سواليف:
2025-04-29@13:50:13 GMT

إسرائيل ودورها كمُستعمر في الشرق الأوسط

تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT

بسم الله الرحمن الرحيم

#إسرائيل ودورها كمُستعمر في #الشرق_الأوسط

دوسلدورف/ #أحمد_سليمان_العُمري

يعيش الشرق الأوسط توترا مستمرا؛ تُغذّيه إسرائيل، وهي منذ تأسيسها أداة في يد القوى الغربية لتعزيز الاستعمار في هذه المنطقة.

مقالات ذات صلة الاردن.. والانتهازية السياسية..! 2024/10/21

إن دور إسرائيل في الإقليم لم يكن وليد اللحظة، بل هو امتداد لمخطط استعماري غربي بدأ منذ إنشاء الدولة الإسرائيلية، بهدف تحقيق السيطرة الغربية على قلب العالم العربي، لذلك لا يمكن فصل الأحداث الراهنة عن تاريخ طويل من التدخّلات والسياسات الاستعمارية التي فرضها الغرب، حيث كانت إسرائيل وما تزال جزءا من هذا المشروع.

قد تجلّى هذا الاستعمار الجديد بوضوح في الفترة التي تلت نهاية الحقبة الاستعمارية البريطانية في فلسطين، حيث تم إنشاء دولة إسرائيل في 15 مايو 1948، بعد يوم واحد من انتهاء الانتداب البريطاني.

هذه النقطة تعكس بوضوح كيف استمر الاستعمار بأشكال جديدة، حيث تم استخدام المشروع الصهيوني كذريعة لتثبيت وجود دولة استعمارية في قلب العالم العربي.

لقد استخدم الغرب، وبالتحديد أوروبا، إسرائيل كأداة لتحقيق مصالحهم، مُستغلّين العجز العربي ومشاريع الحركة الصهيونية كوسيلة للسيطرة واستمرارية بسط النفوذ. وقد كان المؤتمر الصهيوني الذي عقده «تيودور هرتزل» يوم 29 أغسطس/آب عام 1897 في مدينة «بازل» بسويسرا بداية خطوات تنفيذية لهذا المشروع الاستعماري، حيث أصبح واضحا أنّ إسرائيل لم تكن مجرّد دولة جديدة؛ أقيمت بقرار اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947، والدور الأمريكي البارز في دعم هذا القرار، حيث صوتت لصالحه وساندت إنشاء دولة إسرائيل، بل كانت وسيلة لتحقيق أهداف القوى الاستعمارية.

يعكس هذا التوجه بوضوح استمرار الاستعمار الجديد الذي يمزج بين القوة العسكرية والسيطرة الاقتصادية، ممّا يُعزّز مكانة إسرائيل كداعم لمصالح القوى الغربية.

غطرسة السياسة الإسرائيلية

ساسة إسرائيل المتطرفون، مثل بنيامين نتنياهو، لم يستطيعوا خلق سلام دائم في المنطقة، والدعم الأمريكي والأوروبي غير المشروط والضغط من اللوبيات اليهودية في الولايات المتحدة على الإدارة الأمريكية جعل هؤلاء السياسيين يتصرّفون بعنجهية، ممّا أدّى إلى تجاهل العديد من المبادرات العربية والأمريكية للسلام، مثل المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف القتال في غزّة، وهو المُقترح الإسرائيلي بالأصل؛ الذي تنصّل منه نتنياهو فيما بعد وأحرج بايدن.

لقد تجاوزت الحكومة الإسرائيلية إدارة بايدن، ممّا أثر سلبا على مصداقية السياسة الأمريكية في المنطقة. وتظهر هذه السياسة الخرقاء كيف أن إسرائيل تتجاهل الحاجة إلى التفاوض والتسوية.

علاوة على ذلك، أصبحت إسرائيل درعا تحمي المصالح الغربية في الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي قاله نتنياهو في

خطابه علانية أمام الكونغرس الأميركي: «إنّ انتصار إسرائيل سيكون انتصارا للولايات المتحدة؛ نحن لا نحمي أنفسنا فقط. نحن نحميكم، أعداؤنا هم أعداؤكم، معركتنا هي معركتكم».

