منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة

اعداد وتحرير / مركز الالق للخدمات الصحفية

تقرير : إيمان إبراهيم

الخرطوم 22 اكتوبر 2024 – شهد الخامس عشر من أبريل تحولًا جذريًا في تاريخنا السياسي والاجتماعي، حيث اندلعت حربٌ طالت أكثر مما توقعه البعض، لتُلقي بظلالها القاتمة على الجميع. بين لجوء ونزوح وتهجير قسري، أو البقاء تحت وطأة نيران الحرب، وجدت الأسر السودانية نفسها في مواجهة واقعٍ مرير لم يكن في الحسبان.


امتدت آثار الحرب لتتجاوز ميادين القتال، مخلفةً واقعًا جديدًا ومعاناةً عميقة. فلم تعد البيوت آمنة، وانقطعت سبل كسب العيش، وساد النهب والسلب والاغتصاب والقتل.
في خضم هذه الفوضى، لم تجد الكثير من النساء بدًا من الفرار من منازلهن بحثًا عن ملاذ آمن لبناتهن وأطفالهن وكبار السن، لتُضاف إلى أعبائهن مسؤوليةٌ جديدة، وتُجبرهن على خوض تجارب قاسية ومريرة خارج أسوار بيوتهن التي كانت يومًا ما ملاذًا آمِنًا.

رحلات النزوح والبحث عن الأمان:

قررت (ش م) الفرار من جحيم الحرب، فانطلقت مع ابنها وزوجته وأطفالهما نحو مدينة مدني، رحلةٌ طالت مسافتها بسبب كثرة نقاط التفتيش والمضايقات. كان الطريق محفوفًا بالمخاطر، فالحريق والدمار يحيطان بهم من كل جانب، فيما يتعرض الشباب المرافقون لأسرهم للسَبّ والاتهامات من قوات الدعم السريع.
وصلت (ش م) وأهلها إلى مدني مرهقين من عناء السفر، لكن لم يهنأ لهم بال حتى اندلعت المعارك في المدينة، فاضطروا للفرار مرة أخرى دون وجهة محددة، يبحثون فقط عن مكان بعيد عن أصوات الرصاص.
سبع كيلومترات قطعوها مشيًا على الأقدام، ليجدوا ملاذًا مؤقتًا في قرية صغيرة. لم يجد ابنها عملًا هناك، فنصحه أحد الشباب بالذهاب إلى مناطق التعدين بحثًا عن فرصة. ترك لهم بعض المال ووعدهم بإرسال المزيد لاحقًا، لكن سرعان ما اقتحمت قوات الدعم السريع القرية، واستولت على كل شيء، حتى الهاتف والنقود القليلة المتبقية.
اضطروا للنزوح مرة ثالثة، ليستقروا في دار إيواء، يترقبون بأمل أن يعرف ابنهم مكانهم ويعود إليهم.
مدارس تحولت إلى ملاجئ:
تحولت المدرسة إلى ملجأ يضم العديد من النساء والأطفال بظروف مختلفة، مكانٌ يضيق بالحياة رغم اتساعه. غاب تلاميذها ليحل محلهم آخرون لم يأتوا صباحًا يسابقون الجرس، بل تطاردهم وأسرهم أصوات الدانات وطلقات الرصاص.
وجدت تهاني حسن نفسها مضطرة لمغادرة منزلها واللجوء إلى مدرسة، بعد أن أصبح إيجار الغرفة في مدينة “آمنة” عشرين ألف جنيه، ثقلٌ لا تطيقه.
تحكي تهاني عن معاناة ابنها ذو العشر سنوات، الذي يستيقظ كل صباح مرعوبًا متسائلاً: “ليه إحنا هنا؟ أنا مفروض أكون في بيتنا والصبح أمشي المدرسة، إحنا نايمين في الكنب!” ثم يعود إلى نومه مُثقلًا بالهموم.
تتساءل تهاني: هل يدرك مُشعلو الحرب المُصّرين على استمرارها مستقبل هؤلاء الأطفال الذين كانوا محظوظين بالنجاة بحياتهم؟ هل يعلمون أنهم حرموا من المدرسة لأكثر من عام ونصف؟ وأن طفلًا كان عمره ست سنوات عندما اندلعت الحرب، سيلتحق بالمدرسة وهو في الثامنة من عمره، حتى لو توقفت الحرب الآن؟ وسيجلس بجوار طفل في السادسة؟
تتفاقم المشكلات اليومية التي تبدو بسيطة في ظاهرها، فالمكان الذي صُمم لإقامة محدودة لعدد من التلاميذ لا تتجاوز ثماني ساعات، تحول إلى ملجأ تتشاركه عشرات الأسر، كل ما يرجونه هو الحفاظ على حياة أبنائهم. تستيقظ الأمهات مع شروق الشمس، ويُسبقهنّ القلق حول كيفية تدبير شؤون اليوم، والأيدي تنتظر من يمدها بقليل من الدقيق والسكر.
تروي سهام معاناتها في الذهاب إلى الحمام ليلاً، فالحمامات بعيدة عن الفصول، والمكان مظلم. تقول: “بعد فترة قصيرة، أُصيب ابني بالحمى، كان يعاني من الأملاح والتهاب البول. لاحظت أنه قلل من شرب الماء حتى لا يضطر للذهاب إلى الحمام المشترك.”

