لجريدة عمان:
2025-02-23@00:10:43 GMT

كعكة الدماغ

تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT

كعكة الدماغ

مثل كعكة بثلاث طبقات -يذهب الاعتقاد الشائع- تُخبرنا الطبقة الدنيا من دماغنا أننا عطشى وجائعون، أن الوقت قد حان للذهاب للسرير أو الحمام، تخبرنا أن نتوقف عن الأكل، أن نُبرد أجسادنا في يومٍ صيفي ملهب. فوقها مباشرة، وأقل بدائية منها بقليل، تأتي الطبقة الثانية التي تُخبرنا أن نقفز إلى الرصيف إذا ما مرّت شاحنة مسرعة، ولكن أيضا أن نضرب من يتهجم علينا، أن نصرخ بوجه الشرطة إذا ما استخدموا القوة المفرطة، أن نُلقي حجارة على الواجهات، وأن ننهار باكين.

ثم تأتي الطبقة الأخيرة، متوجة بحبة الكرز أعلاها، لتجعل التفكير المنطقي والعقلاني مُمكنا. وهي تضبط مشاعرنا وأجسادنا، تُجري الحسابات، تشدنا إلى مكاتبنا، وتُخبرنا أن ما نشعر به هستيري، وسخيف، وغير لائق.

على الأغلب أن أصل هذه النظرة الطبقية للدماغ (يُعرف بنموذج الدماغ الثلاثي لدى علماء الأعصاب) يعود إلى تصورات الإغريق (أفلاطون تحديدا) عن النفس البشرية، وتصويرها كعربة يجرها حصانان، ويُوجهها السائق الجالس خلفهما.

الفكر التطوري، وإن لم يستخدم استعارات الكعك والأحصنة، إلا أنه أصرّ على أن تُفهم المشاعر على اعتبارها مكون بدائي، بلا وظيفة قائمة، ما نزال نحمله، رغم عدم حاجتنا له، مثلها مثل عظمة الذيل في نهاية عمودنا الفقري، أسنان العقل التي لا تجلب أي حكمة، حلمتين في صدر رجل، وقبضة الرضيع التي يشدها دون أن ينجح في الإمساك بفرو أمه، الذي لم يعد موجودا.

يُفسر القلق والاكتئاب وفق منظور مشابه. باعتباره محاذاة خاطئة misalignment بين دماغ السحالي الذي ما نزال نحتفظ به دفينا تحت قُدراتنا البهلوانية على حياكة الحجج المنطقية، وإجراء التفاضل والتكامل بدون حاسبة، وتطوير خوارزميات تُرشدنا إلى البيت. وكما أن آلام الركبة قادمة من أن نمط حياتنا وثقافتنا تطور على نحو لم تستطع أن تجاريه أجسادنا التي تظن أننا ما نزال نعيش في الغابة، تفشل أدمغتنا في إخبارنا أن نهدئ لأنه مجرد عرض پاورپوینت نقدمه أمام أقراننا، وهو بأي حال من الأحوال ليس بفداحة أن يخرج أمامك أسد من خلف الأحراش، مهما بدت عيون الحضور غير مطمئنة.

والعبرة التي يخرج بها أي مكتئب أو قلق أو غاضب، هو أن جسده يخونه، وأن دماغه يلعب ألعابا خبيثة ضده، وأنه على الأغلب يحمل علله نتيجة تزاوج سيء الحظ بين عيوب خلقية شاذة ورثها من والديه، وظروف تنشئة حرجة. ولأنه لا وقت للانهيار والغضب والتوجس والحزن وحتى الحب في عالم يُطالب بأن تتحرك طوال الوقت، لتدفع إيجار بيتك، وثمن خبزك (كحد أدنى)، أو يخترع لك حاجات تُبقيك في عملك بعد نهاية الدوام، وتبقيك في الليل أرِقاً، قلقا، ومتحفزا.

