تاريخ طويل من العلاقات المتوترة بين الأمم المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلى، تستند فيه المنظمة الأممية الكبرى إلى قضايا محورية، على رأسها الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى وحقوق الإنسان، ومؤخراً اتهم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية حكومة دولة الاحتلال باستخدام أساليب «تشبه الحرب» ضد الفلسطينيين فى الضفة الغربية المحتلة، مشيراً إلى وقوع عمليات قتل على أيدى جنود إسرائيليين، وهجمات يشنّها مستوطنون على بساتين الزيتون فى الأراضى الفلسطينية، إلا أن ما أثار حفيظة إسرائيل وأشعل غضب المسئولين فى حكومة الاحتلال تجاه الأمم المتحدة، تصريحات الأمين العام، أنطونيو جوتيريش، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولى حول الوضع فى غزة، والتى قال فيها إن «الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تهدد الشرق الأوسط»، مؤكداً التزامه بقرار الجمعية العامة بـ«إنهاء الاحتلال الإسرائيلى».

وكذلك أرسل الأمين العام للمنظمة خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن يطلب فيه، للمرة الأولى، تفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، بعد أسابيع من الأعمال العدائية فى غزة، كما أدرجت الأمم المتحدة، ولأول مرّة، جيش الاحتلال الإسرائيلى ضمن «قائمة العار»، التى تضم الأطراف المتحاربة، والتى ترتكب انتهاكات جسيمة ضد الأطفال فى النزاعات المسلحة.

كل هذه القرارات أثارت غضباً فى إسرائيل، حيث وصف مسئولون فى حكومة الاحتلال «جوتيريش» بأنه «شخص غير مرغوب فيه»، ما يعنى منعه من دخول البلاد، وكذلك قرر رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، مقاطعة الأمين العام للأمم المتحدة، حيث امتنع «نتنياهو» عن طلب عقد لقاء معه، خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة فى نيويورك، واعتبرت مصادر إسرائيلية أن السبب فى ذلك يرجع إلى ما وصفته بـ«حالة الاستياء الإسرائيلى من مواقف جوتيريش حول إسرائيل منذ بداية الحرب فى قطاع غزة».

وتعود جذور العلاقات المتوترة بين الأمم المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلى إلى عام 1975، حيث جاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379، الذى يعتمد أن «الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصرى»، وظل القرار رمزاً للعلاقات المتوترة بين الجانبين حتى تم إلغاؤه فى ديسمبر 1991، ولكن فى عام 1996، شنّت إسرائيل هجوماً على مقر الأمم المتحدة بجنوب لبنان، عُرف بمجزرة «قانا الأولى»، راح ضحيتها أكثر من 110 مدنيين، كانوا يحتمون فى المقر، وفى ديسمبر 2016، تبنّت الأمم المتحدة قرار مجلس الأمن رقم 2334، الذى يدين الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية، وقبل ثلاثة أشهر من اندلاع أحداث حرب أكتوبر 2023، أصدرت لجنة التحقيق المستقلة فى النزاع الإسرائيلى - الفلسطينى، التابعة للأمم المتحدة، تقريراً يتهم إسرائيل بـ«انتهاك حقوق الإنسان فى الضفة الغربية وقطاع غزة».

وعن الصدع الجديد فى العلاقات بين الأمم المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلى، أكد السفير بركات الفرا، سفير فلسطين السابق بالقاهرة، فى تصريحاته لـ«الوطن»، أن الأمم المتحدة، كمؤسسة، قامت بواجبها لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، مشيداً بجهود «جوتيريش»، مؤكداً أنه لم يدخر جهداً لإدانة الأعمال الإجرامية الإسرائيلية فى قطاع غزة والضفة الغربية، والمطالبة مراراً بتوفير الاحتياجات الحياتية للشعب الفلسطينى، من مأكل ومشرب وملبس ووقود ومستلزمات طبية، كما أثنى «الفرا» على دور وكالة «الأونروا»، وجهود المبعوثة الأممية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة المستمرة لدعم الشعب الفلسطينى، ووقف العدوان وحرب الإبادة الجماعية، التى تشنها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين فى الأراضى المحتلة.

