النَّومِ، إنَّما التَّفريطُ في اليَقَظَةِ، فإذا سَهَا أحدُكم عن صَلاةٍ فليُصَلِّها حين يَذكُرُها..}، ففي الحديث دلالة على قضاء سنة الفجر قبله؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر بلالا بالأذان ثم صلى الراتبة (سنة الفجر) ثم أمر بإقامة الصلاة بعد ذلك فصلى الفريضة.
هل يجوز صلاة الفجر بعد طلوع الشمسقالت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، إنه يجب على المسلم أن يكون حريصًا على أداء الصلاة في أوقاتها؛ لقوله – تعالى -: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، وأن يأخذ المسلم كافة الأسباب التي تجعله مؤديًا للصلاة في وقتها، فإذا أراد أن يصلى الفجر في وقته، فعليه بالنوم مبكرًا مع استحضار النية لأداء هذه الفريضة مستعينًا بمن يوقظه، أو ضابطًا للمنبه على وقتها.
وأوضحت “البحوث الإسلامية” ، أنه إذا سمع الأذان لصلاة الفجر عليه أن ينهض من فراشه، ويسارع إلى مرضاة ربه؛ لكي يستقبل يومه بالطاعة والجد والاجتهاد؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم- :{ يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ} متفق عليه .
وتابعت: فإذا لم يسمع النداء مع أخذه الأسباب المعينة على ذلك، واستيقظ بعد طلوع الشمس فليصلها، ولا إثم عليه؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم: {مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا.. لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ، ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14].}. متفق عليه.
صلاة الفجر بعد شروق الشمسورد أنه على العبد في هذه الحالة أن يبادر إلى قضاء الصلاة عندما يستيقظ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نام عن الصلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك»، أما من يتهاون في أمر الصلاة وتعمد إخراجها عن وقتها؛ يأثم لأنه فوت وقت الصلاة، فالإثم متعلق بالأخذ بأسباب الاستيقاظ للصلاة؛ من عدمه وان الله تعالى قال: « فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ...»التغابن، وقال أيضًا: « لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا» البقرة، وأداء المسلم صلاة الفجر بعد الشروق الشمس تعد قضاءً وليست حاضرة.
وينبغي على المسلم أن يجاهد نفسه وأن يكون حريصًا على أداء الصلاة في وقتها وفي جماعة؛ فذلك هو الأحسن والأفضل، فإذا كان الإنسان مستيقظًا وسمع أذان الفجر يجب عليه النهوض للصلاة في وقتها، ويأثم إذا خرج وقتها وعليه بالتوبة، والعزم مع كثرة الاستغفار على عدم العودة إلى مثل هذا الفعل مرة ثانية، «ثم يصلي ما فاته؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا» رواه مسلم،أما إذا نام المسلم عن صلاة الفجر غير متعمدٍ فواتها، ولم يجد مَن يوقظه لأدائها، فلا حرج عليه في ذلك، وعليه في هذه الحالة الإسراع إلى أداء الصلاة متى استيقظ من نومه؛ فقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم العذر لمن غلبه النوم طبعًا أو جهدًا، لما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه في قصة حديث صفوان بن المعطل رضي الله عنه، وفيه قوله للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ لاَ نَكَادُ نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ"، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ» رواه أبو داود.
حكم صلاة الفجر بعد شروق الشمسورد فيه أن الوقت بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس هذا وقت نهي لا يصلى فيه إلا سنة الفجر وفريضة الفجر أو تحية المسجد، وحيث إن أوقات النهي لا يجوز للمسلم أن يصلي فيها إلا الفرائض التي تفوته فيصليها في كل وقت، وهكذا فريضة الفجر تصليها مع سنتها بعد طلوع الفجر وهكذا ذوات الأسباب.
ورد أنه على المسلم أن يصلي صلاة الفجر بمجرد استيقاظه، فإذا كانت صلاته قبل الشروق فهي أداء، ولو بعد الشروق تكون قضاء، وتسمى صلاة الصبح وليس الفجر، ووقت صلاة الفجر يَبْدَأ من طلوع الفجر الصادق، وينتهي بطلوع الشمس، لحديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «وَوَقْتُ صَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ»، أخرجه مسلم، وبناء عليه فإن وقت صلاة الفجر يبدأ من ظهور الفجر الصَّادق، ويمتدُّ إلى أن تطلع الشَّمس؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من أدركَ من الصبحِ ركعةً قبلَ أن تطلُعَ الشمسُ، فقد أدركَ الصبحَ» [رواه البخاري].
