«الإفتاء» توضح حكم إجراء عمليات التجميل لإرجاع الأنف لشكلها الأول
تاريخ النشر: 23rd, October 2024 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونه: ما حكم إجراء عملية تجميل لإرجاع الأنف لشكلها الأول قبل تعرضها لحادث؟ فقد أُصبتُ بحادث أدى لبعض التشوهات في وجهي، وقمت بعمل عمليات جراحية وتعافيت بحمد الله، لكن أثرت العمليات على وجهي وبرزت الأنف بشكل مختلف أثر على جمالي، ونصحني الطبيب بإجراء عملية تجميلية لإرجاع الأنف لشكلها الأول قبل الحادث، وأريد ذلك بشدة ليعود جمال وجهي، لكن أخبرني زوجي أن هذا تغييرٌ لخلق الله وهو حرام، فهل يجوز لي عمل العملية؟ وهل يكون ذلك تغييرًا لخلق الله؟
وردت دار الإفتاء بأنه لا مانع شرعًا من إجراء جراحة تجميلية لإرجاع الأنف لشكله الأول قبل تعرضه لحادث وما تدعو إليه الحاجة من جراحات أخرى إذا نصح الطبيب المختصُّ بها، وذلك بشرط أن تقتصر على إعادة الأنف إلى ما كان عليه دون زيادة على ذلك، ولا يدخل هذا في تغيير خلق الله، بل يدخل في باب الطبِّ والعلاجِ لـما أصابها بسبب الحادث الذي وقع لها.
وأوضحت «الإفتاء» أن الشرع الشريف بيَّن أنَّ المرأة خُلِقَت مُحِبَّةً للزينة، مُنَشَّأَةً في الحلية، ولذلك لم تأتِ الأحكام الشرعيَّة بكبت فطرتها، أو مخالفة جِبِلَّتها، أو تجاهل أنوثتها، أو تناسي طبيعتها، بل كان الأصل فيها إباحة كل ما من شأنه زينة المرأة وحليتها.
قال الإمام ابن بطال في "شرح البخاري" (9/ 163، ط. مكتبة الرشد): [جميع أنواع الزينة بالحلي والطيب ونحوه جائزٌ لهن، ما لم يُغَيِّرنَ شيئًا من خَلْقِهِن] اهـ.
وأضافت: إنما جاء النهي الشرعي عن الزينة المفضية إلى الافتتان بسوء الاستغلال، أو قبح الاستعمال، أو خُبث القصد الـمُفضي إلى سوء المآل، إذ هي منوطةٌ بعدمِ حصولِ الفتنة أو المضرَّة، وقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها: يا أم المؤمنين، ما تقولين في الخضاب والصباغ والقرطين والخلخال وخاتم الذهب ورِقاق الثياب؟ فقالت: "يا معشر النساء، قصتكن قصة امرأة واحدة، أحل اللهُ لَكُنَّ الزينة غير متبرجات لِمَنْ لا يحل لَكُنَّ أنْ يروا منكن محرمًا" ذكره الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (12/ 310، ط. دار الكتب المصرية).
حكم الجراحات التجميليةوبينت الدار أن المراد بجراحة التجميل: ما يُجرى من الجراحات لتحسين منظرِ جزءٍ مِن أجزاء الجسم، سواء كان في أصل الخِلْقة، كالتصاق أصابع اليدين، أو كان لتشوُّهٍ طارئ -كما في الحالة المسؤول عنها-، أو لمزيد تجمُّل وتزيُّن.
وتابعت أن هذه الجراحات بأنواعها الثلاثة ليست تداويًا، بل هي في النوعين الأولين مرحلة لاحقة للتداوي، ومن ثمَّ فهي من الأمور الحاجيَّة لا الضرورية، وفي النوع الثالث تعد من الأمور التحسينيَّة.
وأشارت إلى أنه قد تقرر أنَّ الحاجة تتنزل منزلة الضرورة، عامَّة كانت أو خاصَّة، كما في "الأشباه والنظائر" للإمام السيوطي (ص: 88، ط. دار الكتب العلمية)، فتتنزل العمليات التجميليَّة هنا منزلة التداوي، فتجوز للحاجة، قال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (10/ 179، ط. المكتب الإسلامي): [السِّلعة بكسر السين: وهي غُدَّة تخرج بين اللحم والجلدة نحو الحمصة إلى الجَوزة فما فوقها، وقد يُخَاف منها، وقد لا يُخَاف، لكن تشين، فإن لم يكن في قطعها خطر، وأراد المُستقلُّ قطعها لإزالة الشَّيْن، فله قطعها بنفسه، ولغيره بإذنه] اهـ.