“حبوبة” .. رمز الصمود:

تحت الشجرة وُضع سريرٌ بسيطٌ لـ “حبوبة” كما يناديها الجميع، امرأةٌ محاطة بالأطفال والأمهات يُسارعون لخدمتها رغم وجود بنات ابنتها معها. اقتربتُ منها وسألتها: “هل أنتِ بخير يا حبوبة؟” لكن عبارتي البسيطة أيقظت أحزانها وردّت بسرعة: “نعم بخير، عندما غادرت بيتي كنت أحزن على ابنتي الوحيدة التي ماتت في العرضة وأنا صائمة رمضان. كانت مع ابنتها في حي العباسية، لا أنا ولا بناتها لحِقنا بالدفن. حي العرضة الذي نذهب إليه مشيًا على الأقدام من حي العباسية قسا علينا، حربٌ ضروس لم نشهد لها مثيلًا. كنا في حي البوستة زمان، أتذكر الحرب العالمية، كان عندما تكون هناك غارة تُرنّ صفارة الإنذار حتى يتمكن الناس من الاختباء. لكن هؤلاء لا يحترمون كبار السن.”
اكتفيتُ بالرد عليها: “إن شاء الله نرجع يا أمي”. ردّت قائلةً: “إن شاء الله سترتنا تكون في بيوتنا ويدفننا الأحباب والجيران”.
أملٌ وسط اليأس:
تتواصل العبرات والأحزان رغم محاولة التعايش في هذا المكان الذي يتسابق الجميع فيه لخدمة بعضهم بعضًا، خاصةً الشابات. تقول (م.خ): “اعتدتُ كل صباح أن أُقدّم الشاي لكل المقيمين صدقةً لروح والدتي. حاولنا تجنّب الخطر فخرجنا بها من أمدرمان بداية أيام الحرب، لكن لحقتنا الحرب في الجزيرة. دخل الدعم السريع ونهبوا وروعوا الجميع وأخذوا العربات. خرجنا بأمي على عربة كارو لكنها لم تحتمل، ماتت في الطريق قبل أن نصل إلى أقرب مدينة، دفناها في أقرب قرية، الناس ما قصّروا”. وتُواصل قائلةً: “جاءت الأخبار أن بيتنا في أمدرمان نُهب بالكامل ودكان والدي أيضًا. لا يهمني من ينتصر ومن ينهزم، خسرنا كل شيء بسبب الحرب، فلا بيتنا هناك ولا أمي معنا”.
تتعدد القصص وتتشابه في فقد الأحبة والأهل والديار، ويزداد الإحباط مع كل خبر سقوط منطقة جديدة وتهجير سكانها. لكن رغم كل شيء، يظل هناك من يُشعّ النور من داخلهنّ، ويُحوّلن هذا المكان إلى محطة مؤقتة يمكن تجاوزها والاستفادة منها، لا مكانًا للتعود على المعاناة أو التعايش معها. نساءٌ يؤكدن أنهنّ دائمًا صانعات للحياة، مثابرات، ويُجدن مساندة بعضهن بعضًا.
صناعة الحياة من رحم المعاناة
تقول تهاني حسن: “دائمًا أفكر في أسباب الحرب وكيفية تفاديها مستقبلًا، ولأنني أؤمن بالتغيير من خلال الفن، سَعَيْتُ للاستفادة من هذا المناخ الذي تعددت فيه الثقافات، فجمعت الألعاب الشعبية للأطفال ووجهتها نحو مشروع بناء السلام، و درّبتُ عليها الأطفال، من ضمنهم ابني الذي كان يستيقظ مرعوبًا. أحب الأطفال هذه الألعاب، فأنا أعتقد أن من أسباب الحروب أننا لا نعرف بعضنا بعضًا”.
في دار إيواء آخر، تحكي (م. الحاج) قصةً مُشابهةً لِما تعيشه زميلتها، فتقول: ” جئت من أمدرمان يلفني الحزن على كل شيء، على وطن ينهار أمام أعيننا. شهدتُ هذا الانهيار في القيادة العامة، وخاب ظني بأن هذا الفعل سيتكرر على عموم الشعب السوداني. خرجتُ من أمدرمان والتجأتُ إلى مدني، ووجدتُ أن الفنانين الذين سبقوني إليها قدّموا عملًا اجتماعيًا مُلْهِمًا، وأسسوا مشروعهم الفني، وكنتُ منهم”.
