رسالة السنوار الأخيرة: قاوم ولو بعصا!
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
يستمر العدو الصهيوني في غبائه الإعلامي الذي إن دل على شيء فإنما يدل على عقليته السيكوباتية المريضة! فقد حاول أن يُظهر يحيى السنوار بأنه مكسور منهزم ذليل في آخر لحظاته، محاصر في مبنى مهجور، ثم جثة هامدة بعد أن قُصف المبنى الذي حوصر فيه.
ولكن الحقيقة أن هذه الصور قد خلدت صورة السنوار في ذهنية الشارع العربي، في أبهى صور المقاومة وعدم الاستسلام.
استثمار الوقت
لقد أعتقل يحيى السنوار وعمره سبعة وعشرون عاما فقط، ثم خرج وهو على أعتاب العقد الخامس، ولكنه طوال الفترة التي قضاها في السجن كان دائم التفكير في الوطن وكيفية تحريره من الاستعمار الصهيوني، فقام بدراسة المجتمع الإسرائيلي واستطاع ان يفهم عقليته بل وتمكن من تعلم اللغة العبرية وبدأ التحدث بها بطلاقة، وكان حريصا على استثمار الوقت، وكأنه في سباق مع الزمن، وقد تحدث الكثيرون عن حرصه على ارتداء ساعة يده حتى وهو في المعتقل، رغم أن الوقت لا معنى له خلف القضبان، فما بالكم بسجينٍ حُكم بالمؤبد أربع مرات مع خمسة وعشرين عاما إضافية!
خرج السنوار من السجون الإسرائيلية بعد اثنين وعشرين عاما، وهنا بدأ سباقه الحقيقي مع الزمن، وكان أول أمر استرعى انتباهه هو ذلك السياج الذي يحيط بغزة ويحاصرها، فسأل رفاقه قائلا لماذا لا تكسرون هذا السياج؟! قالوا له إن الأمر معقد أكثر مما تظن، فقال “سأكسر هذا السلك!!”.
هل كان من باب الصدفة أن صور استشهاده أظهرت لنا بكل وضوح ساعة يده التي يحرص على ارتدائها دائما مراعيا الوقت، جاهدا لاستغلاله في أفضل صورة، حتى وهو محاصر في غزة، تحت الأرض وفوق الأرض، وحتى وهو يخوض معركته الأخيرة!
وهل كان من باب المصادفة، أنه في اشتباكه الأخير مع العدو، “كسر السلك” وربطه على ذراعه اليمنى التي أصيبت إصابة خطيرة حتى يوقف النزيف، كي تترسخ صورته في اذهان أجيال كاملة، بأنه من “كسر السلك” في مواجهة الصهاينة مرتين، مرة حين حطم السياج وكسر صورة “الجيش الذي لا يُهزم”، ومرة حين حاصره جنود العدو المدججون بالسلاح، فلم يفقد رباطة جأشه، واستطاع رغم كل الجراح التي أثخنت جسده، أن يحاول ترميم ذراعه ووقف نزيفها، حتى لا يفارق الحياة، قبل أن يرمي بآخر ما في جعبته!
لا أعتقد أنها من باب المصادفة، فرسولنا الكريم قال من عاش على شيء مات عليه، وهذه النهاية بهذه التفاصيل، وكل هذه الرمزيات في المشهد، لم تكن عفوية بالمرة، بل هي نتيجة عقيدة ومنهج عاش عليهما حياته كلها، واستشهد في سبيلهما.
هناك صورة شهيرة جدا للسنوار وهو يتحدى الاحتلال جالسا على أريكة ممزقة على أنقاض منزله الذي دمر من القصف الإسرائيلي، مبتسما، ولسان حاله يقول هنا باقون ما دام الزعتر والزيتون!
وفي لحظاته الأخيرة، لجأ السنوار إلى منزل آيل للسقوط، يلتصق الغبار فيه بأنفاس الهواء، كانت يده اليمنى معطلة عن الحركة، مربوطة بسلك كي لا تسقط، بكل معنى الكلمة، وقدمه اليسرى مصابة إصابة شديدة، تمنعه من الوقوف، فكان أن توجه إلى أريكةٍ ممزقة أكل عليها الدهر وشرب، فجلس عليها، متحديا جنود الاحتلال مرة أخرى، متسلحا بحُطامٍ من أثاثٍ مكسور، ألقاه على مسيرة إسرائيلية أرسلها جنود جبناء، لم تمدهم ترسانتهم بالثقة اللازمة لاقتحام المبنى بأنفسهم!
كانت رسالة السنوار الأخيرة لنا جميعا: قاوم ولو بعصا، قاوم ولو بحجر، بكلمة إن لم يكن برصاصة!
