مثل كثيرين، أجد نفسي غارقاً في التفكير بشأن الجدل الجاري حول الذكاء الاصطناعي، وخاصة الذكاء الاصطناعي التوليدي. فالنقاشات والمناظرات بين خبراء التكنولوجيا والفلاسفة والمؤسسات الرسمية، بل وحتى تلك التي تدور بين عامة الناس والخاصة بالذكاء الاصطناعي دائماً ما تكون مربكة ومحيرة. وتنطبق هذه الحيرة بشكل خاص على رجل الشارع العادي، أو حتى على شخص مثلي، حاصل على درجة علمية في مجال الفيزياء والرياضيات وله باع طويل في ساحة الخدمة العامة؛ إذ كانت الحوكمة والأمن القومي هما تركيزي الأساسي.

آراء متناقضة:

يعتبر البعض الذكاء الاصطناعي، أو بشكل أدق “صنع القرار الخوارزمي”، مجرد مرحلة جديدة للثورة الصناعية نابعة من الاستخدام واسع النطاق لأجهزة الكمبيوتر. فالخوارزميات ببساطة هي مجموعة من القواعد المحددة المصممة لحل مشكلة بعينها.

يزعم أنصار الذكاء الاصطناعي التوليدي أنه مجرد شكل من أشكال التقدم الطبيعي والتحويلي للتكنولوجيا والحداثة. وإن كان بعضهم يحذر من تنظيماته نظراً لتداعياتها السلبية المحتملة، وخاصة على حرية التعبير والإبداع.

ولكن هناك آخرين يعتقدون اعتقاداً راسخاً أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يختلف اختلافاً جوهرياً عن التقنيات التكنولوجية التحويلية الأخرى؛ إذ له القدرة على استنباط وتقديم معلومات جديدة من خلال إمكاناته المعرفية التي تضاهي قدرات البشر في مختلف المجالات، وإن لم تكن قائمة على أسس التعليم المباشر. وهذا يختلف بشكل حاد عن التقنيات التكنولوجية السابقة، والتي كانت تجعل الآلات أكثر كفاءة بواسطة الخوارزميات.

نقاش حول قواعد التنظيم:

يعترف العالم اليوم بأن الذكاء الاصطناعي التوليدي باستطاعته أن يوفر إمكانات عظيمة للتقدم، ولكنه في الوقت ذاته، يأتي مع هذه الإمكانات بتحديات شديدة التعقيد، حتى إن الكثيرين يقرون صراحةً بأنهم لا يستوعبون بصورة كاملة مدى آثار وتبعات استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي الإيجابية والسلبية على حد سواء.

ففريق يزعم أنه وكما كان الحال مع التقنيات السابقة؛ فإن تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي أمر بالغ الأهمية، وخاصة في ضوء عدم القدرة على التنبؤ بقدراته ونطاق إمكاناته في الوقت الحالي. وفريق آخر يعتقد أن هذه التقنية الجديدة ثورية وتحويلية للغاية، ولا يمكن التنبؤ بقدراتها، خاصة بعد أن تم بالفعل إطلاق العنان لهذه القدرات حتى بات تنظيمها على أرض الواقع مستحيلاً. وليس هذا فحسب؛ بل ويضيف هذا الفريق أن أية محاولة للقيام بتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي قد تكون غير مجدية؛ ومن شأنها فقط أن تعطي شعوراً زائفاً بالأمن والرضا عن الذات.

آثار أخلاقية وجيوسياسية:

إن الذكاء الاصطناعي التوليدي يطرح أسئلة تقنية بالغة الصعوبة، تنطوي على عدد من القضايا والمخاوف الأخلاقية بالغة الأهمية، حتى إن الخبراء أنفسهم يختلفون حول إجابات هذه الأسئلة. ومع تطور مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي يتسع نطاق هذه القضايا والمخاوف. حتى إننا إذا نظرنا إلى آثار الذكاء الاصطناعي التوليدي من منظور دولي وجيوسياسي، أو من منظور الأمن القومي مثلاً؛ فإننا نقف أمام متغيرات قد ترتجف لها الأبدان.