“ظننا أننا سنقدر على مواجهة هذه المِحنة، فشاركتُ في عدد من الأعمال الدرامية التي تساعد على التعافي من صدمة الحرب. فكرتُ في فكرة البناء أثناء الهدم، وتساءلتُ: هل يمكن الاعتماد على مثل هذه الأفكار بعيدًا عن المسرح؟ فاخترتُ العمل مع الأطفال، ونفّذتُ مشروعي بمساعدة اليونيسف، فبدأت الحياة تعود، وأصبح لنا هدفٌ نستيقظ من أجله، ونفترق في نهاية اليوم وقد مَلَأنا قلوبنا – أنا والأطفال – أملاً بأن الحرب ستنتهي وستكون لنا حياةٌ أفضل. لكن سقوط ود مدني كان قاسيًا، حيث توقف هذا المشروع، إلا أنني لم أتوقف عن العمل”.
في ذات السياق، تُعبّر (أ.أ) عن قلقها الدائم حول دور المسرح قائلةً: “لطالما راودني سؤالٌ حول المسرح: هل هو مجرد فن ترفيهي يأتي بعد تأمين الاحتياجات الأساسية للحياة من مأكل ومشرب ومسكن؟ لقد حان وقت الإجابة، فالمسرح وسيلتنا لإعادة ترتيب حياتنا، فهو يقودنا نحو التفكير بطريقة سليمة، وهذا ما أثبتته تجارب المسرحيين في دور الإيواء في كسلا وبورتسودان وشندي، وحتى بعض مناطق أمدرمان وفي النيل الأبيض، حيث أقاموا صلةً وثيقةً بين الفن والمجتمع”.
تضيف (أ.أ): “لحسن الحظ، في أواخر العام 2022، قامت المؤسسة التي أعمل بها بمشروع تدريبي للفنانين والإعلاميين بالتعاون مع مركز “الألَق للخدمات الصحفية”، ولم يكن هذا المشروع الأول من نوعه، لكن هذا التدريب ركّز على شرح عدد من المواثيق الدولية والاتفاقيات التي تحث على الحفاظ على حقوق الإنسان. كان التدريب شاملاً حول أوضاع النساء في أوقات النزاعات، وتضمّن حديثًا مستفيضًا عن القرار 1325 والدور الملزم تجاه النساء من وقاية وحماية، ودورهن في المشاركة في عمليات السلام وبناء السلام. تذكرت هذا، وجال بخاطري أن مؤسستي وشريكها مركز “الألَق” كانا يسابقان الوقت في إعداد الإعلاميات في وقت ظننا أن السلام سيعم بلادنا”.
“وتواصل (أ.أ) “وحينما أنظر إلى ما تقدمه النساء داخل دور الإيواء أو حتى في المناطق شبه الآمنة، أتأكد من الوعي الكبير لدى هؤلاء النساء – وخاصةً الشابات – بأدوارهن تجاه المجتمع. فغالبية النساء كن وجهًا لوجه أمام الاعتداءات، سواءً عليهن أو على بقية أفراد الأسرة، وتجرّعن مرارة النزوح واللجوء. وحتى المقيمات في الولايات التي لم تصلها الحرب يعشن في خوف وأمل”.
وتختتم إفادتها قائلة: “يتعاظم دور النساء في هذه الحرب التي استهدفت أجسادهنّ وحوّلتها إلى ساحةٍ لها، لتُكابِدنَ المرارات المختلفة، ويتجاوزن منظر موت الأهل والأحباب دون إقامة عزاء، أن يشهدن توقف أبنائهن عن الدراسة وموتهم في حرب عبثية. إن قيام كل امرأة بدورها أمرٌ يستحق التقدير، فالأمر أعمق من أناشيد للأطفال أو ألعاب شعبية أو استقطاب دعم لتوفير الطعام أو الدفء. ما يقمن به هو صوتٌ يدعو للحياة، صوت يعلن أن دور النساء لا ينتهي بانتهاء الحرب والعودة إلى البيوت ومزاولة أعمالهنّ – لمن اخترن العمل خارج المنزل – فالنساء شريكات في التنمية واستدامة السلام، وهن من دفعن الفاتورة الأكبر في هذه الحرب”.

