مطالب دولية عديدة بعودة الأمم المتحدة لممارسة دورها الرئيسى بالحفاظ على السلام بين دول العالم ومنع الحروب والنزاعات. وخلال الاجتماع الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة، طالب عدد من الزعماء والقادة بتعديل نظام الأمم المتحدة ليواكب أزمات العصر الحالى، وقال الملك عبدالله الثانى، عاهل الأردن، إننا نمر بأخطر مرحلة شهدها العالم، والأزمات تعصف بمجتمعنا الدولى، مشيراً إلى أن القانون الدولى امتياز يمنح لبعض الدول وتحرم منه دول أخرى.

بينما طالب الرئيس البرازيلى لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بتعديل ميثاق الأمم المتحدة وإصلاح مجلس الأمن، وأن الأمم المتحدة لا تقوم بدورها فى تمثيل العالم ووقف الحروب، وطالب بمراجعة ميثاق الأمم المتحدة لإحياء دور الجمعية العامة فى تعزيز السلام وإصلاح المؤسسة المتعددة الأطراف. وفى يوليو 2024، دعا الرئيس الصينى، خلال اجتماعه مع الأمين العام للأمم المتحدة على هامش الاجتماع الـ24 لمجلس رؤساء دول منظمة شانغهاى، للتعاون فى أستانا لتعزيز دور الأمم المتحدة كمنصة أساسية لممارسة التعددية، وفى سبتمبر من العام نفسه، دعا الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون إلى إصلاح مجلس الأمن الدولى عبر تقييد حقّ استخدام «الفيتو».

كما دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال مشاركته فى الحدث الرئاسى الافتراضى «نداء عالمى لقمة المستقبل»، فى سبتمبر الماضى إلى تطبيق ميثاق الأمم المتحدة لإرساء نظام قائم على مبادئ وقواعد القانون الدولى دون تمييز أو معايير مزدوجة. فيما قال سام كاهامبا كوتيسا، رئيس الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة، فى أكتوبر 2015، إن الجمعية بحاجة إلى تنشيط، ومجلس الأمن بحاجة إلى إصلاح، والمجلس الاقتصادى والاجتماعى بحاجة إلى إنعاش، وفضلاً عن ذلك، فالعلاقة بين الجمعية العامة ومجلس الأمن بحاجة إلى تمتين.

بدوره، قال سركيس أبوزيد، المحلل السياسى اللبنانى، إن الأزمات الدولية الأخيرة كشفت أن المنظمة الأممية الكبرى غير فاعلة وغير قادرة على حل المشاكل، خاصة فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية والقرارات الدولية التى صدرت عنها ولم تُنفذ حتى الآن. أشار لـ«الوطن» إلى أنه فى الآونة الأخيرة استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية تعطيل دور الأمم المتحدة، وإنه لم يعد لها أى دور فاعل فى القضايا الدولية الكبرى، مؤكداً أن بعض المؤسسات التابعة لها مثل مجلس الأمن وغيره، التى تدعى أنها تدافع عن حقوق الإنسان وتبين أنها تكتفى بتصاريح عامة ولا يوجد إجراءات تنفيذية لمحاسبة من يتعدى على أجهزة ومؤسسات الأمم المتحدة، ضارباً المثل بالاعتداء الإسرائيلى على قوات حفظ السلام اليونيفيل، التى لم تُقابل إلا بمجرد إدانات وتصريحات وبيانات بدون أى إجراءات فعلية، مشيراً إلى أن هذا ناتج عن مصادرة الولايات المتحدة للأمم المتحدة وتعطيلها باستخدام حق النقض الفيتو بشكل دائم مما أفقد هذه المؤسسات دورها.

