أكتوبر 22, 2024آخر تحديث: أكتوبر 22, 2024

ابراهيم الخليفة

طالما  افتخرت الانظمة الغربية  الراسمالية بأنها  تضمن حرية التعبير عن الرأي وحرية وسائل الإعلام ،تحت مختلفة عناوينها ومسمياتها،  باعتبارها ركن اساسي ،داعم ومكمل للديمقراطية، ، لكن مجريات الامور وواقعها، ثبت أنها  تستخدم هذا التوصيف أداة أبتزاز ومساومة، ضد الانظمة والشعوب التي لا تسير ونهجها الاستعماري السلطوي التعسفي، تحت يافطة حقوق الإنسان والديمقراطية التي نصت عليها مواثيق الأمم المتحدة ، بل أستخدمت هذه المفردة كمبرر غير منطقي او شرعي  لتغيير كثير من الانظمة واحتلالها بالضد  من أرادة شعوبها مثل حالة العراق.

. لكن عندما تجد هذه الانظمة أن مصالح البلاد العليا تقتضي التشدد او تقيد حركة وسائل الإعلام، او حجب معلومة معينة عنها، تحت مبررات ما انزل الله بها من سلطان، تتبنى ذلك دون أي اعتبار لمفهوم حرية وسائل الإعلام حتى وإن تعارض ذلك مع تشريعاتها الدستورية الوطنية. ان حرية وسائل الإعلام تستخدم بمثابة سلاح ذو وجهين، فعندما تجده يخدم مصالحها ترفعه بوجه أعدائها المفترضين وعندما لا يتوافق ومصالحها الاستعمارية والعدوانية ترجعه في غمده.

اريد القول من وراء ذلك، أن الكيان الصهيوني وفي جميع حروبه العدوانية ضد الامة العربية، واخيرا حربه التدميرية في قطاع غزة التي اودت بحياة  اكثر من اربعين الف مواطن فلسطيني وجرح وتهجير اضعاف هذا العدد بل مسح احياء عديدة من خارطة القطاع، والسير على نفس النهج في جنوب لبنان، يرفع هذا الشعار لكن لم يراع أي اعتبار لمفهوم حرية وسائل الإعلام ،بل أوجد خطوط يتوجب على  وسائل الاعلام عدم الاقتراب منها أو تجاوزها بما فيها السوشيال ميدياSocial media ، والمواطن الصحفي ، بل كل الذين ينقلون  للمتلقي يوميا ابشع  الجرائم الموثقة التي ترتكب بحق السكان المدنيين من فلسطينيين ولبنانيين رغم شحة المصادر التي تنقل الحدث مباشرة ، أو عبر ما تنشره  وسائل الإعلام العبرية أو  وسائل الإعلام الأخرى ، المتمترسة معها وعبر مرورها ببوابة مقص رقيب جيش الاحتلال الصهيوني.

يُعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أشد أعداء وسائل الإعلام المناوئة له كرها وبغضا، وبمرو الوقت اثبتت الاحداث بطلان  وعقم  جدلية  حرية وسائل الإعلام الزائفة ،ففي الحرب  التي اعقبت عملية طوفان الأقصى التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة استشهد بفعلها (158) صحفيا وإعلاميا فلسطينيا، جراء ،حرب التهجير والابادة للشعب الفلسطيني وبالتحديد سكان قطاع غزة، والغرض من ذلك ، طمس حقيقة ما تقوم به قوات الاحتلال عبر ما ينقله ويسجله ويدونه هؤلاء الصحفيون، لانهم لسان حال  سكان  القطاع  ونافذتهم على الرأي العام الدولي ، فقد اعلن المركز الدولي للصحفيين في فبراير/شباط الماضي أن العدوان على غزة شهد أعلى مستويات العنف ضد الصحفيين منذ (30) عاما، ودعا الكيان الصهيوني إلى وقف قتل الصحفيين والتحقيق في حوادث قتلهم على يد قواته.

