على مدار عقود فشلت المنظمات الدولية فى القيام بدورها فى حفظ السلم والأمن الدوليين، واحترام حق الشعوب فى تقرير المصير، ومساعدة أطراف النزاع للتوصل إلى السلام، وهى الخطوط والأهداف العريضة التى كان من المفترض أن تقوم بها، إلا أنها لم تستطع، ومنها المحكمة الجنائية الدولية. فى سبتمبر 2018، هدّدت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على «الجنائية الدولية» إذا أصرت على الاستمرار فى جهودها لمحاكمة مواطنين أمريكيين، بعدما درست المحكمة مقاضاة عدد من عناصر الجيش الأمريكى بسبب اتهامات بانتهاكات لحقوق معتقلين فى أفغانستان.

وقال جون بولتون، مستشار الأمن القومى الأمريكى آنذاك: «سنقوم بفعل كل شىء لحماية مواطنينا». وفى مايو 2024، أعلن وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن أنه سيعمل مع المشرّعين الأمريكيين لبحث إمكانية فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، بعد أن كشف المدعى العام للمحكمة كريم خان أنه يسعى لإصدار أوامر اعتقال ضد مسئولين إسرائيليين كبار.

أما محكمة العدل الدولية فأصدرت قرارها بأنه يتعين على إسرائيل الوقف الفورى لهجومها العسكرى على قطاع غزة وفتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية للقطاع، وضمان وصول أى لجنة تحقيق أو تقصى حقائق بشأن تهمة الإبادة الجماعية، إلا أن إسرائيل تجاهلت قرارها واستمرت فى شن الحرب.

ومع اتساع ثقوب التواطؤ الأممى، تلاشى دور مجلس الأمن المعنى بوضع حد للانتهاكات الصارخة وردع مجرمى الحروب، ومنها الحرب الأخيرة فى غزة، وفشل مجلس الأمن أكثر من مرة فى إصدار قرار يوقف نزيف الدم الفلسطينى أو حتى إدانة ما تقوم به آلة الحرب الإسرائيلية من جرائم إبادة جماعية للفلسطينيين فى القطاع المحاصر.

وأعلنت وكالة «أونروا» فى بيان، أنه منذ بداية الحرب فى غزة قتل ما لا يقل عن 220 موظفاً من الوكالة، وشدّدت على أن هناك تجاهلاً للفرق الإنسانية بشكل صارخ ودون هوادة منذ بداية الحرب. وخلال الحرب القائمة فى غزة، صدّق الكنيست الإسرائيلى على تصنيف «أونروا» بأنها «منظمة إرهابية»، مما أثار إدانات أممية ودولية واسعة. ولم تكن هذه الوقائع هى الوحيدة فى فشل المنظمات الدولية، فسبق ومنعت الحكومة الإسرائيلية المقرّرة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز من الحصول على تأشيرة دخول فى أبريل الماضى، واعتذرت أكثر من مرة عن السماح لمسئول السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى جوزيب بوريل من الدخول إليها منذ بدء الحرب فى غزة.

وقال د. نبيل عمرو، المستشار السابق للرئيس الفلسطينى، إن معظم دول العالم تعترف بالخلل الموجود فى مجلس الأمن، ولكن الدول دائمة العضوية وصاحبة امتياز الفيتو تمنع أى محاولات لإصلاح الخلل والعوار بالمجلس، ودول العالم بإمكانها اتخاذ قرار فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولكنه يظل حبراً على ورق، معتبراً أن الأمل فى محاولات إصلاح مجلس الأمن مجرد محاولات عبثية.

واعتبر «عمرو» أن إصلاح الأمم المتحدة أمر معقّد جداً لأن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها يحولون دون ذلك، ولا أمل يُرجى فى هذا الأمر المهم جداً، ووصف مجلس الأمن بأنه مجرد أداة أمريكية تمنحه فاعلية وقتما تشاء وتنزعها منه، معتبراً أنها أشبه بحائط مبكى للضعفاء ومقصلة بيد الأمريكيين.