واليوم ومع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي، هل نشهد تحولاً في طريقة حكم الشعوب والدول من البشر إلى الذكاء الاصطناعي، خاصة مع ما نشهده من تزايد كبير لتأثير هذه التقنية في العلاقات الإنسانية؟ وهل التكنولوجيا ــ وخاصة الذكاء الاصطناعي التوليدي ــ في هذه الحالة ستصبح قيمة مضافة أم عبئاً جديداً؟ وهل ستتطور هذه التقنية لتصبح حليفاً أم عدواً؟ وهل يتحول النموذج التقليدي للعالم المكون من دول متقدمة وأخرى نامية إلى نموذج جديد تتميز فيه الدول ذات القدرات التوليدية للذكاء الاصطناعي عن الدول ذات القدرات التكنولوجية الأقل؟ وهل سيؤدي ذلك إلى توسيع الفجوة بين الفريقين؟

إن هذه الأسئلة كثيراً ما تثار، نظراً للإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي، ولطبيعته المتغيرة، ولعدم القدرة على التنبؤ بقدراته وبالمخاطر المرتبطة بها.

يتم تمويل العديد من التطورات التكنولوجية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي التوليدي، من قبل المجال العسكري؛ ومن ثم، لا يمكن التقليل من شأن المخاطر المحتملة لعسكرة الذكاء الاصطناعي؛ لذا يجب أن نأخذ على محمل الجد إمكانية سباق التسلح الذي ينطوي على القيام باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي. فكيف يُقيّم خبراء الأمن القومي الآثار الأمنية لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي عندما يكون نطاق نشاطه غير محدد مسبقاً وغير متحكم أو مسيطر عليه بالكامل من قبل مستخدميه أو حلفائه أو خصومه؟ وكيف سنفسر أخطاء الذكاء الاصطناعي المحتملة، خاصة مع الأخذ في الاعتبار لطبيعته غير القابلة للتعلم ولتناقص الدور البشري في اتخاذ القرارات العسكرية؟

من الجدير بالذكر أن الدول الأكثر تقدماً عسكرياً قد حاولت التخفيف من تبعات الاستخدام الخاطئ أو غير العقلاني للأسلحة النووية من خلال تطبيق نظام “المفتاح المزدوج”، والذي يتطلب أخذ القرار من أكثر من شخص للتصريح بإطلاق هذه الأسلحة الفتاكة.

إن الجميع اليوم على اختلافهم يشتركون في أن الذكاء الاصطناعي التوليدي موجود بالفعل وأنه ينتشر بسرعة كبيرة وعلى نطاق واسع، وهي حقيقة لا يجادل فيها أحد. ومن هنا تميل أغلبية الآراء إلى أن تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي قد يكون مفيداً. ولكن حتى في هذه الأغلبية، يعترف البعض بأن تحقيق التنظيم الفعّال لاستخدام الذكاء الاصطناعي، على الأقل في الوقت الحالي، قد يكون مستحيلاً من الناحية التقنية.

ضرورات التنظيم:

أتفق مع الآراء القائلة إن الذكاء الاصطناعي التوليدي وُجد ليبقى، وأؤيد الموقف القائل إن إيجاد بعض أشكال التنظيم الدولي لاستخداماته ضرورية. ففي حين أن بعض جوانب الذكاء الاصطناعي قد تكون حالياً خارج نطاق قدراتنا التنظيمية، إلا أن بذل أفضل ما بوسعنا لإيجاد بعض الأطر التنظيمية سيكون بالتأكيد أفضل من ترك الأمور فوضية أو عشوائية بالكامل. أنا لا أدعو إلى إعاقة الابتكار أو التدفق الحر للمعلومات، ولكنني أصرّح بأننا بحاجة إلى مستوى من التنظيم، حتى وإن كان غير كامل؛ لأن من شأنه التخفيف من مخاطر استخدام الذكاء الاصطناعي.

فبعض التنظيم – شريطة أن يكون قائماً على المعرفة العلمية الموثوقة – في جوهره أفضل من اللاتنظيم على الإطلاق. فعلى أقل تقدير، يمكن لهذا التنظيم أن يجعل إساءة الاستخدام أكثر صعوبة، كما أنه سيقلل من مساحة الأخطاء المحتملة، وسيضمن عدم عرقلة الابتكار وحرية التعبير بشكل غير مبرر.

لا يزال هناك الكثير مما يجب فهمه حول الذكاء الاصطناعي التوليدي بالنسبة للعامة – وربما للخبراء أيضاً – ومن الضروري سد الفجوة بين العلم والخيال العلمي فيما يتعلق بفوائد ومخاطر هذه التكنولوجيا الجديدة. وبينما تدرس الأمم المتحدة الذكاء الاصطناعي من خلال العديد من المبادرات؛ فإنني أدعو المؤسسات العلمية المرموقة إلى التعاون في إعداد وثيقة توجيهية حول الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتركيز على ما نعرفه وما لا نعرفه عنه.