ولإثبات ان حرية وسائل الإعلام في تغطية الاحداث شعار  موجود في اللوائح  لكنه غائب في واقع الحال،  قيام قوات الاحتلال الصهيوني بتاريخ 9 تشرين الأول/ أكتوبر بسجن الصحفي الأمريكي (جيريمي لوفريدو) ، بتهمة “تعريض الأمن القومي للخطر ومساعدة العدو وتبادل المعلومات معه، والكشف عن مكان سقوط الصواريخ الإيرانية في مقطع فيديو على يوتيوب في الهجوم الذي شنته ايران مطلع هذا الشهر، بما في ذلك قربها من المرافق الإسرائيلية ذات الصلة بالأمن مثل قاعدة نيفاتيم ومقر الموساد في تل أبيب، والذي يفرض الاحتلال رقابة صارمة على نتائج هذا القصف الصاروخي الإيراني حتى الآن، لأن  قوات الاحتلال لا تعلن  عن خسائرها، بل تسرب لوسائل الإعلام  الشيء القليل عما تريد ان تقوله.

يعمل الصحفي (لوفريدو ) في الموقع الإخباري Gray Zone  الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له،. وتم الإفراج عنه  ، بعد 4 أيام من اعتقاله ،وفق موقع الجزيرة نت .

ما يثير الاستغراب في قضية الصحفي الامريكي، هو العلاقة الاستراتيجية بين الحليفين، ولهذا علينا ان نتصور كم هي قوية قبضة قوات الاحتلال ان تعتقل صحفي من دوله صديقه وحليف استراتيجي بمجرد قيامه بواجبه الصحي وربما قد انخدع بمقولة حرية وسائل الإعلام التي يرفعها هذا الكيان، أدبيات الاحزاب القومية العربية تنظر للكيان الصهيوني بأنه الولاية الامريكية الحادية والخمسين.

الكيان الصهيوني ليس الوحيد، او الاول، الذي يوظف او يتلاعب بمفهوم حرية الإعلام وفق ما تقتضيه مصالحه الاستراتيجية بل سبقته الولايات المتحدة في التقييد على حرية وسائل الإعلام في الزمن الحديث سواء أثناء العمليات العسكرية لحرب الخليج الثانية أو حرب احتلال العراق2003 أو في سياق الامور السياسية العامة، أكثر تقييدا مما كانت عليه في حرب فيتنام.

عندما تم السماح لمجموعة مختارة من الصحافيين، او مراسلي القنوات الاخبارية، فقط بزيارة الخطوط الأمامية واشترط وجود ضباط عند اجراء مقابلات مع الجنود وتخضع للموافقة المسبقة من قبل الجيش والرقابة بعد ذلك. كان هذا ظاهريا لحماية المعلومات الحساسة من الكشف للعدو، ولهذا كل التقرير والافلام التي تبث أثناء العمليات العسكرية لا تتم إلا بعد موافقة الجهات الرقابية عليها ،وكان هذا واضح في التغطية الاخبارية لشبكة CNN أثناء حرب عاصفة الصحراء.

والتقييد يتم من خلال حجب المعلومات عن وسائل الإعلام أو تقييد حركتها، وهذا يتنافى ومفهوم حرية وسائل الإعلام، كما تقوم السلطات الامريكية المعنية بالتضييق على الصحفيين الذين يمارسون عملهم بحيادية كما هو الحال مع الصحفي  (بيتر ارنت ) الذي عمل في العراق مراسلا   لمحطة N B C  أثناء الغزو الأمريكي ، ولكنه طُرد من عمله بسبب مقابلة أجراها مع التلفزة العراقية اعتبرت “تحليلية”، فسرت على انها انتقادا للعدوان الأمريكي على العراق ،حيث أشار إلى ان التقارير عن الخسائر بين المدنيين وعن المقاومة العراقية تصل أمريكا وتدعم المواقف المناهضة للحرب.

وقد أنهت مجلة ناشيونال جيوغرافيك أيضا عقدها مع (آرنت) على اثر هذه المقابلة. بعد ذلك عمل مع صحيفة ديلي ميرور البريطانية المناهضة للحرب، وهناك الكثير من الصحفيين او من الإعلاميين الذين فقدوا عملهم مع مؤسسات اعلامية امريكية مرموقة لنصرتهم القضية الفلسطينية أو موقفهم المناهض لسياسات الاحتلال الصهيوني أو من يكتب او ينقل خبر بموضوعية وحيادية أو مناهضتهم لسياسات بلادهم العدوانية تجاه دول العالم، مثل عدوانها وغزوها العراق أو أفغانستان.

