النسبة الذهبية.. جمال مثالي أم خدعة تسويقية؟
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
يروج الكثير من أطباء التجميل لما يسمى "النسبة الذهبية"، إذ يقومون بنحت ملامح الوجه بناء على نسبة رياضية يُعتقد أنها تزيد جاذبيته وتجعله أقرب إلى "الكمال"، ويستشهد هؤلاء بالتناسق والتناغم الذي تضفيه النسبة الذهبية على الأعمال الفنية والأضرحة المعمارية، وعلى انتشار هذه النسبة في الكثير من الأنماط الطبيعية من حولنا.
النسبة الذهبية هي نسبة رياضية تعتبر رمزا للتناغم والجمال، وتستخدم بشكل شائع في الهندسة المعمارية والأعمال الفنية.
يمكن استخلاص هذه النسبة بحسبة سهلة وبسيطة: إذا قسمنا خطا إلى جزأين، فإن هذا الخط يحقق النسبة الذهبية عندما يكون حاصل قسمة الجزء الأكبر منه على الجزء الأصغر يساوي حاصل قسمة طول الخط كاملا على الجزء الأكبر، ويساوي تقريبا 1.618 وهي القيمة التي تعادل "النسبة الذهبية" التي يطلق عليها أيضا اسم "النسبة الإلهية" أو"التناسب الذهبي"، ويرمز إليها بالحرف اليوناني Φ (فاي).
ويعتبر مصطلح "النسبة الذهبية" حديثا إلى حد ما، فقد تم اعتماده غالبا اعتبارا من القرن الـ19، مع ذلك، استخدم الرياضيون والفلاسفة اليونانيون القدماء هذه النسبة بشكل شائع، دون أن يطلقوا عليها تسمية "النسبة الذهبية".
فعلى سبيل المثال، اعتقد فيثاغورس، الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد، أن الأرقام والنسب هي الأساس لكل شيء في الكون، وأن الجمال يتجلى في النسب المتناسقة، بما في ذلك النسبة الذهبية، والتي كانت تستخدم في دراسة المضلعات المنتظمة، مثل الخماسي، الذي يمكن اشتقاق هذه النسبة من أبعاده.
و في كتابه "العناصر"، قدم إقليدس، الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد، وصفا رياضيا دقيقا للنسبة الذهبية التي تساوي 1.618، واعتبرها أساسا لفهم التناغم في الأشكال الهندسية.
استخدامات النسبة الذهبيةالنسبة الذهبية حاضرة بشكل كبير في الطبيعة من حولنا، وهذا أحد الأسباب التي دعت البعض لتسميتها بـ"النسبة الإلهية". على سبيل المثال، فإن ترتيب العديد من الأوراق على النباتات منسق بحيث يساوي النسبة الذهبية، التي نجدها أيضا في أنماط طبيعية أخرى مثل الأصداف وأجسام بعض الحيوانات.
كما يظهر التناسب الذهبي في جسم الإنسان كذلك، إذ يوجد نسب معينة تساوي القيمة الذهبية، مثل النسبة بين طول الذراع إلى اليد أو بين أطوال أجزاء مختلفة من الوجه.
وتستخدم هذه النسبة على نحو شائع في الأعمال الفنية، والتصميمات الهندسية للوصول إلى نتائج متناسقة مريحة للعين، فقد استخدمها الفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي في لوحاته الشهيرة مثل "الرجل الفيتروفي" والموناليزا، كما استخدمت في العديد من التصاميم المعمارية، وأبرزها معبد "البارثينون" الإغريقي الشهير في أثينا.
النسبة الذهبية في عمليات التجميلفي القرن 21، لم يعد استخدام النسبة الذهبية مقتصرا على الرياضيين والمعماريين والفنانين، فقد انضم أطباء التجميل إلى القائمة أيضا، وراحوا يروجون إلى النسبة الذهبية على أنها الوسيلة الفضلى للحصول على وجه جميل بشكل مثالي، كونها تخلق تناغما وتناسقا في ملامح الوجه.
