الصندوق العالمي للطبيعة: مليون نوع من الحيوانات والنباتات مهددة بالانقراض
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
بعد مرور عامين على اتفاق وقف تدهور الطبيعة التاريخي، تجتمع دول العالم مجدداً في كولومبيا لإجراء محادثات أممية بشأن التنوّع البيولوجي، إذ أن اختفاء الأنواع ينذر بالخطر، ويهدد إمدادات الغذاء والصحة والأمن البشري.
التنوّع البيولوجي الذي يعني تنوع الكائنات الحية الموجودة على سطح الأرض ينهار، وذلك بسبب الأنشطة البشرية التي تواصل دفع النظم البيئية إلى حافة الهاوية، وعلى رأسها حرق الوقود الأحفوري، والزراعة المكثّفة، والتوسّع الحضري، والتلوث.
وأفاد تقرير حديث صادر عن الصندوق العالمي للطبيعة WWF، أنه في الخمسين سنة الماضية وحدها انخفضت أعداد الفقاريات بنسبة 73% وبحسب تقديرات علماء، فإن نحو مليون نوع من الحيوانات والنباتات مهددة بالانقراض الآن ويؤكد التقرير أن تنوّع الكائنات الحية المترابطة هو أساس النظم البيئية الصحيّة، وفقدان حتى نوع واحد من هذه الكائنات الحية يمكن أن يخلّ بالتوازن البيئي الدقيق.
ومن أجل تفادي هذه المخاطر والتعامل مع التحديّات التي نواجهها، وقعَّت حوالي 200 دولة على اتفاقية توصف "بالتاريخية" للأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي لحماية الطبيعة قبل عامين، وعلى مدار اسبوعين يجتمع آلاف صناع القرار وقادة الأعمال وجماعات المجتمع المدني في مدينة كالي الكولومبية لتتبع تقدّم الاتفاقية ومعالجة القضايا الشائكة، وعلى رأسها مشكلة التمويل.
يعتبر هذا الاجتماع بالغ الأهمية، لأن تراجع التنوع البيولوجي يهدد الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية لمليارات البشر حسب خبراء وبهذا الصدد قالت أستريد شوميكر، الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، لـ DW: "إذا لم نحمِ طبيعتنا، فإننا في الواقع ندمّر اقتصاداتنا وزراعتنا، ولن نتمكن في المستقبل من إطعام سكان الكوكب البالغ عددهم 10 مليارات شخص".
خطط التنوع البيولوجي الوطنية تحرز تقدماً بطيئاًوضع قادة مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي لعام 2022 أهدافاً طموحة لحماية 30 بالمئة من المناطق البرية والبحرية بحلول نهاية العقد الحالي، أي ما يغطي 17 بالمئة من اليابسة و8 بالمئة من المحيطات. ويهدف الاتفاق أيضاً إلى استعادة 30 بالمئة من المناطق المتدهورة.
وبالرغم من صعوبة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه إلا أن التحدّي ما زال قائماً؛ لأن الدول ملزمة بتنفيذ الاتفاقية التي وقعت عليها على حسب تعبير فلوريان تيتز، محلل السياسات الدولية في الصندوق العالمي للطبيعة.
وكان لا بد من مراقبة تقدّم الدول وضمان تنفيذها للأهداف المتفق عليها، ولهذا طُلب من حكوماتها تقديم استراتيجيات وخطط عمل وطنية محدّثة للتنوّع البيولوجي بحلول قمة التنوّع البيولوجي في مدينة كالي.
وحتى الآن لم تلتزم بذلك سوى 34 دولة من أصل 196 دولة، وتعتبر ألمانيا من بين الدول التي فاتها الموعد النهائي. وبهذا الصدد قال فلوريان تيتز لـ DW: "لم يتبقَّ لدينا سوى 5 سنوات حتى عام 2030، وإذا لم يبدأ تنفيذ الوعود اليوم، فمن المرجح أننا لن نفي بها بحلول نهاية العقد الحالي".
ومن جانبها وجدت دراسة جديدة أن 8.2 % من المحيطات محمية الآن، ما يمثل زيادة بنسبة 0.5 بالمئة منذ اتفاقية التنوّع البيولوجي لعام 2022، ما يعني أن جزءاً بسيطاً جداً من المحيطات محمي بشكل فعال ، واعتبرت الدراسة أن الفجوة بين التعهّد والتنفيذ ضخمة جداً.
