يمانيون – متابعات
تشهد المحافظات اليمنية الواقعة تحت الاحتلال الإماراتي السعوديّ جنوبي وشرقي اليمن منذ أسابيع أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وانهيارًا شاملًا للعملة المزيَّفة، وارتفاع أسعار السلع والخدمات الأَسَاسية والضرورية.

وأَدَّت هذه الأزمة إلى تفاقم معاناة المواطنين، والوصول بهم إلى أوضاع لا يمكن يتحملها؛ بسَببِ الانهيار المتسارع للعملة المزيفة أمام العملات الأجنبية ولا سيما الدولار والريال السعوديّ.

ومنذ العدوان السعوديّ الأمريكي على بلادنا في 26 مارس 2015، تصاعدت الأزمات الاقتصادية بشكل متسارع، ووصل سعر الدولار الواحد إلى أكثر من 2000 ريال؛ مما تسبب في فقدان القدرة الشرائية للمواطنين، وتدهور الأوضاع المعيشية، نتيجة السياسات المالية والنقدية الفاشلة، التي يمارسها العدوان ومرتزِقته منذ نقل وظائف البنك المركزي إلى عدن المحتلّة.

العدوان صاحب القرار:

وفي هذا الصدد يقول الصحفي والخبير الاقتصادي، رشيد الحداد: إن “دولَ العدوان الأمريكي السعوديّ – الإماراتي تتحملُ مسؤولية الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه المحافظات الجنوبية المحتلّة؛ كونها صاحبة القرار الاقتصادي والسياسي والعسكري في تلك المحافظات”، مؤكّـداً أن “ممارسات حكومة المرتزِقة لا تخرج عن الدور المرسوم لها، من قبل تلك الدول المحتلّة لتلك المحافظات”.

ويضيف: “الانهيار الذي ضرب سعر صرف العملة المحلية مؤخّراً في المحافظات المحتلّة ووصل إلى أكثر من 2000 ريال للدولار الواحد، يأتي في إطار الحرب الاقتصادية التي تدار من قبل اللجنة الرباعية الدولية بقيادة أمريكا وتنفيذ السعوديّة والإمارات، حيثُ إنه لم يستند إلى أية عوامل موضوعية اقتصادية، بل إنه يعكس رغبة أمريكا ودول العدوان في إعاقة الجهود الإقليمية والأممية الرامية لإنهاء الانقسام المالي والنقدي وتوحيد العملة اليمنية، وهذا ما تسعى إليه واشنطن؛ بهَدفِ الضغط على صنعاء بالتوقف عن مساندة غزة ولبنانَ، ولكن هذه الخطوة فاشلة”.

ولفت الحداد إلى أن “ما يحدُثُ من استهداف للعُملة في عدن في الوقت الحالي الذي لم يطرأ أي ارتفاع في الطلب على الدولار في السوق، يأتي استمراراً لحراك سعوديّ موازٍ يهدف لتقويض اتّفاق التهدئة الاقتصادي الموقع بين صنعاء والرياض في يوليو الماضي”، محذراً من مغبة الالتفاف على ذلك الاتّفاق.

وحذّر من استغلال الانهيار الاقتصادي المدار من قبل غرف العدوان في الرياض وأبو ظبي بتنفيذ الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية التي تسيطر على معظم قطاعات بنك عدن، وتهدف إلى إعاقة الجهود الأممية الهادفة لوقف الانقسام النقدي والمالي بين صنعاء وعدن، من تنفيذ أجندات أُخرى تمس سيادة واستقلال الجمهورية اليمنية.

ويؤكّـد أن دول العدوان تعمل على إعاقة مستقبل اليمن واليمنيين من خلال تحريك الورقة الاقتصادية بين فترة وأُخرى، معتبرًا تجاوز سعر صرف العملة المطبوعة في عدن المحتلّة حاجة ٢٠٠٠ ريال للدولار الواحد مؤشرًا خطيرًا يقود نحو انهيار مريع في الملف الإنساني في تلك المحافظات التي يشهد معدل دخل الأسرة اليمنية فيها انهياراً حاداً، متأثراً بتهالك القوة الشرائية للعملة المتعامل بها، مقابل ارتفاع في أسعار المواد الغذائية الأَسَاسية يفوق قدرات المواطنين الشرائية.

