عدة الأرملة قبل الدخول بها.. تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالاً يقول: ما حكم عدة المرأة التي توفي عنها زوجها قبل الدخول بها؟ فقد عقد رجل على امرأة، ومات عنها قبل الدخول بها، وقبل حصول خلوة شرعية معتبرة، فهل يجب عليها أن تعتد؟ وكيف تكون عدتها؟

في إجابتها عن السؤال، قالت دار الإفتاء: إن الأصل في عقد النكاح أنْ يُعقد للعُمر، فإذا انتهى عمر أحد الزوجين بالموت، انتهى معه عقد النكاح، والشيء إذا انتهى تقررت أحكامه، كتقرُّر أحكام الصيام بدخول الليل، وأحكام الإجارة بانقضائها، والعدَّةُ من أحكام عقد النكاح فتتقرَّر بانتهائه، ويقصد بها: المدة التي تتربص فيها المرأة عند حصول أحد أسباب زوال النكاح، سواء كان السبب طلاقًا، أو فسخًا، أو موتًا.

ينظر: "المبسوط" للعلامة السرخسي (6/ 30، ط. دار المعرفة)، و"المغني" للعلامة ابن قدامة (8/ 115، ط. مكتبة القاهرة)، و"كنز الدقائق" للعلامة أبي البركات النسفي (ص: 304، ط. دار البشائر الإسلامية).

وأوضحت دار الإفتاء، أن الشرع الشريف أوجب على المرأة التي توفي عنها زوجها إن كانت من غير ذوات الحمل أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام، يستوي في ذلك المدخول بها وغير المدخول، والصغيرة والكبيرة، ومن تحيض ومن لا تحيض، فكلهنَّ داخلات في عموم قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾ [البقرة: 234].

قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (3/ 183، ط. دار الكتب المصرية) عند قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾: [عدة الوفاة تلزم الحرة والأمة والصغيرة والكبيرة والتي لم تبلغ المحيض، والتي حاضت واليائسة من المحيض والكتابية دخل بها أو لم يدخل بها إذا كانت غير حامل، وعدة جميعهن إلا الأمة أربعة أشهر وعشرة أيام، لعموم الآية في قوله تعالى: ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾] اهـ.

وأضافت الإفتاء، أنه قد ثبت حكم العدة أيضًا بالسُّنَّة المطهرة، ففي حديث زينب بنت أبي سلمة أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» متفقٌ عليه.

وتابعت دار الإفتاء: وعلى ذلك تواردت نصوص فقهاء المذاهب الأربعة، وحُكي إجماعًا. ينظر: "المبسوط" للعلَّامة السرخسي الحنفي (6/ 30)، و"مِنَح الجليل" للعلَّامة عليش المالكي (4/ 311، ط. دار الفكر)، و"منهاج الطالبين" للعلَّامة النووي الشَّافعي (ص: 255، ط. دار الفكر)، و"المغني" للعلَّامة ابن قُدامة الحنبلي (8/ 115)، و"الإقناع في مسائل الإجماع" للعلَّامة ابن القطان (2/ 44، ط. الفاروق الحديثة).

عدة المرأة التي مات عنها زوجها قبل الدخول أمر تعبدي محض

وأوضحت دار الإفتاء، أن الفقهاء اتفقوا على أن المغلب في عدة المتوفى عنها زوجها عمومًا: التعبد، وفي عدة المتوفى عنها زوجها ولم يدخل بها زوجها خصوصًا: التعبد المحض.

قال العلامة ابنُ عابدين في حاشيته على "البحر الرائق" (4/ 146، ط. دار الكتاب الإسلامي) في خصوص معتدة الوفاة: [لا يُعقل تأثير كون المرأة متوفى عنها زوجها في تربُّصها أربعة أشهر وعشرًا، وإنما هو تعبُّدي] اهـ.

وقال الإمام الماوردي في "الحاوي الكبير" (11/ 163، ط. دار الكتب العلمية): [.. وإن كانت في غير مدخول بها من وفاة كانت تعبدًا محضًا] اهـ.

وقال الإمام السيوطي في "الأشباه والنظائر" (2/ 815، ط. دار السلام) عند ذكره لأقسام العدد: [الثاني: تعبد محض، وهي عدة المتوفى عنها زوجها ولم يدخل بها] اهـ.

