الاستثمار النيابية: إجراءات برلمانية لكبح جماح أسعار الوحدات السكنية
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
الاقتصاد نيوز _ متابعة
رغم وجود عشرات من مشاريع المجمعات السكنية الكبيرة، وتخصيص آلاف الدوانم من الأراضي لإقامة مشاريع سكنية استثمارية، إلا أن أزمة السكن مازالت تخيّم على المشهد في البلاد – وخصوصاً في العاصمة بغداد – وما زاد من تفاقم الأزمة؛ هي الأسعار المرتفعة للوحدات السكنية في أغلب المجمعات الاستثمارية، ما دعا برلمانيين وأخصائيين إلى المطالبة باتخاذ إجراءات صارمة بحق المستثمرين الذين يتجاوزون شروط العقد وتفاصيل الأسعار المتفق فيها مع الجهة المختصة، لردع "المستثمر الجشع" الذي أثرى على حساب المواطنين.
وترى عضو لجنة الاستثمار والتنمية النيابية، سوزان منصور، بأن معالجة أزمة السكن في العراق من خلال المجمعات السكنية وبما يتناسب مع أصحاب الدخل المحدود لم يصار لحلها إلى الآن.
وقالت منصور في حديث لـ"الصباح" تابعته"الاقتصاد نيوز"، إن "تلك المجمعات صنعت أزمات جديدة كان أبرزها أزمة الزخم المروري، إذ تشكل المجمعات داخل بغداد على الأقل من (4000_ 5000 ) وحدة سكنية لا تلبي الحاجات التي أُنشأت لأجلها تلك المجمعات، وهي توفير السكن لأصحاب الدخل المحدود".
وطالبت عضو لجنة الاستثمار النيابية، باتخاذ إجراءات صارمة بحق أي مستثمر لا يلتزم بالجدوى الاقتصادية لمشروعه السكني، وسحب رخصة الإجازة في حالة مخالفتها للشروط القانونية، وضربت منصور مثالاً عن أحد المجمعات السكنية ببغداد التي يباع من خلالها الوحدة السكنية بأكثر من ضعف السعر الرسمي الموقع في العقد، "بمبالغ من (1200 إلى 1600 دولار) للمتر المربع الواحد، ولم نجد أي عقوبة بحق المستثمرين المخالفين للجدوى".
من جانبه، اقترح رئيس هيئة استثمار القادسية، الدكتور رزاق شبر، تقسيم وتصنيف الوحدات السكنية في المجمعات إلى 3 فئات، لمعالجة الكلف المرتفعة، وقال "من الضروري تقسيم الوحدات السكنية في المجمعات إلى ثلاث فئات، الفئة الأولى تتناسب مع أصحاب الدخل العالي وبمواصفات عالية، والفئة الثانية بمواصفات أقل من الأولى لكنها جيدة وتتناسب مع أصحاب الدخل المتوسط، والثالثة تكون أقل من الأولى والثانية وتتناسب مع أصحاب الدخل المحدود، على أن تكون مبادرة السكن والإقراض من المصرف العقاري حصراً للفئتين الثانية والثالثة، وإلزام المستثمرين بالإعلان عن الفرصة الاستثمارية بتقديم مواصفات - للمجموعتين المذكورتين آنفاً - وأن تكون الوحدات بأسعار تنافسية بمواصفات محددة سلفاً في الإعلان".
وفيما يتعلق بالزام المستثمرين بتحديد أسعار منطقية، يبين شبّر، أنه "لا توجد إجراءات محددة؛ بقدر وجود تنافس، ولكن بالإمكان لهيئات الاستثمار ووزارة الإعمار أن تعلن عن إنشاء مجمعات سكنية بمواصفات وبأسعار محددة، وبالتالي يتنافس المستثمرون المتقدمون على تلك الأسعار ضمن جدول زمني محدد للحد من جشع بعض المستثمرين الذين أثروا وبشكل كبير على المواطنين وفرضوا أسعاراً عالية مضاعفة".
وأكد، أنه "لحل أزمة السكن يجب إدخال شركات القطاع العام، وأن يكون هنالك تنسيق واتفاق بحصر مبادرة السكن للمجمعات التي تبنى عن طريق الشركات العامة، وتوفير سكن للمواطن وبسعر مناسب وحصر مبادرة السكن لهذه المجمعات مما يحقق طمأنينة للمواطن، كونها شركات حكومية وبإشراف مكاتب هندسية معتمدة من قبل الدولة".