ضغوط أمريكية تنذر بكارثة:

ويعزو الحداد ذلك التحَرّك إلى تعرض السعوديّة لضغوط أمريكية في أعقاب الإعلان عن اتّفاق التهدئة بين صنعاء والرياض، والذي ألزم الأخيرة بتجاوز أية ضغوط أمريكية من شأنها إعاقة أية مشاورات اقتصادية تفضي إلى حَـلّ مشكلة مرتبات الموظفين، مقابل إعادة تصدير النفط الخام، بدأتها السعوديّة بمنح القوى الموالية لها بحضرموت حق السيطرة على مصادر النفط في المحافظة التي تشكل نحو 65 % من إجمالي النفط اليمني، تحت شعار “نفط حضرموت لحضرموت”.

ويؤكّـد الحداد أن أبناء المحافظات الجنوبية المحتلّة، يدفعون ثمناً باهضاً لسياسة التدمير الاقتصادي الذي تمارسها دول العدوان بصورة مباشرة، من خلال استهداف وتعطيل المقدرات الوطنية من مصافي نفطية وموانئ دولية ومحلية، أَو من خلال نهب الثروات النفطية والمعدنية والسمكية في المحافظات الجنوبية، وبصورة غير مباشرة، من خلال تناهب وتقاسم المليشيات التابعة لها نحو ٦٥ % من الإيرادات العامة للدولة.

وبحسب الخبير الاقتصادي، فَــإنَّ ما يحدث من انهيار حاد لسعر صرف العملة في تلك المحافظات والذي بلغ نحو ٨٠٠ % عن سنة الأَسَاس ٢٠١٥، يهدِّدُ بانهيارٍ كارثيٍّ للأوضاع الإنسانية في المحافظات الجنوبية المحتلّة، مُشيراً إلى أن “حكومة المرتزِقة غير قادرة على إيجاد معالجات حقيقية تحد من الانهيار الاقتصادي في تلك المحافظات؛ كونها مستلبة القرار من قبل دول العدوان التي تعمل على ضرب ما تبقى من حيوية للاقتصاد الوطني، ومُجَـرّد أدَاة فاقدة القرار والسيطرة وُجدت لتنفيذ أجندات خارجية على حساب المصلحة الوطنية العليا ومصالح الشعب اليمني وحقه في العيش الكريم”.

ولفت الحداد إلى أن “تلك الحكومة التي كُلِّفت بمهمة تنفيذ الأجندات والمشاريع الاستعمارية في جنوب اليمن المحتلّ لن تتأثر بأي انهيار لسعر صرف العملة؛ كونها تتقاضى مرتبات بالعملات الأجنبية، يضاف إلى أنها ضالعة في ارتكاب جرائم غسيل أموال وتهريب الأموال للخارج، وكذلك تشارك وتشرعن تدمير المقدرات وتعطيل المنشآت الاقتصادية الحيوية من قبل دول العدوان السعوديّ الإماراتي، وإفراغ الموانئ والمطارات من دورها الخدمي”.

نهب احتياطي الذهب اليمني من البنوك الخارجية:

وعن أسباب الانهيار الاقتصادي، يرى خبراء اقتصاديون أن “أكثر من ٧٠ ٪ من إيرادات الدولة في المحافظات المحتلّة، لا تزال بيد قيادات المرتزِقة، التي تستولي وبصورة غير مشروعة على كمية نقد محلية هائلة تقدر بمليارات الريالات اليمنية وللأسف تلك القيادات تستثمر تلك المليارات في تركيا ومصر، حَيثُ تضطر لتبديل العملة المحلية بنقد أجنبي وبكلفة مرتفعة عن السوق فتتسبب أولًا برفع قيمة الدولار وثانيًّا بشحة النقد الأجنبي”.

