تحوّل مزلزل في سياسة لبنان بعد اغتيال نصرالله
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
لبنان دولة ديمقراطية توافقية، يحكمها نظام وصفه العالم السياسي أريند ليبهارت بأنه نموذج لتقاسم السلطة مصمم خصيصاً للانقسامات العرقية أو الدينية في البلاد.
قد يؤدي اغتيال نصر الله إلى صعود زعيم أكثر تطرفاً
ويمكن لهذا النظام أن يساعد في الحفاظ على الاستقرار في المجتمعات المتنوعة من خلال تنفيذ سياسات مثل الائتلافات الكبرى وقوة النقض المتبادلة والتمثيل النسبي والحكم الذاتي اللامركزي.
ومع ذلك، كافح هذا النظام في لبنان للعمل بشكل فعال بسبب التوترات الطائفية العميقة وعدم القدرة على صياغة الإجماع السياسي.
ونشأ حزب الله داخل هذا النظام في عام 1982، مما أدى إلى تغيير جذري في المشهد السياسي في لبنان، حسبما أفاد المحرر السياسي كيفورك يعقوبيان في تحليل بموقع "جيوبوليتيكال مونيتور" الكندي.
صعود حزب الله إلى السلطةونما نفوذ حزب الله منذ الثمانينيات، في أعقاب رسالته المفتوحة حول معارضته للصهيونية وإسرائيل في عام 1985.
ودعم الحزب على المستوى المحلي الابتعاد عن النظام السياسي الذي يهيمن عليه المسيحيون الموارنة، لصالح إجماع أوسع.
Israel eliminated Hassan Khalil Yassin, who replaced Hassan Nasrallah hours ago.
This breaks the shortest tenure as 'caliph' in the tenure in the 1400 history of Islam.
The whole Hezbollah chain of command are now a bunch of people that a week ago were not important enough to… pic.twitter.com/blOMExc71Q
وبعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1990، شكل اتفاق الطائف النظام التوافقي في لبنان ولكنه فشل في نزع سلاح الميليشيات بالكامل، إذ ادعى حزب الله أنه "جماعة مقاومة" تقاتل إسرائيل وليس ميليشيا وتحول- بدعم من سوريا وإيران- إلى فئة شاذة ضمن النظام السياسي في لبنان: كيان سياسي وجماعة مسلحة جيدة التسليح.
وتطور الرأي العام حول حزب الله في أعقاب انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في عام 2000، حيث تم الاحتفال بنجاح حزب الله العسكري وترسيخ حسن نصر الله، الأمين العام للجماعة، كشخصية شعبية.
ومع ذلك، أدى تورط حزب الله في حرب عام 2006 مع إسرائيل وفي وقت لاحق الحرب الأهلية السورية إلى انتقادات متزايدة لأنشطته العسكرية التي لم تعد تركز على إسرائيل بل أصبحت تتمحور أكثر حول تعزيز طموحات الحزب الإقليمية.
الهيمنة السياسية لحزب اللهوتوسع دور حزب الله في النظام السياسي اللبناني بشكل كبير على مر السنين، إذ أصبح شخصية محورية في تحالف 8 مارس ( آذار)، وهي كتلة مؤيدة لسوريا، تنافس تحالف 14 مارس المناهض لسوريا.
وتم تعزيز نفوذ حزب الله بشكل أكبر من خلال اتفاقيات تقاسم السلطة مع الفصائل غير الشيعية، بما في ذلك السُنة والمسيحيين والدروز.
ومع ذلك، اتُهمت الجماعة باستخدام قوتها العسكرية للهيمنة على السياسة اللبنانية.
A great explanation of what is happening in Lebanon after Nasrallah’s death, by an (anonymous) Shiite writer in @newlinesmag. https://t.co/rxBjL9kDVq
— Yaroslav Trofimov (@yarotrof) October 22, 2024وكانت نقطة التحول الرئيسية في مايو (أيار) 2008، وفق الكاتب، عندما استخدم حزب الله القوة لتنفيذ انقلاب ضد محاولات الحكومة تفكيك البنية التحتية للاتصالات.
وأدى هذا إلى اتفاق الدوحة، الذي منح حزب الله حق النقض في الحكومات اللبنانية المستقبلية.
وكان هناك مثال آخر على قوته السياسية في عام 2011، عندما تسبب حزب الله في انهيار حكومة سعد الحريري لتجنب مواجهة اتهامات باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.