سيكون من المفيد – بناءً على المعرفة العلمية القائمة – إرساء أسس تعاونية تطوعية تستغل الذكاء الاصطناعي التوليدي على النحو الأمثل من أجل التنمية الاجتماعية والاقتصادية مع الحماية من تداعياته السلبية. وبالمثل، ينبغي وضع أسس تعاونية لتحقيق أقصى قدر من الفوائد الأمنية القومية مع الحد من الآثار الأمنية السلبية لهذه التكنولوجيا.

فمن المميزات المفيدة للذكاء الاصطناعي التوليدي الشفافية وتيسير الاتصال والاستجابة السريعة. وقد تم التعامل جزئياً مع التجاوزات السابقة التي تضمنت تقنيات منخفضة المستوى من خلال بناء جدران حماية افتراضية. إن تطوير تدابير السلامة ضد إجراءات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي لا تفوضها السلطات العليا بشكل كامل في تطبيقات الأمن القومي الأكثر حساسية؛ من شأنه أن يخدم حتى القوى العسكرية الأكثر تقدماً، خاصةً في خضم التوترات الحالية المتزايدة في عالمنا المستقطب.

هذه الاقتراحات التمهيدية أو المبدئية لا تمثل علاجاً لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي؛ ولكنها تهدف إلى تعزيز فهم قدراته، ودعم الجهود الرامية إلى تسخير إمكاناته وإدارة مخاطره. ففي ظل نظام دولي مليء بعدم المساواة والاستقطاب، يتعين علينا اغتنام كل فرصة هدفها التقدم والوقاية من التكنولوجيا التي قد تفاقم القدرات التدميرية لبعض التقنيات وترفع مخاطر الحسابات الخاطئة المتعلقة بمسائل الأمن القومي.

” يُنشر بترتيب خاص مع مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، أبوظبى ”


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: استخدام الذکاء الاصطناعی التولیدی الأمن القومی من خلال

إقرأ أيضاً:

منتدى «الاتحاد» يقرأ تحديات الذكاء الاصطناعي

طه حسيب (أبوظبي) 
انطلقت أمس فعاليات منتدى الاتحاد التاسع عشر، والذي جاء تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي قاطرة التنمية المستدامة»، وقدم معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، عضو مجلس الوزراء، وزير التسامح والتعايش، كلمة قال خلالها إن المنتدى في دورته التاسعة عشرة، يأتي دائماً استجابة مجتمعية واعية لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في أن تكون الإمارات، وبجميع أفرادها ومؤسساتها، دولة تتطلع إلى المستقبل بثقة، وتنفتح على التطورات كافة في العالم، بوعي وذكاء، وتقوم بدور مركزي ومهم في تحقيق التقدم والنماء في مختلف المجالات، وعلى كل المستويات. 
وقام معالي عبد الله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، بتكريم مجموعة من الجهات المتميزة في توظيف الذكاء الاصطناعي. واستنتج المتحدثون في جلسات المنتدى أن الإمارات أصبحت دولة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال استراتيجيات ومبادرات ومؤسسات علمية واستثمارات كبرى، وتوصل المشاركون إلى استنتاج بأن الإمارات استثمرت في تفوقها الرقمي وأصبحت حاضنة للابتكار، وقادرة على الاستفادة القصوى من تقنيات الذكاء الاصطناعي. وأكد خبراء التكنولوجيا أن الذكاء الاصطناعي فرصة كبيرة للنمو الاقتصادي، ويفتح آفاقاً كبرى للتنمية المستدامة، ودعا المشاركون إلى حوكمة ذكاء اصطناعي، بحيث يصبح قوة للتنمية يراعي الخصوصية والأبعاد الأخلاقية، ولا يقع في فخ التحيز. وشارك في فعاليات المنتدى خبراء عرب وأجانب في الذكاء الاصطناعي، وشهد المنتدى، الذي انعقد بشراكة معرفية مع مركز تريندز للبحوث والاستشارات، حضوراً من الإعلاميين والمسؤولين، وطلاب من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. 
وفي كلمة متلفزة، أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان أن المنتدى في دورته التاسعة عشرة يأتي دائماً استجابة مجتمعية واعية لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة - أعزه الله - في أن تكون الإمارات، وبجميع أفرادها ومؤسساتها، دولة تتطلع إلى المستقبل بثقة، وتنفتح على التطورات كافة في العالم، بوعي وذكاء. 
وأضاف معاليه أن الإمارات تقوم بدور مركزي في تحقيق التقدم والنماء، في مختلف المجالات، وعلى كل المستويات. وقال معاليه: «إننا اليوم، في هذا المنتدى، إنما نعتز ونفتخر بما يتسم به صاحب السمو رئيس الدولة، من حكمة وشجاعة وبُعد نظر، في الأخذ بأحدث ما في العالم، من نظم وتقنيات». وأشار معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان إلى أن زيارة صاحب السمو رئيس الدولة إلى الولايات المتحدة الأميركية تؤكد أن الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة محور مهم للحوار والتعاون والعمل المشترك، وأداة فعالة لتحقيق الفاعلية والتعاون ووحدة الهدف، في العلاقات بين الدول والشعوب.

