سياسيون وصحفيون عرب.. “شهادة السنوار” ستصنعُ نهجاً جديداً وفاعلاً في خط المقاومة
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
يمانيون – متابعات
تفاعَلَ عددٌ من النشطاء السياسيين والكُتَّاب الصحفيين العرب، مع استشهاد القائد المغوار يَحيَى السنوار -رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، معتبرين استشهاده عاملًا معنويًّا في استمرار الصمود الأُسطوري لفصائل المقاومة التي تواجه بشراسة جنود العدوّ الصهيوني ملحقة بالعدوّ الصهيوني خسائرَ جسيمة في الأرواح والعتاد.
تم رصد بعضًا من ردود الفعل في صفوف النشطاء والصحفيين والأكاديميين العرب، والذين أكّـدوا أن اغتيال القادة لن يسهم في إضعاف المقاومة وإنما يزيدها اشتعالًا في المواجهة.
ويرى مهند مصطفى، رئيس قسم التاريخ في المعهد الأكاديمي العربي ببيت بيرل، أن “استشهاد القائد يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، حدث هام ونوعي بالنسبة للكيان الصهيوني؛ إذ إن الصهاينة يعتبرون القائد السنوار العقل المخطّط والمدبر لمعركة (طُـوفَان الأقصى)”، مؤكّـدًا في الوقت ذاته أن “خسارة الأُمَّــة للسنوار ستؤول بالعدوّ إلى ثأر قادم ويفتح حسابًا جديدًا لمعاقبة الصهاينة”.
ويوضح في حديث إعلامي له أن “هناك سخطًا صهيونيًّا تجاه القائد السنوار من قبل العديد من القيادات السياسية والأمنية التابعة للعدو الصهيوني، وعلى رأسهم رئيس حكومة العدوّ الصهيوني بنيامين نتنياهو، الذي تم تحميله مسؤولية إطلاق سراح السنوار في عام 2011م، حَيثُ وقد ساهم السنوار منذ لحظة خروجه من السجن في بناء قوة المقاومة أمنيًّا واستخباريًّا ووجه ضربات موجعة كبدت العدوّ الصهيوني خسائر فادحة”.
ويقول مصطفى: “مسألة الثأر والانتقام من السنوار ليست مُجَـرّد تفاصيل هامشية قبل معانيها السياسية، بل تحمل دلالات سياسية عميقة؛ فقد سعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية للانتقام من السنوار؛ نتيجة الخديعة الاستخباراتية الكبرى التي وقعت بها المخابرات الإسرائيلية والتي مهّدت وسهلت تنفيذ عملية (طُـوفَان الأقصى)”، مُشيرًا إلى الدور البطولي للشهيد السنوار الذي اخترق تحصينات العدوّ العسكرية على الحدود في السابع من أُكتوبر الماضي، وقاد حركة حماس في غزة في مواجهة استمرت حتى الآن عامًا كاملًا دون أن يتمكّن جيش العدوّ الصهيوني من القضاء عليها؛ مما جعل هذه الحرب الأطول في تاريخ الكيان، في حين تؤكّـد تقارير صهيونية أن (طُـوفَان الأقصى) كبّدت العدوّ الصهيوني أكبر خسائر في تاريخه، وهو الأمر الذي يكشف الأوجاع الكبيرة التي ألحقها الشهيد السنوار بهذا الكيان الإجرامي.
شهادة السنوار مصداقية الكفاح:
بدوره يقول الكاتب والباحث الفلسطيني محسن محمد صالح: “يبدو أن الصهاينة لا يفهمون ولا يريدون أن يفهموا حركة التاريخ، ولا يستوعبون سنن الله في الكون والأمم والجماعات”.
ويضيف في مقال صحفي له: “أَنْ تقتل قائدًا أَو رمزًا لحركة عقائدية متجذرة وسط شعبها وأمتها، وفي بيئتها الاستراتيجية، وهو مقبلٌ غير مدبر، مقاتلٌ في الميدان وفي الصف الأول، باذلاً روحه ودمه حتى آخر قطرة، فَــإنَّك أحببت أم كرهت، شئت أم أبيت، ستضعُ مسماراً في نعشك”.