رئيس مؤسسة "أصول للتطوير الاقتصادي والتنمية المستدامة"، خالد الجابري، أوضح، أنه "بحسب الدستور العراقي ووفق المادة 25 فإن الدولة يجب أن تنمي القطاع الخاص وتعطي فرصة للنمو والمناقصة"، لافتاً إلى أن "هنالك مجلساً لمنع الاحتكار وتشجيع المنافسة، ومجلساً آخر يختص بحقوق وحماية المستهلك، ودستور العراق الحامي الرئيسي للتشريعات".
ونوّه، بأن "الذهاب إلى الشركات العامة والاعتماد عليها في قضية المجمعات السكنية؛ غير صائب، ولربما يقتل المنافسة، كما أنه نوع من أنواع الاحتكار، ويجب اتاحة العمل للقطاع الخاص وتوسيع عمل قاعدة النشاط الاقتصادي، وبالتالي إذا ما جلبنا الشركات العامة الحكومية لبناء مشاريع المجمعات السكنية، فما ذلك إلا انهيار للقطاع الاقتصادي" بحسب رأي المتحدث.
وبيّن الجابري، أنه "لأجل حل أزمة السكن في العراق؛ فلابد من إيجاد حلول مبتكرة؛ منها زيادة عدد الأراضي وتوليد بيئة استثمارية مشجعة للاقتصاد وذلك من خلال تعديل قانون الاستثمار ليتلاءم مع هذا التوجه، فضلاً عن تعديل قانون الشركات وتعديل إقرار ضريبة الدخل الجديد، وإقرار قانون الأفلاس"، عادّاً أن الذهاب إلى الاتجاه الاشتراكي – بتسخير الشركات العامة لبناء المجمعات السكنية - ما هو إلا "انهيار واضح".
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار المجمعات السکنیة الشرکات العامة أزمة السکن
إقرأ أيضاً:
أزمة دقيق وغذاء وارتفاع أسعار.. الجوع يهدد سكان غزة
غزة- في ساعة مبكرة من النهار، يشغل حمودة علي فرنه الصغير الذي أقامه مؤخرا في الحي الذي يقيم فيه شمال مدينة غزة، ويبدأ بخبز الأرغفة التي تجهزها السيدات بعدما أغلقت جميع مخابز غزة أبوابها منذ مطلع أبريل/نيسان الحالي، بسبب نفاد الوقود والدقيق عقب تشديد قوات الاحتلال حصارها على قطاع غزة ومنع دخول أي من المساعدات والمواد الغذائية منذ بداية مارس/آذار الماضي.
ويستمع حمودة، الذي اتخذ من الفرن مصدرا لدخله، إلى شكاوى العشرات ممن يترددون عليه يوميا من شح الدقيق في الأسواق وارتفاع سعره، بعدما كان يوزع مجانا ضمن المساعدات التي تقدمها هيئات دولية لجميع سكان غزة.
ويشير، وهو يقلب أرغفة الخبز داخل الفرن، إلى أن كميات الدقيق باتت تقل شيئا فشيئا من الأسواق، واضطرت العديد من الأسر إلى استخدام دقيق فاسد منتهي الصلاحية وذي رائحة كريهة.
لم يكن حمودة أحسن حالا ممن يتردد عليه، حيث اضطر مؤخرا إلى شراء كيلو واحد من الدقيق بما يعادل 5 دولارات، وهو ما لا يقوى على توفيره يوميا، وذلك بعدما نفدت الكميات التي كان يحتفظ بها.
ويخشى حمودة عودة المجاعة إلى ذروتها القاسية التي كانت عليه في أوقات سابقة في شمال غزة، واضطرار السكان لطحن الأعلاف لتسكين جوعهم.
وأغلق ما يقارب من 20 مخبزا أبوابه في جميع محافظات قطاع غزة كان برنامج الأغذية العالمي يمدها بالدقيق والوقود اللازم لتشغيلها، مقابل بيعها الخبز للمواطنين بأسعار رمزية، في حين توقفت جميع المساعدات الغذائية التي كان يعتمد عليها المواطنون في قوت يومهم، وباتت مخازن المؤسسات الدولية فارغة.
