الدويري: فقدان أثر مسيّرة حزب الله يعكس فشل منظومة الدفاع الإسرائيلية
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن تكليف جيش الاحتلال طائرات عمودية لتقفي أثر المسيّرة التي أطلقها حزب الله اللبناني على تل أبيب يؤكد فشل منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية في التعامل مع هذا النوع من الأسلحة.
وأعلن جيش الاحتلال رصد مسيّرتين قادمتين من لبنان تمكنتا من التسلل للأجواء الإسرائيلية، وقال إنه تمكن من اعتراض إحداهما وإن طائرات عمودية بدأت تتبع الثانية بعد فُقدان أثرها، كما قرر لاحقا تعطيل نظام "جي بي إس" في منطقة تل أبيب الكبرى في محاولة منه لإعاقة عمل المسيرة.
وأوضح الدويري أن السبب في فقدان أثر المسيّرة يعود لكونها مصممة بزوايا حادة وعليها طلاء لا يعكس موجتها الرادارية لمنظومات الدفاع الجوي، فضلا عن أنها قادرة على المناورة صعودا وهبوطا.
وأشار إلى أن الطائرة التي ضربت مقر تدريب لواء غولاني في مدينة حيفا تم رصدها عندما دخلت الأجواء ثم فقد أثرها وتمكنت من ضرب هدفها وكذلك حدث مع تلك التي ضربت منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وعن السبب وراء لجوء جيش الاحتلال لتعطيل نظام "جي بي إس"، قال الخبير العسكري إنه يهدف لمنع المسيرة من بلوغ هدفها لأنها تتحرك وفق نظام "جي بي إس".
وبحسب الدويري فإن هذه المسيّرة حققت هدفا عسكريا مهما حتى لو لم تضرب هدفا بعينه، حيث إنها استطاعت أن تضع نحو مليون إسرائيلي في حالة طوارئ طيلة فترة تحليقها في الأجواء بعد أن هرعوا إلى الملاجئ.
وخلص إلى أن حزب الله استعاد توازنه سواء في المعارك على الأرض أو في إطلاق الصواريخ لكنه في الوقت نفسه يتعامل بانضباط ويلتزم بقواعد الردع المعمول بها مما يعني قدرته على التصعيد وفق قرارات القيادة.
وأعلن جيش الاحتلال في وقت لاحق انتهاء حالة تسلل الطائرة بعد نحو ساعة من التأهب، بعد أن سقطت في منطقة مفتوحة حسب زعمه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات جیش الاحتلال
إقرأ أيضاً:
السودان: المسيّرات والحسابات الخاطئة!
مع هزائمها المتتالية والمتسارعة في الميدان، لجأت «قوات الدعم السريع» لاستخدام الطائرات المسيّرة بشكل متزايد مع التركيز على استهداف منشآت البنية التحتية الحيوية. آخر هذه الهجمات كانت منتصف الأسبوع الحالي عندما هاجمت المسيّرات محطة سد مروي لتوليد الكهرباء في شمال السودان، وأحدثت أضراراً نجم عنها انقطاع التيار الكهربائي في عدد من الولايات من بينها الخرطوم. لم يكن هذا الهجوم هو الأول من نوعه على السد ومنشآته، ولا هو الوحيد الذي يستهدف محطات توليد الكهرباء في أنحاء متفرقة من السودان، فيما يبدو أنه استراتيجية متعمدة لضرب هذا القطاع الحيوي، ومحاولة إرباك حياة الناس.
مسيّرات «الدعم السريع» لم تستهدف فقط المنشآت المدنية والحيوية، بل استهدفت المواطنين أيضاً مثلما حدث في مدينة الدبة هذا الأسبوع، وقبلها في مدينة الفاشر ومعسكر زمزم للنازحين مرات عدة، وراح ضحيتها عدد كبير من المواطنين الأبرياء. ولم تسلم من هذه الهجمات حتى المستشفيات مثلما حدث عندما استهدفت طائرة مسيّرة تابعة لـ«الدعم السريع» المستشفى السعودي التعليمي بالفاشر، ما أدى إلى مقتل أكثر من 70 شخصاً بينهم نساء وأطفال وطاقم طبي، وأثار استنكاراً واسعاً.