ويشير العديد من المُحلّلين السياسيين أنّ بلطجة نتنياهو وحكومته الغلاة المُتطرّفين ستقود إلى انهيار الدولة الإسرائيلية نفسها، حيث أنّ الاستمرار في سياستها العسكرية والاحتلال لن يؤدّي إلّا إلى خلق جيل مقاوم جديد، أكثر شراسة وجلدا، فقد خلّفت حرب الإباداة الإسرائيلية جيلا برُمّته، سينشأ دون والدين، فقد عاصر أبشع وأفظع صور القتل والتنكيل، فضلا عن زيادة الانقسامات في الداخل الإسرائيلي، جرّاء الإخفاقات العسكرية في قطاع غزّة والآن في لبنان، والتي سوّق لها رئيس الحكومة الإسرائيلي بسبب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ومن بعدها أردف باغتيالات؛ طالت قادة حزب الله، ومعهم الأمين العام للحزب حسن نصر الله على أنّها انتصار، حتى فوجئ الشارع الإسرائيلي قبل أيام بخيبة الأمل والرعب والذعر من الصواريخ الباليستية الإيرانية، ليتحوّل ما كان بالأمس نصرا إلى هزيمة مدوّية.

الانهيار المحتمل لإسرائيل

تواجه إسرائيل أزمة عميقة ناجمة عن مجموعة من التحديات السياسية والاقتصادية التي تُهدّد استقرارها. من أبرز هذه التحديات الأزمات العسكرية المستمرّة في قطاع غزّة ولبنان، والتي أدّت إلى ارتفاع تكاليف العمليات العسكرية بنسبة 30% وتأثيرها السلبي على الاقتصاد وزيادة الدين العام الذي وصل إلى 80% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لتحليلات من بنك إسرائيل.

يشير «أورين حازان»، نائب رئيس الكنيست سابقا، إلى أنّ «العمليات العسكرية المتكرّرة تُثقل كاهل الاقتصاد الإسرائيلي وتُساهم في تآكل الثقة في قدرة الحكومة على إدارة الأزمات». كما تزايدت التهديدات الإيرانية، بما في ذلك إطلاق مئات الصواريخ الباليستية، ممّا يستدعي من الحكومة زيادة الإنفاق العسكري الذي ارتفع بنسبة 15% في السنوات الأخيرة وتوسيع التعاون الأمني مع الولايات المتحدة.

تستدعي هذه التهديدات إعادة النظر في الخطط الأمنية، مع تعزيز برامج الدفاع مثل القبة الحديدية، التي كلّفت الدولة نحو 2 مليار دولار. ويشير الخبير الأمني «رون بن يشاي» إلى أنّ «إيران تلعب دورا محوريا في زعزعة الاستقرار، ممّا يتطلّب إعادة تقييم الأولويات المالية».

إضافة إلى الضغوطات الاجتماعية والاقتصادية، مثل ارتفاع تكلفة المعيشة بنسبة 20% والبطالة التي وصلت إلى 6.3%، وارتفاع معدلات الفقر إلى 22%، حسب تقارير مؤسّسة التأمين الوطني الإسرائيلي، ما يزيد من الانقسامات الاجتماعية والاستياء العام ويُهدّد الاستقرار الداخلي.

تتضافر هذه العوامل لتُشكّل بيئة معقّدة، قد تفضي إلى انهيار محتمل لدولة إسرائيل، في ظلّ التحديات السياسية والاقتصادية والموجهات العسكرية، التي تشهدها الحدود اللبنانية بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، ما يُفاقم من حالة التوتر الأمني.

استخدام التصعيد كستار لفشل نتنياهو

الواقع الحالي يشير إلى أنّ حكومة نتنياهو تستخدم التصعيد العسكري كوسيلة لتغطية فشلها، فقد أظهرت الأحداث الأخيرة أنّ استمرار العمليات العسكرية لم تُحقّق غير مظاهر نصر خادعه، يسعى الأخير لفرضها على المشهد، والوضع الميداني الشائك يعكس ذلك، مع أخذ تزايد الانتهاكات الإنسانية في شمال الضفة الغربية بعين الإعتبار، آخرها المجزرة التي استخدم بها جيش الاحتلال مقاتلات لقصف مخّيم طولكرم، والتي أسفرت عن استشهاد 18 فلسطينيا، بينهم أطفال وعشرات الإصابات، وتعتبر هذه الغارة هي الأول من نوعها في الضفة منذ الانتفاضة الثانية عام 2000، إضافة إلى تدمير البنى التحتية في المُدن الشمالية الفلسطينية مثل طولكرم ونابلس وجنين، حيث يقوم الجيش الإسرائيلي بقطع مجاري المياه والكهرباء وتجريف الشوارع ما يؤدّي إلى هدم كُلّ مقوّمات الحياة.

منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، مرورا بمبادرة السلام العربية لعام في 28 مارس/آذار 2002، لم تتحقّق أي بادرة منشودة للسلام، لا بل خيبات أمل عربية وفلسطينية مؤلمة. فبينما سعت الدول العربية إلى تحقيق سلام شامل؛ لم تُقدم إسرائيل أي مبادرات تساهم في تحقيق السلام، إنّما استمرت في نهجها القائم على التطرّف والاحتلال والقتل وتوسيع البؤر الإستيطانية.

في هذا السياق، يمكن القول بأنّ الوضع قد أصبح أكثر تعقيدا، حيث يزداد التهديد الإسرائيلي بالتهجير الطوعي والضغط على الفلسطينيين بالتنكيل في ظلّ غياب أي أفق للحل ودور الأمم المتحدة غير الفاعل والدور الدولي المُعطّل.

فخلال حرب الإبادة في غزّة زادت حدّة الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية، حيث تضاعفت أعداد البؤر الاستيطانية، ممّا زاد من الاستيلاء على الأراضي وتهجير الفلسطينيين. وبدلا من التوجه نحو السلام، استخدمت إسرائيل هذه الاتفاقيات كفرصة لتكريس احتلالها وفرض سياسة الأمر الواقع، متجاهلة جميع المطالب العربية والفلسطينية والقرارات الأممية ومحكمة العدل الدولية.

انتهاكات المقدسات الإسلامية

كذلك الانتهاكات مستمرّة للمقدسات الإسلامية، مثل المسجد الإبراهيمي في الخليل والمسجد الأقصى في القدس، حيث تتعرّض لاقتحامات مستمرّة من قبل المستوطنين وإقامة صلوات تلمودية، في غياب أي تحرك جاد من قبل جامعة الدول العربية أو منظمة التعاون الإسلامي والمجتمع الدولي.

وبالرغم من أنّ 148 دولة قد وافقت على إقامة دولة فلسطينية من أصل 193 دولة بالجمعية العامة للأمم المتحدة، إلّا أنّ إسرائيل، تحت قيادة نتنياهو وحكومته المتطرّفة، ترفض رفضا قاطعا فكرة وجود دولة فلسطينية، ما يعكس نيتها الواضحة في إدامة الاحتلال والاستمرار في سياسات الاستيطان والقمع لتغيير الواقع الديمغرافي وطمس الهوية الفسطيينية.

إنّ استمرار هذه الانتهاكات وسياسة التسلّط والتحدّي التي يتبناها نتنياهو وحكومته بدعم أمريكي وغربي تُبرز دوره في تهميش قرارات الأمم المتحدة ومحكمة الأمن الدولية القاضية بإنهاء الإحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلّة ذات سيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس.

التصعيد الإقليمي وأثره على الصراع

لجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من جديد إلى التوراة لتبرير وتفسير العدوان الذي تشُنّه إسرائيل على فلسطين ولبنان وحينا اليمن وسوريا، متوعّدا بتغيير المعادلات في المنطقة. فقد صرّح: «كما هو مكتوب في التوراة سألاحق أعدائي وسأقضي عليهم (…) نعمل بمنهجية على اغتيال قيادات حزب الله وتغيير الواقع الإستراتيجي في الشرق الأوسط كله«.

في الأيام الأخيرة، شهدت الساحة الإسرائيلية تصعيدا في الحرب وتوسّعا في ساحته، والتي انتهت بالاجتياح البري والغارات الجوية المتواصلة لبنان؛ أعقبها الرّدّ الإيراني الموجع على إسرائيل نتيجة اغتيال إسماعيل هنية، ممّا ينذر بإمكانية نشوب حرب إقليمية قد تشعل المنطقة.

خاتمة

إنّ استمرار السياسات الإسرائيلية المتطرّفة، مدعومة من قبل الولايات المتحدّة والدول الأوروبية، لا يُهدّد فقط وجود الفلسطينيين ودول المنطقة، بل يُعرّض أيضا مستقبل إسرائيل للخطر ويضعها على حافة الانهيار، في ظلّ عدم استجابتها لمطالب السلام العادل والتجاهل المستمر لحقوق الفلسطينيين.

إنّ أمريكا والدول الغربية الداعمة لإسرائيل بشكل غير مشروط، في حقيقة الأمر، تودي بإسرائيل إلى التهلكة، فإلى جانب الفلسطينيين الذين يعانون تحت الاحتلال واللبنانيين المتضرّرين من القمع والهجمات الإسرائيلية، فإنّ الإسرائيليين يعيشون بحالة حرب، حيث يُستخدمون كدروع بشرية من قبل أمريكا وأوروبا لتنفيذ مشاريع استعمارية وإبقاء هيمنتهما في المنطقة، مع فوارق البطش والإبادة الإسرائيلية.

وفي هذا السياق، يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أنّ استمرار هذه السياسات سيقود إلى مزيد من الانقسام والعنف، الأمر الذي يهدّد استقرار المنطقة بأسرها.

إنّ اتخاذ خطوات جادّة نحو السلام العادل والمستدام هو الخيار الوحيد لضمان مستقبل أفضل للجميع، الأمر الذي لا تسعى لتحقيقه أمريكا والغرب وأداتهم الإسرائيلية في فلسطين، والتي تعمل على إشعال الحروب وتُنذر بدمار الشرق الأوسط.

Ahmad.omari11@yahoo.de

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الشرق الأوسط أحمد سليمان الع الشرق الأوسط فی المنطقة فی الم من قبل التی ت

إقرأ أيضاً:

هل تتحول اليمن إلى “مستنقع ” يستنزف الولايات المتحدة ؟! 

 

حيروت -ترجمة ” الموقع بوست ”

 

وصف الرئيس دونالد ترامب، سابقًا، التدخل العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط بأنه “أسوأ قرار اتُخذ على الإطلاق”، وتولى منصبه متعهدًا بـ”إنهاء هذه الحروب التي لا تنتهي”.

 

 

 

وفي بعض المناطق، التزمت الإدارة بذلك. فقد بدأت الولايات المتحدة بخفض كبير في عدد قواتها في سوريا، مُحققةً بذلك هدفًا يعود إلى ولاية ترامب الأولى، وتُهدد بالانسحاب من الحرب في أوكرانيا، سواءً تم التوصل إلى اتفاق لإنهاء القتال أم لا.

 

 

 

ولكن في الوقت نفسه، ورطت الإدارة القوات الأمريكية بهدوء في صراع مفتوح آخر في الشرق الأوسط، صراع يُهدد بالتحول إلى مستنقع مُستنزف ومُشتت للانتباه، وهو المستنقع الذي تعهد ترامب بتجنبه.

 

 

 

في 15 مارس/آذار، بدأت الولايات المتحدة حملة من الضربات الجوية، المعروفة باسم “عملية الفارس العنيف”، ضد الحوثيين، الجماعة المسلحة المدعومة من إيران والتي تسيطر على جزء كبير من اليمن وتطلق النار على السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر منذ بداية الحرب في غزة في عام 2023.

 

 

 

نفذت إدارة بايدن، بالإضافة إلى الجيش الإسرائيلي، عددًا من الضربات ضد الحوثيين، لكن الحملة الأمريكية الجارية أوسع نطاقًا بكثير. فقد سُجِّلت ما لا يقل عن 250 غارة جوية حتى الآن، وفقًا لبيانات مفتوحة المصدر جمعها معهد دراسات الحرب ومعهد أمريكان إنتربرايز.

 

 

 

ووفقًا لبعض التقارير، قُتل أكثر من 500 مقاتل حوثي، بمن فيهم عدد من كبار القادة، على الرغم من أن الجماعة تميل إلى الصمت بشأن خسائرها. كما وثَّق مشروع بيانات اليمن، وهو مجموعة رصد، أكثر من 200 ضحية مدنية في الشهر الأول من القصف. وأسفرت أكبر ضربة حتى الآن، على محطة نفط رئيسية على ساحل اليمن، عن مقتل أكثر من 74 شخصًا الأسبوع الماضي.

 

 

 

وقال مسؤول دفاعي أمريكي لموقع Vox إن الضربات دمرت “منشآت قيادة وتحكم، ومنشآت تصنيع أسلحة، ومواقع تخزين أسلحة متطورة”.

 

 

 

وتبدو الإدارة راضية عن النتائج حتى الآن.

 

 

 

قال بيتر نغوين، مدير الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي، لموقع “فوكس”: “إن الضربات المستمرة ضد الحوثيين هي أول عملية بهذا الحجم تنفذها الولايات المتحدة ضد قوات الحوثيين، وهم الآن في موقف دفاعي”.

 

 

 

ردًا على الانتقادات الموجهة إلى بيت هيغسيث، وزير الدفاع المتعثر، بشأن استخدامه جهازًا شخصيًا لإجراء أعمال حكومية حساسة، طلب ترامب مؤخرًا من الصحفيين “سؤال الحوثيين عن أحواله”.

 

 

 

الصراع المُغفَل في اليمن، شرح موجز

 

 

 

باستثناء التسريب العرضي لخطط الحرب التي وضعتها الإدارة الأمريكية عبر تطبيق سيجنال الشهر الماضي، لم تحظَ العملية إلا بقدر ضئيل من الاهتمام أو النقاش العام، وهو أمرٌ لافتٌ للنظر بالنظر إلى نطاقها.

 

 

 

لا شك أن الحوثيين يتعرضون لأضرار جسيمة، لكن موارد الجماعة ومعداتها متناثرة ومخبأة على مساحة واسعة، مما يجعل استهدافها صعبًا. إن سجل القوى العظمى في هزيمة الجماعات المتمردة بالقوة الجوية ليس مُلهمًا.

 

 

 

صرح محمد الباشا، المحلل الدفاعي المتخصص في الشأن اليمني ومؤلف تقرير الباشا، لموقع Vox قائلًا: “بالضربات الجوية وحدها، لن تتمكن من هزيمة الحوثيين”، مشيرًا إلى أن الجماعة نجت من ثماني سنوات من حملة جوية عقابية شنتها قوة عسكرية بقيادة السعودية مدعومة من الولايات المتحدة.

 

 

 

ويقول المسؤولون الأمريكيون إن الهدف ليس القضاء على الحوثيين، بل وقف هجماتهم على حركة الملاحة عبر البحر الأحمر، والتي بدأتها الجماعة المتحالفة مع إيران، المعادية بشدة لإسرائيل، ردًا على حرب إسرائيل على غزة.

 

 

 

وقال ترامب: “عليهم أن يقولوا “لا للقصف” لتلك الهجمات حتى يتوقف القصف. أعلن الحوثيون عن توقف هجماتهم على السفن عند دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في غزة في يناير، لكنهم استأنفوا هجماتهم في أوائل مارس ردًا على منع إسرائيل دخول المساعدات إلى غزة.

 

 

 

يشهد البحر الأحمر هدوءًا نسبيًا منذ بدء عملية “الفارس الخشن”، لكن الحوثيين تعهدوا بمواصلة القتال وأطلقوا عددًا من الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل، بما في ذلك صاروخ يوم الأربعاء.

 

 

 

وقال نغوين: “يجب أن تتوقف الهجمات على السفن في البحر الأحمر، ولذلك ستستمر عملياتنا حتى يحدث ذلك. بمجرد توقفها، سنكون على الأرجح بخير. لكنهم لم يتوقفوا، ونقدر أن إرادتهم لمواصلة العمليات لا تزال قائمة”.

 

 

 

في الواقع، في خطاب تحدٍّ ألقاه هذا الأسبوع، أعلن رئيس الحكومة المدعومة من الحوثيين، مهدي المشاط، أن الجماعة “لا تردعها الصواريخ أو القنابل أو القاذفات الاستراتيجية يا ترامب”، وسخر من ترامب لأنه “وقع في مستنقع استراتيجي”.

 

 

 

لكن الموارد المخصصة للصراع كانت كبيرة. فقد نقل البنتاغون مجموعة حاملة طائرات ثانية إلى المنطقة للانضمام إلى مجموعة أخرى موجودة هناك. كما نقل ما لا يقل عن بطاريتي صواريخ باتريوت، بالإضافة إلى نظام الدفاع الصاروخي ثاد – أحد أكثر الأنظمة تطورًا في الترسانة الأمريكية – من آسيا إلى الشرق الأوسط.

 

 

 

بعد مرور أكثر من شهر بقليل، لا يزال من المبكر جدًا إعلان حالة التورط.

 

 

 

لكن الموارد المخصصة لهذا الصراع كانت كبيرة. فقد نقل البنتاغون مجموعة حاملة طائرات ثانية إلى المنطقة للانضمام إلى مجموعة أخرى موجودة هناك. كما نقل بطاريتي صواريخ باتريوت على الأقل، بالإضافة إلى نظام الدفاع الصاروخي ثاد – أحد أكثر الأنظمة تطورًا في الترسانة الأمريكية – من آسيا إلى الشرق الأوسط.

 

 

 

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنه في الأسابيع الثلاثة الأولى فقط من الحملة، استخدمت الولايات المتحدة ذخائر بقيمة 200 مليون دولار، وأن المسؤولين العسكريين قلقون بشأن تأثير ذلك على المخزونات التي ستحتاجها البحرية في حال وقوع هجوم صيني على تايوان.

 

 

 

وعلى عكس آمال الكثيرين في إدارة ترامب – بمن فيهم نائب الرئيس جيه دي فانس – الذين يجادلون بأن الولايات المتحدة يجب أن تحول تركيزها من الشرق الأوسط للاستعداد لصراع محتمل مع الصين، فإن الولايات المتحدة تنقل مواردها من آسيا إلى الشرق الأوسط.

 

 

 

بافتراض أن الحوثيين لن يرفضوا ذلك في المستقبل القريب، يصبح السؤال المطروح هو إلى متى ستواصل الولايات المتحدة العملية. هذا الأسبوع، أصدر البيت الأبيض تقريرًا مطلوبًا قانونًا إلى الكونغرس حول العملية، ينص على أن الضربات ستستمر حتى “ينحسر التهديد الحوثي للقوات الأمريكية وحقوق الملاحة والحريات في البحر الأحمر والمياه المجاورة”. لكن صحيفة وول ستريت جورنال ذكرت مؤخرًا أن المسؤولين يدرسون تقليص الضربات.

 

 

 

هذا سيناريو يثير قلق باشا، محلل الشؤون الدفاعية. الحوثيون، الذين كانوا حتى وقت قريب جماعةً غامضةً إلى حدٍ ما خارج منطقتهم، قد سيطروا بالفعل على العاصمة اليمنية، ونجوا من حربٍ استمرت لسنواتٍ مع التحالف الذي تقوده السعودية، وأثبتوا – منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 – أنهم الأكثر قدرةً ومرونةً بين وكلاء إيران في الشرق الأوسط.

 

 

 

“إذا لم يُكبّلهم هذا أو يُهزموا أو يُضعَفوا، فسيكونون قادرين على القول: ‘لقد هزمنا ترامب، أقوى جيشٍ في العالم. نحن لا يُمكن إيقافنا'”، هذا ما قاله باشا.

 

 

 

أما بالنسبة لاستعادة حركة الملاحة عبر البحر الأحمر، فقد ارتفعت حركة المرور عبر هذا الممر المائي الحيوي استراتيجيًا بشكلٍ طفيفٍ الشهر الماضي، لكنها لا تزال أقل بكثيرٍ من مستوياتها قبل بدء هجمات الحوثيين في أكتوبر/تشرين الأول 2023. ومن المرجح أن يستغرق الأمر فترةً طويلةً من الهدوء لشركات الشحن – والأهم من ذلك، الشركات التي تُؤمّنها – لتفترض أن المخاطر قد خفت.

 

 

 

قد يكون البديل هو انخراط الولايات المتحدة بشكلٍ أعمق في الصراع. بدأت حملة إدارة أوباما ضد داعش أيضًا كعملية جوية قبل أن يُرى ضرورة إرسال قوات برية ودعم الجماعات المسلحة المحلية، مما أحبط إدارةً كانت قد تعهدت أيضًا بتقليص التدخل العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط.

 

 

 

ووفقًا للتقارير، تدرس الفصائل اليمنية المدعومة دوليًا والمعارضة للحوثيين استغلال هذه اللحظة لشن حملة برية للقضاء على الجماعة نهائيًا. ولم يتخذ المسؤولون الأمريكيون قرارًا بعد بشأن دعم هذه العملية.

 

 

 

يقول معظم المحللين والمسؤولين إن مشاركة القوات الأمريكية في العمليات البرية في اليمن أمر مستبعد للغاية، ولكن حتى الدعم المحدود لعملية برية سيظل مثالًا آخر على دعم الولايات المتحدة للجماعات المسلحة في حرب أهلية فوضوية في الشرق الأوسط – وهو بالضبط نوع الموقف الذي انتقد ترامب الإدارات السابقة لوقوعها فيه.

 

 

 

مع ذلك، فإن الضربات لا تستهدف الحوثيين فحسب، بل يُنظر إليها أيضًا على نطاق واسع على أنها استعراض قوة تجاه الراعي الرئيسي للجماعة، إيران. تُجري الإدارة الأمريكية حاليًا جولة جديدة من المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني، ولم يستبعد ترامب العمل العسكري – الذي يُرجَّح أن تقوده إسرائيل – ضد الإيرانيين في حال فشل تلك المحادثات.

 

 

 

لا يزال من الممكن أن تُغادر الولايات المتحدة اليمن بسرعة، ولكن بالنظر إلى التاريخ الحديث، لن يكون مُفاجئًا أن يُعلَّق التحوّل الأمريكي الموعود بعيدًا عن الحرب في الشرق الأوسط مرة أخرى.

 

 

مقالات مشابهة

  • مجلس الأمن يعقد اليوم جلسة بشأن القضية الفلسطينية
  • باحث إسرائيلي: قادة غربيون يسعون لتشويه صورة إسرائيل وكبح جماحها
  • ديرمر : الحرب ستنتهي خلال 12 شهرا من الآن
  • رئيس الحكومة استقبل وفدا من معهد الشرق الأوسط - واشنطن
  • هل تتحول اليمن إلى “مستنقع ” يستنزف الولايات المتحدة ؟! 
  • نتنياهو يواصل خطابه التصعيدي .. ويزعم: غيرنا وجه الشرق الأوسط
  • الجبير يبحث مع المبعوث الصيني مستجدات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط
  • معهد دراسات الأمن القومي: إسرائيل يجب أن ترد على دعم روسيا لأعدائها
  • الشرق الأوسط: ديناميكيات قديمة وآفاق جديدة
  • هنا الزاهد سفيرة الشرق الأوسط لـ ماركة عالمية