تصف باريت (المزيد عنها وعن عملها في أجزاء المقال التالية) النظرة القديمة للدماغ ببراعة فتقول: «الدماغ ساحة حرب بين العقلانية من جهة والغرائز والعواطف من جهة أخرى. لطالما أن الدماغ العقلاني مسيطر على الدماغ الداخلي المتوحش، فأنت شخص جيد: صحيح، ناضج، ومُنصف. في المناسبات التي يكون لوحشك فيها اليد العليا -والتي تُسمى شعريا الاستحواذ على اللوزة الدماغية- تُصبح طفوليا وشريرا. وإذا ما فشلت العقلانية في احتواء وحشك الداخلي، فقد يكون ذلك مؤشرا على مرض نفسي».

يحاول بعض علماء الأعصاب اليوم تحدي هذا المنظور الفوقي للمشاعر، ويُشككون في الرؤية الطبقية لوظائف الدماغ. عالمة الأعصاب ليزا فيلدمان باريت تُشكك في أن نواة الدماغ (تُسمى الرمادية المحيطة بالمسال، واختصارا PAG) هي المسؤولة عن الخوف أو استجابات الكر والفر (Fight-or-flight)، بل تقترح أن الدماغ قادر على إنتاج الظاهرة نفسها بعدة طرق. وإذا كنت تُفكر من أين أتت هذه المنطقة، وأنك كُنت تسمع عن منطقة أخرى تُسمى اللوزة الدماغية (Amygdala) يُقال إنها المسؤولة عن الألم والخوف ومعالجة التهديد، فأنت لست وحدك. إذ لا تزال هذه الفكرة قائمة حتى مع أهم علماء الأعصاب حول العالم اليوم. وأُريد أن أطمئنك أيضا أن هذا لا يُغير كثيرا في الحدوتة التي بين يدينا اليوم.

كيف توصلت باريت وزملاؤها إلى أن للدماغ القدرة على إنتاج الظاهرة نفسها بعدة طرق؟

أولا، من خلال تحليل أكثر من 200 دراسة أُجريت في العقود الأخيرة، ومقارنة المناطق النشطة في الدماغ. صوّرت الدراسات الأماكن النشطة على نحو مختلف تماما. بل إنها نقدت إجراءات الدراسات، وشككت في أنها تقيس ما تدعي أنها تقيسه. إذ إن اللوزة الدماغية تنشط لا لأن المرء ينظر إلى صورة تهديد (ثعبان مثلا)، بل لمجرد أن صاحبه ينظر إلى صورة جديدة. أي أن الجِدة هي المحرك لا الخوف. وأن اللوزة الدماغية تنشط بعد أن تكون مناطق أخرى قد نشطت. ما يقترح أنها لا يُمكن أن تكون المسؤولة عن الإتيان بردات فعل في الحالات الحرجة عندما تكون حياة المرء على المحك.

ثانيا، دراسة توأم يُعاني من خلل دماغي متطابق. مع ذلك فقد كانت إحداهما قادرة على تكوين مشاعر الخوف، على عكس الأخرى. وتخلص إلى أنه لو أن الدماغ يُنتج الظواهر بالطريقة نفسها كل مرة، سيعني هذا أنه إذا ما وجد خلل في المنطقة المسؤولة، سيكون المريض دائما غير قادر على تكوين ذلك الشعور.

فوق هذا، تُخبرنا ليزا باريت عبر دراسة تعابير الوجه لدى الأطفال (في سياق الثقافة الغربية طبعا)، أن الوجه الذي نتخيل أنه يعكس مشاعرنا، لا يتطابق مع التجربة اليومية إلا بمقدار ضئيل. يصل إلى 10٪ أحيانا. تخيل وجها غاضبا. هل ترى التقطيبة؟ هل ترى الفم المفتوح باتساع؟ هذا هو تصورنا عن التعبير الغاضب. والآن فكر بالمرات الأخيرة التي أصابك فيها الغضب. أحيانا تقول: يا الله، تقهقه، ترفع حاجبا، وأحيانا لا تقول سوى «معلش» مع أنك تغلي من الداخل. خلاصة القول: إن لكل حالة شعورية (لا أعني أن حالة الخوف مقابل الحزن، بل كل حالة خوف) تمثيلها الجسدي الفريد، حسب السياق، والحِدة، الخ.