معوقات التقدم في خطط التنوع البيولوجي
من المتوقع أن يتناول مؤتمر هذا العام العقبات التي تحول دون تنفيذ خطط العمل التي وضعتها الدول قبل عامين. وعن هذه المعوّقات، قالت رئيسة التنوع البيولوجي بالأمم المتحدة أستريد شوميكر لـ DW: "ما يعيقنا غالباً هو النقاش مع القطاعات الأخرى التي تشعر أن السياسات البيئية تؤثر عليها سلباً أو تشكّل منافساً بالنسبة لها".
وخير مثال على ذلك، إعلان الحكومة الألمانية في عام 2023 أنها ستلغي الإعفاءات الضريبية على وقود الديزل الذي يعتبر ضار بالبيئة، فنزل المزارعون إلى الشوارع بالآلاف احتجاجاً على إعلان الحكومة الذي اعتبروه تهديداً للقمة عيشهم. ولهذا أجلّت الحكومة الألمانية الإلغاء الكامل حتى عام 2026، بالرغم من أن اتفاقية التنوّع البيولوجي التابعة للأمم المتحدة تهدف إلى تقليص الإعانات الحكومية الضارة بالطبيعة تدريجياً بمقدار 500 مليار دولار سنوياً (أي ما يعادل 460 مليار يورو) بحلول عام 2030.
ومن جانبها تقول شوميكر: "نعمل جاهدين على تسريع الإنفاق الإيجابي على التنوّع البيولوجي، ولكن ما يزال مقدار الإنفاق الإيجابي أقل بكثير من الإعانات السلبية والمضرّة بالبيئة والتنوّع البيولوجي، وهذه القضية مهمة جداً، يجب أن نتعامل معها بسرعة".
حوافز مالية محتملة في جدول الأعمالوتشكل الموازنة بين الحفاظ على البيئة والاحتياجات الاقتصادية لبعض الدول تحدياً كبيراً، ولهذا أكدت شوميكر أن الحلول التمويلية التي توازن بين الحفاظ على الطبيعة والاحتياجات الاقتصادية مدرجة على جدول أعمال المؤتمر.
ومن أبرز هذه الحلول ائتمانات التنوّع البيولوجي التي تدعم الشركات الخاصة مالياً لتعويض الضرر البيئي من خلال شراء ائتمانات من المنظمات أو المشاريع التي تحمي الطبيعة. وفي حين يرى البعض أن هذه الطريقة من شأنها أن تحفز حماية البيئة، يرى آخرون منتقدون لها أنها أداة للتضليل البيئي، أو ما يُعرف باسم "الغسل الأخضر"K وهو أداة تسويقية تنقل للمستهلك انطباعاً خاطئاً حول سلامة المنتج من الناحية البيئية.
وتعدّ مقايضات الديون بالطبيعة من الحلول الأخرى المطروحة، والتي تنطوي على إعفاء الدول النامية من بعض ديونها مقابل الاستثمار في مشاريع الحفاظ على البيئة. وتدور مناقشة حول إمكانية استخدام الموارد الجينية من الطبيعة واستغلال الدخل الناتج عن المعلومات القيمة التي توفرها، ما من شأنه أن يسفر عن أرباح بمليارات الدولارات.
وسوف يناقش المندوبون إمكانية التعويض العادل للدول منخفضة الدخل والتي تتمتع بالكثير من التنوّع البيولوجي مقابل استخدام مواردها الجينية، واستغلال هذه الأموال في حماية الموائل الطبيعية.
بالرغم من أهمية الحوافز المالية وقدرتها على إحداث أثر جيد، إلا أن خبراء يحذرون من الاعتماد عليها لوحدها، ويرون أنه لا بدّ من اقتران الحوافز المالية بالسياسات الجادة والعمل الملموس لإحداث تغيير دائم. بخلاف ذلك سنفقد نظمنا البيئية ومناخنا المعتدل، ولن تعد الحياة البشرية على هذا الكوكب كما نعرفها ممكنة على حدّ تعبير فلوريان تيتز من الصندوق العالمي للطبيعة WWF.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الصندوق العالمی للطبیعة التنو ع البیولوجی التنوع البیولوجی بالمئة من
إقرأ أيضاً:
التفكير من خارج الصندوق.. إلى أين يقود ترامب؟
أعلن قائد الإدارة الرئيسية للعمليات في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية سيرغي رودسكوي؛ أن القوات الروسية استعادت أكثر من 800 كيلومتر مربع من الأراضي من أوكرانيا في منطقة كورسك بغرب روسيا، وهو ما يمثل نحو 64 في المائة من الأراضي التي احتلتها أوكرانيا في آب/ أغسطس 2024 وقدرت في حينها بـ1268 كيلومترا مربعا.