ويؤكّـد صالح أن استشهادَ القائد يحيى السنوار دليل عملي على المصداقية والثقة بفكرته وحركته ومنهجه وسط شعبه وأمته، ومصدر الاحترام والتقدير والإلهام لأحرار العالم.
ويبيّن أن “نجاح العدوّ الصهيوني في استمالة الأنظمة العربية والإسلامية وجعلها خاضعة وخانعة أمام مشروع الصهيونية الاستعماري غير مؤشر على نجاح الاحتلال الصهيوني في تصفية القضية الفلسطينية؛ إذ إن عوامل الصمود والكفاح والثبات ما زالت جلية وواضحة لدى كافة المقاومة الفلسطينية وحلفائها من محور المقاومة”، مؤكّـدًا أن “فصائل المقاومة الفلسطينية ستظل صامدة منتصرة على عدوها الصهيوني لا يضرها تواطؤ المتخاذلين”.
ويشير إلى أن “العدوّ الصهيوني لم يفهم أنه وقع في بيئة حضارية عريقة حَيَّة تملك مقومات الصمود والنهوض، بل وريادة الإنسانية من جديد؛ وأن المذابح والمجازر الوحشية وقوافل الشهداء ليست عوامل تطويع وتركيع لأبناء فلسطين والأمة، وإنما هي عناصر إلهام وتحفيز للمواجهة، ولتوسيع دائرة المقاومة، وتعزيز دوافع التثوير والتغيير والنهضة في البيئات العربية والإسلامية”.
ويلفت صالح إلى أن “فلسطين وبلاد الشام أرض تكفل الله لرسوله -صلى الله عليه وآله وسلم- بها وبأهلها”، مؤكّـدًا أن “عقيدة أبناء الشام تستعصي على الاستئصال والذوبان”.
ويشدّد على أن “إجرام الصهاينة ومخطّطاتهم القذرة لن تنجح في تزوير الهُــوِيَّة الفلسطينية وتشويهها وطمسها، مردفاً بالقول: “هنا وعد الله، فليوفر الصهاينة جهودهم وأموالهم وأسلحتهم ومكرهم ونفوذهم “وخيلهم ورجلهم”؛ لأَنَّها ستكون “عليهم حسرة ثم يغلبون”؛ ومهما كانت موجة عُلُوِّهم فَــإنَّ مصيرها “التتبير”.
استشهاد القائد السنوار محطة رافعة للمقاومة:
بدوه يقول الباحث الفلسطيني المتخصص في شؤون الصراع العربي الصهيوني الدكتور عليان عليان: “في المواجهة المحتدمة بين المقاومة والعدوّ الصهيوني، يتقدم القادة الصفوف للقتال في المتراس الأمامي للدفاع عن الوطن والشعب، مقدمين أرواحهم فداء للقضية ولاستراتيجية التحرير التي بايعهم الشعب على الالتزام بها، وفق عقد كفاحي عنوانُه خذوا منا ما شئتم من الدماء والصمود والتضحيات مقابل استمرار الكفاح على طريق تحرير الوطن من براثن أبشع استعمار كولونيالي استيطاني إحلالي عرفه التاريخ”.
ويضيف في مقال صحفي له “هكذا كان حال القائد الأيقونة يَحيَى السنوار الذي خاض القتال الملحمي ضد العدوّ حتى الرمق الأخير وارتقى مقبلًا غير مدبر في أشرف المعارك وأنبلها، ليلتحقَ بقافلة شهداء الوطن الكبار؛ مِن أجلِ قضية وطنه وشعبه، ومن أجل كرامة الأُمَّــة العربية من المحيط إلى الخليج”.