ينشر هذا التقرير بالتزامن في منصات المؤسسات والمنظمات الإعلامية والصحفية الأعضاء بمنتدى الإعلام السوداني
#ساندوا_السودان
#Standwithsudan

الوسومآثار الحرب في السودان حرب الجيش والدعم السريع حقوق النساء دور الإيواء

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان حرب الجيش والدعم السريع حقوق النساء دور الإيواء کل شیء

إقرأ أيضاً:

حلقة نقاشية حول دور الفن في دعم الفنانين اللاجئين.. تفاصيل

في إطار التزامها المستمر بالمشاركة المجتمعية وإيمانها بضرورة منح الفرص لكل المواهب الفنية، عقدت مؤسسة "كلتشرفيتور- آرت دي إيجيبت" بالتعاون اليونسكو جلسة نقاشية حول دور الفن والثقافة في دعم الفنانين اللاجئين وتمكين البشر في ضوء معرض "النساء يروين حكايتهن" و "أصداء" بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، وذلك بحضور ومشاركة نوريا سانز مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في القاهرة، ونادين عبد الغفار مؤسسة آرت دي إيجيبت.  


وناقشت الجلسة أهمية خلق مساحة لسماع أصوات تستحق أن تُسمع مثل الفنانين اللاجئين، كما استعرضت الأعمال الفنية والأشغال اليدوية التي شارك بها 20 فنانا من السودان في فعاليات معرض "النساء يروين حكايتهن" و "أصداء" ضمن النسخة الرابعة من معرض "حي القاهرة الدولي للفنون" (CIAD)، والذي تنظمه مؤسسة "كلتشرفيتور- آرت دي إيجيبت" في الفترة من ١٠ إلى ٣٠ أكتوبر الجاري وذلك في ثلاثة مواقع رئيسية بمنطقة وسط البلد وهي سينما راديو، والمصنع، وآكسس آرت سبيس. 


وقالت نادين عبد الغفار، مؤسسة "كلتشرفيتور- آرت دي إيجيبت": "نؤمن في أرت دي إيجيبت بضرورة إتاحة الفن للجميع، وأنه الوسيلة التي يمكن من خلالها التعبير عن المجتمع وقضاياه، وتعريف الآخرين بالهوية والثقافة". مضيفة أن الروابط بين مصر والسودان وثيقة وتضرب في أعماق التاريخ.

وتابعت : " ووسط الأزمات التي يمر بها، تمثل مشاركة الفنانين السودانيين في "حي القاهرة الدولي للفنون" خاصة السيدات منهن تكريما وتقديرا لقوة المرأة السودانية ومرونتها، ويسلط الضوء على شجاعتها وتضحياتها وسط فوضى الحرب.