وتأثرت الحكومة اللاحقة بشدة بحزب الله، وفي عام 2020، أدين أعضاء حزب الله باغتيال رفيق الحريري.
اغتيال حسن نصر اللهوفرض تأييد حزب الله لهجوم حماس في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 تحديات جديدة على لبنان.
ففي 27 سبتمبر (أيلول) 2024، اغتالت إسرائيل زعيم حزب الله حسن نصر الله، مما شكل لحظة محورية في السياسة اللبنانية، حيث دعا القادة اللبنانيون إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، الذي يطالب بنزع سلاح حزب الله.
ومع ذلك، يقول الكاتب إنه من الصعب تطبيق مثل هذا القرار في ظل وجود حكومة تصريف أعمال وبرلمان متعثر وغياب رئيس.
ولكن هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة، حسب الكاتب، حول الاتجاه الذي ستسلكه السياسة الداخلية في لبنان:
السيناريو الأول: تطرف الطائفة الشيعية يتمتع حزب الله بولاء قوي من الطائفة الشيعية في لبنان، وقد يؤدي اغتيال نصر الله إلى صعود زعيم أكثر تطرفاً، مما سيؤدي إلى تفاقم التوترات الطائفية وتعزيز هيمنة حزب الله على النظام السياسي في لبنان وإعاقة الجهود الرامية إلى معالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. السيناريو الثاني: انسحاب حزب الله الجزئي من السياسةلم يرغب حزب الله في أن يكون كياناً سياسياً وقد يخلق انسحابه الجزئي مساحة تتحرك فيها الفصائل السياسية الأخرى للوصول إلى توافق، وهي نتيجة غير مؤكدة نظراً لأن النظام السياسي في لبنان منقسم بشدة، وخاصة بين المسيحيين والسُنة.
كما أن المجتمع الشيعي بلا زعيم، إذ أن نبيه بري، رئيس مجلس النواب البالغ من العمر 86 عاماً، هو الشخصية البارزة الوحيدة المتبقية بعد وفاة نصر الله. وبالتالي، فإن انسحاب حزب الله قد لا يؤدي إلى وحدة سياسية أكبر.
السيناريو الثالث: تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701يتصور السيناريو الثالث نزع سلاح حزب الله على النحو المبين في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701.
ودعا سمير جعجع، زعيم القوات اللبنانية ومعارض حزب الله الصريح، الجماعة إلى التخلي عن أسلحتها والاستمرار كحزب سياسي.
ومن الممكن أن يهمد تنفيذ القرار 1701 الطريق أمام حزب الله للانتقال إلى كيان سياسي بحت، الأمر الذي سيكون له آثار عميقة في لبنان والمنطقة الأوسع. ومع ذلك، فإن هذا السيناريو محفوف بالتحديات، بالنظر إلى الروابط العميقة بين حزب الله وإيران وقوته العسكرية.
حالة من انعدام اليقينوقد يكون نزع سلاح حزب الله بموجب القرار 1701 هو المسار الأكثر فائدة للبنان، مما يسمح بنظام سياسي أكثر توازناً مع الحفاظ على الطبيعة التوافقية للحكومة.
ومع ذلك، فإن نتيجة اغتيال نصر الله والمسار المستقبلي لحزب الله ستؤثر بشكل كبير ليس فقط في لبنان ولكن أيضاً في السياسة الإقليمية، وخاصة بالنسبة لإسرائيل وإيران والولايات المتحدة.
وستشكّل خسارة إيران لحزب الله كوكيل ضربة قوية لها بينما تعطي إسرائيل والولايات المتحدة فرصة لمزيد من الاختراقات الدبلوماسية، ربما من خلال جولة جديدة من الاتفاقيات.
وفي الوقت نفسه، يواجه لبنان عواقب مجهولة في سعيه إلى التعامل مع هذا التحول المزلزل في المشهد السياسي.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله إيران وإسرائيل عام على حرب غزة السیاسی فی لبنان النظام السیاسی حزب الله فی اغتیال نصر نصر الله ومع ذلک فی عام
إقرأ أيضاً:
خفايا اغتيال محمد عفيف.. سوريا أوّل المُستهدفين
الضربةُ الإسرائيليَّة التي طالت رأس النبع وأودت بحياة مسؤول العلاقات الإعلاميّة في "حزب الله" محمد عفيف لا تحملُ رسالة إلى الحزب فحسب بل تشملُ أيضاً سوريا بشكل مُباشر.
