بوتين: زيارة مثمرة
بشكل عام، تُقيم زيارات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، إلى أي دولة مهما كان حجمها من قبل دوائر صناعة القرار العالمي بأنها: ذات قيمة استراتيجية قبل أن تكون إضافة معنوية ومادية.
والسبب، أن مخرجات زيارات سموه ذات مردود إيجابي سواءً على مستوى الدولتين الإمارات والدولة التي يزورها، وهذا هو العرف الدبلوماسي في العلاقات الدولية، أو كذلك على مستوى العالم.
وبالتأكيد أن الزيارة ستكون لشمل كل الجوانب الاقتصادية والسياسية وغيرها من مجالات التعاون الثنائي وكذلك الاهتمامات الدولية لأن هذا هو نهج دولة الإمارات من خلال فكرة الشراكات الاستراتيجية.
ومن باب التأكيد لما نقوله، فأغلبنا يتذكر قمة مجموعة العشرين التي عقدت في العاصمة الهندية، نيودلهي، في سبتمبر من عام 2023 عندما تفاجأ العالم بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن يردد كلمة شكراً “ثلاث مرات” صاحب السمو رئيس الدولة “حفظه الله” أمام الجمع العالمي. حيث كان قد بادر سموه بفكرة أو مبادرة عالمية محتواها التعاون بين الشرق الجغرافي بالغرب الجغرافي مرور بمنطقة الشرق الأوسط وذلك بهدف تغيير قواعد السلوك المدمر للمنطقة لتكون الشركة الاقتصادية هي أساس هذه القواعد لمساعدة على الدول خلق أسس للتقارب بين بعضها من خلال”الربط الاقتصادي”.
مثل هاتين الإشادتين اللتين جاءتا من أكبر دولتين في العالم وبينهما صراع عسكري وتنافس جيوستراتيجي لأكثر من عامين، ممكن أن تسمعها من العديد من قادة العالم، ولكن المهم فيما ذكرتهما أن الاثنين “أمريكا وروسيا” يتفقان على أهمية حضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لأي محفل أو زيارة الأمر الذي يشير إلى المهارة الدبلوماسية التي وصلتها دولة الإمارات في التوازن في العلاقات الدولية. وبالتالي علينا كمراقبين لهذه الزيارة ألا نتفاجأ كثيراً أو نستغرب عندما نجد مبادرة إماراتية خلال هذه القمة تحمل رسالة لاستقرار العالم وتحقيق السلام لأن هذا همه الرئيس لكل جولاته العالمية.
وإذا كان نجاح الوساطة الإماراتية التاسعة خلال عام 2024 فقط لتبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا يوم السبت الماضي وشملت (190) أسيراً مناصفة؛ تعطي أملاً للرأي العالم العالمي فيما يمر فيه من انتظار وترقب وما يعيشه من حالة عدم الاتزان النفسي والسياسي خاصة وأن الرئيس الروسي أشار خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده يوم الجمعة بأن بلاده منفتحة على الوساطة لإيجاد حل سلمي في هذه الحرب فإن علينا أن ندرك أن هذه الوساطات تعكس التزام دولة الإمارات بإيجاد حل سلمي وإجراء الحوار لحل هذه الأزمة والأزمات الأخرى في العالم منها ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط من صراع إسرائيلي إيراني.
كثيرة هي المحاولات الدبلوماسية التي نجحت الإمارات في إيجاد حلول سلمية لقضايا اتسمت بالتعقيد وما زلنا نتذكر الوساطة التي أنهت الحرب بين إثيوبيا وأريتيريا والتي امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً. فكل النجاحات هي نتيجة لحالة الثقة والمصداقية التي جعلت الإمارات في مكان مختلف عما هو معروف بها في العديد من دول العالم.
في نظري أن أحد الأسباب لتلك المكانة التي حققتها الإمارات أن مسعاها الأساسي خدمة الإنسان أو مواطن كل دولة فيشعر مواطن تلك الدولة التي يزورها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وكأنه هو زعيمه لأن سموه يلامس الحاجات الإنسانية. أضف إلى ذلك أن العلاقة التي تربط القيادة السياسية الإماراتية مع باقي قيادات العالم تتسم بالأخوية أو ما يعرف في العلاقات الدولية بالشخصية وهذه النوعية من العلاقات كثيراً ما تساعد في فهم مقاصد ومنطلقات الدولة تجاه كل قضية وخلقت نوعاً من فهم حالة التوازن الدبلوماسي لدولة الإمارات.
لقد أدركت دولة الإمارات مبكراً تغيرين في العلاقات الدولية.
التغير الأول: إعادة تشكيل المنطقة وهي منطقة مهمة في الاستراتيجية الدولية ومنطقة صراع بين القوى الإقليمية والدولية وأن ملفاتها تتسم بالتعقيد وعدم الاستقرار.
التغير الثاني: التنافس على النفوذ الدولي بين الولايات المتحدة وروسيا من خلال الحرب الروسية الأوكرانية ما يتطلب سياسية خارجية متزنة أو المتوازنة مع الجميع مع ثبات على موقفها ومبادئها الواضحة في القضايا الدولية والإقليمية.
