إبراهيم عيسى: صهينة منتقدي المقاومة أمر "قمة الفاشية"
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
أكد الإعلامي إبراهيم عيسى، مقدم برنامج "حديث القاهرة"، أن الحديث لابد أن يكون بشأن الخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة وهناك أزمة ابعد من ذلك، موضحًا أنه لابد من إيجاد مسار حقيقي للتقدم والتنمية والتطرف والجميع هو من يحدد هذا المسار وليس طرف واحد، منوهًا بأن هناك صعوبة في الوصول وتحقيق هذا الإنجاز للتخلص وحل الأزمة الراهنة.
وأضاف "عيسى"، خلال تقديم برنامج "حديث القاهرة"، المُذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، أن الأزمة في المجتمع له علاقة بارزة بأن كل التيارات الحكومة والمؤسسات والتيارات السياسية والمؤسسات الدينية يعتقدون في أنفسهم أنهم فقط من يملكون الحقيقة الكاملة الواحدة، موضحًا أنه عند مناقشة أي طرف هناك تشبث بفكرة الحقيقة الكاملة.
وتابع: "أركان المجتمع قائمة على فكرة إما معًا أو ضدًا.. انت ضد المقاومة وتنتقد المقاومة يبقى أن صهيوني وهي قمة الفاشية، الفاشية تعني رأي هو الصح ورأي الأخر خطأ"، مشددًا على أن قمة الفاشية هي سيدة التفكير المصري الآن، منوهًا بأن الاختلاف في الرأي ثقافة لا تسود في مجتمعنا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: إبراهيم عيسى الاختلاف الازمة الاقتصادية حديث القاهرة الإعلامي إبراهيم عيسى
إقرأ أيضاً:
دولة 56 الحقيقة المغيبة
تُعد فترة الحكم الوطني الأولى في السودان، التي قادها كلاً من السيد إسماعيل الأزهري والسيد محمد أحمد المحجوب، واحدة من أكثر الفترات إثارة للجدل في التاريخ السياسي السوداني. فحين يرى البعض أنها كانت بمثابة حقبة ذهبية من الديمقراطية والبناء الوطني، يعتبرها مرحلة اتسمت بنوع من الاضطراب وعدم الاستقرار. كما ظل استقلال السودان نفسه محل اختلاف في الكثير من الروايات التاريخية، يصفه الأزهري الذي تعود جذوره إلى غرب السودان بأنه تحقق "من غير طق ولا شق"، أي من دون حاجة إلى كفاح مسلح أو ثورة دامية، على عكس ما حدث في دول إفريقية أخرى مثل الجزائر أو كينيا.
وقد بدأ السيد إسماعيل الأزهري، قائد الحركة الوطنية وزعيم الحزب الوطني الإتحادي مسيرته السياسية منادياً بالوحدة مع مصر، وتحول لاحقاً إلى تبني فكرة الاستقلال الكامل للسودان. ثم تولى منصب أول رئيس وزراء للسودان المستقل عام 1956، ثم أصبح رئيساً لمجلس السيادة حتى أطاح به انقلاب جعفر نميري عام 1969. ولعب الأزهري دوراً محورياً في استقلال السودان، حيث قاد المفاوضات السياسية التي أدت بالفعل إلى إعلان الاستقلال دون حاجة إلى كفاح مسلح. وشكّل مع محمد أحمد المحجوب، السياسي والدبلوماسي البارع، ثنائياً سياسياً متميزاً. ثم تولى رئاسة الوزراء مرتين (1965-1966 و1967-1969)، واشتهر بحنكته السياسية وبراعته في الخطابة والكتابة، بالإضافة إلى تركيزه على تعزيز علاقات السودان مع العالم العربي والإفريقي. ومع ذلك، واجهت مسيرته الحزبية صراعات حالت دون استمرار حكمه لفترة أطول.