وواصلت: بل نصَّ العلماء على جوازها حتى وإن تعلَّقت بأمرٍ من الأمور المنهي عنها، كالوصل أو التنمُّص، ويُستدل على ذلك بما رواه أبو داود بإسناد حسن، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «لُعِنَتِ الْوَاصِلَةُ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ، وَالنَّامِصَةُ وَالْمُتَنَمِّصَةُ، وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ، مِنْ غَيْرِ دَاءٍ»، ومفهومه: أنه لو كان لداءٍ فلا يُمنع، ولا يستوجب اللعن.
قال الإمام شهاب الدين النَّفَرَاوِي في "الفواكه الدواني" (2/ 314، ط. دار الفكر): [قال بعضٌ: وينبغي أن محل حرمة الوشم حيث لا يتعين طريقًا لمرض، وإلا جاز، لأن الضرورات قد تُبيح المحظورات في زمن الاختيار، فكيف بالمختلف فيه] اهـ.
وتحدثت دار الإفتاء المصرية أن هذه الأمور وردَ فيها الإذن الشرعي المطلق في رفع الضرر ودفع الأذى.
قال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (2/ 260، ط. دار ابن عفَّان): [المؤذيات والمؤلمات خلقها الله تعالى ابتلاءً للعباد وتمحيصًا.. .وفُهِمَ من مجموع الشريعة: الإذنُ في دفعها على الإطلاق، رفعًا للمشقة اللاحقة، وحفظًا على الحظوظ التي أذِنَ لهم فيها، بل أذن في التحرز منها عند تَوَقُّعِها وإن لم تَقَعْ] اهـ.
ونوهت دار الإفتاء: أما الجراحات التجميلية التحسينية التي يُراد منها مجرَّدُ التجمل، فمنها ما نصَّ الشرعُ على حرمته، كالوشم، وما به تتغير الخلقة، إلَّا إذا كان ذلك لسبب علاجي، أو إزالة ما يحصل به الضرر والأذى.
ومنها ما هو مباحٌ في أصل فعله، وهذا النوع يدخل تحته جملة من الجراحات، كاتخاذ الأنف من ذهب لمن قطع أنفه، وثقب الأذنين، ونحو ذلك، فقد أخرج الإمام أبو داود في "سننه" عن عَرْفَجَةَ بن أسعد "أنه قُطع أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفًا من ورق فأنتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفًا من ذهب". قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" (4/ 215، ط. المطبعة العلمية): [فيه إباحة استعمال اليسير من الذهب للرجال عند الضرورة كربط الأسنان به وما جرى مجراه مما لا يجري غيره فيه مجراه] اهـ.
وقال الإمام الزيلعي في "تبيين الحقائق" (6/ 227، ط. الأميرية): [يجوز ثقب أذن البنات الأطفال، لأنَّ فيه منفعة الزينة، وكان يُفعل ذلك في زمنه عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا من غير نكير] اهـ.
وقال الإمام الخرشي في "شرح مختصر خليل" (4/ 148، ط. دار الفكر): [وأُخذ من هذا جواز ثقب أذن المرأة للبس القرط] اهـ.
وقال العلامة الرملي في "حاشيته على أسنى المطالب" (4/ 165، ط. دار الكتاب الإسلامي): [تثقيب أذن الصبية لتعليق الحلق جائز على الراجح خلافًا للغزالي] اهـ.
حكم إجراء عمليه تجميلية للأنف بعد التعرض لحادثالحالة المسؤول عنها وإن كان ظاهرها أنها من التحسينات، إلَّا أنها تُعدُّ من الأمور الحاجيَّة، حيث إنها تتضمن أغراضًا علاجية تسبب أذًى نفسيًّا، إذ إنَّ الباعث لإجراء هذه العملية يدور حول إعادة المظهر الذي كانَ عليه وجه المرأة من أصل الِخلْقة الإنسانية التي خلقها الله تعالى عليها، لأنه وإن تسببت العملية في تغير حجم الأنف، إلَّا أنَّ هذا التغير يناسب التعويض الناقص من الوجه في الجزء الذي حول الأنف، والذي يُعد استكمالًا لعملية ترميم التشوهات وتجميلها.
وليس هذا الفعل داخلًا في عموم النهي عن تغيير خلق الله الوارد في قوله تعالى: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: 119].
