عربي21:
2024-10-23@03:32:18 GMT

استفتاء واسع لصالح خيار المقاومة

تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT

لم يكن استفتاء مرتبا على الطريقة الرسمية العربية لا يجلب إلا التندر والازدراء. كان استفتاء عفويا تداعت له جماهير عربية واسعة مع أنه لم يكن محددا بيوم معين بل فرضته الأحداث على الجميع دون سابق إعلام أو إعداد.

من أعطى إشارة الانطلاق لهذا الاستفتاء لم يكن سوى استشهاد يحيى السنوار بتلك الطريقة الدرامية التي خلدته مقاتلا مدافعا بشراسة عن أرضه وشعبه إلى آخر رمق، وانتشار لقطاته الأخيرة التي سفهت كل ما أراد الاحتلال ترويجه لأشهر من أن الرجل مختبئا في الأنفاق، أو بين المدنيين أو الأسرى الإسرائيليين متخذا منهم دروعا بشرية.



كان استفتاء داعما لخيار المقاومة ضد الاحتلال رغم كل الدمار والمآسي والتضحيات التي لم تتوقف يوما منذ أكثر من عام، وهو الاستفتاء الذي تجلى على أكثر من مستوى:

الفلسطيني التنظيمي: لم يتأخر تنظيم فلسطيني واحد عن نعي رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” رغم أن رمزيته تختلف كثيرا عن سلفه الشهيد إسماعيل هنية لأن اسمه ارتبط شخصيا بما جرى في السابع من أكتوبر العام الماضي وبالتالي صُور نهائيا “إرهابيا وقاتلا” في كل الدوائر الرسمية الغربية. كل ذلك لم يمنع حركة “فتح” من نعيه ولا اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مما خلق إجماعا واضحا هاما جدا في هذه المرحلة.

العربي الشعبي: لقد كانت صلاة الغائب في الكثير من المساجد العربية والدعاء للرجل بالرحمة في صلوات الجمعة مؤشرا بالغ الدلالة، تماما مثل اندفاع آلاف الشباب في ملاعب كرة القدم للهتاف باسمه ورفع صوره.

حدث كل ذلك بالرغم من أن الحكومات العربية لم تجد من الجرأة ما يجعلها تتخذ أي موقف لما يسببها لها ذلك من تبعات مع الإدارة الأمريكية ومع إسرائيل نفسها بالنسبة لمن يحتفظ معها بعلاقات طيبة فوق الطاولة أو تحتها، لكن ذلك لم يمنع مؤسسة دينية محترمة مثل الأزهر من أن تشق عصا تحفظها الشديد وتخرج بموقف يمجد خيار المقاومة ويعطي الشهيد حقه من الاحترام والتبجيل، عكس ما يقوم به بعض من يحسبون على الإسلام في فرنسا مثلا من تماه مقزز مع كل ما تقوله إسرائيل وداعموها.

الغضب الواسع من الإعلام العربي المعادي: مع أن الكثير أعربوا طوال الأشهر الماضية عن امتعاضهم من بعض وسائل الإعلام العربية التي استمرأت تشويه نضال الفلسطينيين ضد الاحتلال إلا أن وصول الأمر إلى حد وصم السنوار بالإرهاب مع آخرين كثر في تبرئة فظيعة للاحتلال وجرائمه أصبح مستفزا للغاية.

هذا الغضب تجلى بأشكال مختلفة، العنيف منه مثل ما حصل في بغداد من هجوم على مقر القناة التلفزيونية صاحبة تلك السقطة، وغيره على غرار التشنيع الواسع بهذا الإعلام في كل مواقع التواصل الاجتماعي بشكل لاذع للغاية. إن نظرة سريعة إلى عدد المشاهدين الهزيل للغاية لهذه القنوات العربية المجاملة للاحتلال والمتحاملة على المقاومة عبر “يوتيوب” مثلا تغني عن أي تعليق.

استمرار موجة الشباب العالمي المتضامن: مع إن اسم السنوار وحده كفيل بالنسبة لكثيرين من المؤيدين الأجانب للفلسطينيين بأخذ مسافة معينة من حادثة مقتله، لتجنب تصنيفهم المباشر والسهل بدعم الإرهاب والترويج له، لكن ذلك لم يمنع الكثير منهم من التعبير، من خلال مواقع التواصل المتعددة، على الأقل عن سفاهة الصورة التي أراد الاحتلال ترويجها عن الرجل والتي انهارت مع تلك الصور ولقطة المسيّرة وهو يرمي بعصاه عليها.

