مخاوف أوروبا من الإسلام.. شهادة من أهلها
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
صرح رئيس الوزراء البريطاني الجديد «كير ستارمر»، بمخاوف أوروبا من الإسلام، وطريقة معاملتها لحكوماته وشعوبه.
يقول ستارمر: علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا، وواضحين في نفس الوقت حيال علاقتنا بالعالمين العربي والإسلامي، ونقول الحقيقة لأبنائنا حتى لا نتصادم معهم يومًا، أو أن يشعروا بالاضطراب الفكري ومتلازمة التناقضات النفسية، بين إيمانهم بالقيم الليبرالية واحتياجات أمننا القومي، والتي زادت من تناقضاتها الثورة المعرفية وتقنية المعلومات ووسائل التواصل العابرة للقارات.
نحن خلافاتنا في الحقيقة، ليست مع الشعوب الإسلامية ولا الأنظمة الحاكمة، لأن الأنظمة تدور في فلكنا وتستمد بقاءها من جانبنا، وتنفذ سياساتنا التي تخدم الأمن القومي الغربي أولًا، بغض النظر عن أمنهم القومي.
إذن فأين تكمن حقيقة الأزمة، في علاقاتنا بالعالم الإسلامي ككل، والعربي كونه مركز هذا العالم؟
إن مشكلتنا الحقيقية تكمن في الإسلام ذاته، ومع محمد نبي الإسلام نفسه، لأنه دين حضاري يمتلك الإجابات التفصيلية لكل الأسئلة الوجودية والحضارية، وهو منافس عنيد للحضارة الغربية، التي بدأت تفقد تألقها، بينما الإسلام ومحمد يزداد تألقًا، حتى داخل مجتمعاتنا الأوروبية، التي أتاحت لها القيم الليبرالية حرية التفكير، وأضعفت سلطة الكنيسة، وهذا التفكير الحر المجرد، قاد الكثير من النخب والشباب إلى اعتناق الإسلام، لأنهم وجدوا فيه كل الإجابات عن احتياجاتهم النفسية والروحية والوجودية والاجتماعية، التي أغرقتهم فيها حضارتنا المتناقضة.
نحن مشكلتنا الحقيقية مع الإسلام نفسه، وستظل كذلك لأنه ليس لنا إلا خيار مواجهة التدفق الإسلامي والفكر الإسلامي بشتى الطرق، لأن الخيار الآخر هو أن نعترف بأن الإسلام دين الله الحق، ودين يسوع وكل النبيين، وهذا سيقودنا إلى اعتناقه، حتى نصل إلى ملكوت الله في الدنيا وما بعد الحياة. وهذا سيعيدنا إلى المربع الأول في صراعات الدين والدولة في الفكر المسيحي، على أن هناك فرقاً شاسعًا بين الإسلام والمسيحية في تلك القضايا.
ليس لنا خيار سوى مقاومة الإسلام، ولو أدى ذلك إلى تخلي بلداننا ومؤسساتنا عن القيم الليبرالية، وعلينا أن نسن القوانين التي تدفع المسلمين إلى مغادرة أوروبا، ولنا مثال في السويد، التي تفرض قوانينها المثلية والشذوذ والإلحاد، وهذا أكثر ما يدعو المسلمين إلى مغادرة أوروبا، أو الانصهار في حضارتها وفقدان إيمانهم بالإسلام، وكذلك علينا أن نمنع الهجرة من العالم الإسلامي إلى أوروبا وأمريكا، ولو بالتعاون مع الدول الإسلامية، ونفتح المجال لهجرة الشعوب غير المسلمة.
ومن جهة أخرى يجب الاستمرار في دعم إسرائيل، مهما كانت إجراءاتها قاسية، حتى لا تسمح بإقامة نواة لنظام إسلامي في غزة، يشجع الشعوب الإسلامية على احتذاء التجربة، وممكن في هذا المجال، الاستفادة من الدعم الكبير الذي تحظى به إسرائيل من الدول العربية، التي تخاف من قيام أي نظام إسلامي أو ديمقراطي، وهذه نقطة ثالثة مهمة، وهي دعم الأنظمة العربية ومؤسساتها وجيوشها وأجهزتها المختلفة، التي تمنع قيام أي نظام يستمد قيمه من تعاليم محمد ومن كتابه المقدس. لا يهم إن كان ما نقوم به شرعيًا أو غير شرعي، فهذه مسألة يجب أن تكون محسومة، ونعمل عليها ومن خلالها. نحن أمام تحد كبير بين قيمنا الليبرالية وأمننا القومي، وهما الآن قيمتان متناقضتان، وبين الزحف الإسلامي المنبعث من كل مكان في العالم، وكأنه بخار الماء الذي لا ندري من أين طلعت عليه الشمس، لا يجب أن نختبر صوابية وخطأ القيم الإسلامية، لأن ذلك قد يقود أكثرنا إلى الإسلام والقيم الدينية المحمدية، وفي نفس الوقت هناك حاجة إلى جرعات من المسيحية، ولكن بصورة منضبطة لا تؤثر على إنجازات الحضارة الغربية، بهدف الحد من توغل الإسلام إلى ديارنا.