إعلان
أسواق فارغة
ومع تواصل إغلاق معابر قطاع غزة، اتخذت أسعار الخضروات والمعلبات منحى تصاعديا متسارعا، ووصلت نسبة الغلاء إلى مستويات غير مسبوقة، وافتقدت الأسواق كثيرا من الأصناف الأساسية، وغابت الدواجن واللحوم والبيض ومشتقات الألبان عنها.
وخارج خيمتها، تشعل حنين عليان النيران لطهي ما تبقى لديها من معكرونة حصلت عليها ضمن طرد غذائي سابق، لتسد جوع أطفالها الثلاثة، وذلك بعدما فقد زوجها مصدر دخله مع اندلاع الحرب على غزة.
وتشكو السيدة الثلاثينية من عدم مقدرتها على شراء الخضروات من السوق بسبب ما وصفته بالارتفاع الفاحش بالأسعار، مما اضطرها إلى تقليص عدد الوجبات اليومية، بينما يفتقر أطفالها إلى المدعمات الغذائية، وانعكاس ذلك على تراجع حالتهم الصحية.
برنامج الأغذية العالمي: نحتاج إلى وصول الغذاء لقطاع غزة فورا#حرب_غزة pic.twitter.com/Y97le4icgf
— قناة الجزيرة (@AJArabic) April 27, 2025
جمعت حنين ما تبقى لديها من معلبات غذائية على قلتها، ووزعتها للطهي على عدة أيام، لأنها تعي أن استمرار إغلاق المعابر سيزيد من الأزمة الغذائية التي تعصف بقطاع غزة، وتحذر من أيام أسوأ قادمة.
وبوجه شاحب تطاير عليه رماد الأخشاب المشتعلة تقول "يمكن أن نصبر على الجوع، لكن الأطفال لا يعرفون معنى التحمل، اجتمعت علينا الحرب والمجاعة وفقدان منازلنا، ولم نعد نقوى على كل هذه الظروف الصعبة".
وتشير السيدة إلى أن ذهاب زوجها للسوق يعني أنه بحاجة إلى صرف 200 شيكل "60 دولارا" مقابل العودة بالقليل من الخضروات التي بالكاد تكفي ليوم واحد، وهذا غير متاح لديهم في الوقت الذي غابت فيه البدائل التي كانت تصلهم على هيئة طرود غذائية.
أجساد هزيلة
تظهر علامات التأفف على ملامح الشاب صهيب عدنان الذي عاد من جولة طويلة قضاها متنقلا بين أسواق مدينة غزة، حيث لاحظ ارتفاع الأسعار بشكل لافت، وفشلت كل محاولات حصوله على نوع الحليب المخصص لطفلته.
إعلانوقال عدنان: يضيع كثير من الوقت ونحن نتنقل بين الباعة نبحث عن دقيق بدأ يشح من السوق، وما يتوفر أصابه التسوس، وخيارات الطعام باتت محدودة جدا، ولا يوجد طعام صحي لأجساد أرهقتها الحرب.
ويصيب صهيب الأرق كلما بحث عن أغذية لوالديه المسنين ولم يجد ما يعزز مناعتهم الضعيفة، حيث بدا الهزال عليهما ولا يقاومان الأمراض المزمنة التي تلازمهما منذ وقت طويل.
طفل يجمع بقايا الطعام من قدر في إحدى التكيات الخيرية في ظل سياسة التجويع التي تمارسها إسرائيل بحق أهالي قطاع غزة#فيديو #الجزيرة pic.twitter.com/F2ttlW0Jv4
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) April 27, 2025
واضطر لشراء أغذية معلبة من الحمص والبازيلاء والفاصوليا بأسعار مرتفعة بعدما شحت من السوق، بعدما كانت ضمن المساعدات التي تصل لقطاع غزة.
ورغم أن المواد المعلبة المتاحة في غزة ليست ذات قيمة غذائية، فإنها لم تعد متاحة لأكثر من مليوني فلسطيني.
وفي هذا الإطار، قالت غرفة تجارة وصناعة غزة إن إغلاق المعابر خلف تداعيات كارثية وغير مسبوقة على جميع مناحي الحياة في القطاع، ووصفت في بيان لها ارتفاع الأسعار بالجنوني ووصل إلى أكثر من 500%، ويتعمد الاحتلال تجويع السكان بمنع دخول المساعدات.