وتحدث «عمرو» عن الدور المنشود والمنوط به للمنظمات الأممية لتحقيق الأمن والسلم الدوليين وأنه لا بد أن يكون هناك إلزام لأى دولة بتنفيذ القرارات الأممية وعدم الارتكان إلى اعتماد هذه الدول على دول أخرى تدعمها فى مجلس الأمن من حاملى حق النقض «الفيتو» ويجب أن يكون هناك تعديل فى لائحة مجلس الأمن، مشيراً أن الدول دائمة العضوية فى مجلس الأمن هى التى تعطل القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ويجب أن يكون هناك توسيع فى قاعدة الدول دائمة العضوية.

وقالت السفيرة هاجر الإسلامبولى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن أجهزة الأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصّصة كان لها دور بارز خلال الفترات السابقة، وأدت دوراً مهماً خلال بعض الأزمات العالمية التى مر بها سكان العالم.

وأشارت إلى أن العالم يشهد الكثير من الأزمات والتوترات، مثل الاحتقان بين الكوريتين ومشكلات بحر الصين الجنوبى والعالم به مناطق كثيرة مشتعلة، والأمم المتحدة أنشئت من أجل تحقيق الأمن والسلم الدوليين بصفة عامة، ولكن بسبب التطورات التى نعيشها وواكبتها تطورات أخرى فى دور الأمم المتحدة، خاصة فى أجهزتها المتخصّصة، والتى أدت دوراً مهماً وبارزاً خلال السنوات الأخيرة.

وأكدت «الإسلامبولى» أن التطور فى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والصحية واكبه تطور فى دور الأمم المتحدة وظهر ذلك جلياً فى أزمة فيروس كورونا ودور الأمم المتحدة فى احتواء هذه الأزمة.

وقالت «الإسلامبولى» إن الأمن والسلم العالميين يمثلان انعكاساً لتوازن القوى العالمية، وحالما يختل ميزان القوى العالمية يحدث شلل فى مجلس الأمن، وهذا الخلل يؤدى إلى استخدام حق النقض «الفيتو» الذى تنعم به 5 دول انتصرت فى الحرب العالمية، وعند حدوث هذا الخلل تجد روسيا والصين فى موقف والولايات المتحدة والغرب فى موقف آخر وكل منها يستخدم حق النقض «الفيتو»، مما يمثل شللاً لنظام الأمن والسلم العالمى واختلال توازن القوى العالمية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأمم المتحدة مجلس الأمن فلسطين غزة الاحتلال لبنان أمريكا إسرائيل فى مجلس الأمن الأمن والسلم فى غزة

إقرأ أيضاً:

أمريكا ستنسحب من منظمة الصحة العالمية.. ترامب يكشف السبب

نيويورك - رويترز

 قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الاثنين إن الولايات المتحدة ستنسحب من منظمة الصحة العالمية، مضيفا أن المنظمة أساءت التعامل مع جائحة كوفيد-19 وغيرها من الأزمات الصحية الدولية.

وأضاف أن المنظمة لم تتصرف بمعزل عن "التأثير السياسي غير المناسب للدول الأعضاء فيها" وطالبت "بمدفوعات باهظة على نحو غير عادل" من الولايات المتحدة لا تتناسب مع المبالغ التي قدمتها دول أخرى أكبر مثل الصين.

وقال ترامب عند التوقيع على أمر تنفيذي بالانسحاب عقب تنصيبه رئيسا "منظمة الصحة العالمية خدعتنا، والجميع يخدعون الولايات المتحدة. لن يحدث هذا بعد الآن".

ولم ترد المنظمة بعد على طلب للتعليق.

وردا على سؤال عن قرار ترامب وتصريحاته، قالت وزارة الخارجية الصينية في إفادة صحفية دورية اليوم الثلاثاء إن دور المنظمة في إدارة الصحة العالمية يجب تعزيزه وليس إضعافه.

وقال المتحدث باسم الوزارة قوه جيا كون "ستواصل الصين دعم منظمة الصحة العالمية في الوفاء بمسؤولياتها، وتوطيد التعاون الدولي في مجال الصحة العامة".