نحن الآن بين خيارات متناقضة، لأن الاستمرار في خياراتنا الليبرالية، يفقدنا الحصانة من الزحف الإسلامي، والعودة إلى الكنيسة يهدم قيمنا الليبرالية، ويؤثر على منجزاتنا الحضارية. وقد نشأت أجيال في الغرب لا تؤمن بالمسيح، ولن تستطيع العودة إلى الكنيسة، بعد رياح الانفتاح اللا محدودة.
ما أخشاه ألا نجد أمامنا في المستقبل إلا خيارًا واحدًا، يتمثل في الدفع نحو قيام حرب كبرى، تحد من الحريات، وتربك الحياة العامة، وتشعل حروبًا غير منتهية في الدول الإسلامية، وتفقد الإسلام مناخات السلام التي يتمدد من خلالها. ما لم نتدارك الأمر، فستملأ المساجد والمآذن أوروبا، ويسيطر الإسلاميون في أي انتخابات أوروبية على مقاعد البرلمان، وعلى الرأي العام والاقتصاد، ثم يحكمون أوروبا بتعاليم الإسلام.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإسلام مخاوف أوروبا رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر العربي والإسلامي
إقرأ أيضاً:
هل تأخير إخراج الزكاة يبطل ثواب صيام رمضان؟.. الإفتاء تجيب
بيّنت دار الإفتاء المصرية، حكم صيام من يؤخر إخراج الزكاة عن وقتها دون عذرٍ أو مَن لا يلتزم بإخراجها أصلًا، مشيرة إلى أن صيامه صحيحٌ شرعًا لأن كلُّ عبادةٍ منهما مستقلةٌ عن الأخرى، فهذا الإنسان طائع بأدائه الصيام غير طائع بتأخير الزكاة عن وقتها أو عدم أدائها.
وشددت دار الإفتاء، في فتواها عبر موقعها، على أنه يجب على كلِّ مكلف أن يجتهد في أداء جميع الفرائض التي فرضها الله عليه على قدر طاقته واستطاعته؛ فالملتزم بجميع الفرائض أعظم أجرًا، وأكثر ثوابًا، وأفضل حالًا ممن يلتزم ببعضها، ويفرط في البعض الآخر.
وأكدت أن التكاليف الشرعية التي جاء بها الإسلام منظومة متكاملة من شأنها ضبط حركة الإنسان وتنظيم جميع علاقاته في هذه الحياة، أي: علاقته بربه، وعلاقته بنفسه، وعلاقته بأخيه الإنسان، بل وعلاقته بالكون بأسره، ورأس هذه التكاليف وأصلها الأركان الخمسة التي بُني عليها الإسلام؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» متفقٌ عليه.
وتابعت أن الله سبحانه وتعالى أوجب على المسلمين أن يؤدوا هذه العبادات بأكملها، أي: أن المسلم مأمورٌ بها جميعًا، فيجب عليه أن يلتزم بكلِّ ما فرضه الله تعالى عليه، قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ [البقرة: 208]، والمعنى: أي التزموا بكلِّ شرائع الإسلام وعباداته التي أمر الله تعالى بها ورسولُه صلى الله عليه وآله وسلم من غير أن يتخير أحدٌ منكم أداء بعضها وترك بعضها الآخر؛ لقوله تعالى ناعيًا على هؤلاء: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ [البقرة: 85].
وأوضحت الإفتاء، أن هذا ما نطقت به عبارات المفسرين، حينما عقبوا على الآية الآمرة بالدخول في السلم:
قال الإمام الطَّبَرِيُّ في "جامع البيان" (3/ 600، ط. هجر): [تأويل ذلك: دعاء للمؤمنين إلى رفض جميع المعاني التي ليست مِن حكم الإسلام، والعمل بجميع شرائع الإسلام، والنهي عن تضييع شيء مِن حدوده] اهـ.
وقال الإمام الْـمَاوَرْدِيُّ في "النكت والعيون" (1/ 268، ط. دار الكتب العلمية) ناقلًا قول الإمامين مجاهد، وقتادة: [والدخول في السِّلْم: العمل بشرائع الإسلام كلها] اهـ.
