عود على بدء، يؤسفنى قول إنها أكذوبة كبرى من يحاول أن يقنع نفسه بمقولة (الحياة تبدأ بعد الستين)، قد تكون المقولة صحيحة تمامًا ولكن فى بلد غير بلدنا الحبيب، أى فى بلد تكرم أرباب المعاشات وتعوضهم عن سنين التعب والعطاء بمعاش مالى محترم ورعاية صحية لا تسول فيها ولا استنزاف للقوة والأعصاب ولا انتظار فى قائمة طويلة، قى بلد تقدم خدمات مجانية لأصحاب المعاشات لتيسير عليهم ما تبقى من حياتهم وتجعلهم بالفعل سعداء فى حياة ما بعد الستين فى كرامة وراحة ورعاية ورحلات ونزه، أما لدينا، فقرار الإحالة إلى المعاش يستقبله أغلبنا مثل قرار انتهاء الحياة، رغم كوننا كنا نضج بمتاعب العمل وكل ما يحيط به من تفاصيل مرهقة، إلا أن من اعتاد العمل يقتله الفراغ، ومن رتب أمور حياته على دخل مالى معين، تنهار تفاصيل حياته مع مبلغ المعاش الهزيل الذى لا يسمن ولا يغنى من جوع فى ظل نيران الأسعار والأوضاع المعيشية التى نكتوى جميعًا بها -باستثناء القلة التى تشكل طبقة المليونيرات- لذا يعد قرار الإحالة للمعاش كارثة بكل المقاييس للمعاشجى وأسرته مع خاصة مع تعذر الحصول على مكافئة نهاية الخدمة فى الكثير من المؤسسات لتعثر أوضاعها المالية.
لذا يتلاحظ أن الكثير ممن بلغوا سن المعاش يصابون بأمراض فجائية تعجل بهم إلى الموت، حقًا الأعمار بيد الله، لكنها فى المجمل أسباب، فشعور القهر والعجز المالى لدى المعاشجي، وانكشاف غطاء ستره أمام أولاده ومتطلبات حياتهم، بجانب متطلباته هو الصحية المستجدة مع كبر السن وتراكم الهم والقهر، يضاف إليها شعوره باقتلاع جذوره من الأرض التى رواها بعرقه وشبابه، خاصة إذا كان لا يزال لديه من العطاء والطاقة ما يمكن أن يقدمه لعمله، ولكن استحال ذلك لأن عليه الرحيل ليحل غيره فى مكانه.
فى الغرب، فى أوروبا مثلًا وسأتخذ من هولندا نموذجًا لمعايشتى سنوات طويلة لحقائقها من أرض الواقع، يعد بالفعل الوصول لسن المعاش حلمًا رائعًا وبداية لحياة جميلة وليس كابوسًا كما لدينا، السبب الأول فى ذلك ارتفاع سن المعاش إلى سن ٦٧ عامًا، وليس الى ٦٠ كما لدينا، فهم يرون أن الإنسان قادر على العمل والعطاء الجيد حتى هذه السن وإفادة غيره خاصة الأجيال الجديدة من خلال خبرته ومحصلة تجاربه العملية، لذا يبقى فى عمله رسميًا لسن ٦٧ مع حصوله على كل ترقياته بالطبع وحقوقه المالية دون ظلم أو نزاع عليها، حيث لا تتدخل المحسوبية ولا الوساطة ولا النفاق الوظيفى ولا أى مما نراه لدينا فى مؤسسات العمل لتتحكم فى الدرجات والترقيات والحوافز والمكافآت وغيرها، فقط المعيار الوحيد هو العمل والعمل فقط، لذا يواصل شيوخ المهن والحرف فى هولندا أعمالهم حتى سن ٦٧ فى أريحية لتوافر كل السبل التى تيسر لهم العطاء العملى وإفادة مؤسساتهم بخبراتهم، لا يرفع الشباب فى هولندا شعار(كفاية عليهم وليتركوا لنا أماكنهم) لأنه ببساطة أسواق العمل مفتوحة وتحتاج الكثير، ومتاحة للمجتهدين الراغبين فى العمل والعطاء، ولا ينفى هذا وجود العديد من الشباب الكسالى المتمارضين، رافضى العمل، هؤلاء تمنحهم الدولة الحد الأدنى للأجور بشرط إخضاعهم لدورات تدريب مهنى وتدريب على إتقان اللغة إذا كانوا من أبناء غير الهولنديين والذين يستسهلون غالبًا حكاية التمارض والحصول على بدل البطالة ليضيعوا شبابهم فى اللهو المفتوح الأبواب ولهذا حديث آخر، المهم أن من لا يستجيب لتلك الدورات التدريبية للعمل ويجد فى البحث عن عمل يتم قطع بدل البطالة عنه لإجباره على قبول أى عمل، لأن الدولة تعلم ما يفعله هؤلاء وتمنحهم فرصة التوقف عن ادعاء المرض خاصة المرض النفسى ، فإن لم يرتدعوا، تركتهم بلا مساعدات ليراجعوا أنفسهم وضمائرهم ويقبلوا فرص العمل المعروضة عليهم.