الإعلان الروسي جاء بعد أيام قليلة على انعقاد اللقاء الأول للحوار الروسي الأمريكي في الدرعية، شمال العاصمة السعودية الرياض، وهو اللقاء الذي انتهى بالإعلان عن استئناف العلاقات الدبلوماسية الأمريكية الروسية وتحديد آليات الحوار بين البلدين في مختلف الملفات وعلى رأسها الملف الأوكراني.
فروسيا لا تبدو مستعجلة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وهذا ما أكدته تصريحات سيرغي رودسكوي حول استعادة 64 في المائة من أراضي كورسك، والأهم تركيبة الوفد الروسي إلى الدرعية الذي ترأسه وزير الخارجية سيرغي لافروف، وضم مساعد الرئيس الروسي السفير السابق في واشنطن يوري أوشكوف، ورئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل ديميترييف؛ الذي صرح بعيد انتهاء اللقاء بالقول: من السابق لأوانه الحديث عن حلول وسط بين روسيا والولايات المتحدة بعد الاجتماع في السعودية، مضيفا أن الطرفين شرعا للتو في الاستماع إلى بعضهما.
تعدد وتشعب الملفات والتي تصل إلى حد مناقشة دور دول مجموعة بريكست ومستقبل العملات وأسواق الطاقة، وهي ملفات تؤرق واشنطن أكثر بكثير من ملف أوكرانيا الذي وضعته جانبا إلى حين التوافق مع الحلفاء والشركاء الغربيين بعد أن تصدعت تحالفاتهم وشراكاتهم مع الولايات المتحدة، بفعل كسر الرئيس الأمريكي الحصار على روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين
تركيبة الوفد تشير إلى تعدد وتشعب الملفات والتي تصل إلى حد مناقشة دور دول مجموعة بريكست ومستقبل العملات وأسواق الطاقة، وهي ملفات تؤرق واشنطن أكثر بكثير من ملف أوكرانيا الذي وضعته جانبا إلى حين التوافق مع الحلفاء والشركاء الغربيين بعد أن تصدعت تحالفاتهم وشراكاتهم مع الولايات المتحدة، بفعل كسر الرئيس الأمريكي الحصار على روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين.
مزيد من الوقت يعني مزيدا من التصدعات في المعسكر الغربي والتدهور في الروح المعنوية على الجبهة الأوكرانية، سيكون أمرا مستحبا على الجانب الروسي، سامحا بمزيد من التقدم الميداني للقوات الروسية، الأمر الذي تحاول بريطانيا وفرنسا إعاقته ومنعه عبر إرسال قوات إلى أوكرانيا، وهو ما أعلنه رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر صراحة يوم الخميس.
فالرئيس الروسي بوتين أشار في وقت لاحق إلى حالة عدم الارتياح لدى الأوروبيين وأوكرانيا؛ بسبب عدم مشاركتهم في لقاء الوفدين الروسي والأمريكي بسخرية كبيرة، مؤكدا أن "اللقاء يهدف لضمان إعادة العلاقات الروسية الأمريكية" بشكل أساسي، وهو ما كان أكده دونالد ترامب، وأعضاء الوفد الأمريكي في الدرعية؛ مبعوث الرئيس ستيف ويتكوف، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي الأمريكي مايكل والتز.
بوتين كشف عن أوجه التعاون المستقبلي الذي يشغل واشنطن بالقول: إن روسيا والولايات المتحدة اتخذتا الخطوات الأولى للتعاون في ملفات الشرق الأوسط، بما فيها سوريا وفلسطين، مردفا بأنه كانت ثمة قضايا ثنائية بين بلاده والولايات المتحدة حول الاقتصاد وأسواق الطاقة العالمية والفضاء؛ ملفات لا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية معالجتها دون التعاون مع روسيا كون كلفتها آخذة في الارتفاع وكذلك الأزمات الناجمة عنها.