خير المجتمع والإنسان
وأشار معاليه إلى أن اهتمام صاحب السمو رئيس الدولة بالذكاء الاصطناعي بالذات، وتأكيده على الإمكانات الهائلة له، وما يترتب عليها من تحقيق الخير للمجتمع والإنسان، في كل مكان، ينعكس بشكلٍ واضح، في قناعته الكاملة بأهمية أن تكون الإمارات سباقة في هذا المجال، قادرةً تماماً، على التنافس الإيجابي والناجح فيه. 
 وأضاف معالي الشيخ نهيان بن مبارك أن «دولتنا، ولله الحمد، وفي ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو رئيس الدولة، لها مكانة متقدمة في مؤشر الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم كله: لدينا، ولله الحمد، بيئة وطنية تدعم العلوم والتقنيات والابتكار، لدينا شراكات عالمية مهمة في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتقنيات عموماً، لدينا وعيٌ كامل بدور الحكومة، ودور قطاعات المجتمع كافة في هذه المجالات، لدينا شركات ومؤسسات، تعمل بنجاح في تطوير هذه التقنيات، لدينا جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، لدينا أيضاً وزارة خاصة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، لدينا فوق ذلك كله استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، تركز على استخدامات هذه التقنيات في الدولة، وبالذات في المجالات ذات الأولوية، بما في ذلك مجالات الطاقة والسياحة والصحة والتعليم، وأمن المعلومات». 
وأوضح أن هذه الاستراتيجية الوطنية تهدف إلى تعميق استخدامات الذكاء الاصطناعي في رفع الإنتاجية وبناء اقتصاد حديث وقوي ومستدام، وتسعى لبناء قدرات وطاقات الوطن في هذا المجال، بما في ذلك سُبل تعزيز قدرة الدولة على التنافس والإنجاز فيه.
مراعاة الجوانب الأخلاقية
 وخلال كلمته في منتدى الاتحاد التاسع عشر، أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان أنه يشير دائماً، باسمه شخصياً، وباسم وزارة التسامح والتعايش، إلى أهمية مراعاة الجوانب الأخلاقية في استخدامات الذكاء الاصطناعي، هناك حاجة واضحة إلى أن تكون القيم والمبادئ الإنسانية جزءاً مهماً في تقنيات الذكاء الاصطناعي.
برمجة التسامح والاحترام المتبادل
وقال معاليه: «إننا في وزارة التسامح والتعايش، وبالتعاون مع صندوق الوطن، ومع بعض كُبريات الشركات التقنية العالمية، قد بدأنا في العمل في مشروع مهم للدعوة إلى برمجة قيم التسامح والاحترام المتبادل، وقيم الرحمة والكرم، والاهتمام بمشاعر الآخرين، والتعرف على ثقافات الغير، في عمل الأجهزة الذكية - سوف يشمل هذا المشروع أيضاً، سُبل بناء قدرات المجتمع على التعامل مع المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي، سواء في ذلك التغيرات المتوقعة في أنماط الوظائف أو سوء استخدام المعلومات والبيانات المتاحة، وعدم احترام الخصوصية فيها، أو وجود تحيز ثقافي أو تفرقة وتمييز بين البشر على أساس العقيدة أو الجنسية أو العِرْق أو غير ذلك من اختلافات قد يترتب عليها تأثيرات سلبية على أفرادٍ أو فئاتٍ أو طوائف معينة، من السكان».
وأوضح معاليه أن الذكاء الاصطناعي، هو الآن جزءٌ من حياة البشر، علينا واجب ومسؤولية في العمل الجاد من أجل تحقيق المنافع المرجوة منه. وفي الوقت نفسه، علينا أن نتعامل بقدرة وكفاءة مع المخاطر والتحديات التي قد تترتب عليه. وقال: «نريد لهذه التقنيات أن تسهم في تشكيل السلوك البشري على نحوٍ إيجابي.. نريد تقنيات، تجسد مبادئ النزاهة والشفافية، وتحافظ على حقوق الناس، وتشجع الجميع على المشاركة في حركة المجتمع والعالم، وتسهم كذلك في تحقيق التقدم الاقتصادي والتطور المجتمعي، وتدعم جهود الاستدامة وحماية البيئة في جميع مناطق العالم، ودون استثناء». 