بعد الانقلابات العسكرية التي أطاحت بالحكومات المدنية، تعرضت تجربة الحكم الوطني الأولى لتشويه متعمد من قبل الأنظمة العسكرية المتعاقبة، التي صورت تلك الفترة على أنها مرحلة فشل سياسي واضطراب حزبي. ومن أبرز الادعاءات التي طالت هذه الفترة اتهام الأحزاب السياسية بالفشل في تحقيق الاستقرار السياسي، وهو ادعاء يتجاهل حقيقة أن التدخلات العسكرية المتكررة هي التي عرقلت التجربة الديمقراطية الناشئة. وتصوير الزعامات الوطنية على أنها غير مؤهلة للحكم، رغم أن هذه الزعامات قادت البلاد إلى الاستقلال ومارست الحكم بطرق ديمقراطية. قد تتحمل الحكومات المدنية مسؤولية كل الأزمات اللاحقة، في حين أن الانقلابات العسكرية هي التي أدت بشكل رئيس إلى تدهور الأوضاع وفرض النظم الشمولية.
ومن أهم القضايا البارزة التي أثيرت حول استقلال السودان هي أنه تحقق دون حاجة إلى ثورة مسلحة أو كفاح طويل الأمد، كما حدث في دول أخرى. هذه الرؤية تختزل النضال السوداني في بعده العسكري فقط، متجاهلة الجهود السياسية والدبلوماسية التي بذلها القادة السودانيون، وعلى رأسهم إسماعيل الأزهري ورفاقه، لتحقيق الاستقلال عبر المفاوضات بدلاً من المواجهة المسلحة.
ومن العوامل التي ساهمت في نجاح الاستقلال السلمي وجود حركة وطنية قوية استطاعت توحيد مطالب الاستقلال، بالإضافة إلى مهارة القادة السودانيين في إدارة المفاوضات مع دولتي الحكم الثنائي (بريطانيا ومصر). ومن الجدير بالذكر أن أول من نادى باستقلال السودان من داخل البرلمان كان عبد الرحمن دبكة، نائب دائرة دارفور الجنوبية، وذلك خلال جلسة البرلمان السوداني في 19 ديسمبر 1955. قدم دبكة، العضو في الحزب الوطني الاتحادي، مقترحاً بإعلان استقلال السودان التام، قائلاً: "نظراً إلى أن السودان قد استكمل كافة مقوماته الدستورية، فإنني أقترح أن يُعلن البرلمان استقلال السودان التام، وأن يُخطر دولتا الحكم الثنائي بهذا القرار". لقي هذا الاقتراح تأييداً واسعاً من أعضاء البرلمان، بما في ذلك رئيس الوزراء إسماعيل الأزهري، مما مهد الطريق للإعلان الرسمي لاستقلال السودان في الأول من يناير 1956. كما لعب مشاور جمعة سهل العضو البارز من أقليم كردفان في البرلمان والناشط السياسي، دوراً مهماً في دعم قرار الاستقلال داخل البرلمان، وكان من أبرز القيادات التي دعت إلى استقلال السودان الكامل عن الحكم الثنائي البريطاني-المصري.
تُعتبر فترة حكم الأزهري والمحجوب تجربة ديمقراطية ناشئة واجهت تحديات داخلية وخارجية، لكنها ظلت نموذجاً لحكم مدني سعى لبناء دولة حديثة. ورغم أن السودان لم يشهد كفاحاً مسلحاً لتحقيق الاستقلال، فإن ذلك لا يقلل من قيمة النضال السياسي والدبلوماسي الذي قاده القادة السودانيون. وإن قراءة التاريخ بإنصاف تتطلب الاعتراف بجهود هؤلاء القادة الذين وضعوا أسس لقيام الدولة السودانية، بدلاً من إسقاط المسؤوليات والاخفاقات اللاحقة نتيجة الانقلابات العسكرية التي أعقبت تلك الفترة. ولكن بعض الأشخاص يلجؤون إلى إلقاء اللوم على الآخرين أو تحميلهم مسؤولية المشكلات بدلاً من مواجهتها بأنفسهم. هذه السلوكيات قد تكون وسيلة للتهرب من المسؤولية أو تجنب تحمل العواقب، لكنها نادرًا ما تكون حلًا فعالًا على المدى الطويل. تحمل المسؤولية والتفكير في حلول إيجابية يُعدّ نهجًا أكثر نضجًا وفاعلية في التعامل مع التحديات. فالتعلم من التجارب والعمل بدلًا من إلقاء اللوم على المؤسسين السابقين أفضل بكثير من إلقاء اللوم.
د. سامر عوض حسين
samir.alawad@gmail.com