في بداية حياتي الوظيفية اشتركت في دورة متقدمة لتعلم المحادثة باللغة الإنكليزية، في المعهد الثقافي الأمريكي في عمان، وقد طُلب منا في أحد النشاطات أن نكتب مقالا عن أحد الأفلام الأجنبية التي أثارت اهتمامنا وأن نقرأه أمام الطلاب الآخرين.
قررت أن أكتب عن فيلم “القلب الشجاع” للمخرج والممثل ميل جيبسون، وقد كان رائجا في ذلك الوقت. وبعد أن بدأت في الكتابة تساءلت لماذا لا أكتب عن فيلم يخص قضايانا العربية، ثم خطرت لي فكرة أن أكتب عن فيلم “عمر المختار”، وبالفعل كتبت عن ذلك الفيلم وعن الصراع العربي مع الاستعمار الغربي في المنطقة، وأنهيت كلمتي بالجملة التالية، “سوف تأتي أجيال من بعدي تقاتلكم، أما أنا فإن عمري سيكون أطول من عمر سجاني”.
هذه الجملة بالتحديد قفزت إلى ذهني وأنا أتابع الأخبار وأتفحص الصور التي انتشرت مثل النار في الهشيم بعد إعلان استشهاد السنوار.
لقد خاض السنوار معركته الأخيرة فألقى ما في جعبته من ذخيرة وأطلق رصاصته الأخيرة، وجلس على الكنب لأنه صاحب البيت متحديا سجانه، وقاتِلَهُ، ثم تسلح بما أمكن له أن يلتقط من الأرض، ورمى عدوه به، لم يستسلم بعد أن تعطلت ذراعه وقدمه، حتى بعد أن أدرك أنه ملاقٍ حتفه لا محالة، لم يُهادن ولم يُفاوض ولم يستسلم!
من أجل هذا كله، سيعيش السنوار في ذاكرة ومخيلة الفلسطينيين والعرب والشرفاء في هذا العالم، وسيعيش في كتب التاريخ إلى الأبد، أما سجانوه وقاتلوه، فلن يأتِ على ذكرهم إلا النزر القليل!
الشهادة
لقد بكيتك يا أبا إبراهيم، نعم بكيتك، وأنا لا اذكر أني قد بكيت على موت شخصية عامة من قبل!
بكيتك لأني شعرت بالانكسار، لم أكن أتمنى أن أكتب كلماتي هذه في رثائك بل كنت أمنيّ النفس أن أكتبها احتفالا بالنصر، أي نصر، حتى ولو كان ناقصا أو مرحليا، أما الشهادة فهي تنفع صاحبها، ماذا نفعل نحن من بعدك، وقد كانت شهادتك شهادة علينا!
القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة غزة استشهاد السنوار غزة المقاومة استشهاد السنوار مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أن أکتب بعد أن
إقرأ أيضاً:
حدث ليلا: تصعيد أوكراني خطير على روسيا.. وشمال إسرائيل يحترق.. وذكرى أربعين السنوار| عاجل
خلال الساعات الماضية، كانت هناك العديد من الأحداث التي أشعلت الساحة العالمية، بداية من تحقيق كشفت عنه القناة 12 العبرية عن كيف باغت قائد حركة حماس يحيى السنوار المستوى السياسي والعسكري الإسرائيلي، وحزب الله يشن أكبر هجوم على دولة الاحتلال، وتل أبيب تشتعل، وتقارير إعلامية تكشف عن اقتراب وقف إطلاق النار في لبنان، وهجوم أوكرانيا على مقاطعة كورسك .. فماذا حدث ليلا؟
السنوار يفشل مخطط إسرائيليوبالتزامن مع ذكرى مرور 40 يومًا على استشهاد قائد حركة حماس يحيى السنوار، كشف تحقيق أجرته القناة 12 الإسرائيلية، أن رونين بار رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي كان قد تقدم بمخطط للهجوم على قطاع غزة واغتيال قيادات حركة حماس في 1 أكتوبر 2023، أي قبل تنفيذ عملية طوفان الأقصي بـ6 أيام فقط.
وأضافت القناة العبرية، إن مخطط بار لاقي موافقة المستوى العسكري، حيث أوصي رئيس الأركان هرتسي هاليفي بتنفيذه، واجتمع المستوى السياسي والعسكري بحضور رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
وأوضح التقرير، أنه بينما كان يتم الاتفاق على كيفية تنفيذ المخطط، باغت يحيى السنوار إسرائيل في السابع من أكتوبر ونفذ عملية طوفان الأقصى، والتي تعبر عن فشل المنظومة الأمنية الإسرائيلية، والتي لا تزال قيد التحقيق حتى الآن .