من جانبه، أكد جميل سرحان، رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بقطاع غزة، أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تشكل مجموع الدول فى العالم، وأغلب مجموع هذه الدول مساندة لقضايا حقوق الإنسان فى العالم والقضية الفلسطينية والحق الفلسطينى، وعلى رأسه ما جاء فى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، وفى الميثاق العالمى للأمم المتحدة، من حق تقرير المصير للشعوب، وبالتالى أغلب الدول الموجودة فى الجمعية العامة للأمم المتحدة تساند الحق فى تقرير المصير، وهى بذلك كجمعية عامة تصدر كثيراً من القرارات التى تطالب بإنهاء الاحتلال، وضرورة وقف انتهاكات حقوق الإنسان، وتمثل المجتمع الدولى، بعيداً عن مواقف بعض الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، التى تساند انتهاكات حقوق الإنسان بشكل ممنهج ومساند لإسرائيل.

وأشار رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بقطاع غزة إلى أن مجلس حقوق الإنسان أصدر الكثير من القرارات والتقارير التى تؤكد أن قوات الاحتلال الإسرائيلى تمارس جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، مشيداً بدور محكمة العدل الدولية ورأيها الاستشارى للجمعية العامة حول عدم مشروعية وجود الاحتلال الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية، وأثر هذا الاحتلال، وأعلنت بشكل واضح أن هذا الاحتلال «غير مشروع» وينبغى إنهاؤه، وهو قرار صادر عن أعلى هيئة قضائية فى العالم، وهى محكمة العدل الدولية. كما تحدث «سرحان» عن الجهات الإنسانية الأخرى المرتبطة بالأمم المتحدة، مثل منظمة الأمم المتحدة للمرأة، و«اليونيسف»، المعنية بالأطفال، وغيرهما من المؤسسات ومنظمات المساعدات والشئون الإنسانية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأمم المتحدة مجلس الأمن فلسطين غزة الاحتلال لبنان أمريكا إسرائيل الجمعیة العامة للأمم المتحدة الاحتلال الإسرائیلى الأراضى الفلسطینیة بین الأمم المتحدة حقوق الإنسان فى الأراضى

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تكشف عن حجم قنابل الاحتلال التي لم تنفجر في غزة

كشفت بيانات صادرة عن الأمم المتحدة، عن حجم القنابل الإسرائيلية التي لم تنفجر في قطاع غزة، مشيرة إلى نحو قنبلة واحدة من كل عشر قنابل ألقتها قوات الاحتلال على القطاع منذ بدء الحرب لم تنفجر، ما يشكل خطرا دائما على حياة المدنيين، لا سيما مع عودة بعض العائلات إلى المناطق المدمرة.

ووفقاً لدائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام (UNMAS)، فقد تسببت هذه الذخائر غير المنفجرة في مآسٍ إنسانية، حيث وثقت تقارير استشهاد ما لا يقل عن 23 شخصاً وإصابة 162 آخرين، معظمهم من المدنيين، جراء انفجار هذه المواد أثناء وجودهم في منازلهم أو خلال محاولاتهم إزالة الأنقاض.

وأفاد مسؤولو الإغاثة الإنسانية بأن الجهود الدولية لإزالة هذه الذخائر خلال فترات الهدوء تُواجه عراقيل كبيرة من قبل السلطات الإسرائيلية، التي تمنع دخول الفرق الفنية والمعدات اللازمة إلى داخل القطاع.

وأكد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن عمليات إزالة الذخائر لم تنطلق فعلياً حتى الآن، بسبب قيود الاحتلال الإسرائيلي المفروضة على إدخال المعدات والكوادر الفنية المتخصصة.

وحذّر خبراء من أن استمرار وجود هذه الذخائر دون إزالة سيؤدي إلى ارتفاع أعداد الضحايا مستقبلاً، ويزيد من تعقيد جهود إعادة الإعمار، ويعمّق الأزمة الإنسانية في غزة.