ويؤكّـد الخبراء أن ضمن تلك الأسباب “نفاد الاحتياطي من النقد الأجنبي في فرع البنك المركزي بعدن، وكذلك اختفاء نحو طن ونصف طن من احتياطي الذهب الخاص باليمن في البنوك الخارجية، منها بنك إنجلترا؛ نتيجة نهب حكومة المرتزِقة تلك الأصول من الاحتياطي الذي لم يعد موجودًا؛ ولذلك انهار الريال اليمني مقابل الدولار”.

ووفق الخبراء فَــإنَّ “نهب احتياطي الذهب اليمني في البنوك الخارجية يأتي بالتزامن مع قرارات مركزي عدن بالنهب المتواصل للاحتياطات النقدية للمركزي عبر المزادات؛ لذلك فَــإنَّ المؤشرات الأولية للازمة الأخيرة، تشير إلى أن البنك في عدن يدير المضاربة عبر المزادات العلنية التي يلجأ إليها للحصول على سيولة من العملة المحلية، حَيثُ يقومُ ببيع الدولار بأعلى سعر؛ بهَدفِ الحصول على السيولة الكافية”، مؤكّـدين أن “نهب الاحتياطات النقدية والأصول جعلت الانهيارَ مُستمرًّا للعملة في المحافظات المحتلّة؛ نتيجة لفشل حكومة المرتزِقة في تنفيذ إصلاحات اقتصادية، وأن المزادات أصبحت وسيلة لضرب ما تبقى من استقرار معيشي في تلك المحافظات المحتلّة”.

تداعياتُ الانهيار الاقتصادي:

وحول الانهيار الاقتصادي الحاصل في المحافظات المحتلّة، وتداعياته، يؤكّـد الخبير الاقتصادي رشيد الحداد، أن “انهيار العملة المحلية المُستمرّ، له تداعياتٌ كثيرةٌ في جميع الجوانب، منها السياسي، حَيثُ تشهد المحافظات المحتلّة احتجاجات ومظاهرات ضد دول العدوان وحكومة المرتزِقة، وهذا ما حدث في محافظة تعز التي ربما تكون شرارة لانتفاضة شعبيّة ضد حكومة المرتزِقة؛ وهذا ما يدفعُ دولَ العدوان إلى أن تتخذ قراراتٍ في تقديم المساعدات لامتصاصِ غضبِ الشارع اليمني في المحافظات المحتلّة من قيام ثورة شعبيّة لطردهم وإنهاء الاحتلال، وكذلك من ضمن تلك التداعيات أن تتجهَ الأوضاعَ الأمنية في المحافظات المحتلّة لمزيد من التدهور، وأن تنتشر الجريمة وسيتحول جزءٌ كبيرٌ من السكان إلى ممارسة الجريمة وأنشطة أُخرى غير مشروعة، وتتحول تلك المحافظات إلى بؤرة لتهريب الأسلحة والمخدرات وغسيل الأموال.
——————————————-
– المسيرة – عباس القاعدي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: فی المحافظات المحتل ة المحافظات الجنوبیة الانهیار الاقتصادی فی تلک المحافظات العملة المحلیة سعر صرف العملة دول العدوان من خلال إلى أن من قبل

إقرأ أيضاً:

ماذا وراء رغبة تركيا في الانضمام إلى تحالف بريكس الاقتصادي؟

تعتزم مجموعة "بريكس" الاقتصادية مناقشة مسألة ضم أعضاء جدد، في اجتماعها المقبل في مدينة قازان غرب روسيا، والمقرر في الفترة ما بين 22 إلى 24 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وتعد تركيا واحدة من الدول التي ترغب في الانضمام للتجمع، بحسب ما أعلنه الرئيس رجب طيب أردوغان.

وقال المتحدث باسم الحزب الحاكم في تركيا عمر جيليك إن "رئيسنا أعلنا بوضوح عن رغبة تركيا في المشاركة بكل المنصات المهمة، بما في ذلك بريكس".

لكن جيليك لم يؤكد التقارير المتعلقة بما إذا كانت تركيا قد تقدمت رسميا بطلب الحصول على عضوية المجموعة الاقتصادية، وأشار إلى أن هناك عملا جاريا في هذا الصدد.