وعلى ذكر الأجانب، فقد كان لافتا حتى قبل مقتل السنوار مدى ما باتت تثيره تصريحات المسؤولين الغربيين من استنكار وغضب خاصة عندما تصل في فحشها ما صرحت به وزيرة الخارجية الألمانية من أن المواقع المدنية مثل المدارس والمستشفيات تفقد حصانتها إذا ما لاذ بها “الارهابيون”.

من المثير هنا، لو سلمنا جدلا بهذا المنطق الذي يتنافى بالمناسبة مع القانون الإنساني الدولي، أن نعرف موقف نفس الوزيرة لو أن أحد الإرهابيين الألمان تحصن بمدرسة أو مستشفى أو سوقا شعبية، هل كانت ستبدي نفس الحماسة لقصف هذه المواقع بالطائرات للتخلص منه ولو ذهب ضحية ذلك عشرات الأطفال والنساء؟!!

لقد تهرأت تماما مقولة “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها” من فرط استعمالها المتعسف مع أن لا شيء في القانون الدولي يعتبر عنف وقتل قوة محتلة لشعب تحت الاحتلال “دفاعا عن النفس”، في حين أن القانون الدولي ذاته يقر بحق الشعوب في مقاومة الاحتلال ومع ذلك يحرف هذا الحق ليصبح ببساطة “إرهابا”.

لقد مل الناس من هذا النفاق الغربي المستفز للغاية لكن المأساة في حادثة السنوار أن بعض العرب باتوا صهاينة فعلا قلبا وقالبا فيما جاء الرد المفحم من حيث لم يحتسب الكثيرون حين تحول أبغض رجل لدى الغرب والإسرائيليين إلى مدعاة فخر للفلسطينيين والأغلبية الساحقة من العرب في استفتاء عجيب قد لا يفهمه هذا الغرب، وربما يفهمه لكنه يفضل أن يكون مع القاتل على أن يكون مع الضحية.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال المقاومة غزة الاحتلال المقاومة استشهاد السنوار مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

يحيى السنوار .. قائد استثنائي في زمن التخاذل

يمانيون – متابعات
سجلّ القائد يحيى السنوار على مدى ما يقارب خمسة عقود اسمه في أنصع صفحات التاريخ الحديث بمقارعته لكيان العدو الصهيوني، حتى وهو يقبع خلف القضبان لنحو 23 سنة، ليختم حياته بالشهادة في سبيل الله مقبلاً غير مدبر وكرار ليس فرار في مواجهة العصابة الصهيونية.

البطل يحيى السنوار، كان له نشاط طلابي بارز خلال مرحلة الدراسة الجامعية، امتلك مهارات قيادية وحنكة سياسية وعسكرية، أهلّته لتولي أدوار قيادية في حركة حماس بعد تأسيسها عام 1987 خلال انتفاضة الحجارة، فضلاً عن إسهامه البارز في كتائب القسام.

وبالرغم من الظروف الصعبة الناجمة عن الاعتداءات والمضايقات المتكررة لكيان الاحتلال الإسرائيلي لسكان المخيمات، ومنها مخيم “خان يونس” الذي وُلد فيه الشهيد، كرس نشاطه الجهادي في مواجهة الكيان الغاصب في الصفوف الدراسية للتعليم الأساسي، قبل أن يلتحق بالجامعة الإسلامية بغزة ويتخرج منها بدرجة البكالوريوس في شعبة الدراسات العربية.

المناضل السنوار ” أبو إبراهيم”، يُعدّ من مؤسسي الجهاز الأمني لحركة حماس، الذي أُطلق عليه اسم “جهاز الأمن والدعوة “مجد” عام 1985، وهو جهاز متخصص في ملاحقة المتهمين بالتجسس لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وتدّرج في العمل القيادي لحركة “حماس” بتوليه منصب رئيس المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة منذ 13 فبراير 2017م.

لم تقتصر مهمة القيادي السنوار على نشاطه السياسي، خارج معتقلات الكيان الصهيوني التي سُجن فيها عدة مرات، لكنه مع ما يمتلكه من فطنة وموهبة قيادية، مارس العمل السياسي والجهادي من داخل المعتقلات الصهيونية بتوليه قيادة الهيئة العليا لأسرى حماس في السجون، وساهم في إدارة المواجهة مع مصلحة السجون خلال سلسلة من الإضرابات عن الطعام، بما في ذلك إضرابات 1992 و1996 و2000 و2004م.

ومنذ إطلاق سراح القائد السنوار عام 2011، بصفقة تبادل للأسرى بين الحركة وإسرائيل مقابل جلعاد شاليط بعد الفشل في تخليصه خلال العدوان الذي شنته إسرائيل على القطاع نهاية 2008م، اُنتخب عضوا في المكتب السياسي لحركة حماس عام 2012 وتولى مسؤولية الجناح العسكري لكتائب عز الدين القسام، وشغل مهمة التنسيق بين المكتب السياسي للحركة وقيادة الكتائب، وصولاً إلى تولي رئاسة الحركة بعد استشهاد إسماعيل هنية.