وأشارت "عبد الغفار" إلى أن أعمال الفنانات السودانيات تعكس تجاربهن والثقافة المحلية وهو ما يرفع وعي زوار حي القاهرة الدولي للفنون بالقضايا الهامة وبمدى التأثير العميق للصراع على حياة هؤلاء النساء، وتشجع الجمهور على التفاعل بعمق مع الأعمال الفنية، والتعرف على قوة القصص البصرية في الدعوة إلى السلام والعدالة، وكيفية تعامل الفن مع فكرة الانتقال إلى دولة أخرى بالنسبة لسكان مناطق الصراعات خاصة النساء.


وقالت نوريا سانز مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في القاهرة: "يأتي تعاون منظمة اليونسكو مع مؤسسة أرت دي إيجيبت في تنظيم معرض للفنانات السودانيات ضمن معرض "حي القاهرة الدولي للفنون" في إطار جهود منظمة اليونسكو الممتدة لدعم المجتمع والفنانين السودانيين وإبراز إبداعهم وقدرتهم على التعبير عن مجتمعهم المحلي والقضايا التي يواجهونها". 


وأكدت مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في القاهرة، على أهمية تطبيق توصية عام 1980 بشأن وضع الفنانين واتفاقية عام 2005 والتي تدعو إلى حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي وآليات دعمها؛ لذلك يأتي تنظيم المعرض ليوفر منصة هامة يمكن للفنانات السودانيات من خلال مشاركتهن فيها الترويج لأعمالهن الفنية ورسائلهن، وعرض تعبيرهن الإبداعي، ومشاركة وجهات نظرهن وخبراتهن، والتحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يواجهنها كفنانات في مرحلة انتقالية.


وأشارت "سانز" إلى أهمية الاستماع إلى أصوات النساء في حرب السودان؛ وتسليط الضوء على قصصهن والتي غالبا ما يتم تجاهلها وسط الصراع، ومن خلال الأعمال الفنية المميزة لهن نتعرف على روايتهم الخاصة في مواجهة الأزمات وقصص صمودهن والمرونة والأمل في مواجهة الشدائد التي لا يمكن تصورها، مؤكدة على أهمية وضع خارطة طريق وصياغة استراتيجيات العمل وتعزيز التعاون بين أصحاب المصلحة من القطاع العام والجمعيات المهنية والمجتمع المضيف.


وقالت الفنانة هالة نور الدين، أن مشاركتها هذا العام هي الثانية مع أرت دي ايجيبت حيث سبق شاركت في الدورة الماضية بعد خروجها من السودان بعد الحرب مباشرة، وأضافت أنه لا توجد أي كلمة يمكن أن تعبر عن التجربة المريرة التي مروا بها والصدمة التي عاشوها من لحظة معرفتهم ببدء الحرب، وكان لديهم بريق أمل أن كل شيء سينتهي وتعود البلاد كما كانت، ولكن لم يحدث هذا.


وتابعت في حديثها : " أن أصعب شيء في الدنيا هي الحرب، وأصعب قرار أن تخرج من بيتك؛ لذلك تعتبر لوحاتها اسقاطات من التجربة المريرة التي عاشتها هناك.


كما عبرت عن سعادتها بما تفعله أرت دي ايجيبت من تجميع لكافة الفنون حول العالم في مكان واحد، فالفن هو الأمر الوحيد الذي في استطاعته أن يخرجنا من الضغوط النفسية، ويعطينا متنفس وحياة.


وقالت الفنانة ريان جمال، أن الحقيبة هي أهم شيء في الحرب فهي البيت وهي المستقبل الذي تحمل بداخله الماضي، كما أنها حاضرهم حيث يحملون بداخلها أوراقهم.


وأضافت : "أن الحقيبة تحوي على ذكرياتهم عن وطنها السودان، واستطاعت أن تضع في حقيبتها رسمة واحدة وهي ما تذكرها بحياتها في السودان.


وتابعت ريان في حديثها، أن المعارض الفنية نقطة التقاء عالمية؛ حيث يعبر الكل عما بداخله بنفس الطريقة، لا اللغة أو الجنسية تهم هنا، فاللغة هنا هي الفن الذي يشترك فيه الجميع. 


وتحدثت عن الحرب قائلة : " أنه أقسى على النساء لأنهن من يخضن الرحلة ويواجهن العالم، غير الاعتداءات التي يتعرضن لها طوال الطريق؛ فالتحديات صعبة والتجربة مريرة وصعب أن تُحكى لذلك تحاول النساء التعبير عنها بالفن.