ماذا يعني كل هذا بالنسبة لنا؟

ثمة مجموعة من الأمور. أولا، أن التفكير في الدماغ بمنطق المناطق الوظيفية المتخصصة يجعلنا نسيء فهم مدى تعقيد الطريقة التي يعمل بها. يهيئ لنا أن الدماغ يستجيب بحسب المحفزات التي توضع أمامه. إذا ما دخل شعاع ساطع، ترفع يدك لتقي عينيك من وهجه. ما يبدو أنه ردة فعل. إلا أن الأدلة تقترح شيئا آخر. دعونا نُناقش مثالا أوضح. حين تشرب الماء، فإنك تشعر مباشرة بالارتواء. الحقيقة أن الجسم يحتاج إلى ما يُقدر بعشرين دقيقة حتى يصل الماء إلى مجرى الدم. إلا أن خبرة الدماغ في تنظيم وإدارة أجسادنا تستبق وتتوقع ما سيحدث، وبهذا تمنحنا طمأنينة أن نضع كأس الماء وأن ما شربناه كافٍ. يعمل الدماغ طوال الوقت على توقع ما سيحدث حتى يُقلل عدم اليقين. إنه لا يستجيب وإنما يتوقع دائما ما يُمكن أن تمر به، أو تُجرّبه في اللحظة التالية.

ثانيا، المنطقة التي يعتقد أنها مسؤولة عن التعامل مع التهديدات تنشط بشكل خاص عندما تكون تحت التهديد، لكن هذه ليست بأي حال وظيفتها. إنها في الواقع مسؤولة عن تنظيم عمليات أساسية للجسم من بينها الجهاز الهضمي، والمناعة. الأدوية التي توصف لاضطرابات القلق، تستهدف منطقة مختصة بتنظيم الجسم عموما، ووظائفها تتعدى مجرد الاستجابة للتهديدات عبر الكر أو الفر. من هنا نفهم كيف أن لمضادات القلق القدرة على التعامل معه دون أن تُعالجه.

ثالثا، المشاعر لا تولد مع الدماغ ولكنها تُكوّن بفعله. ونحن وإن ظننا أننا نفهم مشاعرنا، كالحزن -مثلا-، لكن الحقيقة أننا كثيرا ما نسيء فهم أمزجتنا، ليتضح أن ما نترجمه على أنه حزن قادم من كوننا -مثلا- نعمل على شيء صعب ومكلف من ناحية الطاقة التي يستهلكها الدماغ. ثمة مثال شديد الشيوع على هذا الشكل من الارتباك، يتندر به الناس كثيرا، هو الخلط بين الجوع والغضب. وهو يُرينا مدى فشلنا أحيانا في تقدير وفهم مشاعرنا.

خلاصة القول: إن ما بين أيدينا من دراسات تُخبرنا أننا لسنا متأهبين دائما لمواجهة الأخطار، وأننا نعمل على الاستجابة الدائمة، بل أن الدماغ على العكس ينخرط بشكل متواصل في تخمين ما يُمكن أن نجربه في اللحظات التالية، ويعمل على أساسه. وأن هذه النظرة الجديدة لطريقة عمل الدماغ تقول لنا شيئا إضافيا عن مدى تعقيده.

نوف السعيدية كاتبة وباحثة عمانية في مجال فلسفة العلوم

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أن الدماغ إذا ما التی ت

إقرأ أيضاً:

دماغ الإنسان ​​يحتوي على ما يعادل ملعقة من البلاستيك

ارتفعت مستويات البلاستيك الدقيق الموجودة في البيئة في العقود القليلة الماضية، حيث تجاوز الإنتاج الحالي للبلاستيك 300 مليون طن سنويًا، ويقدر أن 2.5 مليون طن تطفو في محيطات العالم اعتبارًا من عام 2023، أي أكثر من 10 أضعاف مستويات عام 2005.

ووفقًا لدراسة جديدة نُشرت في مجلة "نيتشر ميديسن"، فإن هذا الارتفاع الهائل في التلوث بالبلاستيك الدقيق على مدى السنوات الخمسين الماضية ينعكس على زيادة التلوث في أدمغة البشر بمستويات صادمة مقارنة بأعضاء الجسم الأخرى.