الملاحظ أن هجمات مسيّرات «الدعم السريع» تركز على الأهداف المدنية والمنشآت الخدمية أكثر من تركيزها على الأهداف العسكرية، ما يدفع إلى التساؤل عما تأمل هذه القوات في تحقيقه من هذه الاستراتيجية. فاستهداف البنى التحتية والمنشآت المدنية هو عمل لا يمكن تبريره بأي مسوغ عسكري أو غير عسكري، وهو فعل يخالف كل القوانين الدولية وفي مقدمتها اتفاقيات جنيف لعام 1949 التي تفصل المسموح والمحظور في الحروب، وتشدد على حماية المنشآت المدنية من محطات كهرباء، إلى مستشفيات ومدارس وأسواق، وغيرها من المرافق الخدمية المدنية.
لجوء «قوات الدعم السريع» إلى هذه الاستراتيجية الطائشة يؤكد ضعف موقفها العسكري الميداني بعد الهزائم المتتالية التي تلقتها منذ بدء الجيش والقوات التي تقاتل في صفوفه الهجوم المضاد الكبير في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي. كما أنه يعكس درجة من اليأس والإحباط تجعلها ترتكب أفعالاً تضعها تحت طائلة مخالفة القوانين الإنسانية الدولية، وتزيد في عزلتها داخلياً مع اتساع الهوة بينها وبين المواطنين الذين عانوا أشد المعاناة من ممارساتها وانتهاكاتها على مدى عامي الحرب. فالمسيّرات وحدها لن تحسم الحرب حتى ولو كانت أهدافها عسكرية، فما بالك إذا كانت الأهداف مدنية الطابع.
«قوات الدعم السريع» من خلال مقامرة التركيز على البنية التحتية ربما تأمل في كسر إرادة المواطنين بإنهاكهم والضغط عليهم بإرباك عودة الحياة الطبيعية، وضرب خدمات أساسية مثل الكهرباء، وهي ضرورة من ضرورات الحياة اليوم. هذا الضغط هدفه إشعار المواطن بأنه غير آمن، وحياته غير مستقرة في مناطق سيطرة الجيش، وذلك على أمل أن يثير ذلك سخطه ويدفعه للضغط على القيادات العسكرية من أجل العودة للتفاوض لإنهاء الحرب.
الأمر الآخر أنها ربما تريد تحقيق كسب إعلامي أمام مقاتليها الذين أحبطتهم الهزائم المتتالية فباتوا ينتقدون قياداتهم علناً في مقاطع فيديو متداولة على نطاق واسع. وفي هذا الإطار أيضاً باتت قيادات «الدعم السريع» تتبنى خطاب قواعدها التحريضي الداعي إلى نقل الحرب إلى الشمال، والعنصري في لهجته التي تستهدف مكونات قبلية بعينها.
هذه التكتيكات سيكون ضررها أكثر من نفعها لـ«الدعم السريع». فهي في كل الأحوال لن توقف زحف الجيش على ما تبقى من مناطق سيطرتها، لكنها بالتأكيد ستزيد من سخط المواطنين عليها، وتعزز رؤيتهم لها كميليشيا منفلتة تستهدفهم بشكل مباشر بعدما دمرت بيوتهم وشردتهم، ومارست النهب على نطاق واسع، واستهدفت مقومات الحياة والبنى التحتية بشكل ممنهج أعاد السودان عقوداً إلى الوراء.
أكثر من ذلك فإن الاستهداف المتكرر لمنشآت البنية التحتية والمرافق الخدمية المدنية، يضع قيادة هذه القوات تحت طائلة المحاسبة الجنائية الدولية، لأنها تقع تحت طائلة جرائم الحرب المنصوص عليها بوضوح في القوانين الإنسانية الدولية. ليس هذا فحسب، بل إن التداعيات القانونية قد تمتد إلى أي أطراف أخرى تعتبر متواطئة في التسبب في هذه الجرائم.
استهداف المدنيين والبنى التحتية لم يكن قط استراتيجية ناجحة، تضمن لأي طرف تفوقاً عسكرياً حاسماً، بل إنها كانت ترتد على الطرف المعتدي وتثير الغضب عليه، والنفور منه، بما يفقده أي شرعية في نظرهم. ومن هذا المنظور تصبح هذه الاستراتيجية انتحاراً سياسياً وأخلاقياً على المستوى الداخلي وأمام العالم، ويمكن أن تشرع الأبواب للملاحقة القانونية في المحاكم الدولية.
الدمار غير المسبوق الذي حل بالبلد سيجعل من الصعب على الناس أن ينسوا معاناتهم، ومن الصعب على مَن تسبب فيه الإفلات من المحاسبة، طال الزمن أم قصر.
(الشرق الأوسط اللندنية)