يستخدم أطباء التجميل اليوم النسبة الذهبية بأشكال متعددة، فيحددون من خلالها على سبيل المثال المسافة المثالية بين العينين، والطول الأنسب للوجه، كما يقومون برسم الملامح، بحيث تتحقق النسبة الذهبية في أبعاد معينة مثل نسبة عرض الجبهة إلى عرض الوجه.
وتستخدم هذه النسبة بشكل شائع في جراحة الأنف التجميلية على وجه الخصوص، وذلك لتحديد الطول والعرض الأنسب للأنف قياسا إلى باقي ملامح الوجه. كما تستخدم كذلك لتحديد حجم الشفاه وشكلها بالنسبة للوجه، وتحديد النقاط المثالية لحقن الفيلر أو البوتوكس بطريقة تعزز تناسق الوجه، وفي تحديد شكل خط الفك وعمق الذقن.
ولا يقتصر تطبيق هذه النسبة على الوجه فقط، بل استخدمت كذلك في الإجراءات الجراحية في كافة أنحاء الجسم مثل عمليات شد الثدي والبطن. وكل تلك الإجراءات يدعي أطباء التجميل بأنها تعزز الجاذبية وتمنح المرأة جمالا مثاليا.
وقد زاد الولع بالوصول إلى المثالية عبر تطبيق النسبة الذهبية من خلال العمليات الجراحية، بعد زعم العاملين في مجال الإجراءات التجميلية أن هذه النسبة تنطبق على وجوه أبرز الجميلات في العالم، مثل عارضة الأزياء الفلسطينية بيلا حديد، والتي يحقق وجهها هذا التناسب بنسبة 94.35 بالمئة.
جمال مثالي أم خدعة تسويقية؟على الرغم من الرواج الكبير الذي حققته "النسبة الذهبية" في عالم التجميل، فإن كثيرين يعتقدون أن هذه النسبة مجرد خدعة تسويقية، تغري النساء لدفع مبالغ باهظة لجراحي التجميل في سبيل الوصول إلى "الكمال".
في الواقع هناك العديد من الأسباب الوجيهة التي تجعلنا نعتقد أن تطبيق النسبة الذهبية على الوجه لا يجعل منه أكثر مثالية وجمالا بالضرورة، بل على العكس من الممكن أن يشوه الجمال الطبيعي.
وهذا ما أثبتته دراسة استعرضت وجوه الفائزات بمسابقات الجمال ما بين عامي 2001 و2015، ووجدت أن وجوه معظمهن لا تحقق النسبة الذهبية.
ولإثبات عدم وجود علاقة وثيقة بين النسبة الذهبية والجمال، دأب كثيرون لتعديل صور الجميلات حول العالم بحيث تصبح مطابقة للنسبة الذهبية، وقاموا بمقارنة الصور المعدلة مع الصور الحقيقية لتكون النتيجة صادمة، فقد شوهت النسبة الذهبية وجوه أبرز الفنانات المشهورات بجمالهن، مثل أنجلينا جولي، وريهانا وإميليا كلارك ومارغوت روبي وغيرهن.
بالإضافة إلى ذلك، من الناحية الفلسفية يعتبر الجمال مفهوما معقدا أبعد ما يكون عن الأبعاد الرياضية، فهو يتسم بالنسبية ويرتبط بالتفضيلات الشخصية والمعايير الثقافية والاجتماعية، كما أن وجود أنماط مختلفة من الوجوه يعكس تنوعا جماليا فريدا ويضفي طابعا شخصيا على الجمال لا يمكن الوصول إليه عبر تطبيق نسبة رياضية على وجوه جميع النساء في العالم.