ويؤكّـد عليان أن الشهيد القائد يَحيَى السنوار صنع نموذجاً راقيًا في القيادة لأبناء أمتنا في أطول معركة خاضها الشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية في تاريخ الصراع العربي الصهيوني.
ويبيّن أن “معركة (طُـوفَان الأقصى) التي دشّـنها القائد التاريخي السنوار في السابع من أُكتوبر 2023 وحطّم بها معادلة الردع الصهيونية، وأذل فيها جنود الصهاينة وطرح سؤال الوجود للكيان الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية ملقيًا بالسردية الصهيونية وفزاعة اللاسامية في مزبلة التاريخ، التي باتت موضع تكذيب وازدراء أوساط عديدة في الرأي العام العالمي”.
ويشير إلى أن “القائد السنوار لم يكتفِ بما حقّقه من نصر تاريخي، بل قاد معركة الدفاع عن قطاع غزة في إطار وحدة كتائب المقاومة التي عمل على ترسيخها على أرض المعركة وفي إطار التفاف الحاضنة الشعبيّة حولها على مدى أكثر من عام، في مواجهة قوات الاحتلال التي أمدَّتها الولايات المتحدة وحلف الأطلسي بآلاف الأطنان من الأسلحة والذخائر التي ألقيت على قطاع غزة لتحصد أرواح ما يزيد عن 42 ألف فلسطيني وتصيب ما يزيد عن 98 ألفاً معظمهم من النساء والأطفال”.
ويلفت إلى أن “العدوّ الصهيوني لجأ إلى أُسلُـوب الاغتيالات مجدّدًا ليفت في عضد المقاومة، لكنه فشل فشلًا ذريعًا في تحقيق أهدافه من الاغتيالات وكشف عن غباء تاريخي بشأن عدم استفادته من تجارب هذا النهج البائس”.
ويختتم عليان حديثه بالقول: “العدوّ الصهيوني سبق أن اغتال القادة غسان كنفاني وأبو جهاد (خليل الوزير) وأبو علي مصطفى وفتحي الشقاقي والشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي والشيخ صالح العاروري، وإسماعيل هنية، وعماد مغنية وسيد المقاومة حسن نصر الله والقائمة تطول وتطول، لكن هذه الاغتيالات لم تفت في عضد المقاومة، بل زادتها اشتعالًا”.
ويضيف “مثل هذا النهج -وفق منظومة قيمنا الوطنية والقومية- يمنح الشعب والمقاومة قوة الحافز لمواصلة النضال والإصرار، على تحقيق الأهداف الوطنية والقومية في كنس الاحتلال وإزالة هذه الغدة السرطانية من قلب الوطن العربي”.
السنوار قائد استثنائي:
من جهته يصف عضو المكتب التنفيذي للفضاء المغربي لحقوق الإنسان، الدكتور فؤاد هراجة، الشهيد يحيى السنوار بالقائد الاستثنائي في تاريخ الحركات التحرّرية.
ويؤكّـد في مقال صحفي له أن “القائد السنوار، كَسَّرَ كُـلّ البروتوكولات التي ورثها القادة السياسيون وقادة الحركات التحرّرية تاريخيًّا”، مؤكّـدًا أن الشهيد السنوار كان ترجمة عملية لقوله تعالى: “أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ”، ويتجلى هذا الأمر حين أبدى كامل الاستعداد لتقديم تنازلات سياسية مقابل تحقيق وحدة وطنية مع حركة فتح، في المقابل كان الرجل صارماً في تعامله مع الكيان الصهيوني، وكان يؤمن جازماً بأن “ما أُخِذَ بالقوة لا يُسترَدّ إلا بالقوة”.
ويلفت هراجة إلى أن “معركة (طُـوفَان الأقصى) ستبقى المختبر الحقيقي الذي كشف لنا تفاصيل هذه الشخصية القيادية، شخصية نجحت في إقناع قادة الحركة بضرورة الانتقال من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم والاقتحام، أَو بكلام آخر، الانتقال من مرحلة الانفعال إلى مرحلة الفعل”.