وبحال وجهت تركيا دعوة للانضمام لـ"بريكس"، فإنها ستكون أول دولة عضو في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، تحمل عضوية في تحالف اقتصادي غير غربي تقوده روسيا والصين.



ونقلت شبكة "بي بي سي" عن الباحث السياسي والمختص بالعلاقات التركية والروسية كريم هاس، أن هذه الخطوة في حال حدوثها ستشكل أهمية "رمزية" ليس لتركيا ومجموعة بريكس فحسب، بل لحلف الناتو وللكتلة الغربية كذلك.

وأوضح هاس أن "تركيا تحتجا للاستثمارات، ولتنويع علاقاتها في ظل ما تعانيه من أزمة اقتصادية طاحنة"، مضيفا أن "انهيار الاقتصاد التركي يعني آثار ضارة على البنوك الأوروبية، نظرا لاعتماد الاقتصاد في تركيا بشكل كبير على هذه البنوك".

وتابع قائلا: "نحو نصف تجارة تركيا مع دول الاتحاد"، وبحسب مجلس الاتحاد الأوروبي فإن تركيا تعد أكبر الشركاء التجاريين بالنسبة له، بنحو 31.8 بالمئة من حجم التجارة التركية.

وفي عام 2022، بلغت القيمة الإجمالية للتجارة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا نحو 200 مليار يورو (حوالي 223 مليار دولار).



ولهذا السبب، تغضّ الدول الأوروبية الطرف عن عدم مشاركة تركيا في العقوبات المفروضة على روسيا بعد غزوها لأوكرانيا، حسبما يرى الباحث كريم هاس.

يقول هاس: "الغرب يغضّ الطرف عن تنامي العلاقات الاقتصادية التركية مع روسيا، وغيرها من دول مجموعة بريكس"، مضيفا أنه "علاوة على ذلك، فإن تركيا بحُكم عضويتها في حلف الناتو إذا ما انضمت إلى مجموعة بريكس، فسيكون أحد أدوارها هناك خفْض النغمة المناهضة للغرب في هذا التحالف الاقتصادي".

ويتابع: "الدور غير المعلَن لتركيا في مجموعة بريكس، لا سيما من وجهة نظر الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، سيكون الحيلولة دون تحوُّل بريكس من تكتُّل غير غربي إلى منظمة مناهضة للغرب".

وكان الرئيس أردوغان قد عبّر عن اهتمامه بعضوية مجموعة بريكس منذ عام 2018، أثناء انعقاد القمة الثامنة للمجموعة في جوهانسبرغ، بجنوب أفريقيا.

من جانبه، ذكر الباحث يوسف جان أن "اهتمام تركيا المتزايد بمجموعة بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون وغيرها من التحالفات لا ينبغي النظر إليه، باعتباره تحولا جذريا في التحالفات".

وبيّن جان أن "حلف الناتو يمكن أن ينتفع من وجود أحد أعضائه في تلك الدوائر".

مقالات مشابهة

  • الإعلام السعودي.. “مُتصهين” أكثر من الصهاينة.. وخصومة للمقاومة بلغت حد الفُجور!
  • هيئة الآثار تصدر العدد السابع من حولية الآثار اليمنية “أزال”
  • السعودي راكان الراشد يتوج بسباق رالي “جاري بيكا” في فنلندا
  • ماذا وراء رغبة تركيا في الانضمام إلى تحالف بريكس الاقتصادي؟
  • الهيئة الملكية لمحافظة العُلا تشارك في “معرض السفر السعودي” بالصين
  • “دومة” يؤكد على أن صدور قرار تكليف مجلس إدارة مصرف ليبيا سيكون له أثر إيجابي على الوضع الاقتصادي
  • اكتشاف تركيب فضائي غامض وراء حزام “كويبر”!
  • المتسابق السعودي راكان الراشد ينتزع بطولة رالي “جاري بيكا” في فلندا
  • “وزارة التعليم السعودي”.. توضح موعد الدوام الشتوي وموعد الاصطفاف 1446