الفوضى تعم المعسكر الغربي، فأوروبا منغمسة في فوضى الهزيمة، في حين يظهر بوتين منتصرا بعد مفاوضات الدرعية في السعودية، خصوصا بعد أن أعرب المفاوض الروسي ديميترييف عن ارتياحه لمسار المفاوضات، مؤكدا أن المخرجات الأولية تشير إلى تقدُّم كبير على طريق إعادة ترتيب العلاقات وإطلاق "خريطة طريق" للتطبيع الكامل وتسوية المشكلات المتراكمة، وهي خارطة طريق تغيب عنها أوكرانيا، في حين تبدو السعودية أكثر حضورا من أوروبا واتحادها الهش.
أولويات أمريكا باتت مختلفة عن أوروبا، فهي اليوم منشغلة في مكافحة التضخم والمديونة التي تجاوزت 36 تريليون دولار؛ متجاوزة الناتج القومي الإجمالي بمقدار 9 ترليون دولار، أي ما يعادل الموازنة الفيدرالية الأمريكية السنوية مرتين، فالموازنة التي تحولت إلى فجوة وثقب أسود يهدد بابتلاع الناتج القومي الإجمالي الأمريكي بأكمله، فالتقديرات تشير إلى أن العجز لشهر كانون الثاني/ يناير في الموازنة الأمريكية تجاوز 100 مليار دولار؛ بعد أن كان لا يتجاوز 30 مليار دولار من الشهر ذاته في العام الماضي.
لن ترفع روسيا الراية البيضاء وليست في عجلة من أمرها، والحال ذاته بات واضحا مع إيران وتركيا بل والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، فالعالم على موعد مع مفاوضات طويلة مسلية أحيانا وشاقة ودموية في أحيان أخرى؛ مع أمريكا وإدارتها التي تفكر من خارج صندوق النقد الدولي
تخفيضات الموازنة في أمريكا طالت الذراع الناعمة لأمريكا ممثلة بالمساعدات الوكالة الأمريكية للتنمية (USAID)، وإلى جانبها الخارجية الأمريكية التي تشهد تقليصا لموظفي سفاراتها المتخمة في الصين وأرجاء مختلفة من العالم وعلى رأسها منطقتنا العربية، وكذلك الذراع الخشنة ممثلة بوزارة الدفاع (البنتاغون) التي ستشهد خفضا لموازنتها بمقدار 8 في المائة، ويتوقع أن تطال في المستقبل أجهزة الاستخبارات والقواعد العسكرية، ما يعني أن طبع الدولارات وبيع السندات ورفع الفائدة لم يعد يجدي نفعا من منظور دونالد ترامب ورئيس إدارة الكفاءة الحكومية إيلون ماسك.
ترامب وإدارته ماضيان في سياساتها المالية لخفض النفقات ومكافحة التضخم وفي سياساتها الجيوسياسية عبر التفاوض مع روسيا لخفض الكلف السياسية والعسكرية، وهو ما جسده الوفد المفاوض الروسي الذي خلا من العسكريين، فالمعركة من منظور ترامب معركة تخاض في أسواق المال والعقار وليس في ميدان الحرب والقتال.
حلول ترامب وإيلون ماسك من خارج الصندوق، وإن كان يراها آخرون من خارج العقل، وعلى رأسهم توماس فريدمان الذي انتقد بشدة مقترح ترامب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة كونه يشعل المنطقة ويلحق ضرر بالعلاقة مع الحلفاء والشركاء في المنطقة.
خلاصة القول؛ لن ترفع روسيا الراية البيضاء وليست في عجلة من أمرها، والحال ذاته بات واضحا مع إيران وتركيا بل والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، فالعالم على موعد مع مفاوضات طويلة مسلية أحيانا وشاقة ودموية في أحيان أخرى؛ مع أمريكا وإدارتها التي تفكر من خارج صندوق النقد الدولي، على أمل خلق صندوق جديد من رحم العملات المشفرة التي أضاف إليها ترامب عملته المسماة "عملة الميم".
x.com/hma36