—————————————-
المسيرة – محمد حتروش
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القائد السنوار ى السنوار إلى أن
إقرأ أيضاً:
جيش “كيان العدو” يستعد لتحويل منطقة رفح إلى منطقة العازلة
يمانيون../
قال المراسل العسكري في صحيفة “هآرتس الإسرائيلية” ينيف كوبوفيتش إن الجيش “الإسرائيلي” يستعد لتحويل مدينة رفح الواقعة جنوب قطاع غزة، والأحياء المجاورة لها، إلى جزء من المنطقة العازلة “المحيط الأمني”، مضيفًا أن هذه المنطقة، المحصورة بين محور “فيلادلفيا” جنوبًا وممر “موراغ” شمالًا، كانت موطنًا لما يقارب 200 ألف فلسطيني قبل الحرب، لكن في الأسابيع الأخيرة أصبحت المنطقة شبه خالية من السكان بعد أن أحدث الجيش فيها دمارًا واسعًا، ومؤخرًا، بعد انتهاء الهدنة، دعا الجيش السكان المدنيين الذين لا يزالون يقيمون هناك إلى إخلاء المنطقة والانتقال إلى المنطقة الإنسانية القريبة من الساحل، في مناطق خان يونس والمواصي.
وتابع: “حتى الآن، تجنّب الجيش “الإسرائيلي” إدخال مدن كبيرة مثل رفح إلى المنطقة العازلة التي بدأ بإنشائها منذ بداية الحرب على طول الحدود مع “إسرائيل””، ونقل عن مصدر في المؤسسة الأمنية قوله “إن هذه الخطوة جاءت نتيجة قرار المستوى السياسي بإعادة تصعيد الحرب في الشهر الماضي، وفي ضوء تصريح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن “إسرائيل” ستسيطر على مساحات واسعة من القطاع، ويبدو أن هناك نية لتكرار ما جرى في شمال القطاع، ولكن هذه المرة في جنوبه”.
ورأى كوبوفيتش أن لتوسيع المنطقة العازلة بهذا الشكل دلالات عديدة، ليس فقط لأن المساحة كبيرة (نحو 75 كم²، أي ما يعادل خُمس مساحة القطاع)، بل لأن عزلها فعليًا يجعل غزة جيبًا محاصرًا داخل “الأراضي “الإسرائيلية””، ويُبعدها كليًا عن الحدود المصرية، موضحًا أن هذه النقطة بالذات كانت ضمن الاعتبارات لاختيار رفح، بحسب مصادر أمنية.
ونقل عن هذه المصادر قولها “إن من بين أهداف هذه الخطوة ممارسة ضغوط جديدة على حماس، وقد تبلور في الجيش مفهوم أن “إسرائيل” لن تحظى بدعم دولي لعملية طويلة الأمد في غزة، ولا حتى من الولايات المتحدة، كما أن تهديدات بعض الوزراء “الإسرائيليين” بمنع المساعدات الإنسانية لن تُترجم فعليًا إلى سياسة، لذلك، يستعد الجيش للتركيز على أماكن يعتقد أنها قد تمارس ضغطًا على قيادة حماس، مبينًا أن منطقة رفح – بحجمها وموقعها الحدودي مع مصر – تبدو هدفًا مثاليًا”.
وأردف: “كجزء من التحضيرات، بدأ الجيش بالفعل بتوسيع محور “موراغ” من خلال تدمير المباني المحاذية له، وفي بعض الأماكن، سيصل عرض هذا المحور إلى مئات الأمتار، بل قد يتجاوز كيلومترًا واحدًا”.
ووفقًا لمصادر في المؤسسة الأمنية تحدثت إلى صحيفة “هآرتس”، لم يتم بعد اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيتم فقط فرض السيطرة على هذه المنطقة ومنع دخول المدنيين إليها كما تم في مناطق أخرى ضمن “المحيط الأمني”، أم سيتم تدمير كل المباني فيها فعليًا،بما يعني محو مدينة رفح تمامًا.