وأعود للحديث عن سن المعاش للهولندي، فهو نفس الحال ، اذا كان الشخص لديه الصحة والقدرة على مواصلة العمل حتى السن القانونية ٦٧ فأهلًا وسهلًا، إذا أصيب بمرض ما فسيولوجى أو مرض نفسى يجعله لا يتمكن من مواصلة العمل بنفس الكفاءة والعطاء، يحال إلى المعاش المبكر بموجب شهادة طبية، ويحصل على معاش جيد يستر حياته ولا يحوجه لأحد ولا يقل عن الحد الأدنى للأجور، لأن نظام التأمين الصحى الشامل يتكفل له بكل العلاجات والأدوية مقابل اشتراكة الشهرى فى شركة من شركات التأمين بمبلغ تأمين شهرى لا يذكر مقارنة بدخله، من خلال التأمين الصحى لمن أحيل للمعاش توجد خدمات عديدة منها تخصيص خدمة التاكسى له مجانا، تسليمه كرسى متحرك إذا كان يعانى من صعوبة الحركة، أو يمتم منحه سيارة صغيرة تشبه التوك توك لدينا، وهناك ما يشبه الترو سيكل، كل هذا يقدمه التأمين الصحى مجانا للمحتاجين من المسنين، ناهيك عن سائر الأدوات الطبية الأخرى من سماعات أذن، أجهزة تعويضية و غيرها، كل هذا ضمن التأمين الصحي، وهذا فى الواقع لا يقتصر على المسنين بل على كل شخص حامل للجنسية الهولندية أو الاقامة الرسمية ويحتاج لتلك الخدمات .. وللحديث بقية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فكرية أحمد سن المعاش
إقرأ أيضاً:
بعد تقرير عن تمديد بقائه.. السوداني: لدينا خطة منهجية لإنهاء وجود التحالف الدولي
شبكة انباء العراق ..
أكد رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، اليوم الجمعة، بأن الحكومة لديها خطة منهجية لإنهاء وجود التحالف الدولي.
وقال السوداني : “لدينا خطة منهجية لإنهاء وجود التحالف الدولي”.
وأضاف: “نعمل مع القوى السياسية لحصر السلاح بيد الدولة”.
وبوقت سابق، أفادت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، بتوقعات بأن يطلب العراق تمديد بقاء القوات الأمريكية في البلاد.
وذكرت واشنطن بوست عن مسؤول أمريكي، قوله، إن “مسؤولي البنتاغون والقيادة الوسطى بحثوا كيف يتشابك مصير سوريا مع اضطرابات المنطقة”.
كما نقلت عن مسؤول عراقي قوله، إن “تحولا حدث في نظرة المسؤولين للانسحاب الأمريكي المحتمل من العراق بعد التطورات الأخيرة”.
وأضاف، أن “موعد سحب القوات بعيد لكنني أتوقع أن يطلب العراق تمديدا لبقاء القوات الأمريكية”.
كمل نقلت عن مسؤول عراقي كبير أن القوات الأمريكية قد تبقى في العراق لفترة أطول من المتفق عليها بسبب الأحداث في سوريا.
وأضاف المسؤول: “المسؤولون العراقيون غيروا وجهة نظرهم بشأن الانسحاب الأمريكي المحتمل في أعقاب الأحداث الأخيرة في المنطقة”، حيث يبدو أن الموعد النهائي الحالي “غير واقعي”.
وبحسب الصحيفة، فإن السلطات العراقية أصبحت أكثر اهتماما بالمقترحات الأمريكية لنشر وحدات استخباراتها بالقرب من الحدود العراقية مع سوريا.
وفي الوقت نفسه، تشير الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني لم يطلب تمديد الوجود العسكري الأمريكي.
وتؤكد “واشنطن بوست” أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لم يكشف بعد عن خططه للقوات الأمريكية في العراق، لكن مستشاريه أوضحوا أن بين أولوياته قتال “داعش”.
وفي وقت سابق، ذكرت وكالة “رويترز” أن الولايات المتحدة والعراق توصلا إلى تفاهم بشأن انسحاب قوات التحالف من البلاد، وينبغي لها مغادرة قاعدة عين الأسد بحلول سبتمبر 2025.ولاحقا، قال ممثل عن الإدارة الأمريكية إن الولايات المتحدة ضمن “خطة انتقالية” ستوقف نشاط قواتها في عدد من مناطق العراق، لكنها لن تسحبها بشكل كامل.
user