كم عدد ركعات صلاة الفجر بعد طلوع الشمسقد فَرَضَ الله تبارك وتعالى على المُسلمين رِجالًا ونساءً أداء خمس صلواتٍ بشكلٍ يوميّ، وجَعَل الله تعالى الصلاة واجبةً في أوقاتٍ مُحدّدة، وتختلف الصلوات في عدد الركعات من وقت صلاةٍ لأخرى، وفرضُ صلاة الفجر أقلّ الصلوات عددًا ولكن هي أكثرها أهميّةً؛ فصلاة فرض الفجر ركعتان فقط، إلا أنّها تحتلّ الأهميّةَ والمَكانة الأكبر بين جميع الصّلوات لزيادة المشقّة فيها عن غيرها من الصلوات.
وتُعدّ سُنّة الفجر من أكثر السّنن تأكيدًا، فقد كان النّبي -صلى الله عليه وسلم- يُداوم عليها في الحضر والسفر، ويُصلّيها ركعتين قبل ركعتي الفرض. إنّ صلاةَ سنة الفجر هي عبارةٌ عن ركعتين خفيفتين يؤدّيهما المُسلم بعد أذان الفجر؛ بحيث يُصلّيهما قبل إقامة صلاة الفجر ، فعن أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- (أنّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح، وبدا الصبح، ركع ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة).
وتُعدّ سنّة الفجر من أكثر السنن الرواتب تأكيدًا وأفضلها؛ حيث رَوت السيّدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- (أنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِل أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ)، وكذلك ورد في الحديثِ الشّريف عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تَدَعُوا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَإِنْ طَرَدَتْكُمُ الْخَيْلُ) وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يتركهما ولا يدعهما لا في الحضر ولا في السفر، وقد تميّزت ركعتا سنة الفجر أيضًا بالثواب والأجر، فهما خير من الدنيا وخيرٌ ممّا فيها، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- : (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها).
متى تصبح صلاة الفجر قضاءورد أن أداء المسلم صلاة الفجر بعد الشروق تعد قضاءً وليست حاضرة، حيث إن صلاة الفجر فرض عَين على كل مسلم ومسلمة ذكرًا كان أو أنثى بالغًا عاقلًا، وهي من أهمّ الصلوات المكتوبة وأقربها إلى رب العزة تبارك وتعالى، كما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أخبرنا بفضل الصلاة في أول وقتها، كما نبهنا إلى أن صلاة الفجر تعد من الصلوات التي لها فضل عظيم، وينبغي اغتنامه وعدم تفويته أيا كانت الظروف.
و ورد فيها أنه لا يجوز تأخير صلاة الفجر عن وقتها بخروج الوقت بعد طلوع الشمس؛ لقول الله تعالى: «فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103)» النساء، ومن هنا فإن من أخذ بأسباب الاستيقاظ لصلاة الفجر؛ من النوم مبكرًا والقيام بالسنن المتعلقة بالنوم وإعداد المنبه أو الطلب من الأهل أن يوقظوه؛ ثم لم يستيقظ بعد ذلك، فلا إثم عليه؛ لأن ابن عباس روى أن رسول الله قال : « إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه » حديث حسن.
من أدرك الركعة الأولى من الفجر قبل الشروقورد أنه لا إعادة على من طلعت عليه الشمس وقد أدرك ركعة من صلاة الصبح، لأنها وقعت صحيحة، خلافًا للحنفية الذين ذهبوا إلى أن من طلعت عليه الشمس وهو يصلي الصبح، فإن صلاته تبطل بذلك لأن الصلاة بعد طلوع الشمس منهي عنها، وهذا مذهب مرجوح لمخالفته حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» رواه البخاري (579) ومسلم (608) .
و ورد أن من طلعت عليه الشمس وهو يصلي الفريضة فإن صلاته صحيحة ولا تلزمه إعادتها، قال ابن قدامة في المغني: وقال أصحاب الرأي فيمن طلعت الشمس وقد صلى ركعة: تفسد صلاته، لأنه صار في وقت نهي عن الصلاة فيه، وهذا لا يصح، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح». متفق عليه. وفي رواية: من أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته. متفق عليه.
ولأنه أدرك ركعة من الصلاة في وقتها فكان مدركا لها في وقتها كبقية الصلوات، وإنما نهي عن النافلة، فأما الفرائض فتصلى في كل وقت بدليل أن قبل طلوع الشمس وقت نهي ـ أيضا ـ ولا يمنع من فعل الفجر فيه.