مخاطر غير ضرورية
وشدد كوبوفيتش على أنه مع بداية الحرب في تشرين الأول/أكتوبر 2023، أعلن الجيش “الإسرائيلي” عن نيته إنشاء منطقة عازلة على طول حدود قطاع غزة، تهدف إلى إبعاد التهديدات عن المستوطنات “الإسرائيلية” المحاذية، بمسافة تتراوح بين 800 متر وكيلومتر ونصف (1.5). وتبلغ مساحة هذه المنطقة نحو 60 كم² (أكثر من 16% من مساحة القطاع) وكان يقطنها نحو ربع مليون فلسطيني قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر. ووفق تقرير لمركز الأمم المتحدة للصور الفضائية صدر في نيسان/أبريل من العام الماضي، فإن نحو 90% من المباني داخل المنطقة العازلة قد تضررت أو دُمرت بالفعل.
وقال: “لكن “النشاط العسكري” الجديد لا يقتصر على المنطقة الواقعة بين محور “موراغ” ومحور “فيلادلفيا”، فقد بدأ الجنود مؤخرًا بالتمركز على طول كامل المحيط الأمني، في خطوة يبدو أنها تمهيدية” وفق تعبيره.
وفي هذا السياق، قال قائد قاتل في غزة لأكثر من 240 يومًا للصحيفة: “لم يعد هناك ما يمكن تدميره في المحيط الأمني وفي ممر “نتساريم”، فالمنطقة غير صالحة لسكن البشر، ولا داعي لإدخال المزيد من الجنود لهذه المناطق”. وأعرب هو وآخرون عن استيائهم من نية الجيش استئناف العمليات في هذه المناطق.
قادة وجنود احتياط تحدّثوا للصحيفة عن تكرار نفس الخطابات التي سمعوها في بداية الحرب، دون قراءة واقعية للميدان. فقد قال أحد الجنود من لواء احتياط: “من غير المعقول أن نعود بعد سنة ونصف لنقطة البداية. ندمر ما هو مدمر دون معرفة المدة، أو ما الهدف من العملية، أو ما الإنجاز المطلوب لتحقيقه”.
وإلى جانب الشك في جدوى الأهداف، هناك قلق من المخاطر غير الضرورية التي تهدد حياة الجنود. قال أحد القادة: “كل المباني في غزة معرضة للانهيار، وقد خسرنا العديد من الجنود بسبب انهيار مبانٍ، وكنا نقضي ساعات في إنقاذهم من تحت الأنقاض”. وأضاف: “إذا لم يفهم قادة الجيش أن الجنود مستعدون للقتال ولكن ليس للموت بسبب حوادث يمكن تجنبها، فهم بانتظار مفاجأة”.
منطقة حمراء ومنطقة خضراء
وقال كوبوفيتش: “لكن مع استئناف عمليات التجريف والسيطرة على أجزاء من قطاع غزة، من المتوقع أن تبرز قضايا أخرى، تتعلق بالمخاوف من إصابة المدنيين الغزيين”.
أحد القادة البارزين الذين قادوا القوات خلال المعارك في القطاع صرح لصحيفة “هآرتس قائلاً: “لا نستيقظ صباحًا ونضع جرافة (D9) ونهدم أحياءً”، مضيفًا: “إذا كنا بحاجة للتقدم إلى مناطق معينة، فلن نعرّض قواتنا للخطر بسبب العبوات الناسفة والألغام”.