وتحدث الفنان محمد عثمان، عن معرض حي القاهرة للفنون قائلا إن أرت دي إيجيبت تقوم بعمل رائع حيث يلتقي الكثير من فنانين العالم في مكان واحد فتكون فرصة للتعرف على أنواع مختلفة من الفنون الإبداعية.


وأضاف : "أن الفن هو مفتاح لإلقاء الضوء على المشاكل والصراعات، فكل ما يحاول الفنانون فعله هو التعبير عما يحدث حتى يكون هناك بريق أمل لأن ما حدث مؤسف وصعب ولا يتمنى أحد الحرب، وهو يحضر لعمل كبير قريبا عن الحرب والسلام.
وقالت الفنانة السورية منار محيي الدين، أنها رسمت حقيبة مرسومة عليها قلب بشري وريشة تعبر عن بداية الحرب، وهي نعبر عما فعلوه أو ما قرروا مغادرة سوريا؛ فقد وضعوا أشياءهم الضرورية في هذه الشنطة، وكان أول ما وضعته هو أدوات الرسم لأنها مهمة جدا بالنسبة لها.


وأضافت : " أن الحقيبة تعبر عن كل ما هو ضروري والريشة على الحقيبة هي الحرية بشكل عام، وحرية المرأة بشكل خاص؛ فالمرأة حرة ويجب أن تخرج من القوقعة التي وضعتها فيها المجتمعات العربية.


وتابعت أن تأثر الشخص بالحرب يرجع إلى طبيعة شخصيته، ولكن الخوف على المرأة أكبر لأنها كائن عاطفي أكثر، ويوضع عليها الكثير من القيود أثناء الحرب.


وأعربت أكاتسوكي كاتاهاشي، أخصائي برنامج الثقافة للمكتب الإقليمي لليونسكو في مصر والسودان، عن سعادتها بالتعاون مع "أرت دي إيجيبت" في تنظيم معرض الفنانات السودانيات في القاهرة هذا العام والذي سبقه ورشة عمل، مشيرة إلى أن المعرض يمثل لهؤلاء الفنانات فرصة للتعبير عن أنفسهم ومشاركة تجاربهم في مجتمعهم وأيضًا رحلتهم من بلادهم إلى القاهرة، مؤكدة أن المعرض يعزز فكرة التفاعل والحوار بين اللاجئين والمجتمع المضيف في مصر. 

حي القاهرة الدولي للفنون


يشار إلى أن "حي القاهرة الدولي للفنون" معرضًا موازياً للنسخة الرابعة من معرض "الأبد هو الآن"، المقرر إقامته في منطقة أهرامات الجيزة في الفترة من ٢٤ أكتوبر إلى ١٦ نوفمبر، ويشارك فيه عدد من الفنانين من مصر والسعودية وأمريكا، بلجيكا وإيطاليا وفرنسا، ويقدم كل منهم أعمالا تتنوع بين الفيديو، المنحوتات، اللوحات، والعروض الحية، ما يظهر تفاعل الفن المعاصر مع السرديات التاريخية والثقافية لمنطقة وسط البلد.

مقالات مشابهة

  • أخنوش: النضج السياسي الذي يطبع الأغلبية الحكومي كان سبباً في تجاوز تعطيل المشاريع التنموية التي ورثناها في السنوات السابقة
  • نساء السودان يروين قصصهن: أفلام ملهمة من سينمات بنات
  • مباشر. اليوم الـ382: حزب الله يستهدف ضواحي تل أبيب وإسرائيل تقصف مراكز الإيواء بغزة وبلينكن في المنطقة
  • محمد القس عن ردود فعل شخصيته بمسلسل برغم القانون.. «النساء نساء»
  • ما الذي نعرفه عن مؤسسة القرض الحسن التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي في لبنان؟
  • ما الذي نعرفه عن مؤسسة القرض الحسن التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي بلبنان؟
  • حلقة نقاشية حول دور الفن في دعم الفنانين اللاجئين.. تفاصيل
  • بمشاركة 20 فنانا من السودان.. حلقة نقاشية حول دور الفن في دعم الفنانين اللاجئين
  • نساء إفريقيات رائدات يتحّدن لمكافحة سرطان الثدي في القارة