وبينت دار الإفتاء المصرية، أنه من الحكم التي ذكرها الفقهاء لهذا النوع من العدة: أنَّها تظهر الحزن بفوت نعمة النكاح، إذ النكاح كان نعمة عظيمة في حقها، فإنَّ الزوج كان سبب صيانتها، وعفافها، وإيفائها بالنفقة، والكسوة، والمسكن، فوجب عليها العدة إظهارًا للحزن بفوت النعمة، وتعريفًا لقدرها. يُنظر: "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني الحنفي (3/ 192، ط. دار الكتب العلمية).

وقت ابتداء عدة المرأة التي مات عنها زوجها قبل الدخول

وأشارت الدار، إلى أنه تبدأ عدة من توفي عنها زوجها عقيب الوفاة مباشرة، لأنَّ سبب وجوب العدة الوفاة، فيُعتبر ابتداؤها من وقت وجود السبب، فإن لم تعلم بالوفاة حتى مضت العدة فقد انقضت عدتها.

قال العلامة أكمل الدين البابرتي الحنفي في "العناية شرح الهداية" (4/ 329، ط. دار الفكر): [ابتداء العدة في الطلاق عقيب الطلاق (وفي الوفاة عقيب الوفاة)، لأن سبب وجوب العدة الطلاق أو الوفاة (فيعتبر ابتداؤها من وقت وجود السبب)، فإن لم تعلم بالطلاق أو الوفاة حتى مضت مدة العدة فقد انقضت عدتها] اهـ.

وقال الشيخ محمد عليش المالكي في "منح الجليل" (1/ 174): [وأما عدة الوفاة فتحسب من يوم الموت] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "منهاج الطالبين" (ص: 256): [وعدة الوفاة: من الموت] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (8/ 106) في عدة الوفاة: [فصل: وتحسب العدة من الساعة التي فارقها زوجها فيها، فلو فارقها نصف الليل، أو نصف النهار، اعتدت من ذلك الوقت إلى مثله، في قول أكثر أهل العلم] اهـ.

بناءً على ما سبق، وفي واقعة السؤال: فالواجبُ على المرأة التي توفي عنها زوجها قبل الدخول بها هو أن تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام بالتاريخ الهجري، وتبدأ في حساب هذه العدة من يوم وفاة زوجها.

اقرأ أيضاًحكم معاملة الكاش باك.. دار الإفتاء توضح الرأي الشرعي

دار الإفتاء ترد على مقولة: «مال أبونا لا يذهب للغريب»

ما حكم بيع وشراء الذهب بالتقسيط؟.. «الإفتاء» توضح

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: المتوفى عنها زوجها عدة المرأة التی قبل الدخول بها وقال الإمام دار الإفتاء أربعة أشهر قال الإمام عدة الوفاة

إقرأ أيضاً:

آية خرجت من منزلها ولم تعد.. هل من يعرف عنها شيئا؟

عمّمت المديريّة العامّة لقوى الأمن الدّاخلي، بناءً على إشارة القضاء المختص، صورة المفقودة: آية إبراهيم بداح (من مواليد عام 2006، لبنانيّة)، التي غادرت، بتاريخ 17-2-2025، منزل ذويها الكائن في محلّة حارة حريك – الضّاحية الجنوبيّة، إلى جهةٍ مجهولة، ولم تَعُد لغاية تاريخه.

وأشارت في بلاغ:" يرجى من الذين شاهدوها ولديهم أي معلومات عنها أو عن مكان وجودها، الاتّصال بفصيلة حارة حريك في وحدة الدّرك الإقليمي، على الرقم: 541501 -01، للإدلاء بما لديهم من معلومات".

مقالات مشابهة

  • حكم ترك المرأة شعرها بعد التصفيف عند الاغتسال من الجنابة.. دار الإفتاء تجيب
  • كيف تتم المساواة في الصف بين المصلي قائمًا والجالس على الكرسي؟.. الإفتاء توضح
  • هل يجوز إخراج فدية عن شخص يفطر بعذر قبل بدء رمضان المقبل ؟.. الإفتاء توضح
  • وعد مفقودة.. هل من يعرف عنها شيئًا؟
  • سقطت من الطابق السابع.. اتهام مصري بقتل زوجته في الأردن
  • استشارية توضح دلالات الأظافر التي تأخذ شكل الملعقة وأسبابها الصحية..فيديو
  • أحمد كشك عن هدى الإتربي: ابعدوا عنها
  • أصلي جميع الفروض بالفاتحة وسورة الإخلاص.. الإفتاء توضح الحكم الشرعي
  • آية خرجت من منزلها ولم تعد.. هل من يعرف عنها شيئا؟
  • دراما رمضان 2025 تناقش مشكلات المرأة المطلقة.. منها حسبة عمري وعايشة الدور