في الواقع، كان الاستهداف مزودجاً، فمع استهداف إسرائيل لعفيف، كانت الضربة مُركّزة أيضاً باتجاه حزب البعث العربي الإشتراكي الذي يُمثّل سوريا في لبنان، فالمركز الذي استشهد عفيف داخله يعود للحزب ما يعني أنّ الغارة طالت الأخير أيضاً.
هذه المرة الأولى التي يُستهدف فيها مقرٌّ لـ"حزب البعث" في لبنان خلال الحرب الحالية، في حين أنّ الخطوة نفسها لم يسبق أن حصلت أيضاً في سوريا.. فما دلالاتها؟
تقول مصادر معنيّة بالشأن العسكريّ لـ"لبنان24" إنّ قصف "البعث" في لبنان يشير إلى أنّ "حلفاء حزب الله" دخلوا أيضاً على خطّ الإستهداف، فالأمرُ لم يعد مُقتصراً على الحركات والجهات التي شاركت بالقتال مع "حزب الله"، بل بات يشملُ أيضاً "حلفاء السياسة والمحور" كـ"البعث".
لهذا السبب، تُرجح المصادر أن تدخل هذه الأطراف دائرة الخطر الفعليّ إن قرّرت إسرائيل حقاً توسيع هجماتها ضدّ لبنان في حال فشل مفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل. عملياً، فإنّ حلفاء الحزب يستشعرون الخطر، وتقولُ المعلومات إن تدابير عديدة تمّ اتخاذها على صعيد العديد من الأطراف الحليفة له، بهدف تجنّب الإستهدافات الإسرائيلية المباغتة.
أمام كل ذلك، فإنَّ لجوء عفيف إلى مركز "البعث" لا يعتبر "الحدث"، وفق المصادر، باعتبار أنَّ الأخير كان يتردّدُ إلى المكان دائماً، وغالباً ما كان يعقد اجتماعات هناك انطلاقاً من دوره الإعلاميّ.
لكن في المقابل، فإنّ المسألة الأكثر إثارة للتساؤلات ترتبط بما صرّح به أمين عام حزب البعث علي حجازي عن أن هناك شخصاً سوري الجنسية يُدعى أحمد الجاسم، جرى توقيفه بتهمة تصوير مراكز لـ"البعث"، في حين أن الجيش، الذي أوقف السوري، لم يُحذر الحزب من الأمر، كما قال حجازي.
هنا، تُطرح تساؤلات فعلية عن حقيقة هذا الأمر لاسيما أنه لم يصدر أي تعليق بإطاره من أي جهة معنية، في حين أنّ الأنظار تحومُ حول تاريخ تبلغ قيادة "البعث" بأمر الجاسم وعن الإجراءات التي تم اتخاذها للحماية أقله على صعيد عفيف الذي كان معروفاً بتردّده إلى هناك.
في هذا الإطار، تسألُ مصادر مطلعة: "إن كان البعث قد تلقى إشارات بشأن الجاسم، فما هي الإجراءات التي اتخذها في ظل الحرب؟ وقائياً، الحماية مطلوبة إلا إذا كانت مسألة الجاسم غير محسومة وغير مُثبتة ومرتبطة بتكهنات حتى إثبات العكس".
وبمعزلٍ عن هذا الأمر، يبقى الأساس من استهداف "البعث" هو مُحاكاة إسرائيل لسوريا بلغة النار وبخطابٍ القصف، فاستهداف حزبٍ يمثلها في لبنان لا يعني إلا استهدافاً لها، وقد تزامن ذلك مع نداءات إسرائيلية تهدف للضغط على سوريا ودمشق بهدف قطع خطوط الإمداد مع "حزب الله" عبر أراضيها.
الأمور هذه برمّتها تؤكد أن إسرائيل باتت تُوسّع استهدافاتها باتجاه سوريا انطلاقاً من لبنان، فالمسألة الآن لم تعد مرتبطة باستغلال أجواء لبنان للقصف بل يتصلُ أيضاً بضرب نفوذ دمشق في لبنان ناهيك عن إستهداف الحزب ضمن مراكز حزبية لأطراف مؤيدة له.
ما يتبين أيضاً هو أن عملية رأس النبع لا تُوحي فقط باستهداف بل تؤسس لـ"شرخٍ أو تذبذب في العلاقة" بين الحزب وحلفائه وذلك لكي يبتعد عن الأماكن المتصلة بهم خوفاً من أن تكون مخروقة أو أن يتم تسريب معلومات عنها تؤدي إلى اغتيالات جديدة. المصدر: خاص "لبنان 24"