تل أبيب تشتعلوقال بيان لجيش الاحتلال ونقلته صحيفةواينت العبرية، أن حزب الله أطلق نحو 10 صواريخ تجاه وسط الأراضي المحتلة «تل أبيب» والتي سقط معظمها في أماكن مفتوحة وأسفرت عن وقوع إصابات واشتعال النيران في بعض المباني.
وأضاف البيان أنه يتم التحقيق في أسباب فشل المنظومة الدفاعية القبة الحديدية في اعتراض صواريخ حزب الله، بينما بسبب اطلاق صفارات الإنذار أسفرت عن شلل في حركة مطار بن جوريون لساعات طويلة.
فيما أعلن حزب الله أن قصف تل أبيب جاء نتيجة تغير العقيدة القتالية حيث أصبحت «بيروت مقابل تل أبيب».
مجزرة الميركافافيما أعلن حزب الله أنه دمر خلال ساعات 6 دبابات من نوع ميركافا خلال ساعات الليل والتي يعتبرها جيش الاحتلال «فخر الصناعة الإسرائيلية» خلال اشتباكات عنيفة وقعت في جنوب لبنان مساء يوم الأحد.
وأشار البيان إلى أن 5 من الدبابات دُمرت عند الأطراف الشرقية لبلدة البياضة الاستراتيجية الساحلية، بينما استُهدفت دبابة سادسة عند الأطراف الغربية لبلدة دير ميماس، عندما كانت تحاول سحب دبابة أخرى مدمرة.
صفارات الإنذار تدوي 541 مرةكشفت صحيفة واينت العبرية، أن صافرات الإنذار دوت أكثر من 541 مرة على مدار أقل من 24 ساعة بسبب هجمات صاروخية مكثفة نفذها حزب الله من جنوب لبنان.
حيث أطلق حزب الله نحو 255 صاروخًا باتجاه الأراضي المحتلة، وانطلقت الإنذارات في 100 مستوطنة، بما في ذلك وسط البلاد، في أكبر موجة إنذارات منذ الحرب.
شمال إسرائيل يحترق وإصابات مؤكدةوقالت صحيفة معاريف العبرية، أن حزب الله شن أكبر هجوم على شمال الأراضي المحتلة، بأكثر من 250 صاروخ، وكانت حيفا أكثر المدن تضررًا، حيث أسفرت الهجمات عن إصابة أكثر من 20 مستوطنًا، تدمير منازل، واندلاع حرائق في المباني
وصف الإعلام الإسرائيلي كثافة الهجمات بأنها غير مسبوقة، مما تسبب في حالة من الهلع بين السكان، حيث هرب نحو 4 ملايين مستوطن إلى الملاجئ خلال الساعات الماضية، حسبما أفادت قناة القاهرة الاخبارية.
اقتراب وقف إطلاق النار في لبنانوكشفت وسائل إعلام أمريكية عن اقتراب الوصول إلى تسوية لوقف إطلاق النار في لبنان، حيث يتوقع أن يتوصل الفريقين إلى اتفاق بحلول نهاية الأسبوع حسبما أفاد موقع أكسيوس العبري.
فيما قالت صحيفة يسرائيل هيوم العبرية، أن نتنياهو يميل إلى التسوية مع لبنان، خاصة وأنه متخوف من أن يكون هناك تحركات أحادية الجانب من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لكنه يرغب في وجود ضمانات أمريكية بحرية التدخل الإسرائيلي في حال مخالفة حزب الله للهدنة.
يأتي هذا في الوقت الذي أعلنت فيه هيئة البث الإسرائيلية أنه تم التوصل لتسوية بين لبنان والاحتلال، وأن نتنياهو يفكر في طريقة لإعلانه.
600 مقبرة عسكرية إسرائيلية جديدةوكشف موقع والا العبري عن أن جيش الاحتلال قرر إضافة 600 مدفن جديد إلى المقبرة العسكرية في جبل هرتسل وتحويل مسافة 7.7 دونيم «الدونيم يساوي 1000 متر» والمخصصة للمدنيين لاستخدامها في دفن القتلى العسكريين، لاستيعاب قتلى الحرب في غزة ولبنان، وهو ما آثار التساؤلات حول الخسائر الحقيقة في صفوف جنود الاحتلال.
يأتي هذا في الوقت الذي أعلن فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلنت مقتل 793 جنديًا وضابطًا منذ بداية الحرب، مع إصابة 5346 آخرين.
أوكرانيا تهاجم مقاطعة كورسكوكشفت وكالة «رويترز»، بأن أوكرانيا شنت هجومًا كبيرًا على مقاطعة كورسك الروسية باستخدام صواريخ غربية، وفق ما أفادت قناة إكسترا نيوز.
فيما أعلنت روسيا عن إسقاط 7 صواريخ و7 طائرات مسيرة أوكرانية فوق مقاطعة كورسك، وفق ما أفادت قناة «القاهرة الإخبارية»