وفي مؤتمر صحفي عبر الفيديو من وسط قطاع غزة، أعلن لوك إيرفينغ، رئيس برنامج مكافحة الألغام في الأراضي الفلسطينية المحتلة التابع لدائرة الأمم المتحدة، أن الفريق العامل في غزة لتطهير المناطق من المواد غير المنفجرة لا يتجاوز خمسة أشخاص حالياً، مشيراً إلى أن العدد سيُضاعف خمس مرات قريباً، نظراً لكمية المواد المتفجرة التي خلّفتها الحرب، وما تشكله من تهديد كبير على السكان.

وذكر إيرفينغ أن الدائرة واجهت خلال الـ14 شهراً الماضية مجموعة متنوعة من المواد المتفجرة، تشمل القنابل الجوية، قذائف الهاون، الصواريخ، المقذوفات، القنابل اليدوية، والأجهزة المتفجرة.

وكشف أن الفريق تلقى، منذ بدء وقف إطلاق النار، تقارير غير رسمية عن عثور مدنيين على ذخائر متفجرة داخل منازلهم، كما صادفت القوافل الإنسانية المزيد من هذه المواد أثناء وصولها إلى مناطق لم يكن من الممكن بلوغها سابقاً.

وبخصوص برامج التوعية، أكد إيرفينغ أن دائرة الأمم المتحدة تُشرف على تنفيذ برنامج شامل للتثقيف حول مخاطر الذخائر غير المنفجرة، يتم تفصيله بحسب الفئات المستهدفة، مثل الأطفال أو سكان المناطق الزراعية، وذلك في إطار جهودها لحماية السكان.

وأشار إلى أن جميع الذخائر المتفجرة التي يتم التعامل معها حالياً منتشرة فوق سطح الأرض، ولا تشمل ألغاماً مزروعة تحت الأرض.


وحول التعاون الدولي، وخاصة مع جانب الاحتلال الإسرائيلي، رفض إيرفينغ الإفصاح عن تفاصيل محددة، مكتفياً بالقول إن الدائرة تعمل مع "جميع أصحاب المصلحة" من أجل تنفيذ مهامها بأفضل صورة ممكنة.

وعن الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، أعرب إيرفينغ عن قلقه الشديد إزاء تصاعد مستويات العنف مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية. 

وأشار إلى تعاون وثيق مع مركز مكافحة الألغام التابع للسلطة الفلسطينية، الذي أفاد بزيادة كبيرة في عدد المواد المتفجرة المكتشفة خلال الأشهر الماضية، حتى في المناطق المأهولة بالسكان.

وأضاف أن الدائرة تعمل على تعزيز برامج التوعية في الضفة الغربية، لاسيما بين النازحين داخلياً المعرضين لخطر متزايد، إلى جانب دعم جهود بناء القدرات لدى الجهات الفلسطينية المختصة لمواجهة هذا التهديد المتنامي.

وفي بيان صدر بتاريخ 24 آذار/مارس الماضي٬ أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم ما يقارب 100 ألف طن من المتفجرات خلال عدوانه المتواصل على القطاع، ما أدى إلى دمار واسع النطاق وخسائر بشرية ومادية جسيمة.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تكشف عن حجم قنابل الاحتلال التي لم تنفجر في غزة
  • الأمم المتحدة ..  المساعدات لم تدخل القطاع منذ نحو شهرين
  • ضياء رشوان: مصر خاضت العديد من الحروب للدفاع عن القضية الفلسطينية
  • «الرد خلال ساعات».. حماس تدرس المقترح الإسرائيلى لوقف إطلاق النار
  • جيش الاحتلال في بيان رسمي: نسيطر على 30% من مجمل قطاع غزة
  • الأمم المتحدة: إسرائيل قتلت نحو 71 مدنياً في لبنان منذ وقف إطلاق النار
  • لبنان.. الأمم المتحدة تتهم الاحتلال بقتل 71 مدنيًا منذ وقف إطلاق النار
  • حديث عن خطة للتسوية الشاملة توقف حرب غزة وتعلن الدولة الفلسطينية
  • الأمم المتحدة: استخدام ممنهج للاغتصاب كسلاح في حرب السودان
  • الأمم المتحدة: الذكاء الاصطناعي يعزز المساواة ويعضد مكافحة العنصرية بجميع أشكالها