وشدد «أبوزيد» على أننا أمام حالة تفترض أن يكون هناك إعادة نظر لهذه المؤسسات وتفعيلها، لتكون قادرة على حل المشاكل العالمية بأنواعها، حتى المشاكل التى لها علاقة بالبيئة والتغير المناخى وغيرها، منتقداً عدم فاعلية الأمم المتحدة لمواجهة هذه القضايا. وتابع: «نحن أمام حالة تفترض أن تكون هناك إعادة نظر لدور هذه المؤسسات وإعادة تفعيل دورها حتى تكون قادرة على حل المشاكل العالمية على أنواعها حتى مشاكل العالم ومنها مشاكل التغير المناخى والتلوث».

فيما قال أحمد العنانى، الباحث فى الشئون الدولية، إن هناك عدم ثقة فى قرارات الأمم المتحدة بسبب تعمد ضرب هذه القرارات من قبل الدول الكبرى رغم ادعاءاتهم التشبث بالديمقراطية وبالقانون الدولى، وبالرغم من ذلك تساعد فى انتهاك القانون الدولى. وشدد على أن الولايات المتحدة هى من تساعد فى انتهاك عشرات القرارات التى صدرت من المنظمة الأممية، ومنها قرارات بإنهاء الاحتلال وعدم احتلال أراض جديدة فى الضفة الغربية وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة والجانب الفلسطينى من معبر رفح، وأن كل هذه القرارات تضرب بها إسرائيل عرض الحائط.

وطالب «العنانى» بوجوب تعديل نظام الأمم المتحدة وإلغاء نظام الفيتو، الذى يعطل تنفيذ قرارات كثيرة، مشبهاً وجود حق النقض بالدوران فى دائرة مفرغة، لذا يجب أن يتم تنفيذ القرارات بالأغلبية، كما يجب احترامها وتنفيذها.

واقترح «العنانى» عدة اقتراحات، منها ضرورة وجود دول دائمة أخرى فى مجلس الأمن، وأن تكون القاعدة الجديدة هى أن قرارات الأغلبية تلغى حق «الفيتو»، أى إن الدول حال أغلبية موافقتها على قرار من مجلس الأمن، يمنع ذلك حق الفيتو ويلغيه.

وأوضح «العنانى» أن هناك مشكلة فى الإرادة السياسية لدى الدول الأعضاء الدائمة، مؤكداً ضرورة التغيير وممارسة ضغوط دولية على مجلس الأمن لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، خاصة فى أزمة غزة ولبنان، مشدداً على أن قيام عملية إصلاحية لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة لن تتم إلا بمشاركة مجلس الأمن والدول الأعضاء الدائمة.

فيما قال د. عماد أبوالرب، رئيس المركز الأوكرانى للتواصل والحوار، إن الميثاق الذى توافق عليه العالم يقضى بأنه فى حالة وقوع هذه النزاعات والصراعات والمناوشات يجب أن تقوم الأمم المتحدة باحتوائها، من خلال إيجاد وساطة ومفاوضات، والبحث عن أفق لإنهاء أى خلاف حتى لا يتصاعد ويصل لمواجهة عسكرية، ويخالف الميثاق الدولى ويضر بالأمن والسلم الدوليين.

وتحدث «أبوالرب» عن الواقع الذى يعيشه العالم حالياً، والذى يعيش فى شعلة ملتهبة تتزايد وتتسع وتنتشر فى عدة مناطق، وهناك ما يقع حالياً وهناك حروب وصراعات داخل بعض الدول، وهناك ما هو بين الدول ودول مجاورة، مؤكداً أن هناك دولاً كبرى عظمى قطبية لها مصالح سياسية استراتيجية، تستطيع أن تعطل دور المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، وتقلل وتهمش دورها، وهناك بعض القيادات السياسية التى تمنع تدخل الأجهزة والمؤسسات الأممية، ضارباً المثل بما حدث مع قوات حفظ السلام الأممية «يونيفيل» فى لبنان ومؤسسة «يونيسف» فى غزة، وذلك لعدم توافر مقومات الأمن لطواقم عمل المؤسسات الدولية.