وتعني خطوة ترامب أن الولايات المتحدة ستترك منظمة الصحة التابعة للأمم المتحدة في غضون 12 شهرا وستوقف جميع المساهمات المالية لعملها. والولايات المتحدة هي أكبر داعم مالي لمنظمة الصحة العالمية، إذ تساهم بنحو 18 بالمئة من إجمالي تمويلها. وكانت أحدث ميزانية للمنظمة لعامي 2024 و2025، وبلغت 6.8 مليار دولار.

ويرجح عدة خبراء من داخل المنظمة وخارجها أن يعرض انسحاب الولايات المتحدة برامج المنظمة للخطر، ولا سيما تلك الخاصة بمرض السل، أكثر مرض معد يسبب الوفاة في العالم، وفيروس نقص المناعة البشرية المسبب للإيدز وحالات الطوارئ الصحية الأخرى.

وجاء في أمر ترامب أن الإدارة الأمريكية ستوقف المفاوضات بشأن اتفاقية الجوائح مع منظمة الصحة العالمية بينما تجري عملية الانسحاب، وستستدعي العاملين في المنظمة من موظفي الحكومة الأمريكية وتعيد تعيينهم في أماكن أخرى وستبحث عن شركاء لتولي أنشطة المنظمة الضرورية.

ونص الأمر على أن الحكومة ستراجع استراتيجية الولايات المتحدة للأمن الصحي العالمي لعام 2024 وستلغيها وتغيرها في أقرب وقت ممكن.

وثاني أكبر المانحين للمنظمة هم مؤسسة بيل وميليندا جيتس، لكن معظم تمويلها يذهب إلى القضاء على شلل الأطفال، ومجموعة جافي العالمية للقاحات، تليهما المفوضية الأوروبية والبنك الدولي.

والمانح الوطني التالي هو ألمانيا التي تساهم بنحو ثلاثة بالمئة من تمويل المنظمة.

وانسحاب ترامب من منظمة الصحة العالمية ليس مفاجئا. فقد اتخذ خطوات للانسحاب منها في 2020، خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى، متهما إياها بمساعدة جهود الصين "لتضليل العالم" بشأن منشأ كوفيد.

وتنفي منظمة الصحة العالمية بشدة هذا الاتهام وتقول إنها تواصل الضغط على بكين لمشاركة البيانات لتحديد ما إذا كان كوفيد نشأ من اتصال بشري بحيوانات مصابة أو بسبب أبحاث في فيروسات مماثلة في مختبر محلي.

كما علق ترامب مساهمات الولايات المتحدة في المنظمة مما كلفها ما يقرب من 200 مليون دولار في عامي 2020 و2021 على عكس الميزانيتين السابقتين حين كانت تواجه أسوأ حالة طوارئ صحية في العالم منذ قرن.

وبموجب القانون الأمريكي، يتطلب الانسحاب من منظمة الصحة العالمية إرسال إشعار قبل ذلك بعام ودفع أي رسوم مستحقة.

وفاز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية قبل أن يكتمل انسحاب الولايات المتحدة من المنظمة في المرة السابقة وأوقفه في أول يوم له بالمنصب في 20 يناير كانون الثاني 2021.

مقالات مشابهة

  • عاجل: حدث ليلا.. كوارث جديدة تهدد أمريكا: ثوران البركان الأكثر نشاطًا في العالم وتحذير من تهديد مباشر للحياة في كاليفورنيا وعواصف ثلجية تضرب فلوريدا
  • بسبب تهديدات ترامب.. بنما تشكو أمريكا أمام الأمم المتحدة
  • المرشحة لمنصب المندوب الأمريكي لدى الأمم المتحدة: امتلاك روسيا والصين حق النقض "تحد كبير"
  • بعد قرار الانسحاب.. الصحة العالمية تدعو أمريكا إلى حوار بناء
  • وزير الخارجية يبحث مع غوتيريش أولويات الجزائر في مجلس الأمن
  • منظمة الصحة العالمية مُمتعضة من موقف أمريكا
  • الصحة العالمية تأسف لإعلان أمريكا عزمها الانسحاب من عضويتها
  • ترامب يوقع أمراً تنفيذياً بانسحاب أمريكا من منظمة الصحة العالمية
  • أمريكا ستنسحب من منظمة الصحة العالمية.. ترامب يكشف السبب
  • موسكو: أمريكا أحبطت كل مساعي مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في غزة