ولا يجب ان يغيب عن بالنا موضوع الصحفية ( اوكتافيا نصر) وزميلاتها هيلين توماس اللتان عملتا في أكبر شبكة إخبارية أمريكية C N N Cable News Network، كونهما عبرا عن مواقف تتعارض مع السياسة التحريرية للشبكة ، مناصرة للقضايا العربية والفلسطينية بالتحديد.

إذن تبقى يافطة واكذوبة الإعلام الحر، وحرية وصوله إلى مواقع الحدث،  التي يتفاخر بها الكيان الصهيوني المحتل للأراضي الفلسطينية  ويستعلي بها على الآخرين شعارات مقيدة التطبيق، ومرهونة بموافقات مركزية صارمة صادرة من جيش الاحتلال  تخدم بهذه الحالة أكثر من هدف من بينها حجب الخسائر بالأفراد أو بالمعدات، والاهداف التي تطالها هجمات الجهة المعادية ، والهدف الاخر منع أو تداول أي انتهاكات بحق المدنيين ووصولها للرأي العام الدولي والتي تشكل عامل ضغط وادانة  مستقبلية  لهذه الهجمات  والفظائع التي ترتكب بحق السكان المدنيين .

ومن هنا يتوجب اعادة النظر بمفهوم تعريف حرية وسائل الإعلام بضوء التقييد على هذه الوسائل من اداء واجبها بكل حرية بعيد عن الخطوط الحمر التي ترسمها الانظمة لحماية مصالحها او امنها القومي.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: حریة وسائل الإعلام الکیان الصهیونی قوات الاحتلال

إقرأ أيضاً:

قوات الكيان الصهيوني تحتل قريتين جنوب سوريا

احتلت قوات الكيان الصهيوني، قريتين في حوض اليرموك بمحافظة درعا جنوبي سوريا، وهذا بعد إسقاط نظام بشار الأسد.

وحسب وكالة الأناضول، تواصل قوات المحتل توسيع مساحات الأراضي التي تحتلها في سوريا منذ الإطاحة بالنظام السوري. مشيرة أن قوات الكيان احتلت قريتي جملة ومعربة، في حوض اليرموك بمحافظة درعا.

كما خرج سكان المنطقة في مظاهرة رافضة للاحتلال الإسرائيلي ورفعوا أعلام سوريا الجديدة وهتفوا بشعار “ارحلي يا إسرائيل”. أين أطلقت القوات الإسرائيلية خلال المظاهرة النار على الحشود من التلال التي تمركزت فيها. ما أسفر عن إصابة شخص، حسب المصدر نفسه.

وفي بيان له أقر الجيش الإسرائيلي، أنه تم إطلاق النار على المتظاهرين، مدعيا أن الجنود الإسرائيليين لمسوا تهديدا خلال المظاهرة، وأنه تم إصابة أحد المتظاهرين في قدمه.

يشار أن قوات الاحتلال في الأيام الأخيرة كثفت هجماتها الجوية مستهدفة مواقع عسكرية بأنحاء متفرقة من البلاد، في انتهاك صارخ لسيادتها، مستغلة الإطاحة بنظام الأسد.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

مقالات مشابهة

  • صمود غزة يفتك بـ “اقتصاد الكيان الصهيوني”
  • الكيان الصهيوني يعتقل طفلا من مدينة البيرة مساء اليوم
  • وزيرة الداخلية الألمانية: منفذ هجوم ماغديبورغ مُعاد للإسلام
  • قوات الكيان الصهيوني تحتل قريتين جنوب سوريا
  • الكيان الصهيوني يطلق النار على أهالي درعا السورية
  • مراهق ينفذ هجوماً بسكين في مدرسة بزغرب
  • منظمة حقوقية تكشف : الكيان الصهيوني يخفي استشهاد عدد كبير من الأسرى في سجونه
  • الكيان الصهيوني يقتحم طولكرم ويفرض حصارًا على مخيمها
  • أبو عبيدة: نبارك الهجوم الصاروخي اليمني على قلب الكيان الصهيوني "تل أبيب"
  • صواريخ يمنية تدك عمق الكيان الصهيوني (نص البيان)