وذلك لما نصَّ عليه العلماء من أنَّ الأمور الظاهرة لا تُعدُّ تغييرًا إلَّا إذا تغير وجهها وصورتها، أو صفتها، قال الإمام البيضاوي في "أسرار التنزيل" (2/ 98، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ عن وجهه وصورته أو صفته] اهـ.
وإجراء عملية الأنف هذه وإن ورد عليها نوع تغير في الحجم، إلَّا أنها لا تتسبَّبُ في تغير الصورة أو الصفة، بل هو نفس الوجه والصورة، خاصَّة بعد إجراء جملة العمليات الجراحية التي تسبَّبت في تغير شكل الوجه بعض الشيء، فغاية الأمر هو إعادة الوجه للأمر الذي كان عليه مِن صورته التي هو عليها دون تغيير أو تبديل لصورته الأولى، فتغيير صورة الشيء إنما يكون بإزالته أو تبديله، لا بترميمه وتجميله!
يدل على ذلك أنَّ هذه المرأة لم تنوِ إجراء هذه العملية قبل تعرضها للحادث، فهي من جملة تَبِعاته، واتباع علاجه ومداواته.
ولا يصح أن تقاس هذه العملية في هذه الحالة على الوشم أو النمص أو التفليج، إذ علة النهي عن تلك الأمور أنَّها من باب التدليس أو لأنه يتوصل بها إلى الفاحشة، كما في "مفاتيح الغيب" للإمام الرازي (11/ 223، ط. دار إحياء التراث العربي).
ويضاف إلى ذلك أن المحققين من العلماء قد أجازوا للمرأة أن تغير من خِلْقتها -استثناءً من الأصل- ما يحصل لها به الضرر وتتأذى منه، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/ 377-378، ط. دار المعرفة): [قال الطبري: (لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادةٍ أو نقصٍ.. .ويستثنى من ذلك ما يحصل به الضرر والأذيَّة.. .فيجوز ذلك)] اهـ.
اقرأ أيضاًالإفتاء توضح حكم عدة المرأة التي مات عنها زوجها قبل الدخول بها
حكم معاملة الكاش باك.. دار الإفتاء توضح الرأي الشرعي
دار الإفتاء ترد على مقولة: «مال أبونا لا يذهب للغريب»
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: دار الإفتاء المصرية عملية تجميل تجميل الأنف جراحة تجميل تجميل الانف دار الإفتاء قال الإمام من الأمور
إقرأ أيضاً:
من عمليات البحث والإنقاذ في موقع المبنى المنهار بحي الرمل الجنوبي في مدينة اللاذقية
المبنى المنهار بحي الرمل الجنوبي 2025-03-15malekسابق الفرق المختصة تقوم بعمليات البحث وانتشال العالقين من تحت أنقاض المبنى السكني المنهار في حي الرمل الجنوبي باللاذقيةآخر الأخبار 2025-03-15ارتقاء 4 مدنيين جراء انفجار بمحل خرداوات في حي الرمل الجنوبي باللاذقية 2025-03-15وزارة المالية تمدد مهلة تقديم البيان الضريبي للمكلّفين عن عام 2024 إلى الأول من حزيران القادم 2025-03-15احتفالاً بالذكرى الـ 14 للثورة السورية المباركة… مسير مركبات في شوارع حمص 2025-03-15وزارة الخارجية ترحب بمبادرة دولة قطر لتزويد الكهرباء في جميع أنحاء البلاد 2025-03-15إعادة تشغيل مطار حلب الدولي أمام حركة الطيران اعتباراً من 18 آذار الجاري 2025-03-15محافظة دمشق: تدعوكم جماهير الثورة للمشاركة في استكمال فعاليات احتفال ذكرى الثورة السورية المباركة، التي ستُقام اليوم السبت عند الساعة الثامنة والنصف مساءً في ساحة الأمويين، وذلك بسبب ارتفاع درجات الحرارة نهاراً 2025-03-15منحة مالية للعاملين في الدولة والمتقاعدين بما يعادل راتب شهر واحد بمناسبة عيد الفطر المبارك 2025-03-15احتفالاً بذكرى الثورة السورية… جامعة حلب تقيم فعالية ثقافية متنوعة 2025-03-15إعلان قائمة منتخب سوريا الأول بكرة القدم لمواجهة منتخب باكستان بتصفيات كأس آسيا 2025-03-15الرئيس العراقي يبحث مع الشيباني العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها
صور من سورية منوعات العرقسوس والتمر الهندي… عصائر رمضانية شعبية في حماة 2025-03-11 تيك توك تستأنف خدماتها في الولايات المتحدة بفضل ترامب 2025-01-20فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |