بوابة الوفد:
2024-11-24@05:15:39 GMT

حكايات الحائرات فى الأسواق

تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT

 «فاطمة»: «ارحموا عزيز قوم ذل» «فايزة»: «تكلفة وجبة لحوم واحدة ألف جنيه وراتب زوجى 3 آلاف فقط»«صابرين»: «اللحمة مرة فى الشهر والفاكهة زيارة خفيفة كل أسبوعين»«شادية»: «3 آلاف للفواتير بس.. وبنقول يارب»

 

 

فى سوق خضار بأحد أحياء محافظة الجيزة، انزوت إحدى السيدات داخل سوق الخضار لتخرج أموالها من حقيبة يدها، وفجأة توقفت، وشرد ذهنها، وكأنها تحسب «حسبة برمة»، ثم انتابتها الحيرة والضيق، وراحت تتمتم بكلمات غير مسموعة، وارتفع صوتها قائلة: «اللهم لك الأمر».

«فايزة» سيدة فى العقد الخامس من عمرها، تسير بخطى بطيئة، عيناها حائرتان تترقبان أسعار الخضراوات بنوع من الحسرة، كاد الحزن الذى رسم معالم وجهها أن يعجزها عن السير.

اقتربنا منها وحاولنا الحديث معها، وفى بادئ الأمر رفضت محاولاتنا معرفة قصتها وبعد تقديم مساعدة مالية لها اطمأن قلبها بعض الشىء وشعرت بنوع من الهدوء، وقالت: «أنت متعرفش عملت إيه معايا، أنقذتنى من الجوع أنا وعيالى».

حال «فايزة» لا يختلف كثيرًا عن ملايين السيدات اللاتى يترددن على الأسواق لشراء متطلبات المنزل، يواجهن تحديًا كبيرًا بين نار الأسعار وبعض الجنيهات المتاحة لديهن، فكيف يتدبرن أمور منازلهن، سيدات حائرات فى دوامة يومية أصبحت كابوسًا يحاصرهن نهارًا داخل الأسواق وليلًا مع أزواجهن الذين يعجزون عن توفير المال اللازم لشراء المتطلبات المنزلية.

تعكس حكاية «فايزة» واقعًا اجتماعيًا مؤلمًا يواجهه الكثير من السيدات، وتدعو إلى تساؤل: كيف لسيدات مصر أن يتدبرن أمورهن وسط غول الأسعار؟!، صراع يومى يواجهه الكثير من النساء فى محاولة لتوفير لقمة العيش لأسرهن.

تقول «فايزة» إنها تعيش مع ثلاثة من أبنائها فى المرحلة الجامعية، جميعهم شباب قرروا خوض متاعب الحياة بعد وفاة والدهم فى حادث سيارة، فمع قدوم الإجازة يحاولون الاجتهاد لتوفير متطلبات دراستهم من مصاريف دراسية وملابس ومواصلات وغيرها.

«معاش جوزى 3 آلاف جنيه يعملوا إيه؟».. تستكمل «فايزة» حديثها وقالت إن المبلغ منذ 6 سنوات كان يكفيها وتعيش حياة كريمة، إلا أن مع استمرار كابوس رفع الأسعار، أصبحت تعيش فى حالة كبت وضيق وسط ضغوط الحياة ومتطلباتها، وتابعت: «وجبة تضم كيلو واحد من اللحوم تتكلف ألف جنيه».

تشير «فايزة» إلى أنها قررت أن تستغنى تدريجيًا عن بعض الرفاهيات على مدار السنوات الماضية. خلال رحلة لتربية أبنائها كانت تحرص على توفير ألوان من الفواكه لمنزلها، إلا أنها قررت أن تعتبر شراء الفاكهة من الرفاهيات، وسط ارتفاع الأسعار، خاصة بعد الزيادة الأخيرة لأسعار المحروقات، وقالت: «لما كيلو الجوافة يبقى بـ25 جنيه والتفاح بـ70 جنيه والعنب بـ30 جنيه الواحدة تجيب كام كيلو لها ولأبنائها الثلاثة».

«فين اللمة واللقمة الحلوة اختفت».. تواصل «فايزة» حديثها وقالت وهى دامعة لأن أبناءها دائمًا فى عمل نهارًا وليلًا سواء فى أيام الإجازة الصيفية أو أيام الدراسة، فبعد انتهاء اليوم الدراسى يخرجون مساءً للعمل فى المحلات، وتابعت: «فرحة اللمة على الأكل اختفت من البيت»، حيث لم تعد تستطيع تلبية احتياجات أسرتها بنفس السهولة التى كانت تفعلها فى السابق. الأمور بدأت تصبح أكثر صعوبة، وبدأت تشعر بالقلق من عدم قدرتها على توفير حياة كريمة لأبنائها.

استكملت «الوفد» جولتها داخل سوق الخضار، لنرى وجوهًا مقتضبة، أجساد أنهكتها ظروف الحياة، أقدام تسير ببطء شديد كأنها لا تسطيع أن تحمل أصحابها من كثرة الهموم، لافتات الأسعار المعلقة على الخضراوات والفاكهة أشبه بلافتات «ممنوع الاقتراب أو الشراء»، ينظرن إليها بنوع من الحسرة.

«ارحموا عزيز قوم ذل».. بغضب شديد قالتها «فاطمة» معبرة عن اعتراضها بشأن استمرار رفع الأسعار بشكل متواصل، ما جعلها تعيش كابوسًا يحاصرها نهارًا مع زوجها الذى يعمل فى إحدى الشركات الخاصة، وتابعت: «راتب زوجى 6 آلاف.. ولنا ولدان فقط والمفروض من أسرة ميسورة الحال ولكننا صرنا تحت خط الفقر بعد ارتفاع أسعار السلع لأضعاف خلال الشهور الأخيرة فى ظل عدم زيادة دخل زوجها، واستكملت: «أبنائى فى مدارس خاصة وبندفع آلاف الجنيهات سنويًا.. ولهذا لم نعد نأكل إلا ما يسد جوعنا فقط.. والفاكهة لا تدخل بيتنا إلا مرة كل أسبوعين بعدما كانت يوميًا».

«الطماطم بـ25 جنيه والبطاطس بـ30 والبصل مثلها.. لكى نأكل كما كنا نأكل منذ ثلاثة أعوام مثلا سنحتاج إلى راتب شهر كامل لوجبة الغداء».. تستكمل السيدة حديثها بأن الوجبة الواحدة تتطلب ألف جنيه لو ضمت كيلو لحمة وقليلا من الخضار و2 كيلو فاكهة، وتابعت: «العقل يقول إن ميزانية أسرتى يجب آلا تقل عن 10 آلاف جنيه فى الشهر لكن ما باليد حيله، واحنا عايشين بالبركة».

التقطت «صابرين» أطراف الحديث، واستهلت حديثها بنار أسعار اللحوم والدواجن والأسماك، فعجزت عن توفير متطلبات منزلها من اللحوم بعدما وصل سعر الكيلو 420 جنيهًا، والأسماك 90جنيهًا، والدواجن ما بين 90 إلى 110 جنيهات، وتابعت: «أنا أم لـ5 عيال وعلشان ناكل وجبة واحدة عايزين ألفين جنيه ومرتب جوزى أول عن آخر 4 آلاف جنيه فى الشهر».

تعكس حكاية «صابرين» صعوبات المواطنين فى مواجهة ارتفاع أسعار اللحوم والدواجن والأسماك. تقول «صابرين» إنها تجد صعوبة فى توفير احتياجات منزلها من اللحوم بسبب ارتفاع أسعار جميع أنواعها بشكل كبير، وتحتاج إلى مبلغ كبير لشراء اللحوم والأسماك والدواجن لتأمين وجبات الطعام لأسرتها. إلى جانب ذلك، تشير إلى أن مصروف زوجها لا يكفى لتلبية احتياجات الأسرة، حيث يبلغ مرتبه أربعة آلاف جنيه فى الشهر، وهذا لا يكفى لتغطية نفقات الحياة اليومية.

كما يعانى المواطنون أيضًا من ارتفاع فواتير المياه والكهرباء والغاز، مما يجعل العبء المالى على الأسرة أكبر. وتضاف إلى ذلك مصاريف إضافية لشراء اسطوانات البوتاجاز، ما يجعل الحياة المعيشية صعبة على الكثير من الأسر.

أصوات المواطنين تعلو مستغيثة بالحكومة لضرورة التدخل لإيجاد حلول عاجلة لمشكلة ارتفاع الأسعار وزيادة المصروفات المنزلية، مشددين على ضرورة ضبط أسعار السلع الأساسية، وتقديم خدمات اجتماعية أخرى تساعد فى تخفيف العبء المالى.

«شادية» ضمن السيدات اللاتى طالبن الحكومة بضرورة التدخل لحل أزمة المواطنين مع الأسعار، وتقول: «مرتب زوجى 5 آلاف.. 3 منها ننقفها لسداد فواتير الكهرباء والمياه والغاز والمواصلات والباقى بنقول بيهم يارب».

أزمات المصريين طاحنة خلف الأبواب حكايات أشبه بمسلسلات الدراما، فى كل مشهد رواية ومع كل حلقة حكاية تختلف عن غيرها، فمن مشكلات الدروس الخصوصية إلى وجبه الإفطار الذى أصبح يتكلف 300 جنيه لأسرة مكونة من 4 أفراد، مرورًا بأزمة الأدوية تقف الأم حائرة من أين تذهب براتبها أو براتب زوجها الضئيل وسط غول الأسعار.

كثير من المواطنين أجبرتهم ظروف الحياة على العمل نهارًا وليلًا، فمع كل يوم تدوى أصوات المشاجرات بين الكثير من الأزواج بسبب مصروف اليوم الذى لا يكفى المواصلات أو الدروس الخصوصية أو الإفطار وغيرها من اللوازم الأساسية للمنزل.

«اليوم يكلفنا 500 جنيه وبنصرف 200 برحمة ربنا».. هكذا استهلت «رانيا» التى تعمل فى إحدى المدارس، وتقول إنها تعاون زوجها على الحياة بسبب ارتفاع الأسعار، فلم تعد هناك رفاهية الادخار فمن يستطيع أن يكفى احتياجات منزله هذه الأيام يصبح بطلًا خارقًا.

تستكمل الزوجة حديثها، وقالت إنها أم لـ4 أبناء منهم فتاة فى المرحلة الجامعية، وكلما تنظر لها تشعر بالخوف الشديد عليها وعلى مستقبلها لعدم قدرتها على توفير مال خاص لها لشراء الأجهزة الكهربائية ومتطلبات العرس.

وتابعت: «اللى جاى على قد اللى رايح.. وجوزى طافح المرار نهار وليل وبرضو يادوب قادرين نعيش بكام مليم».

أيدتها الرأى «نعمات» التى قالت إن زوجها يعانى من ضعف راتبه الشهرى والذى يقدر بـ7 آلاف جنيه وسط متطلبات علاج والدته شهريًا، ويتبقى 5 آلاف جنيه منهم ألفا جنيه خدمات للمنزل، يتبقى 3 آلاف جنيه، وتابعت: «مطلوب منى كأم أعمل أكل وشرب ومصاريف مواصلات ودروس خصوصية من المرتب ده طيب إزاي؟».

تصمت الزوجة قليلًا وتدمع عيناها وقالت: «جوزى مقدراه وعارفه تعبان قد إيه.. وأنا بحاول أشيل من الفلوس اللى معايا للعلاج علشان لو حصل أى ظرف طارئ، مهو مينفعش نبقى فى الهوا».