أثر عدم إخراج الزكاة على صحة الصوموأشارت إلى أنه مع أن المسلم مأمورٌ -على قدر طاقته البشرية- بأداء كلِّ الفرائض المفروضة عليه جملة واحدة دون ترك أيٍّ منها إلا أن كل عبادة منها مستقلة بذاتها؛ فكل فريضة من هذه الفرائض لها شروطها وأركانها الخاصة بها، فإذا أدى الإنسان عبادةً من العبادات مستوفيةً شروطها وأركانها فهي صحيحة وبَرِئَتْ ذمته منها، وخرجت من عهدته، ولا يؤثر في صحتها تركُ غيرها من العبادات الأخرى المفروضة عليه أيضًا.
قال العلامة نجم الدين الطُّوفي في "شرح مختصر الروضة" (1/ 441، ط. مؤسسة الرسالة): [الصحة في العبادات: وقوع الفعل كافيًا في سقوط القضاء، وقيل: موافقة الأمر.
معنى هذا: أن العلماء اختلفوا في معنى صحة العبادات، فالفقهاء قالوا: الصحة وقوع الفعل كافيًا في سقوط القضاء؛ كالصلاة الواقعة بشروطها وأركانها مع انتفاء موانعها، فكونها كافية في سقوط القضاء -أي: أنها لا يجب قضاؤها- هو صحتها] اهـ.
وقال العلامة الزَّرْكَشِي في "البحر المحيط" (2/ 16، ط. دار الكتبي): [أما الصحة في العبادات فاختُلف فيها؛ فقال الفقهاء: هي وقوع الفعل كافيًا في سقوط القضاء؛ كالصلاة إذا وقعت بجميع واجباتها مع انتفاء موانعها، فكونها لا يجب قضاؤها هو صحتها] اهـ.
ومقتضى ذلك: أنه ليس من شروط صحة العبادة امتثال المكلف لغيرها من العبادات وقيامه بها، بحيث يكون تَرْكُ ذلك مؤثرًا على صحتها أو موجبًا لعدم قبولها؛ إذ لا ارتباط بين إسقاط الفرائض التي يؤديها وبين الفرائض التي يتهاون في أدائها، فلكلٍّ ثوابه، ولكلٍّ عقابه.
وعلى ذلك: فإذا وجبت الزكاة في حقِّ أحد ولم يُخْرِجْها أو قصَّر في أدائها فإنه آثم بعدم القيام بهذا الفرض، فإن أدى فرضًا آخر وهو الصيام فصيامه صحيح، وإثمه بتركه أداء الزكاة لا يؤثر في صحة الصيام، وهو بهذا مطيع في الصيام غير مطيع في الزكاة.
قال الإمام السَّرَخْسِي في "أصوله" (1/ 81، ط. دار المعرفة): [ألَا ترى أن الصائم إذا ترك الصلاة يكون فعل الصوم منه عبادة صحيحة هو مطيع فيه وإن كان عاصيًا في ترك الصلاة؟] اهـ.
وقال العلامة أبو بكر الجَصَّاص في "الفصول في الأصول" (2/ 179، ط. أوقاف الكويت): [وكون الإنسان مرتكبًا للنهي عاصيًا في غير المعقود عليه (لا يمنع وقوع فعله موقع الجواز، كما أن كونه عاصيًا في تركه الصلاة لا يمنع) صحة صيامه إذا صام] اهـ.
وقال الإمام الآمِدِيُّ في "أبكار الأفكار" (4/ 385-386، ط. دار الكتب والوثائق القومية) في الردِّ على شبهة القائلين بكون المعصية محبطةً للأعمال مطلقًا: [إن التقابل بين الطاعة والمعصية: إنما يتصور في فعلٍ واحدٍ بالنسبة إلى جهةٍ واحدةٍ، بأن يكون مطيعًا بعينِ ما هو عاصٍ مِن جهة واحدة، وأما أن يكون مطيعًا في شيء، وعاصيًا بغيره، فلا امتناع فيه، كيف وأن هؤلاء وإن أوجبوا إحباط ثواب الطاعات بالكبيرة الواحدة، فإنهم لا يمنعون من الحكم على ما صدر من صاحب الكبيرة من أنواع العبادات... كالصلاة، والصوم، والحج، وغيره بالصحة، ووقوعها موقع الامتثال، والخروج عن عهدة أمر الشارع؛ مع حصول معصية في غيرها، بخلاف ما يقارن الشرك منها، وإجماع الأمة دلَّ على ذلك، وعلى هذا: فلا يمتنع اجتماع الطاعة والمعصية، وأن يكون مثابًا على هذه ومعاقبًا على هذه] اهـ.