عدا عن أن فكرة تطبيق النسبة الذهبية في عالم التجميل بهدف الوصول إلى الجمال المثالي، تتعارض مع جوهر هذه النسبة ومعناها، إذ يشير التناسب الذهبي وفقا لأرسطو إلى الاعتدال ويعتبر نقطة وسطية ما بين الإفراط والتفريط، ويرمز إلى الجمال الطبيعي الذي لا يمكن بالتأكيد الوصول إليه من خلال إجراءات جراحية تسعى إلى الكمال.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أطباء التجمیل هذه النسبة
إقرأ أيضاً:
جالانت يكشف: صورة "النفق الضخم" في محور فيلادلفيا كانت خدعة إعلامية من الجيش الإسرائيلي
فجّر وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت مفاجأة من العيار الثقيل، بعدما كشف أن الصورة الشهيرة التي نشرها الجيش الإسرائيلي لنفق ضخم في محور فيلادلفيا جنوب قطاع غزة، كانت مفبركة ولا تمت للحقيقة بصلة، مؤكدًا أن ما تم تصويره لم يكن نفقًا كما زُعم، بل خندق بسيط لا يتجاوز عمقه مترًا واحدًا.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن جالانت تأكيده أن الصورة استخدمت لأغراض دعائية وسياسية، وأنه لم يُعثر أصلًا على أي نفق ضخم في المنطقة كما تم الترويج، بل تم تصوير قناة صرف مياه بسيطة على أنها نفق للمقاومة الفلسطينية، في محاولة لتضخيم أهمية محور فيلادلفيا وخلق رواية أمنية مضللة.
جيش الاحتلال: نقوم بتوسيع محور "موراج" الفاصل بين خان يونس ورفح الفلسطينية الاحتلال الإسرائيلي يصعّد عدوانه في الضفة الغربية.. تفجير منازل واعتقالات وهدم عمارة سكنية هدف دعائي لتأخير صفقة تبادل الأسرىوأوضح وزير الدفاع السابق أن الغرض من نشر الصورة، التي أثارت جدلًا واسعًا حينها، كان تسويق وجود أنفاق تحت محور فيلادلفيا، وذلك بهدف المبالغة في أهمية الطريق من الناحية الأمنية، فضلًا عن تأخير صفقة تبادل المحتجزين مع حركة حماس، من خلال الإيحاء بوجود إنجازات ميدانية نوعية.
تعود الصورة التي أشار إليها جالانت إلى أغسطس الماضي، حين نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية، وزعمت أن الجيش اكتشف نفقًا ضخمًا تابعًا للمقاومة الفلسطينية، يبلغ ارتفاعه عدة أمتار ويتكون من 3 طوابق، وهو ما تم وصفه حينها بـ "الإنجاز العسكري غير المسبوق".
خداع إعلامي برعاية الجيش الإسرائيليفي التفاصيل، أظهرت الصورة المتداولة مركبة عسكرية إسرائيلية تخرج من النفق، في مشهد بدا دراميًا، زعمت تل أبيب من خلاله أنها تسيطر على أهم ممرات التهريب إلى قطاع غزة.
إلا أن جالانت صرّح الآن بأن ما صُور لم يكن إلا قناة تصريف مياه عادية، وقد تم تضليل الجمهور والإعلام بها.
وأكد الوزير السابق أن محور فيلادلفيا لم يكن يحتوي على شبكة أنفاق كما رُوّج، مشيرًا إلى أن تصويره كمعبر رئيسي لتهريب السلاح إلى قطاع غزة هو أمر بعيد عن الواقع، ويخدم أجندات سياسية وأمنية محددة أكثر مما يخدم الحقيقة أو التقييم العسكري الموضوعي.
ردود فعل متوقعةومن المتوقع أن تُحدث هذه التصريحات ردود فعل قوية داخل إسرائيل وخارجها، لا سيما من قبل وسائل الإعلام التي اعتمدت الصورة كدليل ميداني، وكذلك من قبل عائلات الأسرى والمحتجزين، الذين اعتبروا أن تلك الخدعة الإعلامية كانت سببًا في تأخير إطلاق سراح أبنائهم.
تأتي تصريحات جالانت في وقت تتصاعد فيه الانتقادات للقيادة العسكرية الإسرائيلية بسبب فشلها في تقديم صورة دقيقة للواقع الميداني في قطاع غزة، مع تزايد الضغوط الشعبية والسياسية للكشف حقيقة الوضع الأمني على الأرض بعيدًا عن الدعاية الرسمية.