البلاستيك في أدمغتنا

بحثت الدراسة في عينات من أنسجة الدماغ التي تم جمعها من 47 جثة في عامي 2016 و2024، وكلها مأخوذة من القشرة الأمامية، وهي جزء الدماغ المسؤول عن التفكير والتخطيط واتخاذ القرار وحركة العضلات وأداء الأعمال والحركات الإرادية والكلام والتحكم العاطفي.

كما نظر الباحثون من مركز علوم الصحة بجامعة نيو مكسيكو وجامعة ولاية أوكلاهوما وجامعة ديوك وجامعة ديل فالي إن كالي في كولومبيا، في عينات الكبد والكلى من الأجسام نفسها، وحللوا جميع الأنسجة باستخدام التصوير المجهري والتحليل الجزيئي لتحديد التركيب الكيميائي.

ووجدت النتائج أن الجسيمات البلاستيكية الدقيقة، وهي جزيئات بلاستيكية يقل حجمها عن 5 مليمترات، تتراكم في الدماغ البشري بمستويات أعلى بحوالي 10 مرات مقارنة بالكبد والكلى.

إعلان

ووجدت الدراسة أيضًا أن مستويات البلاستيك الدقيق في عينات الدماغ التي تم جمعها في عام 2024 زادت بنسبة 50% مقارنة بعينات عام 2016، مما قد تشير إلى ارتفاع التعرض البيئي للبلاستيك الدقيق.

TL;DR plastic in your brain is bad. https://t.co/8nGmgZXyIV pic.twitter.com/LN5PEwDEe9

— Nicholas Fabiano, MD (@NTFabiano) February 3, 2025

 

كما أظهرت العينات أن عدد الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في عينات الأدمغة كان أعلى بنحو 7 إلى 30 مرة من تلك الموجودة في أعضاء الجسم الأخرى.

ملعقة كاملة

هذه الكمية من البلاستيك الدقيق التي وجدها الباحثون في أدمغة البشر، كانت صادمة بالنسبة للبروفيسورة تامارا جالواي، أستاذة علم السموم البيئية بجامعة إكستر في المملكة المتحدة، والتي تقول -في تصريحات للجزيرة نت- إن هذا يعني أن "لدينا المزيد من البلاستيك في أدمغتنا اليوم مقارنة بما كان عليه قبل 8 سنوات فقط".

وبحسب الدراسة، فإن الكمية المتوسطة، ما يقرب من 4800 ميكروغرام لكل غرام من المواد البلاستيكية الدقيقة في أنسجة الدماغ، تعادل الكمية الموجودة في ملعقة بلاستيكية تزن نحو 7 غرامات.

ووسّع الباحثون التحليل بعينات أنسجة الدماغ من الأشخاص الذين ماتوا بين عامي 1997 و2013 على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وأظهرت البيانات اتجاهًا متزايدا لوجود البلاستيك الدقيق في أنسجة الدماغ من عام 1997 إلى عام 2024.

كانت الجسيمات الموجودة في أنسجة الدماغ عبارة عن شظايا صغيرة أو رقائق بلاستيكية نانوية من البولي إيثيلين، أحد أكثر أنواع البلاستيك شيوعًا في العالم، والذي يوجد في كل شيء من الأوعية البلاستيكية إلى مواد الأرضيات إلى الأجهزة الطبية، ويشكل 75% من إجمالي البلاستيك الدقيق الذي تم العثور عليه في عينات الدماغ، وفقًا لنتائج الدراسة.

وتقول جالواي، التي لم تكن جزءًا من فريق الدراسة، إن "تلك الزيادة الكبيرة في النتائج الجديدة تعكس المستويات المتزايدة من إنتاج واستخدام البلاستيك الدقيق الذي يتسلل إلى البيئة بمعدل ينذر بالخطر مع زيادة استخدام البلاستيك في جميع أنحاء العالم"، لكنها تشير إلى أن "هذه ليست الدراسة الأولى من نوعها التي تُظهر وجود مواد بلاستيكية دقيقة في بيئتنا وفي عينات الأنسجة في جسم الإنسان من قبل".