أخبار ذات صلة الإمارات تواصل جهود إغاثة الأشقاء الفلسطينيين في غزة قرقاش: قلوبنا مع لبنان الشقيق

حمد الكعبي: «الذكاء الاصطناعي» يعني طفرة كبرى في الإعلام الرقمي وزخماً في إنتاج المحتوى
أكد الدكتور حمد الكعبي الرئيس التنفيذي لمركز الاتحاد للأخبار أن «الاتحاد»  تحرص دوماً على أن يكون «المنتدى» نافذة معرفية على المستقبل، ومنصة تواكب طموحات دولتنا ومسيرتها التنموية الرائدة في المنطقة. وقال الكعبي: «بالأمس حلّت الذكرى الخامسة والخمسون لصدور صحيفة الاتحاد، وهي مناسبة نستلهم من رمزيتها العزيمة، ونستمد منها الطاقة الإيجابية، من أجل تعزيز رسالة الإعلام المسؤول، بمحتوى توعوي هادف يواكب رؤية قيادتنا الرشيدة، ويعبر عن آمال مجتمعنا». وقال الكعبي في ذكرى صدور الاتحاد الخامسة والخمسين «إنه منذ انطلاقتها في أكتوبر 1969، وحتى اليوم، تواصل (الاتحاد الصحيفة) التعبير عن (الاتحاد الوطن) بروحه ومعناه وبيته المتوحد، في إطار مهمّتها الكبرى التي اختارها لها الراحل الكبير المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بينما كان يكتب مع إخوانه حكام الإمارات، الحروف الأولى لـ(الوطن الحلم). ومنذ ذلك الحين، كانت (الاتحاد) الشاهد على التأسيس، والمواكب للبناء، والمساند للجهود التنموية الضخمة والمتسارعة التي شهدتها بلادنا». 
وأضاف الكعبي في كلمته بمستهل فعاليات المنتدى، أنه مع التطور المتسارع الذي يشهده قطاع الإعلام، تمسك «الاتحاد» بزمام المبادرة، لتمضي في تعزيز آليات رسائل حضارية وإنسانية، تسرد من خلالها قصة وطن هو الأكثر تقدّماً في المنطقة.
وأكد الكعبي أن «الاتحاد» في ذكرى صدورها دأبت على تنظيم منتدى سنوي يمثل منصة لقراءة التحديات الراهنة، وتحليل المستجدات التي تهمّ مجتمعنا ومنطقتنا، وأضاف أن النسخة التاسعة عشرة من المنتدى تأتي تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي.. قاطرة التنمية المستدامة»، لمناقشة آفاق الذكاء الاصطناعي وتحدياته، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي أصبح محور تميز في مسيرة الإمارات التنموية، ينسجم مع أهداف «مئوية الإمارات 2071»، بعدما أصبح مساراً واعداً سيتضاعف الإنفاق العالمي عليه بحلول عام 2028 ليصل إلى 632 مليار دولار. 
وأشار الكعبي في كلمته إلى مواكبة «الاتحاد» للطفرة التقنية، على الصعيد الإعلامي، وفي 19 نوفمبر 2022 كان لصحيفة «الاتحاد» السبق في المنطقة العربية بنشر أول مقال مكتوب بتقنيات الذكاء الاصطناعي بنسبة 100%، من خلال «نموذج نور» للمعالجة الطبيعية للغة العربية، وهو الأكبر من نوعه في العالم، الذي أطلقه معهد الابتكار التكنولوجي في أبوظبي.
وأضاف رئيس مركز الاتحاد للأخبار أنه بعد «المقال الذكي»، اتخذنا خطوات أخرى كثيرة، لتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار ومنصات البث التلفزيوني والرقمي، بابتكار أنماط متنوعة من المذيع الافتراضي، الذي يحاكي ثقافتنا وينطق بلغتنا، إضافة إلى تقنيات «الصحفي الذكي» و«المتحدث الذكي». 
نؤمن بأن «الذكاء الاصطناعي» يعني طفرة كبرى في الإعلام الرقمي، وزخماً في إنتاج المحتوى في أقصر وقت ممكن وبجودة عالية، ويفتح الباب واسعاً لتطوير وتسريع التحول الرقمي، ويسهم بقوة في التحقق من دقة البيانات وضمان أعلى معايير الجودة في تقديم الخدمة الإخبارية للجمهور.