وساعدها ذلك الفهم لأن تخلق لنفسها وضعا استراتيجيا في العالم يحترمه السياسيون وتقدره الشعوب منطلق هذا الوضع مساعدة الجميع في العيش بسلام من خلال المبادرات والاستمرار في التأثير الإيجابي على القضايا الإنسانية فصارت من الدول القليلة التي تتمتع بثقة المجتمع الدولي.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الشیخ محمد بن زاید آل نهیان فی العلاقات الدولیة دولة الإمارات صاحب السمو من خلال
إقرأ أيضاً:
“الهيئة الوطنية”: تعزيز حقوق الإنسان “أولوية”
يواصل ملف حماية وتعزيز حقوق الإنسان في دولة الإمارات حصد الإشادة والتقدير على المستويين العربي والعالمي، في الوقت الذي تمضي فيه الإمارات قدماً في تطوير منظوماتها التشريعية والتنظيمية بما يواكب النهضة الشاملة التي تشهدها على المستويات كافة.
وتسخر الإمارات مختلف خططها وبرامجها وسياساتها التنموية بهدف رعاية حقوق الإنسان وضمان حقه في العيش بكرامة ورفاهية واحترام إنسانيته التي يصونها الدستور والقانون وبناء مجتمع أساسه العدالة والتسامح والانفتاح ضمن نسق القيم التي يقوم عليها مجتمعها.
وأكد سعادة مقصود كروز رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، في تصريح خاص لوكالة أنباء الإمارات “وام”، أن تعزيز وحماية حقوق الإنسان كافة يمثل أولوية قصوى في دولة الإمارات التي تمتلك سجلا حافلا في هذا المجال كان ولا يزال محط إشادة وتقدير عالميين تُرجم من خلال فوزها بعضوية مجلس حقوق الإنسان لثلاث مرات وآخرها خلال الفترة من 2022 – 2024.
وقال إن دولة الإمارات باتت اليوم نموذجا يحتذى في تطوير السياسات والتشريعات الهادفة إلى حماية حقوق جميع الأفراد داخل المجتمع، مشيرا إلى دور الهيئة التي تعمل بفاعلية وكفاءة لتعزيز وحماية حقوق الإنسـان في الدولة من خلال منظومة تشريعية متكاملة ومتوائمة مع التشريعات الدولية، وبناء شراكات فعالة مع كافة الأطراف الفاعلة، ونشر وتعزيز الثقافة المجتمعية بقيم ومبادئ حقوق الإنسان.
وقدمت دولة الإمارات، أمس تقريرها الدوري الثاني بشأن الميثاق العربي لحقوق الانسان، خلال الدورة السابعة والعشرين للجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان التي عقدت بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وبهذه المناسبة، أشاد السفير طلال المطيري رئيس اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان، بجهود دولة الإمارات في مجال حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن الإمارات أظهرت حرصا كبيرا على تعزيز حقوق الإنسان وطنيا وإقليميا من خلال إصلاحات تشريعية ومبادرات سياسية واجتماعية تهدف إلى تعزيز الحريات الأساسية، وحماية حقوق الفئات الأكثر احتياجا، ودعم المساواة بين الجنسين.
وثمن المطيري، جهود الإمارات في دعم ملف حقوق الإنسان على المستوى الإقليمي والدولي، من خلال مشاركتها الفاعلة في المحافل المختلفة، ودعمها للجهود الرامية إلى تعزيز السلام والعدل وحقوق الإنسان في العالم.
وتمتلك دولة الإمارات سجلا حافلا بالإنجازات في مجال حقوق الإنسان عززته بمبادرات رائدة وتجارب ملهمة في بناء دولة القانون والمؤسسات ونشر قيم التسامح وتمكين المرأة وحماية حقوق الأطفال والعمال وغيرها من الفئات.
تحديث تشريعي
واعتمدت الإمارات خلال الفترة الماضية حزمة من التشريعات المهمة، شملت قوانين الأحوال الشخصية والمعاملات المدنية والإجراءات الجزائية وقانون العقوبات، ومكافحة التمييز والكراهية، وذلك لمواكبة احتياجات ومتطلبات المرحلة الحالية، لتتواءم مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، التي تعد دولة الإمارات طرفاً فيها.
جاء ذلك ضمن عملية التطوير المتواصلة للقوانين والتشريعات الصادرة منذ قيام الاتحاد في عام 1971 حتى الآن، والتي تم بموجبها تحديث أكثر من 80 % من تلك القوانين والتشريعات.
وفي عام 2024 وبجهود أكثر من 2500 مسؤول حكومي من الجهات الاتحادية والمحلية وممثلي القطاع الخاص ضمن 215 فريقا وطنيا تخصصيا، تم إصدار وتحديث أكثر من 47 قانوناً اتحادياً وأكثر من 130 قراراً تنظيمياً.
