تساؤلاتي

ما بعد “طوفان الأقصى” لا يمثل فقط حدثًا عابرًا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بل يطرح تساؤلات مهمة حول واقع ومستقبل الحركات الإسلامية، التي لطالما لعبت دورًا بارزًا في الحياة السياسية والاجتماعية في العالم العربي. قد يبدو هذا الحدث بالنسبة للبعض فرصة للإسلاميين لاستعادة نفوذهم، ولكن هل حقًا ما حدث يعكس لحظة تاريخية جديدة يمكن أن تعيد تشكيل موازين القوى السياسية؟

لقد كانت نكسة 1967 نقطة فاصلة في العالم العربي، حيث أدت إلى اهتزاز الثقة بالأنظمة القومية، وظهور الإسلاميين كبديل سياسي يتبنى خطابًا قوامه “الإسلام هو الحل”.

من خلال هذا الفراغ السياسي، صعدت جماعات مثل الإخوان المسلمين، واستطاعت الترويج لأفكارها في ظل حالة الإحباط الشعبي. لكن مع مرور الزمن، شهدت هذه التيارات العديد من التحولات الفكرية والتنظيمية، بعضها اتجه نحو العنف، فيما حاول آخرون التكيف مع الأنظمة الديمقراطية كما حدث مع حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية في المغرب. ورغم هذه المحاولات، إلا أن الإسلاميين واجهوا تحديات كبيرة، سواء من قبل الأنظمة العسكرية أو بفعل الضغوط الدولية.

في هذا السياق، يمثل “طوفان الأقصى” محاولة جديدة للإسلاميين لاستعادة الزخم الشعبي من خلال استغلال مشاعر الغضب تجاه الانتهاكات الإسرائيلية في القدس. لكن السؤال هنا: هل يمكن لهذا الغضب أن يكون كافيًا لاستعادة نفوذ الإسلاميين في المشهد السياسي؟ في ظل التحولات العالمية والمحلية، يبدو أن هناك مسافة بين الإسلاميين والجماهير التي أصبحت أكثر انشغالًا بالاستقرار والتنمية، بعيدًا عن الأيديولوجيات التقليدية.

الفضاء الإلكتروني، من جانب آخر، أصبح أداة مهمة في هذا العصر، حيث تعتمد الحركات الإسلامية عليه بشكل كبير لتعويض تراجعها في الميدان السياسي التقليدي. منصات التواصل الاجتماعي توفر فضاءً لتعبئة الجماهير، خاصة بين الشباب. ولكن، هل يمكن لهذه الوسائل الرقمية أن تحل محل القنوات السياسية التقليدية؟ أم أنها مجرد وسيلة لتفريغ الغضب دون تقديم حلول عملية للتحديات التي تواجه المجتمعات؟

تجد الحركات الإسلامية نفسها اليوم في موقف يتطلب إعادة التفكير في استراتيجياتها. المحاولات السابقة لفصل العمل الدعوي عن السياسي، كما حدث في المغرب، لم تكن كافية لاستعادة الثقة الشعبية. بل إن هذه الحركات تحتاج إلى إعادة تقييم عميقة لمواقفها، خاصة بعد ارتباط بعض فصائلها بالعنف والإرهاب. تأويلات مثل “الحاكمية” و”الجاهلية”، التي تروج لها الجماعات المتطرفة، تشوه صورة الإسلام، وتستغل مشاعر الغضب الشعبي لأغراض تخريبية، مما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت هذه التأويلات جزءًا من الإسلام السياسي، أم مجرد تحريفات تخدم أجندات معينة.

في ختام تساؤلاتي، لا يمكن تجاهل دور القوى الدولية في تحديد مستقبل الإسلام السياسي. السياسة الغربية تغيرت تجاه هذه الحركات، خاصة بعد تصاعد تهديدات الإرهاب. اليوم، تجد الحركات الإسلامية نفسها محاصرة بين ضغوط داخلية وخارجية، مما قد يدفعها إلى قبول السلام السياسي كخيار وحيد للبقاء. لكن، هل تستطيع هذه الحركات تقديم خطاب جديد يلبي تطلعات الشعوب، ويحقق الاستقرار، أم أن مصيرها هو التراجع أمام التحديات المعاصرة؟

تظل هذه الأسئلة مطروحة، في انتظار إجابات قد لا تأتي في المدى القريب.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الحرکات الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

اتهم الإسلاميين والموالين لتركيا..قائد "قسد" يطالب الشرع بمحاسبة مرتكبي المجازر في سوريا

طالب قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي اليوم الأحد، الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع بمحاسبة مرتكبي أالعنف الطائفي في المناطق الساحلية، متهماً الفصائل المدعومة من تركيا بالوقوف في المقام الأول وراء جرائم القتل.

وقال عبدي، إن على الشرع التدخل لوقف "المجازر" مضيفاً أن الفصائل "التي لا تزال تدعمها تركيا والمتشددون الإسلاميون" مسؤولان بشكل رئيسي.

ودعا الرئيس الانتقالي أحمد الشرع في وقت سابق الأحد، إلى الحفاظ على الوحدة والسلم الأهلي في سوريا، بعد اشتباكات بين قوات الأمن ومجموعات موالية لها، ومسلحين موالين للرئيس السابق بشار الأسد في غرب البلاد، سقط فيها أكثر من ألف قتيل، بينهم مئات المدنيين العلويين، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان. 

بعد سقوط ابن خاله..رامي مخلوف يهاجم الأمن السوري ويلوم بشار الأسد - موقع 24أطل رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري السابق بشار الأسد، الذي اختفى عن الأنظار منذ انهيار النظام، معلقاً لأول مرة على التطورات الدرامية في مدن الساحل السوري الرئيسية، في منشور على صفحته بفيس بوك اليوم الأحد.

واندلعت الاشتباكات الأولى في قرية ذات غالبية علويّة في ريف محافظة اللاذقية الساحلية بعد توقيف قوات الأمن لمطلوب، وسرعان ما تطوّر الأمر إلى مواجهة بين الأمن وموالين للنظام السابق، بعد إطلاق مسلّحين علويين النار، وفق المرصد السوري الذي تحدث بعد ذلك الحين عن إعدامات للمدنيين العلويين.

مقالات مشابهة

  • اتهم الإسلاميين والموالين لتركيا..قائد "قسد" يطالب الشرع بمحاسبة مرتكبي المجازر في سوريا
  • تحقيقات طوفان الأقصى.. الشاباك في مواجهة نتنياهو
  • د. محمد بشاري يكتب: الاجتهاد المتجدد: ضرورة فقهية لتجسيد المؤتلف الإسلامي الفاعل
  • قيادي بحماس: لولا طوفان الأقصى لأصبحت فلسطين مثل الأندلس
  • يوم المرأة العالمي.. استشهاد أكثر من 12 ألف فلسطينية منذ "طوفان الأقصى"
  • الخارجية العراقية: ندعم مسارات الحل السياسي التي تضمن وحدة سوريا وسلامة شعبها
  • كيف يمكن احتواء المخاطر التي تتعرض لها سوريا؟.. محللون يجيبون
  • مفتي الجمهورية: الأزهر الشريف منارة الإسلام المعتدل وحصن الهوية الإسلامية
  • أحمد عمر هاشم: شهادة التوحيد لا يُقبل عمل من الأعمال الصالحة بدونها
  • محللون: تحقيق الشاباك حول طوفان الأقصى يغذي التوتر بإسرائيل