وبهذه المناسبة، نؤكد انطلاقتنا المتواصلة في «مركز الاتحاد للأخبار» نحو التحول الرقمي، واستثمار كل ما هو جديد من تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما يعزز المحتوى، ويضمن تطوير الخدمة الإخبارية، القادرة على الوصول لفئات المجتمع كافة.
تساؤلات من أجل تقنيات آمنة
دعا معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان إلى أن تكون تقنيات الذكاء الاصطناعي آمنةً، لا يمكن اختراقها أو التلاعب بها، وملتزمة تماماً بمعايير ومستويات واضحة مُتفق عليها، للعمل والأداء. وقال معاليه: «نريد أن نتأكد دائماً من وجود أساليب فعالة للحماية من المخاطر المحتملة لهذه التقنيات. إننا في وزارة التسامح والتعايش، وبالتعاون مع صندوق الوطن، نسير قدماً وبعون الله، في البحث والدراسة حول عددٍ من الأسئلة المهمة في هذا السياق، هي: كيف يمكن إعداد الإنسان للعمل والحياة في عصر الآلات الذكية؟ كيف يمكن التعامل مع الآثار السلبية المتوقعة وغير المتوقعة لتقنيات الذكاء الاصطناعي؟ كيف يمكن تعليم وتوعية مستخدمي هذه التقنيات بالمخاطر المحتملة لها، وسُبل التعامل الفعَّال معها؟ ثم كيف يمكن العمل مع المبرمجين ومطوري هذه التقنيات من أجل أن تكون هذه التقنيات وسيلة لتعميق المعرفة والتفاهم والحوار بين البشر، ولتحقيق المساواة في التنمية بين دول العالم وسكانه، وبما يسهم في بناء مجتمعات بشرية: صالحة، ومنتجة، ومسالمة، في كل مكان؟ باختصار شديد، كيف تكون تقنيات الذكاء الاصطناعي، تقنيات مسؤولة وآمنة تخدم المجتمع والإنسان، في كل مكان؟
 إننا في هذا السياق، على استعداد كامل للعمل مع الجميع في هذا المشروع الواعد والمهم، وذلك عن قناعة كاملة، بأن التعاون والعمل المشترك، هما الطريق الأكيد إلى تنمية قدرات إماراتنا الحبيبة، على الإبداع والابتكار والإنجاز في مجالات الحياة كافة.
أعود، أيها الإخوة والأخوات، فأقدم لكم التحية مرةً أخرى، وأتمنى لكم النجاح والتوفيق في جهودكم من أجل الإسهام في تمكين المجتمع من الاستعداد الكامل للتعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي بنجاح - وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يحفظ الإمارات، وأن يديم علينا نعمة القيادة الرشيدة لصاحب السمو رئيس الدولة، وما لديه من حكمةٍ وشجاعة وبُعد نظر، ورؤيةٍ واثقةٍ للمستقبل.
أشكركم جميعاً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

مقالات مشابهة

  • نحتاج إلى التفكير بشكل مختلف حول الذكاء الاصطناعي
  • الكتابة الإبداعية في زمن الذكاء الاصطناعي
  • أستاذ علوم كمبيوتر: هناك مخاوف من مخاطر وسوء استخدام الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يضع "تسلا" و"وارنر براذرز" في مأزق
  • منتدى «الاتحاد» يقرأ تحديات الذكاء الاصطناعي
  • الجلسة الثانية في «منتدى الاتحاد»: الذكاء الاصطناعي التوليدي.. فرص ومخاطر
  • الذكاء الاصطناعي يتوقع مقتل أكبر عدد من البشر بحلول 2050
  • وظائف بنك مصر في مجال الذكاء الاصطناعي.. اعرف الشروط
  • الذكاء الاصطناعي (رؤية المستقبل)