يتعرض الإنسان للمواد البلاستيكية الدقيقة بشكل مستمر (شترستوك) التسلل إلى الدماغ

يمكن أن تكون الجسيمات البلاستيكية الدقيقة والنانوية غير مرئية للعين المجردة، وتأتي من النفايات البلاستيكية الأكبر حجمًا التي تتحلل في البيئة، وتلوث الكوكب بأكمله، من قمة جبل إيفرست إلى أعمق المحيطات.

إعلان

وتقول جالواي التي تركز أبحاثها على التلوث البحري والتأثيرات الصحية للملوثات على الإنسان والتنمية المستدامة للمواد الجديدة، إن "المواد البلاستيكية الدقيقة موجودة في كل مكان. نحن نستخدم البلاستيك كل يوم، وكمية البلاستيك التي نستخدمها نحن البشر وفي البيئة فقط كانت تتزايد حقًا بمرور الوقت، وتأتي من أشياء مثل الأكياس البلاستيكية وأغلفة الطعام والإطارات وزجاجات الصودا ومستحضرات التجميل"، وتضيف "نتعرض لهذه الجزيئات البلاستيكية الدقيقة عادةً من خلال الطعام الذي نتناوله أو ما نشربه أو في الهواء".

درس العلماء الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في المحيطات منذ سبعينيات القرن العشرين، ووجدوا أن الحيوانات البحرية تحتوي على جزيئات بلاستيكية دقيقة في أجسامها، تمتصها من الماء ومن تناول الأسماك الملوثة، كما تتراكم هذه الجسيمات في أنسجة الحيوانات الأخرى التي يأكلها الناس مثل الأبقار والدجاج.

يمكن أن تنتهي الجسيمات النانوية المعدنية في الهواء أيضًا، حيث يميل الهواء الداخلي بشكل خاص إلى احتواء المزيد من الجسيمات النانوية الدقيقة مقارنة بالهواء الخارجي، وذلك بسبب تساقط الجسيمات من البلاستيك في الملابس والأثاث والمنتجات المنزلية. بعد استنشاق هذه الجسيمات، يمكنها أن تنتقل عبر الجسم وتنتهي في أعضاء مختلفة.

ووجدت دراسة أجريت عام 2024 أدلة على أن الجسيمات النانوية الدقيقة يمكن أن تمر عبر حاجز الدم في الدماغ، وهو طبقة محكمة الإغلاق من الخلايا التي تحمي الدماغ من المواد الضارة والجراثيم وغيرها من الأشياء التي قد تسبب الضرر.

في حين كان يُعتقد سابقًا أن أصغر الجسيمات النانوية البلاستيكية فقط يمكنها عبور هذا الحاجز، وجدت هذه الدراسة أن الجسيمات البلاستيكية الدقيقة الأكبر يمكن أن تدخل الدماغ أيضًا.

عواقب محتملة

كما نظرت الدراسة في عينات الدماغ لأفراد مصابين بالخرف، ووجدت أن تركيزات البلاستيك الدقيق والنانوي كانت أعلى بنحو 3 إلى 5 أضعاف في 12 عينة من أدمغة المصابين بالخرف.

إعلان

ومع ذلك، قال الباحثون إن الضرر الذي يسببه الخرف في الدماغ من المتوقع أن يزيد من التركيزات، مما يعني أنه لا ينبغي افتراض أن تراكم البلاستيك الدقيق والنانوي يسبب الخرف، لكنه يُظهر ارتباطًا يجب دراسته بشكل أكبر.

 

وأشار العلماء إلى أنه تم تحليل عينة واحدة فقط من كل عضو، مما يعني أن التباين داخل الأعضاء لا يزال غير معروف، وأن بعض التباين في عينات الدماغ قد يكون بسبب الاختلافات الجغرافية بين نيو مكسيكو والساحل الشرقي للولايات المتحدة.

يتلوث جسم الإنسان على نطاق واسع بالبلاستيك الدقيق. وقد أثبتت الدراسات وجود البلاستيك الدقيق في الدم والسائل المنوي وحليب الثدي والرئتين البشرية والأوعية الدموية ونخاع العظام.