وتم دعم هذه المنظومة بمنصة رقمية موحدة لكافة التشريعات الاتحادية “تشريعات الإمارات” التي تضم أكثر من 1000 قانون اتحادي وقرار تنظيمي، وتستقطب المنصة معدل 500 ألف زيارة في كل شهر، أكثر من 40% منها من خارج الدولة، وتم ربط المنصة بمنصات التشريعات في الحكومات المحلية لتوفير تجربة متكاملة وسلسة لكافة المعنيين من داخل الدولة وخارجها الراغبين بالتعرف على هذه التشريعات.
المرأة والطفل
وتحتل حماية وتعزيز حقوق المرأة والطفل أولوية قصوى في دولة الإمارات التي غطت مظلة رعايتها جميع الشؤون الأسرية الصحية، والتعليمية، والترفيهية، والتقويمية، وكل ما يوفر لهم فرص التمتع بحياة كريمة ومستقبل أفضل.
واستحدثت الإمارات في ديسمبر الماضي وزارة الأسرة التي ستتولى عدداً من الاختصاصات والمهام، أبرزها اقتراح وإعداد وتنفيذ السياسات والإستراتيجيات والتشريعات المتعلقة ببناء أسر مستقرة ومتماسكة، وتعزيز دور الأسرة في التنشئة السليمة، والحد من مخاطر التفكك الأسري وآثاره السلبية في الأفراد والأسر والمجتمع، وتنفيذ مبادرات وبرامج اللازمة لحماية الأسرة وأفرادها من العنف.
وتتضمن اختصاصات وزارة الأسرة اقتراح وإعداد وتنفيذ السياسات والإستراتيجيات والتشريعات المتعلقة برعاية وحماية ورفاه الطفل، وتأمين حقوقه الاجتماعية والنفسية والتعليمية والصحية والتربوية، وذلك بالتنسيق مع الجهات المعنية، وتطوير وتنفيذ البرامج والمبادرات والخدمات المتعلقة برعاية وحماية ورفاه الطفل، بما يضمن نموه الطبيعي وتنشئته السليمة، وبشكل خاص ضمن مرحلة الطفولة المبكرة.
وفي جديد إنجازاتها بملف تمكين وبناء قدرات المرأة، تقدمت الإمارات إلى المرتبة السابعة عالميا واحتفظت بالمركز الأول إقليميا في مؤشر المساواة بين الجنسين 2024، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وعززت المرأة نسبة حضورها في التشكيل الحكومي لدولة الإمارات بعد تعيين معالي سناء بنت محمد سهيل وزيرة للأسرة، وذلك بعد استحداث وزارة الأسرة.
وأصدرت الإمارات السياسة الوطنية لتعزيز صحة المرأة، كما أصدرت قراراً وزارياً ينصّ على ضرورة تخصيص مقعد واحد على الأقل للمرأة في مجالس إدارة الشركات المساهمة الخاصة في الدولة، وذلك بعد انتهاء ولاية المجالس الحالية.
العمال
وشهدت الإمارات، التي تحتضن أكثر من 200 جنسية من مختلف أنحاء العالم، خلال السنوات الماضية تطورات كبيرة على مستوى المبادرات والممارسات الهادفة إلى تعزيز حماية الحقوق العمالية في القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وبدأت الإمارات مطلع العام الماضي تطبيق تعديلات القانون الاتحادي بشأن تنظيم علاقات العمل، التي تسهم في تسريع البت في الشكاوى العمالية المحالة للقضاء، إضافة إلى تعزيز امتثال العمال وأصحاب العمل للأحكام القانونية، وتقليل عدد العمالة غير النظامية.
وتطبق الإمارات “نظام التأمين ضد التعطل عن العمل” الهادف إلى ضمان توفر دخل لفترة محدودة للمؤمن عليه خلال فترة تعطله عن العمل لحين توفر فرص عمل بديلة.
وفي هذا السياق، بلغت نسبة العاملين في القطاع الخاص المشمولين بمظلة “برنامج حماية العمالة” نحو من 99 % .
وشهدت الإمارات إطلاق النظام الاختياري البديل لمكافأة نهاية الخدمة “نظام الادخار” الذي يتم من خلاله استثمار المبالغ المخصصة لمكافأة نهاية الخدمة للموظفين العاملين في الشركات التي تختار الاشتراك بالنظام عبر صناديق استثمارية معتمدة من الوزارة وهيئة الأوراق المالية والسلع بهدف تنمية مدخرات الموظفين والاستفادة من عوائدها الاستثمارية.
ولم تغفل الإمارات عن حماية حقوق العمالة المساعدة وتعزيزها بالعديد من التشريعات والقوانين مثل المرسوم بقانون اتحادي رقم 9 لسنة 2022 الذي كفل قائمة طويلة من الحقوق والامتيازات لهذه الفئة مثلما كفل حقوق أصحاب العمل.
ويسجل لدولة الإمارات السبق بين دول المنطقة في تطبيق حظر العمل وقت الظهيرة الذي يمنع تشغيل العمال من الساعة 12:30 وحتى الساعة 3 ظهراً في الأماكن المكشوفة وتحت أشعة الشمس، وذلك في الفترة من 15 يونيو إلى 15 سبتمبر من كل عام.وام