وشدد على وجوب احترام الميثاق الدولى من الجميع، خاصة الدول العظمى وأعضاء مجلس الأمن الدائمين، وألا يكون هناك حكر على تطبيق قرارات الأمم المتحدة، وألا يكون هناك توجه لدولة عظمى أو دولة مانحة مخالف للقانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية، مضيفاً: «نريد الأمن والسلم الدوليين أن يسودا ونريد للأمم المتحدة أن تقود الحياة للأفضل، ونريد أن نعيش ويعيش أبناؤنا فى مستقبل واعد فيه قيم السلام والتسامح، وأن ننبذ الكراهية والتطرف والعنف»، مؤكداً أنه لتحقيق ذلك لا بد أن نبقى نحمل أملاً لإحياء دور الأمم المتحدة وإشراك القيادات السياسية والخبراء للبحث عن أفكار جديدة لإمكانية إدارة الأمم المتحدة للأمور مستقبلاً بشكل لازم.

كما شدد على أهمية إبراز دور الأمم المتحدة إعلامياً، وطرحه للحوار والنقاش وإيصال مثل هذه الرؤى للقيادات العليا الأممية، مما قد يسهم بشكل أو بآخر فى إدارة الأمر ليصل إلى أروقة الجمعية العمومية للأمم المتحدة، التى يجب أن تعيد تشكيل دستورها ولوائح عملها للوصول إلى ما نرجوه ونأمله لهذا العالم.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأمم المتحدة مجلس الأمن فلسطين غزة الاحتلال لبنان أمريكا إسرائيل قرارات الأمم المتحدة میثاق الأمم المتحدة دور الأمم المتحدة القانون الدولى للأمم المتحدة مجلس الأمن بحاجة إلى على أن

إقرأ أيضاً:

غوتيريش يدعو إلى تخصيص مقعدين دائمين لأفريقيا في مجلس الأمن

أنطونيو غوتيريش وصف أفريقيا بأنها قارة أمل “لكنها تواجه تحديات متجذرة بعمق في التاريخ وتتفاقم بسبب تغير المناخ والصراع والفقر المستمر”.

التغيير: وكالات

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن ثقته في أن التعاون بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة سيظل قويا وديناميكيا في المستقبل.

وجدد دعوته إلى إصلاح المؤسسات الدولية، مسلطا الضوء على الحاجة إلى منح أفريقيا مقعدين دائمين في مجلس الأمن.

جاءت تصريحات الأمين العام أثناء مؤتمر صحفي عقده يوم الاثنين برفقة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد في مدينة أديس أبابا عاصمة إثيوبيا، حيث شارك في المؤتمر السنوي الثامن للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.

وأشار إلى نتائج قـمة المستقبل التي عُقدت الشهر الماضي، قائلا: “جئت من قمة المستقبل بإدراك مفاده أن الظروف متاحة الآن للمجتمع الدولي للبدء في توفير العدالة للشعب الأفريقي”.

وتحدث بحسب مركز أخبار الأمم المتحدة، عن التوافق في الآراء الآن بين الدول الأعضاء على ضرورة إصلاح مجلس الأمن، وأن الجانب الرئيسي من هذا الإصلاح هو أن يكون هناك عضوان دائمان في مجلس الأمن من أفريقيا.

وقال غوتيريش أيضا إنه “للمرة الأولى، كان هناك اعتراف بأننا نعيش في نظام اقتصادي ومالي عفا عليه الزمن، وغير فعال، وغير عادل”، مشيرا إلى أن القارة تواجه عقبات هائلة أمام تنميتها “متجذرة بعمق في الإرث الاستعماري”.

قارة شابة

وتطرق الأمين العام كذلك إلى أنه تم التأكيد في قمة المستقبل على ضرورة تصحيح الهيكل المالي الدولي ومنح المزيد من الصوت والقوة للدول النامية بشكل عام، “وبالطبع الدول الأفريقية بشكل خاص”. وأعرب عن أمله في إمكانية تنفيذ تلك التدابير، لأنها ضرورية لتحقيق العدالة فيما يتعلق بالقارة الأفريقية.

وأشار إلى الاتفاق على إنشاء مجموعة عمل مشتركة مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا ومفوضية الاتحاد الأفريقي لإجراء أبحاث جادة، للسماح بالمساهمة في إنشاء استراتيجية أفريقية لسد الفجوة الرقمية والهوة في مجال الذكاء الاصطناعي، والتغلب على جميع الصعوبات والعقبات البنيوية الهائلة الموجودة اليوم.

وقال غوتيريش: “نريد للقارة الأفريقية- وهي قارة شابة، وفيما يتعلق بالعلماء علماؤها شباب- أن تكون قادرة على أن تصبح في الصف الأول وألا تتخلف عن الركب بسبب بنية الظلم التي لا تزال قائمة حتى اليوم”.

وأشاد الأمين العام برئيس المفوضية، موسى فكي، معربا عن امتنانه العميق له على تفانيه وإنسانيته وأن يستمر إرثه بعد فترة ولايته التي تنتهي في غضون بضعة أشهر.

رمز للأمل المتجدد والوحدة

وقبل حضوره المناقشات رفيعة المستوى للمؤتمر السنوي الثامن للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، افتتح غوتيريش قاعة أفريقيا المجددة في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا. وقال في كلمته بهذه المناسبة “هذه القاعة هي المكان الذي اجتمعت فيه أفريقيا لإعطاء الحياة لمنظمة الوحدة الأفريقية، والآن الاتحاد الأفريقي”.

وأضاف: “هذا المبنى المتجدد يرمز إلى الأمل المتجدد والوحدة لأفريقيا. هذه القاعة هي جسر بين ماضي أفريقيا ومستقبلها، تكريما للنضالات والإنجازات المشتركة، مع احتضان التطلعات المشتركة”.

وذكَّر بأن أفريقيا هي “قارة أمل”، لكنها تواجه تحديات متجذرة بعمق في التاريخ وتتفاقم بسبب تغير المناخ والصراع والفقر المستمر.

وقال إنه “بينما نخطو إلى هذه المساحة المتجددة، دعونا نجدد أيضا تعهدنا بالعمل من أجل شعوب أفريقيا والعالم الذي نحتاجه”.

وتمنى أمين عام الأمم المتحدة أن تستمر المناقشات والحوارات في القاعة المُجددة في تحقيق المزيد من السلام والوحدة والازدهار للجميع في القارة الأفريقية.

وأثناء وجوده في أديس أبابا، عقد الأمين العام أيضا اجتماعات مع رئيسة إثيوبيا سهلي- ورق زودي، ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد.

الوسومآبي أحمد أفريقيا أنطونيو غوتيريش إثيوبيا الأمم المتحدة الأمين العام للأم المتحدة الاتحاد الأفريقي موسى فكي

مقالات مشابهة

  • 79 عاماً على إنشائها.. منظمة الأمم المتحدة «مقيدة بفعل فاعل»
  • أستاذ قانون: بيانات الأمم المتحدة يمكن أن تسهم في محاكمة الاحتلال أمام «العدل الدولية» (حوار)
  • حمدان يدعو الدول العربية والإسلامية لموقف عاجل عبر مجلس الأمن لوقف العدوان على غزة
  • "العكلوك" يطالب بتجميد إسرائيل في الأمم المتحدة لتهديدها الأمن والسلم الدوليين
  • نظام عالمي جديد بلا «فيتو»
  • غوتيريش يدعو إلى تخصيص مقعدين دائمين لأفريقيا في مجلس الأمن
  • في مجلس الأمن الدولي..غوتيريش: يجب إعطاء إفريقيا مقعداً دائماً
  • بعد تصريحات الرئيس السيسي.. تفاصيل إعادة تقييم الاتفاق مع صندوق النقد الدولي
  • لافروف: من الضروري منح البرازيل والهند عضوية دائمة بمجلس الأمن الدولي