ووجدت دراسة حديثة أن تلوث البلاستيك الدقيق أعلى بكثير في المشيمة من الولادات المبكرة. ووجد تحليل حديث آخر أن المواد البلاستيكية الدقيقة يمكن أن تسد الأوعية الدموية في أدمغة الفئران، مما يسبب تلفًا عصبيًا، لكنه لاحظ أن الشعيرات الدموية البشرية أكبر بكثير.

ومع ذلك، تقول جالواي، وهي عضو في مجموعة أبحاث علم الأحياء البيئية وشبكة إكستر البحرية، "لم نفهم حقًا التأثيرات الدقيقة لهذه المواد البلاستيكية الدقيقة أو المواد الكيميائية الموجودة بداخلها التي قد تشكلها داخل مجرى دم الشخص"، وتضيف "لا نعرف ما إذا كانت تسبب المرض، ولا نعرف كيف تصل إلى الدماغ، ومن الواضح أننا بحاجة إلى المزيد من البحث حول هذا الموضوع".

ويريد فريق البحث إلقاء نظرة على الدماغ بالكامل بعد ذلك لفهم ما إذا كان هناك تراكم أكبر للبلاستيك في منطقة معينة، ومعرفة ما إذا كان ذلك مرتبطًا بأي نتائج صحية محددة.

حلول احترازية

على الرغم من أن هذه الدراسة في مراحلها المبكرة، فإن العلماء يقولون إن هناك خطوات بسيطة يمكنك اتخاذها الآن للحد من التعرض للمواد البلاستيكية الدقيقة.

إعلان

وفي هذا الصدد، تطرح جالواي خيارات تشمل استخدام المواد البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة فقط، وتهوية المنزل جيدًا، والتنظيف بالمكنسة الكهربائية بانتظام لإزالة الغبار والحطام البلاستيكي، وتجنب ترك زجاجات المياه في السيارات التي يمكن أن تسخن وتزيد من تعرضك للجسيمات البلاستيكية الدقيقة، وتجنب منتجات التجميل التي تضيف عمدًا جزيئات دقيقة مثل مقشرات الجلد التي تحتوي على حبيبات بلاستيكية.

وتتضمن بعض الحلول الاحترازية أيضًا عدم استخدام زجاجات المياه البلاستيكية، واستبدال بعض أوعيتنا البلاستيكية بالزجاج أو الفولاذ، واستخدام الملابس التي تحتوي على ألياف طبيعية بدلاً من الألياف الاصطناعية، وعدم تسخين البلاستيك في الميكرويف لأن هذه الحرارة ستطلق هذه الجزيئات، والتفكير في استخدام ألواح التقطيع الخشبية، واستخدام تلك الأكياس القابلة لإعادة التدوير بدلاً من الأكياس البلاستيكية.

كما يعمل العلماء على تطوير حلول للحد من المواد البلاستيكية الدقيقة في البيئة، قد تشمل أنواعا جديدة من المرشحات لإزالة الجسيمات البلاستيكية الدقيقة من مياه الشرب، بالإضافة إلى محاولة استغلال نوع من الديدان يأكل البوليسترين، والفطريات والميكروبات التي تعمل على تفتيت البلاستيك في البيئة.

مقالات مشابهة

  • خمس دقائق من التمارين تساعد في السيطرة على عوامل الخرف
  • أدمغتنا تتنبأ بالمستقبل بشكل لاواع ومستمر
  • الصحة العالمية تحذر من التهاب الدماغ وتدعو لتحرك دولي
  • مفاجأة.. 5 دقائق من التمارين تكفي للوقاية من الخرف
  • الشهري : قلة النوم تؤثر سلبًا على الذاكرة وصحة الدماغ.. فيديو
  • هل الدماغ مسئول عن زيادة وزنك؟.. اكتشافات غير متوقعة وحلول
  • لو مزاجك مش رايق .. 10 فواكه تقلل من الاكتئاب
  • اكتشاف مثير قد يفسّر تجارب الاقتراب من الموت!
  • علماء يكشفون حركة الدماغ لحظة الموت.. كأنها خروج الروح
  • دماغ الإنسان ​​يحتوي على ما يعادل ملعقة من البلاستيك