عكف “أبو إبراهيم”، على مدى سنوات لوضع خطط وإستراتيجيات عسكرية، لاستهداف كيان العدو الصهيوني، تُوّجت بعملية “طوفان الأقصى” التي كان العقل المدبر لتنفيذها في الميدان، وما نتج عنها خلال الساعات الأربع الأولى من اقتحامات لمواقع عسكرية صهيونية، وقتل وإصابة وأسر عدد من الصهاينة من خلال مختلف الوسائل والإمكانيات التي امتلكتها المقاومة الفلسطينية لتنفيذ هذه العملية التي أذهلت العالم أجمع.

وبعد تنفيذ عملية “طوفان الأٌقصى” المباركة، اختل توازن الكيان الصهيوني والداعمين له من قوى الهيمنة والاستكبار العالمي بقيادة أمريكا وبريطانيا، نتيجة فشل وعجز الكيان الغاصب بما يمتلكه من أجهزة استخباراتية وتقنيات تكنولوجية متطورة وأسلحة ومعدات حديثة ترصد كل تحركات أبطال المقاومة الفلسطينية في غزة وكل فلسطين.

شكّلت معركة “طوفان الأقصى” مرحلة جديدة من مسار النضال الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني، ومبشرة في الوقت ذاته بقرب زواله وتحرير الأراضي المحتلة من رجس الصهاينة بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، ووضعت إسرائيل في الحضيض لفشلها بالرغم من أن جيشها كان يوصف بالجيش الذي لا يُقهر.

ولعل من الدروس المستفادة من “طوفان الأقصى”، تعرّي الأنظمة العميلة وفضحها إزاء مواقفها المتخاذلة تجاه قضية الأمة الأولى والمركزية “فلسطين”، بالرغم مما ارتكبه وما يزال كيان العدو بدعم أمريكي وأوروبي من حرب إبادة جماعية يندى لها جبين الإنسانية منذ أكثر من عام، وليس ذلك فحسب، وإنما وصل الحد بها لمجاهرة وسائل إعلامها بوصف أبطال المقاومة الفلسطينية واللبنانية بالإرهابيين، وموقف قناة “mbc” السعودية غير بعيد.

القائد يحيى السنوار، وبالرغم من إنشغاله بمجريات المعركة وأحداثها وتداعياتها على أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، لم ينس موقف اليمن المساند للشعب الفلسطيني وقضيته وثبات موقف السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي الاستثنائي خلال المرحلة الراهنة، في دعم المقاومة الفلسطينية وإسنادها عسكرياً وسياسياً وإعلامياً.

وما الرسالة التي بعثها “أبو إبراهيم” للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، إلا شاهداً على ما تكنه المقاومة الفلسطينية من تقدير للموقف اليمني وقيادته، المؤكدة على عمق الشراكة الفلسطينية – اليمنية، في مواجهة الاحتلال الصهيوني وفعالية العمليات العسكرية النوعية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية نصرة للشعب الفلسطيني.

عاش القائد المغوار يحيى السنوار، الرجل الاستثنائي في زمن التخاذل، بطلاً يقارع الاحتلال الصهيوني على مدى 50 عاماً، مجاهداً في سبيل الله ونصرة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ومن أجل تحرير كل فلسطين من الاحتلال الصهيوني الغاصب، ومات بطلاً ويديه على الزناد في مواجهة كيان الاحتلال في صورة لم يشهد لها العالم مثيلاً في تاريخها المعاصر.
سبأ

مقالات مشابهة

  • مقاومة المحتل.. خيار الشعوب الأسمى ومحور التأثير الأقوى
  • سلفي مصري متصهين يسخر من استشهاد السنوار.. وسخط واسع (شاهد)
  • ‏الشرطة الإسرائيلية تعلن إيقاف 7 أشخاص يشتبه بأنهم تجسسوا لصالح إيران في القدس
  • داعية سلفي مصري يسخر من السنوار بعد استشهاده.. وسخط واسع (شاهد)
  • ما السبع المهلكات التي يخشاها نتنياهو؟
  • كيف سيؤثر المشهد الأخير في حياة السنوار على المقاومة؟
  • استشهاد السنوار وتصاعد المقاومة.. كيف تتجاوز حماس صدمة اغتيال القادة؟
  • يحيى السنوار .. قائد استثنائي في زمن التخاذل
  • مشعل: حماس ثابتة على خيار المقاومة رغم استشهاد السنوار