تشير الزوجة إلى أن وجبة الإفطار تتكلف 150 جنيهًا والمواصلات 100 جنيه وقالت: «عيالى ساعات بياخدوها مشى مع أبوهم علشان يوفروا فلوس»، تروى الزوجة أن فصل الشتاء المفضل للأسرة لتوفير مال المواصلات، فيفضلون السير على الأقدام حال العودة من العمل أو المدارس ومع برودة الطقس يساعدهم على ذلك بخلاف فصل الصيف، واستكملت: «بدل ما نركب 4 مواصلات بنركب 2.. والغدا بقى مرار تانى خالص».

تشير الزوجة إلى أن متطلبات أبنائها للمدارس خاصة «اللانش بوكس» يتطلب 100 جنيه، فهى ميزانية خاصة بعيدًا عن ميزانية الأسرة التى تتطلب 15 ألف جنيه شهريًا مقارنة بالدخل الحقيقى الذى يعد كابوسًا لهم، وتابعت: «عايشين زى ما كل الناس عايشين على حس البركة فى البيت والمال وأهى ماشية».

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ى سوق خضار محافظة الجيزة

إقرأ أيضاً:

محافظ المنوفية: ضبط 40 طن دقيق فاخر بمنشأة مجهولة المصدر بالسادات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تابع اللواء إبراهيم أبو ليمون محافظ المنوفية جهود مديرية التموين والتجارة الداخلية وبالتعاون التام مع الوحدات المحلية في شن الحملات التفتيشية المفاجئة علي الأسواق والمخابز ومنافذ البيع لتوفير الاحتياجات اليومية للمواطنين وضبط السلع مجهولة المصدر والتأكد من جودة رغيف الخبز ومطابقته للمواصفات؛ حيث تم تحرير 114 محضر تمويني متنوع خلال يومين من الحملات التفتيشية لضبط حركة الأسواق وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأوضح المحاسب أسامة عز الدين وكيل وزارة التموين إلى أنه تم تحرير 62 محضر مخالفات للمخابز لوجود تلاعب نقص وزن وعدم نظافة وعدم التزام بالمواصفات و52 محضر أسواق لعدم الإعلان عن الأسعار.

ومن أبرز المحاضر تحرير  محضر جنح السادات ضد صاحب منشأة غير مرخصة  لتعبئة السلع الغذائية بالخطاطبة بحوزته 40 طن دقيق فاخر كمستلزمات إنتاج و5 طن مكرونة  والتحفظ على المضبوطات، كما تم تحرير محضرين جنح قويسنا ضد أصحاب محال عطارة وعصائر لعدم الاعلان على الاسعار والتربح بدون وجه وتم اتخاذ الاجراءات القانونية حيال المخالفين. حفاظًا على صحة وسلامة المواطنين.

ومن جانبه، شدد محافظ المنوفية بتكثيف الرقابة الميدانية الصارمة على الأسواق وكافة المحلات والمصانع لضبط الأسعار والسلع مجهولة المصدر والغير صالحة للاستهلاك، والتأكد من توافر السلع الأساسية للمواطنين والتصدي لكافة الممارسات الاحتكارية والتفاعل الفوري مع أي بلاغ عن الغش التجاري لمنع استغلال المواطنين.

مقالات مشابهة

  • محافظ الإسكندرية يشدد على ردع كل الممارسات الاحتكارية داخل الأسواق
  • سعر السكر اليوم السبت 23-11-2024 في الأسواق والمحلات
  • ضبط 185 عبوة بويات ودهانات منتهية الصلاحية بالفيوم
  • ضبط سلع تموينية مدعمة قبل بيعها في السوق السوداء بالفيوم
  • ضبط 1970 علبة سجائر مجهولة المصدر وبدون فاتورة بالفيوم
  • محافظ المنوفية: ضبط 40 طن دقيق فاخر بمنشأة مجهولة المصدر بالسادات
  • هذه أسعار اللحوم والخضر والفواكه في الأسواق
  • ضبط 40 طن دقيق فاخر بمنشأة مجهولة بالسادات في المنوفية
  • روسيا تحذر من ارتفاع الخطر النووي بعد إقامة أمريكا قاعدة صاروخية ببولندا
  • أسواق اليوم الواحد.. نافذة اقتصادية لتخفيف الأعباء عن المواطنين