قادة وجنود، بعضهم أدلى بشهادته لمنظمة “نكسر الصمت”، حاولوا وصف التوازن الميداني بين “لسنا هنا فقط لهدم الأحياء” وبين “لن نعرّض قواتنا للخطر”، مضيفًا: “جندي مدرعات عمل في تجريف منطقة العازل: “إذا رأينا مشتبهًا به نطلق عليه النار، ونريدهم أن يفهموا أنه لا يُسمح لهم بالخروج (من المنزل)”. وأضاف: “إذا كان مبنى يطل على السياج ويمكن إطلاق النار منه، فسيُهدم. الجرافة تمضي وتزيل كل شيء أمامها، كل شيء يعني كل شيء. انتهى الموضوع. هذا هو الأمر. لا مزاح”.
وتظهر شهادات من قادة وجنود، أن فرقة غزة أنشأت خريطة للمناطق في منطقة العازل باستخدام ألوان تتغير بين الحين والآخر. كانت المناطق تُصنف بالألوان: الأحمر، البرتقالي، الأصفر، والأخضر (يعني أن أكثر من 80% من المباني في تلك المنطقة دُمّرت). وشملت الخريطة منازل، دفيئات، عنابر، مصانع – “سَمِّ ما شئت”، كما وصفها أحد الجنود. في الواقع، تحولت هذه الخريطة إلى منافسة بين القوات لتدمير المباني، حيث سعى كل قائد لإظهار أن منطقته أصبحت “خضراء” أكثر.
بحسب الصحيفة، وبشكل عام، فقد تعود قواعد إطلاق النار إلى واجهة النقاش بسبب المواجهات المحتملة بين الجنود ومدنيين لم يغادروا منازلهم أو ضلّوا طريقهم. وقال ضابط مدرعات خدم مئات الأيام في الاحتياط بالقطاع: “لا يوجد تنظيم واضح لقواعد إطلاق النار في أي مرحلة، فأي حركة بشرية كانت تُعتبر مشبوهة لأننا قررنا ذلك، ابحث عن أي شيء يبرر وأطلق النار عليه، التمييز بين بنية تحتية مدنية وإرهابية لم يكن مهمًا، لم يهتم أحد”. وأضاف أن هذا كان حال المنطقة العازلة أيضًا.
وبحسب كلامه، كان هناك نوع من المفتاح غير الرسمي لقواعد التعامل: “رجل بالغ – يُقتل. النساء والأطفال يتم إطلاق نار تحذيري لإبعادهم، وإذا اقتربوا من السياج يُوقَفون، لا نقتل النساء والأطفال وكبار السن”. وأضاف أن معظم من دخلوا منطقة العازل كانوا رجالًا بالغين، وغالبًا لم يكونوا يعرفون أي خط منطقة القتل”.
ارتباك بأثر رجعي
ولفت كوبوفيتش إلى أنه “رغم مرور وقت طويل، وصفقات تبادل الأسرى وانهيارها، والخطر القاتل الذي اتضح أنه يهدد الجنود والأسرى على حد سواء، في إحاطة قدمها قائد الوحدة الخاصة (سييرت) في لواء غولاني مؤخرًا قبل دخولهم إلى محور موراغ، قال لجنوده: “هدف العملية هو استعادة الأسرى، حتى إن لم نصل إلى نفق أو مبنى فيه أسير… هكذا عاد الأسرى حتى الآن. كل من نصادفه هو عدو، نرصد الهدف، نطلق النار، ندمر، ونتقدم. لا تشتتوا أنفسكم في هذا السياق”.
لكن الجنود والقادة الذين تحدثت إليهم صحيفة “هآرتس” قالوا، إنهم في المعارك السابقة التي خاضوها بالمناطق التي قاموا بتجريفها وإخلائها وتسويتها بالأرض، لاحظوا لاحقًا كثيرًا من الالتباسات. “على الأقل عدة عشرات من المنازل التي دمرناها”، قال أحد جنود المدرعات، “تم تصنيفها كأهداف من قبل الجيش، لكن تبيّن لاحقًا أنها تحتوي على معدات تخص الأسرى. من كان هناك؟ ومتى؟ ولمدة كم؟ – هذه الأسئلة على الأرجح لن يُجاب عليها أبدًا”.
* المادة نقلت حرفيا من موقع العهد الاخباري